زعم الصحفي أبو بكر الجامعي أن أسبوعية “الأيام” قد نشأت بتمويل من الأمير مولاي هشام وأنه كان وراء محاولة إنهاء تجربة “الصحيفة” التي كان مدير نشرها في ذلك الوقت، وما قاله أبو بكر الجماعي عن تلك المرحلة من تاريخ الصحافة المغربية ورد في حوار له منشور على صفحتين في جريدة “أخبار اليوم” عدد السبت الأحد 09-10 ماي. وفي ما يلي رد نور الدين مفتاح مدير نشر أسبوعية “الأيام” على ما جاء على لسان الجامعي: لقد اقترف السيد أبوبكر الجامعي، فريتين في حق صاحب هذا الرد وفي حق جريدته. الفرية البلقاء الأولى عبارة عن أسطوانة مشروخة تكررت حتى تمسخرت، وهي أن الأمير مولاي هشام العلوي هو من موّل أسبوعيتنا. ونقول للسيد أبوبكر إن هذا الإدعاء لا يليق بالصورة الطهرانية التي تحاولون أن تقدموا بها أنفسكم دائما للرأي العام، خصوصا أنكم تعلمون الحقيقة وتعمدتم خلط الأوراق للإساءة. سنكرر أن زعم ارتباطنا، في أي وقت من الأوقات، وبأي شكل من الأشكال، بالأمير مولاي هشام تهمة سخيفة ننفيها قطعيا، فقد أسسنا “الأيام” برأس مال هو عبارة تسبيق من شركة التوزيع سابريس على المبيعات التي وصلت في العدد الأول من الجريدة إلى 22 ألف نسخة، وواصلت الصعود حتى لامست ال 40 ألفا. وكنا قد بدأناها في مقر متواضع مكترى بدرب غلف، وأثثنا الجزأ الأكبر منه بهبة كريمة عبارة عن مكاتب مستعملة للصحافيين، من مالك صحيفة “مغرب اليوم” التي كانت قد توقفت قبل ثلاث سنوات من ذلك التاريخ. وها نحن نقترب من إكمال عشرين سنة على ميلاد “الأيام” وعلامة استقلاليتنا ومهنيتنا مطبوعة لا أثر فيها لا لمولاي هشام الذي لم يلتقه هذا العبد الضعيف لله في حياته إلا مرة واحدة، ولا لأي مولى آخر، وما الولاء إلا لضميرنا ولخدمة القراء والله على ما أقول شهيد. وأما إذا كنتم السي أبوبكر الجامعي تلمحون لدخول الزميلين الحسين مجدوبي وتوفيق بوعشرين، بعد سنتين من تأسيس “الأيام”، كشركاء بثمن متواضع جدا لم نكن بحاجة إليه أصلا، مقابل 19% من رأسمال لم يكن يتجاوز 300 ألف درهم!! وما راج حول كونهما اقترضا مساهمتهما من الأمير مولاي هشام، فالنزاهة كانت تتطلب أن تسمي الأشياء بمسمياتها، خصوصا أنك أجريت الحوار موضوع هذا الرد في جريدة مؤسسها معني بالموضوع. وهذا الادعاء الذي قتل بدوره ردا، حتى وإن كان صحيحا، فكيف يمكن أن يؤثر على خط تحريري لمدير نشر جريدة ومالكها الرئيسي لا علاقة له مع الأمير مولاي هشام، إلا ما كان يسمعه عن علاقتكم العميقة معه، مما ملأ فيما بعد صفحات من الكتب بالروايات والملاسنات والحسابات التي لم نكن في يوم من الأيام شهودا على أي دقيقة منها ونحن معكم في نفس المجموعة الصحافية، حتى اطلعنا على تفاصيلها الميلودرامية كما اطلع عليها الرأي العام. وأما الفرية الثانية فهي زعمكم أنني كما قلتم جمعت هيأة التحرير وقررنا المغادرة في شهر يوليوز لقتل “الصحيفة”! فهل هذا يعني أننا لو خرجنا في مارس مثلا كانت التهمة ستسقط؟ لقد قدمنا استقالتنا مع احترام أجل الاخطار، واستعملنا بند الضمير بحيثيات واضحة ماتزال في وثيقة سيحين وقت نشرها، وانتظرنا الى نهاية يوليوز لأن الأسبوعية كانت تتوقف عن الصدور كل شهر غشت، مما كان سيتيح لكلينا الوقت الكافي لترتيب بيته بعد الطلاق. وأنا كنت رئيسا للتحرير وأنت مديرا للنشر، وتكلمت معي ومع الجميع ولم تقنع أحدا، وغادر 17 محررة ومحررا ومتعاونا وتقنيا، باستثناء متعاون واحد. وأول سؤال سأطرحه عليك السي أبوبكر هو لماذا فضلنا جميعنا المغادرة والتخلي في تجربة “الأيام” الجديدة عن نصف أجورنا لشهور بدل الاستمرار في “الصحيفة”؟ وقبل الجواب دعني أذكرك بأن “الصحيفة” كانت مشروعا جئنا به كفريق خرج من “مغرب اليوم” بشكل جاهز من الاسم إلى الماكيط إلى هيئة التحرير وحتى العدد صفر أنجزناه بإمكانياتنا، ودخلنا مجموعتكم “ميديا تروست” دون أن تضخوا ولا درهم في رأسمال جريدة كانت مبيعاتها وبعض إشهاراتها تغطي مصاريفها. وبهذا المنطق، فنحن الذين تركنا لكم جريدتنا، وسمحنا في تعويضاتنا، وقبلنا كان الزميل علي المرابط رئيس تحرير “لوجورنال” حينذاك قد قام بنفس الشيء وأسس أسبوعيتي “دومان” بالفرنسية والعربية. لقد كنا نجر وراءنا تراكما يتجاوز العقد من الزمان في المهنة، وكنا واعين باللحظة التاريخية للانتقال من وهج الصحافة الحزبية إلى رحاب الصحافة المهنية، وكنتم في سنتكم الأولى في الصحافة التي دخلتموها مباشرة مديرا للنشر، ورغم أننا كنا نكتب كل أسبوع جزءا متواضعا من تاريخ هذا التحول المهني، كنتم تتعاملون معنا باستعلاء، وكنا في مقر بئيس يطلق عليه الصحفيون تندرا “الضفة الغربية” وبجواره كان مقر “لوجورنال” من فئة 5 نجوم. وكانت أجوركم تضاعف أجور العاملين في “الصحيفة” لكن لم يكن هذا هو المهم. بيت القصيد السي أبوبكر أنكم أخطأتم موعدكم مع التاريخ، وسقطتم في الخطأ القاتل وهو الخلط بين دور الصحافي والفاعل السياسي، والنقطة التي أفاضت الكأس في مسلسل طويل من المطبات والمنعرجات كانت هي استغلالكم لغلاف ل”الصحيفة” حول اعتصام طويل لمعطلين من ذوي الاعاقة بخيرية عين عتيق ضواحي الرباط، كانوا يهددون باحراق أنفسهم . لقد جمعتم كوكبة من السياسيين ضمنهم عبدالرحيم الحجوجي رئيس الاتحاد العام لمقاولات المغرب حينها، وكان قد أسس حزبا باسم “المواطنة”، ووالدكم خالد الجامعي بتنسيق مع الأمير مولاي هشام وآخرين، ونزلتم عند المعتصمين وتفاوضتم معهم ليفكوا اعتصامهم مقابل تشغيلهم!! وبقية القصة كانت مؤلمة. فبأي صفة يترأس مدير نشر جريدة دون علم هيئة تحريرها (نحن) وفدا لقيادة عملية سياسية في الميدان؟ لقد أحسسنا حينها أن كل ما جرى قبل هذه الواقعة قد وصل معها إلى حدود لم تعد قابلة للعلاج. كنا نحس أننا بصدد العمل لصالح حزب جديد غير معلن هو PJJ “حزب لوجورنال لآل الجامعي”. لو كنا نريد أن نشتغل في صحيفة حزب سياسي لكنا بقينا في الاتحاد الاشتراكي، فعلى الأقل مدير نشرها هو السي عبد الرحمان اليوسفي. ما هي القصة الحقيقية لحوار “لوجورنال” مع نتنياهو والذي استقالت على إثره سكرتيرة تحرير “الصحيفة” ولم تعد إلى المهنة أبدا؟ ما هي القصة الحقيقية لحوار “لوجورنال” مع عبد العزيز المراكشي وورطته المهنية قبل حتى أن يصدر أو يحجز العدد الذي يتضمنه؟ من كان يؤثر سياسيا في “لوجورنال” بحيث تقع حوادث السير دون أن نكون في المجموعة الصحافية على علم بها إلا بعد الإرتطام بالحائط ؟ لماذا تحول الهوس ب”المخزن” إلى حرب وجود بالنسبة للمجموعة الصحافية (عطيوني نقتل المخزن الاقتصادي دبا ولا نمشي فحالي) مع أن الدمقرطة هي مسلسل شاق وهو قضية كل القوى الحية بالبلاد وليست قضية مجموعة صحافية لوحدها. هذه أسئلة ضمن أخرى عديدة قد يحين وقت الخوض فيها بقراءة الناقدين لا قراءة الحاقدين. إن تجربة “لوجورنال” و”الصحيفة” علامة من علامات تاريخ الصحافة بالمغرب، ولكن لا يجب أن نتجاوز هذا إلى الأسطرة وصناعة الأصنام، فعندما يقال لنا إن البطولة هي رفض عرض للحسن الثاني لشراء مطبعة للمجموعة -إذا صحت هذه الرواية- أو رفض مساهمة مالية من أمير، فإنني أتذكر أن الشاوش في جريدة “الاتحاد الاشتراكي” كان يجر وراءه سنوات من التعذيب في المخافر والمعتقلات السرية، وأن الصحافي لم يكن يروي تاريخ عرض لشراء مطبعة بل تاريخ تكسير مطابع من طرف أوفقير وزبانيته، فهل نؤسطر هؤلاء أيضا؟ السي أبوبكر، نحن منذ 30 سنة منشغلون بكتابة الحاضر، نساهم قدر المستطاع في الدفع بالأمور في بلادنا إلى الأمام، ولا وقت لدينا للعودة إلى التاريخ الآن، وأنت عدت لهذا التاريخ مرات ومرات ونحن سكوت، إلا أن الذي يؤرخ لنفسه بنرجسية لا يمكن أن ينتج إلا الذاتية، والذي يجاهد من أجل أن يصل إلى رواية موضوعية للماضي لا يمكن أن ينتج إلا النقد الذاتي. إن الطفل الذي ولد في هذا التاريخ الذي نتناقر حول وقائعه قد صار اليوم رجلا شابا يكتب خطابا في الفيسبوك، ربما أكثر جرأة من خطابنا في أيامنا الخوالي، ومياه كثيرة جرت تحت الجسر، وقد وصلنا اليوم إلى 100 مؤسسة صحافية مهيكلة في البلاد بين الصغيرة والمتوسطة والكبيرة، وهناك 3000 صحافية وصحافي جلهم يقومون بعمل يومي جبار في إطار خطوط تحريرية مختلفة، من جريدة النهج الديمقراطي إلى يومية “لوماتان” وبينهما طيف واسع من التوجهات والاجتهادات . فهل يمكن أن نقول لكل هؤلاء إنكم ما دمتم مستمرون في العمل في المملكة فأنتم مشبوهون أو متواطئون ووحدهم من أغلقت صحفهم وغادروا يجب أن نعطيهم شرعية تنقيطنا في الشرف والوطنية؟! نحن صحافيون ولسنا أبطالا، والتواضع وحده هو زاد الطريق للمسافات الطويلة.