بوبكر الجامعي، صحافي شاب جاء إلى مهنة الصحافة من عالم المال في مرحلة حساسة جدا طبعها انتقال الحكم من الحسن الثاني إلى ابنه محمد السادس. يكشف الجامعي، الذي كان صوتا مزعجا لرجال السياسة ورجال الدولة على حد سواء، كيف أسس بنك «أوبلاين» وهو ابن 25 سنة، قبل أن يتركه ليتبع حرفة أبيه ويؤسس أسبوعية «لوجورنال» التي منعها الزعيم الاتحادي عبد الرحمان اليوسفي مرتين، بعدما نشرت حوارا مع رئيس «البوليساريو» ورسالة للفقيه البصري أظهرت اليوسفي ك«انقلابي متآمر»، ليرد على مؤسسيها قائلا: «قطعت أرجلهم لكي لا يمشوا أبعد مما قاموا به». فوق كرسي «المساء»، يفتح الجامعي علبة أسرار أسبوعيته وعلاقتها بالأمير مولاي هشام وهشام المنظري وفؤاد عالي الهمة وأزولاي وإدريس البصري وحميدو لعنيكري وسميرة سيطايل وآخرين، كما يكشف خفايا مثيرة حول ملفات أقامت الدنيا وشغلت الناس ووضعت صناع القرار في حرج حقيقي، مما اضطرهم بعدها إلى إشهار الورقة الحمراء في وجه هذه الأسبوعية المثيرة للجدل. - بعد تأسيس «لوجورنال» بأسابيع تزوجتَ؛ كيف قررت إطلاق هذين المشروعين الهامين في حياتك في وقت واحد؟ «لوجورنال» انطلق في نونبر 1997 وأنا تزوجت في دجنبر من نفس السنة، ويوم «الحنة» تركت زوجتي وسط أجواء الاحتفال، وذهبت للمبيت في الجريدة لأنه كان يوم إقفال العدد الأسبوعي، لذلك فزوجتي تقول لي دائما، على سبيل المزاح، إنها بدأت حياتها معي بالضرة. - ما هو المبلغ الذي بدأتم به عند تأسيس «لوجورنال»؟ 100 مليون سنتيم. - هل كانت كافية؟ لا، لم تكن كافية، ولعلمك فإن «لوجورنال» بقيت دائما تتخبط في مشاكل مالية، ومع ذلك استطعنا بعد إصدارها إطلاق مجلة «بيزنيس ماكازين» ثم «الصحيفة» بعد عام على انطلاقنا. - على مستوى التحرير، هل ساعدكم والدك خالد الجامعي وخالك جمال براوي، على اعتبار أن لهما تجربة طويلة في مجال الصحافة؟ والدي سأفضحه بهذه المناسبة، لقد قال لي عندما دعوته إلى الكتابة معنا في «لوجورنال»: «حتى تبداو ونشوفوكم علاش قادين»، وبقي يكتب في «لافي إيكونوميك» ولم ينضم إلينا. وبالمناسبة أيضا، أقول للذين يرددون أن بوبكر الجامعي كان وراءه والده: «راه هزني وطلقني»؛ أما جمال براوي، فقد أتى للعمل في «لوجورنال» لاحقا. - صادف خروج العدد الأول من «لوجورنال» مجيء حكومة التناوب برئاسة الاتحادي عبد الرحمان اليوسفي؛ كيف كان تعاطيكم مع هذه التجربة التي ستسوء علاقتكم بها لاحقا؟ نحن أبناء تجربة التناوب، وقد كان غلاف العدد الأول من «لوجورنال»، الذي صدر يوم 17 نونبر 1997، عن نتائج انتخابات 1997 التي جرت يوم 14 نونبر. وقد كانت «لوجورنال» هي أول أسبوعية مغربية نشرت نتائج الانتخابات في عددها الأول. ومن المواقف التي لم أكن متفقا فيها مع والدي الموقف من التناوب التوافقي، حيث كان له هو، منذ البداية، موقف حاسم، ذلك أنه اعتبر أن حكومة بهذه المواصفات لن تصل بالمغرب إلى الديمقراطية، أما نحن في «لوجورنال» فقد بدت لنا فيها بوادر يمكن أن تتطور وتقودنا إلى الديمقراطية. لكن التاريخ أثبت أن تحليل والدي كان دقيقا وأن موقفه من التناوب التوافقي كان صحيحا. - ما هي الذكريات التي تحتفظ بها عن العدد الأول من «لوجورنال»؟ عندما أنجزنا العدد الأول الذي تطلب منا ثلاثة أشهر من الإعداد، ذهبنا إلى مطبعة «ماروك سوار» التي كنا نطبع فيها، ووقفنا أنا وعلي عمار وابراهيم دامو، الذي أصبح هو المدير التقني، بالإضافة إلى بعض الصحافيين، نترقب خروج أول عدد، وفعلا كنا جد مسرورين، لكن بعد ذلك بقليل أصبحنا جميعنا متجمدين، فقد انتبهنا إلى أن هذا المجهود المتعب الذي بذلناه طيلة ثلاثة أشهر لإنجاز العدد الأول، سوف نكون مطالبين ببذله كل أسبوع. - هل أحسست بأنك أقدمت على مخاطرة غير محسوبة العواقب؟ لقد كنا حديثي العهد بالصحافة بالرغم من أن كلا منا كان يجر وراءه تجارب مهنية مهمة في ميادين أخرى. فأنا، مثلا، أسست بنكا، كما كنت وراء أول عملية خوصصة في مجال الأبناك في المغرب وهي «إكدوم»، ومارست ولا أزال أعمالا أخرى غير الصحافة، ومع كل ذلك فإنني أعترف بأن هذه المهنة هي فعلا مهنة المتاعب، وأعترف بأنني لم يسبق لي أن عشت فرحة كالتي عشتها في الصحافة، كما لم يسبق لي أن عشت ضغطا كالذي تسببت لي فيه الصحافة. - في 2003، بعد دخول الصحافي علي المرابط في إضراب طويل عن الطعام، كتبت افتتاحية تعترف له فيها بأن موقفه من تجربة التناوب، عندما كان رئيسا لتحرير «لوجورنال»، كان صحيحا؟ لا، أكثر من هذا.. لقد اختلفت مع المرابط لكونه، منذ اليوم الأول، كتب مقالا أطلق فيه النار على فريق العهد الجديد وأسماه «المخزن الجديد».. أنا قلت له إن ذلك فيه شيء من التسرع، وإن علينا أن ننتظر قليلا إلى أن نتبين أخطاء هذا الفريق وجنوحه نحو السلوكات المخزنية، ثم نكون له بالمرصاد، أما أن نطلق عليه منذ البداية لقب «المخزن الجديد» فإنني لا أرى ذلك موضوعيا. أنا أتحدث عن أكتوبر- شتنبر 1999، أي مباشرة بعد وفاة الحسن الثاني. وقد تناقشت مع علي المرابط في الموضوع وقلت له موقفي واقتنع به ولم ينشر المقال. وعندما أراد المرابط أن يؤسس تجربته «دومان» بناها على فكرة أنه خرج من «لوجورنال» لأنني مارست عليه الرقابة. علي المرابط لا أحد يقوى على أن يفرض عليه شيئا، وقد ظلمني في هذا، وعليه أن يكون الآن موضوعيا ويعترف بالحقيقة. يمكنك أن تسأل كل الذين اشتغلوا معي وسيؤكدون لك أنني لا أصدر أوامر قطعية ونهائية في ما يتعلق بنشر المواد، بل ألجأ إلى النقاش والإقناع. - كيف انسحب شريكك الأول حسن المنصوري من رأسمال «لوجورنال» وكيف عوضه فاضل العراقي؟ عندما أصدرنا «لوجورنال» في نونبر 1997 بدأنا توا في المشاكل المالية. - مشاكل بينك وبين شريكك الوحيد حينها، حسن المنصوري (المسؤول الآن عن شركة «بريماريوس» للأثاث التابعة للهوليدينغ الملكي)؟ لا، اختلافي مع حسن المنصوري كان حول الخط التحريري للجريدة، خصوصا حول الموقف من الجدل الذي أثير في 1997 حول تمويل الطريق السيار بين الدارالبيضاء والجديدة، فقد كنت أنا ضد أن يتقلد ادريس بنهيمة، الذي عينه الحسن الثاني في الحكومة الانتقالية التي سبقت حكومة اليوسفي، أربع وزارات: وزيرا للنقل، والملاحة التجارية، والسياحة، والطاقة والمعادن، بالإضافة إلى بقائه كمدير عام للمكتب الوطني للكهرباء؛ ومراد الشريف الذي كلف بعدد من الوزارات، بالإضافة إلى إبقائه على رأس المكتب الشريف للفوسفاط، واللذان قررا مد طريق سيار بين الدارالبيضاء والجديدة بشكل مخالف للقانون وضارب للديمقراطية وممثلي الشعب. وهو الموقف الذي لم يرق لحسن المنصوري بمبرر أنه سيجر علينا متاعب وسيخاصمنا مع نخبة من مهندسي القناطر وسيحد من تدفق الإشهار على الجريدة.