سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.
«لوجورنال» صرفت رواتب لثلاثة عاطلين و الحسن الثاني كان يريد شراء مطبعة للمجلة بخمسة ملايير سنتيم مولاي هشام كان يعتقد أن «هاد الشي هشيش» وأن النظام متجه نحو المجهول
صُنفت مجلة «لوجورنال» خلال العشر سنوات الأولى من نشأتها في خانة الصحافة المستقلة، المدافعة عن التوجه الديمقراطي المناهض لكل ما هو مخزني في المغرب. كما لعبت أدوارا مهمة إبان بداية العهد الجديد. ومع صدور كتاب «محمد السادس : سوء الفهم الكبير»، لأحد مؤسسي المجلة، الصحافي علي عمار، تم الكشف عن أسرار ومناطق ظل كان يجتمع فيها مؤسسو المجلة مع رموز دار المخزن ورجالات العهد الجديد. «المساء» تكشف أسرارا تنشر لأول مرة، من خلال سلسلة من الحوارات مع فعاليات ساهمت في تأسيس التجربة، وتعيد تجميع عناصر القصة الكاملة لمجلة اسمها «لوجورنال». إليكم التفاصيل... - ذكرت مجموعة من الأشياء على لسان الأمير مولاي هشام، فقد قلت في كتابك، مثلا، إنه كان يهاتفكم ويسألكم عن تاريخ «الليلة الكبيرة»... > عندما اتصل بي هاتفيا للمرة الثالثة وأنا في بيت فاضل العراقي، قال لي إن كل ما قلتُه على لسانه هو أشياء معروفة رددها في مجالس كانت تضم عددا من الأشخاص وإنني لم أكن الوحيد الذي سمعها منه، قبل أن يضيف قوله أيضا: «إنني أتحمل مسؤولية ما أقوله». وكل ما قلته في الجزء الذي خصصته للأمير ليست فيه إهانة أو غيرها.. كان بورتريها. بالنسبة إلى «الليلة الكبيرة»، كان يتساءل دائما إلى أي حد يستطيع النظام المغربي أن يقاوم أكثر وما إن كانت هذه المرحلة ستستمر بالاعتماد على نفس طريقة التدبير. هذه العبارة كان يرددها في حديثه إلي عبر الهاتف وإلى صحافيين آخرين وإلى المثقفين. - هل كان يظن أن «الليلة الكبيرة» ستقع يوما؟ > كان يظن أن هادشي هشيش وأنا النظام متجه نحو المجهول... - هل كان يتمنى وقوع «الليلة الكبيرة»... > لا أستطيع أن أجيبك، اسأله هو. - من خلال جلساتكم معه، ألم يعبر يوما عن رغبته في أن يدبر أمور البلاد إلى جانب الملك؟ > في الحقيقة لم يقلها يوما، لكنه كان يريد أن يلعب دورا سياسيا إلى جانب الملك محمد السادس دفاعا عن الملكية. لكن أن يصبح ملكا، فهذه العبارة لم يقلها يوما. وفي المقابل، كان ينتقد حاشية الملك، خصوصا رفاق محمد السادس في الدراسة، وكان يقول إن هؤلاء سيوصلون المغرب إلى الطريق المسدود. وأتذكر أنه انزعج كثيرا مما نشرته أسبوعية «جون أفريك»، حيث كان قد استقبل فرانسوا سودان وكتب عنه هذا الأخير بورتريها عنونه ب«الأمير الذي يريد أن يصبح ملكا». وانتقد مولاي هشام الصحافي سودان، بعد صدور عدد مجلة «جون أفريك»، لكن رد فعله لم يكن بالقوة التي رد بها على ما كتبته عنه في كتابي «محمد السادس: سوء الفهم الكبير»، رغم أنني لم أكتب أنه كان يريد أن يصبح ملكا. - هل تعتبر أنك كنت ظالما له في البورتريه الذي خصصته له في كتابك؟ > أبدا، أظن أنني كتبت الحقيقة فقط، وما كنت أومن به فعلا كتبته عن الأمير مولاي هشام. لم يكن الأمر يتعلق بهجوم على الأمير مولاي هشام أو غيره، بقدر ما كنت أحاول أن أصفه في البورتريه إلى القراء الذين يعرفونه والذين لا يعرفونه.. لم أكن أبحث عن الهجوم عليه أو تمجيده، بل كتبت فقط الحقيقة. - كان يسألك وبعضَ الصحافيين أيضا عن أحوالكم المادية في اتصالات هاتفية... > حينما كان يتصل بي مولاي هشام ويسألني حول ما إن كنا محتاجين إلى شيء أو إلى دعم مالي، كنت أفكر مباشرة في «لوجورنال»: إن كانت في ورطة أو تحتاج إلى دعم. وكنت دائما آخذ السؤال على أنه موجه من قبله بدافع من رغبته في دعم الصحافة المستقلة، على غرار ما فعله سنة 2004 حين اقترح شراء «لوجورنال». لكن، هناك صحافيون آخرون استفادوا من تمويل مالي من طرف الأمير هشام. - كتبت في مؤلفك «محمد السادس: سوء الفهم الكبير» أن الملك الحسن الثاني اقترح عليكم، عن طريق فؤاد عالي الهمة، تمويل شراء مطبعة لكم... > حينها، كانت المطابع الموجودة في المغرب قد رفضت أن تطبع لنا مجلة «لوجورنال»، وكنا حينها نتوجه إلى فرنسا، حيث ساعدتنا مجموعة من الصحف هناك، منها «ليبراسيون» و«كوريي أنترناسيونال» و«لوموند»، على طباعة المجلة، إذ أصبحنا نطبع كل أسبوع في مطبعة «دي لاك». مبعوث من الحسن الثاني اتصل بنا وقال لنا: «إنكم تمثلون صحافة جديدة حرة، ولكنكم تطبعون في فرنسا، وهذا غير جيد بالنسبة إليكم». لذلك ظل الهمة يقول دائما: «فكرنا في أن نجد حلا لمشكلتكم، فالحسن الثاني عرض عليكم تمويل شراء مطبعة لكي تطبعوا فيها بشكل أسبوعي»، وكنا حينها نتفاوض مع شركة «دي لاك» لعقد شراكة تمويل إنشاء مطبعة في المنطقة الحرة بطنجة بغلاف مالي يقدر بحوالي خمسة ملايين أورو. وقال لنا المبعوث إن الملك مستعد لدفع خمسة ملايير أورو لتمويل شراء مطبعة خاصة لفائدتكم، فرفضنا ذلك للحفاظ على استقلالية «لوجورنال»، لأنه لا يمكن أن يمول القصر شراء مطبعة وأن تظل المجلة مستقلة. - توصلتم في «لوجورنال» بمليون درهم من عند مولاي هشام... > كانت هناك أحداث تيط مليل، حيث قرر عدد من حاملي الشهادات العاطلين الإقدام على إحراق أجسادهم بعد أن قاموا بتكفينها، في غياب رد فعل للحكومة. فاتصل بوبكر الجامعي بفؤاد عالي الهمة رغم أنه لم تكن تجمعهما حينها أية علاقة، وقال له إنه يجب، من الجانب الإنساني، أن يتم التحرك لحل هذا المشكل. فاضل العراقي تأثر لحال الشباب العاطلين في تيط مليل الذين كانوا مستعدين لفعل أي شيء حينها، واتصل بعدد من رجال الأعمال، ومنهم رئيس الباطرونا، وعدد من الأبناك، وطلب أن يقوم كل واحد منهم بتشغيل عدد من العاطلين من حاملي الشهادات بتيط مليل. كما اتصل العراقي أيضا بمولاي هشام ليخبره بالأمر، فحول هذا الأخير مليون درهم على حساب فاضل العراقي الذي وضعها بدوره في حساب خاص وصرف منها رواتب شهرية لعدد من العاطلين الحاملين للشهادات بتيط مليل، فيما تكفلت «لوجورنال» بصرف رواتب شهرية لثلاثة عاطلين.