قالت مصادر مطلعة إن خطري الدوه وابراهيم غالي ينطلقان بحظوظ وافرة لنيل ترشيحهما لخلافة محمد عبدالعزيز المراكشي المتوفى حديثا، على رأس جبهة البوليساريو الانفصالية. وفي حين يقول المحللون انه من غير المنتظر أن يفلت منصب الرئيس من أي واحد من رجال الجزائر الأوفياء داخل الجبهة، تجتمع قيادة الجبهة الانفصالية الاثنين في مخيمات تندوف بالصحراء الجزائرية للاتفاق على الأسماء المرشحة لمنصب رئيس الجبهة. ونقل موقع "ميدل ايست أونلاين"، نقلا عن ما أسماهم مراقبين أن اسم الشخص لا يبدو مهما مقارنة بما ستقدم عليه الحركة من تغيير عميق لنهجها الفاشل والذي لم يؤد بها الى تحقيق أي نجاح يذكر بمواجهة قدرة المغرب على الدفاع عن حقوقه. ويبدي هؤلاء المراقبون قدرا من التشاؤم بشان قدرة الحركة التي تعتبر صنيعة جزائرية بالأساس ورئيسها الجديد على تغيير نهج انفصالي تغذيه اوهاما مستحيلة واستماتة جزائرية غريبة في تهديد الوحدة الترابية للمغرب لأسباب تتعلق اساسا بعدم قدرة النخب السياسية والعسكرية في الجزائر على استيعاب التغيرات الحاصلة في العالم وفي المنطقة. وهذا الدعم الجزائري غير المحدود سيشجع أي زعيم جديد للحركة الانفصالية أو سيجبره على الاستمرار في رفض مبادرة الحكم الذاتي الذي تقدمه الرباط كحل أصبح وحيدا ونهائيا للقضية، وهو أقصى ما يمكن أن تتحصل عليه الجبهة في المستقبل من هذه القضية المصطنعة، إذا ارادت ألا تخسر كل شيء فيها. وخطري الدوه الرئيس المؤقت للجبهة الانفصالية هو سفيرها لدى الجزائر، بينما يعتبر ابراهيم غالي الرجل الأكثر قربا من النظام الجزائري وولاء له الأمر الذي يجعله ينطلق بحظوظ وافرة للفوز بالرئاسة. وقالت مصادر حقوقية تزور مخيمات تندوف هذه الأيام إن خطري الدوه الرئيس المؤقت للجبهة، أشعر أعضاء الأمانة العامة للجبهة بضرورة الاجتماع الاثنين من أجل "التباحث في مستقبل قيادة الجبهة". وأفادت المصادر ان ابرز الشخصيات المؤثرة في قرار الجبهة الانفصالية داخل مخيمات تندوف تتداول بقوة، احتمال ترشيح "ثنائي رئاسي" (قيادة برأسين) في المؤتمر الاستثنائي للجبهة المرتقب يومي الأحد والاثنين 10 و11 يوليو/تموز القادم. ويقول مراقبون إن حلّ الرئيسين إن تم الاتفاق عليه فلتجاوز حالة الشقاق بين ثلاثة معسكرات أو اثنين على الأقل يتصارع جميعها من أجل زعامة الحركة الانفصالية والمعادية للمغرب بدعم جزائري لا ينتهي. وفي تقديره لتوجه جبهة البوليساريو ولمواقف قيادتها في المستقبل يذكر الباحث المغربي في العلوم السياسية إدريس بنيعقوب بالإرث التاريخي والثقافي للجبهة الانفصالية وهو إرث يقول عنه إن "مرتبط بصناعة البوليساريو في زمن الحرب الباردة، في زمن الاستقطاب الشيوعي الليبرالي"، ب"إخراجها إلى خشبة المسرح الدولي من طرف النخبة السياسية والعسكرية الحاكمة في الجزائر المنتمية لتلك الحقبة، والتي لا تزال ماسكة بزمام الأمور" هناك وإلى اليوم. ويرجح بنيعقوب أن حقد الجزائر القوي على المغرب ومساعيها لإشغاله عن البناء الحقيقي حتى لا يصبح نموذجا يطالب الجزائريون بمحاكاته، وبالتالي إمكانية تنحيتهم عن سدة التحكم في البلاد وخيراتها"، سيبقى أقوى العوامل التي ستمنع الجبهة من القيام باي جهد للتغير وفهم طبيعة القضية بعيون متفتحة على المستقبل. واستبعدت المصادر احتمال ترشيح رئيس ما يسمى بحكومة البوليساريو الحالية عبدالقادر الطالب عمر لرئاستها، لكونه "لا يتوفر على كاريزما الزعامة"، فضلا عن علاقته المنعدمة مع رموز الجيش والمخابرات في الجبهة. وفي سياق متصل، ذكرت تقارير صحفية مقربة من جبهة البوليساريو الأحد عن وجود جبهة عريضة من شباب المخيمات (أكثرهم في صفوف الجيش) تدافع على ترشيح جنرال الجبهة، والوجه الراديكالي للتنظيم محمد لمين ولد البوهالي. ويقول بنيعقوب إن جبهة البوليساريو ليست سوى "مجرد قسم عملياتي تابع للعسكر في الجزائر، وبالتالي لا تهم الشخصية التي ستواصل لعب الدور المرسوم لها من قبل الجنرالات الجزائريين". ويرى المحلل المغربي أنه إضافة الى العامل الجزائري، فإن عامل الاستبداد الذي تدار به الحركة يمنعها من تجديد نخبها بين فترة وأخرى، وبالتالي لا يمكن انتظار الكثير من الزعامة الجديدة للحركة الانفصالية بخصوص الانفتاح على حلّ الحكم الذاتي الذي يقترحه المغرب والذي ينتظر ان يوفر على الجميع الكثير من الجهد الضائع والذي تخسره المنطقة من تطورها ونموها واستقرارها الاجتماعي. ويضيف بنيعقوب إلى الاستبداد "العامل الاقتصادي المتمثل في اللوبيات المافيوزية التي راكمت الثروات بإسناد عسكري جزائري مستفيدة من عمليات التهريب والاتجار الدولي في جميع البضائع، على رأسها المحرمة طبعا، بما في ذلك تحويل المساعدات الإنسانية". ولا شك ان هذا الفساد الاقتصادي سيمنع كبار الحركة من التخلي عن مواقعهم لفائدة جيل جديد غير موبوء بإيديولوجيا محنطة لا ترى العالم إلا أسود أو أبيض، وقد تكون له رؤية مخالفة للنزاع الذي طال أمده ومتطلعة الى مستقبل أفضل. ويرى المحلل المغربي "أن التغيير الحقيقي الذي يمكن الرهان عليه هو الذي يمكن أن يحدث على المدى المتوسط بغياب الطبقة العسكرية والسياسية الحاكمة في الجزائر، والتي عايشت فترة الحرب الباردة، وكان لها دور في الصراع المغربي الجزائري، على أمل ظهور جيل جزائري جديد مؤمن بالارتباطات البراغماتية في جميع أبعادها كما هو الشأن، بالنسبة للمغرب".