Getty Imagesآبي أحمد يعمل على تحقيق وحدة سياسية في البلاد، والحفاظ على التنوع العرقي في آن واحد تدخل إثيوبيا حقبة سياسية جديدة بعد الاعلان عن تشكيل ائتلاف حاكم جديد يضم ثلاثة أحزاب من الأحزاب العرقية الأربعة الموجودة في البلاد منذ عام 1991. وسيضم حزب الرخاء، الذي تشكل حديثا، أطرافاً من الجبهة الديمقراطية الثورية الشعبية الإثيوبية، التي تسيطر على كل مقاعد البرلمان حاليا. ودعم رئيس الوزراء الإثيوبي، آبي أحمد، خطة الائتلاف، وقال إنها “خطوة هامة على طريق تعزيز طاقتنا للعمل نحو تحقيق رؤية مشتركة”. لكن رفض جبهة تحرير تيغراي الشعبية الانضمام للحزب الجديد مؤشر على المشاكل التي قد يواجهها رئيس الوزراء مستقبلا. ويواجه أحمد الاختبار الانتخابي الأول العام القادم، حين يصوت الناس على رؤيته لبلد موحد سياسياً من جهة، ومتنوع عرقيا من جهة أخرى. ماذا وراء الائتلاف؟ بدأ الحديث عن هذا الائتلاف منذ أكثر من عقد. لكن رئيس الوزراء الحالي، الذي تسلم الحكم في أبريل/ نيسان الماضي، عازم على إحياء وإعادة تشكيله لأنه يرى أن الجبهة الديمقراطية الثورية الشعبية الإثيوبية لا تتمتع بسمعة جيدة. كما أنه يرغب في قيادة حزب يعكس المبادئ التي يؤمن بها بشكل أكبر. وتشكل التحالف عام 1988، على يد مجموعة من المجموعات العرقية لمواجهة الديكتاتور مينغيستو هايلي ماريام. وشمل التحالف جبهة تحرير تيغراي الشعبية، والحزب الديمقراطي الأمهري، وحزب الأورومو الديمقراطي، والحركة الديمقراطية الشعبية لجنوب إثيوبيا. وترجع جذور الأحزاب الأربعة للحركات الماركسية المسلحة، ورغم الابتعاد عن التوجه الماركسي في المجال الإقتصادي، إلا أن الجبهة الديمقراطية الثورية الشعبية الإثيوبية تدعم تدخل الدولة بشكل كبير في ما يتعلق بالتنمية. ويقول حزب الرخاء الذي يقوده آبي أحمد إنه سيتبنى نهجاً اقتصادياً أكثر انفتاحاً، وسيفسح المجال للقطاع الخاص. Getty Imagesفي انتخابات عام 2005، فازت الجبهة الديمقراطية الثورية الشعبية الإثيوبية بكل مقاعد البرلمان ما الجديد؟ يروج أحمد لفلسفته الخاصة ب “المساهمة”، التي تعني بتشجيع المساهمات من جميع الأفراد، وإنهاء الانعزال على أساس عرقي. ويضم حزب الرخاء أفراد من جميع العرقيات، على عكس الجبهة الديمقراطية الثورية الشعبية الإثيوبية. وتاريخيا، كانت الأحزاب المكونة للجبهة الديمقراطية الثورية الشعبية الإثيوبية تتمتع بأفضلية عرقية، في حين تأتي العرقيات الأخرى في مرتبة أدنى. كما يقول رئيس الوزراء إنه يريد أن يصبح تعيين الأفراد في المناصب بناء على تفوقهم الشخصي، وليس لمجرد الحفاظ على التوازن العرقي. ومن ناحية أخرى، يحرص أحمد، الذي ينتمي لعرقية الأورومو، على الترويج للتنوع العرقي في البلاد. ووصل أحمد إلى الحكم بعد موجة من التظاهرات من سكان منطقة أورومو، التي كانت تشكو من التهميش السياسي والاقتصادي. وهو يعي تماما الحاجة لمواجهة هذه المخاوف بدون العودة إلى السياسة المركزية. لكن ثمة أسئلة كبرى بشأن خطة عمل حزب الرخاء في الولايات المحلية المؤسسة على أساس عرقي. ما سبب اعتراض جبهة تحرير تيغراي؟ عند وصول الجبهة الديمقراطية الثورية الشعبية الإثيوبية للحكم، كانت جبهة تحرير تيغراي الشعبية هي الحزب ذو الأغلبية. وكان رئيس الحكومة، ميليس زيناوي، الذي قاد الحكومة منذ عام 1991 وحتى وفاته عام 2012، وغيره من القادة السياسيين ينحدرون من منطقة تيغراي. لكن بسبب نسبة أبناء تيغراي، التي تبلغ حوالي ستة في المئة من تعداد البلاد، سيكون حجمهم في هذا الائتلاف أقل مما يعني خسارتهم للنفوذ الذي يتمتعون به حاليا. وقد تراجع هذا النفوذ بالفعل منذ وصول آبي أحمد إلى السلطة، وثمة صراعات متنامية بينه وبين قادة جبهة تحرير تغراي الشعبية. كما أنهم يرون أن النمو الاقتصادي لإثيوبيا لا يتحقق إلا من خلال رؤيتهم للنمو الاقتصادي، القائمة على تدخل الدولة بالأساس. وهو ما يبدو متناقضا مع رؤية حزب الرخاء. لكن المخاوف لا تقتصر على جبهة تحرير تيغراي الشعبية. فبعض أعضاء حزب الأورومو الديمقراطي (الذي يرأسه أحمد) أعربوا عن قلقهم من أن حزب الرخاء قد يفقدهم هويتهم. AFPالتنوع العرقي في اثيوبيا مصدر قوة إذا تم استثماره بشكل جيد ما تداعيات الفرقة السياسية؟ لم يتضح حتى الآن ما إذا كانت جبهة تحرير تيغراي الشعبية ستنفصل عن الائتلاف، أو ما إذا كان بعض أعضائها سينضم للحزب الجديد وينفصل عنها آخرون. ويبدو أن رئيس الوزراء أجرى بعض المحادثات مع أعضاء جبهة تحرير تيغراي، لكن لم تُعرف نتيجتها حتى الآن. وإذا تفاقمت الخلافات السياسية قد تنتقل الجبهة إلى صف المعارضة وستصبح القوة المسيطرة على إقليم تيغراي. وقد يؤدي هذا الوضع إلى المزيد من الخلافات مع الحكومية الفيدرالية، والاحتمال الأكثر خطورة هو ظهور دولة انفصالية في ولاية تيغراي. ما الفارق الذي سيجلبه التحالف لانتخابات 2020؟ في عيون الكثير، تظل الجبهة الديمقراطية الثورية الشعبية الإثيوبية مرتبطة بالقمع وانتهاك حقوق الإنسان مهما قدمت من إصلاحات، وهو ما يمثل مشكلة في صندوق الاقتراع. وبالفعل تحظى فكرة الحزب الجديد بردود أفعال إيجابية لدى البعض، لكن السنوات الأخيرة شهدت الكثير من التغيرات بحيث أصبح من الصعب توقع كيف ستسير الأمور في انتخابات العام المقبل.