فسر عبد الفتاح البلعمشي، رئيس المركز المغربي للدبلوماسية الموازية وحوار الحضارات، زيارة الملك للإليزيه بعد الجفاء الذي طبع العلاقات المغربية الفرنسية في فترة سابقة، والذي أسفر عن وقف اتفاقية التعاون القضائي بين البلدين، لتكون أحداث "شارلي إيبدو" مناسبة لتوطيد هذه العلاقات من جديد، وأتت أحداث 13 نونبر لتؤكد على أهمية المغرب كشريك، ليس فقط في علاقته الثنائية مع فرنسا ولكن كشريك دولي في مكافحة الإرهاب وفي نجاعة الأسلوب الذي يعتمده في مواجهة هذه الظاهرة التي باتت تؤرق المجتمع الدولي برمته. وقال الأستاذ، في اتصال مع "الأيام 24"، إن اللقاء المرتقب بين الملك محمد السادس والرئيس الفرنسي فرانسوا هولاند يأتي بعد الأحداث الدامية التي عرفتها باريس يوم الجمعة الماضي، والتي تحدثت مجموعة من المقالات والتقارير عن الأهمية التي يستمر المغرب في تشكيلها بالنسبة لفرنسا فيما يخص التعاون الأمني. ويرى البلعمشي أن فرنسا اليوم تعول على مزيد من التعاون الأمني والقضائي، قائلا، "أعتقد أن هذا اللقاء فرصة لتجديد الملك لتعازيه الحارة، وليؤكد أيضا على استمراره وانخراطه في مواجهة هذه الآفة، عن طريق تبادل المعلومات وتنمية آليات التعاون سواء من الناحية القانونية أو من الناحية السياسية". وتأتي هذه الزيارة، يقول رئيس المركز، نظرا للموقع الاستراتيجي للمغرب من جهة ونظرا للتجربة التي راكمها على المستوى الأمني ونظرا لقربه من بؤرة التوتر بمنطقة الساحل والصحراء، والتعاون على المستوى الأمني الذي يزيد ويقوي إشعاع المغرب في محيطه الإقليمي الدولي. ويشير البلعمشي إلى أن المطلوب في هذا الاتجاه هو أن يقدم المغرب مجموعة من التدابير سواء التشريعية أو القضائية أو السياسية أو الأمنية ليؤكد على انخراطه في المنظومة الدولية وعلى تعاونه مع المجتمع الدولي في هذه المخاطر التي تتفاقم باستمرار. ولكن بالمقابل من المفروض بالنسبة لنا أن ينعكس هذا المدخل على أهداف ومصالح المغرب على المستوى الدولي، فلا بد من مواقف واضحة من طرف المجتمع الدولي والقوى الوازنة وعلى رأسها فرنسا والولايات المتحدةالأمريكية، من القضايا الحيوية للمغرب. فالعلاقات الدولية اليوم، يقول المتحدث، لم تعد تؤطر فقط بالثنائي المعروف، السياسة والاقتصاد، اليوم بات التعاون القضائي والأمني مدخلا قويا من مداخل تعزيز قوة الدول داخل المجتمع. وأكد الخبير في العلاقات الدبلوماسية على ضرورة استثمار المغرب في رؤيته ومقاربته المتميزة للشأن الديني، خصوصا أن هناك مجموعة من التصورات تربط الإرهاب بالدين. كما شدد على ضرورة تثمين دور المغرب من طرف المخاطَبين الدوليين، وأن يعيدوا له تعامله بالمثل فيما يخص قضاياه السياسية التي تشعل أولويات في سياسته الخارجية.