يحمل الانتقال المرتقب للاعب كرة القدم البرازيلي نيمار من نادي برشلونة الاسباني الى نادي باريس سان جرمان الفرنسي المملوك من الدوحة، رسالة تحد قطرية للدول العربية المقاطعة لقطر في مواجهة محاولة عزلها سياسيا واقتصاديا، وحتى رياضيا. وتحاول قطر التي يتهمها خصومها بالارهاب منذ قطع المملكة السعودية والامارات العربية المتحدة والبحرين ومصر العلاقات معها، نفي هذا الاتهام عبر عقد صفقات اقتصادية وعسكرية مع دول كبرى وشركات عالمية. وتشكل صفقة انتقال النجم البرازيلي الى صفوف الفريق الفرنسي محطة رئيسية ضمن هذا السعي نظرا للشهرة الكبيرة التي يتمتع بها نيمار، احد ابرز لاعبي كرة القدم في العالم حاليا، والقيمة المالية الضخمة للعقد الذي يرافقها. ويقول الخبير في السياسة العربية في باريس ماتيو غيدار لوكالة فرانس برس ان "انتقال نيمار الى باريس سان جرمان تقرر على اعلى المستويات في قطر، ليسهم، في الوقت الراهن، (…) في التغطية على الجدل القائم حيال مسائل اخرى، وخصوصا الاتهام بدعم الارهاب". ويرى أن الصفقة "تدفع لتركيز الاهتمام على موضوع اقل جدلا: الرياضة". ومنذ الخامس من يونيو، تحاول السعودية والامارات والبحرين ومصر تضييق الخناق على قطر اقتصاديا وسياسيا بعد قطع العلاقات معها وفرض عقوبات عليها، بينها اغلاق المجالات الجوية امام طائراتها. كما تسعى هذه الدول أيضا الى إلصاق تهمة دعم الارهاب بقطر التي تملك شبكة إخبارية رياضية هي الاضخم في المنطقة وتستعد لاستضافة بطولة كأس العالم في كرة القدم عام 2022، عبر حملة اعلامية تقودها قنوات فضائية مؤيدة للدول المقاطعة للدوحة. ووفقا لاندرياس كريغ من قسم دراسات الدفاع في كلية كنغز كوليدج في لندن، فان انتقال نيمار "يوجه رسالة قوية الى العالم الرياضي" ويشكل "خطوة تحد" في مواجهة السعودية والامارات خصوصا. وتلعب قطر، الامارة الغنية بالغاز والتي يسكنها نحو 2,6 مليون شخص، منذ منتصف التسعينات دورا محوريا في عدد من النزاعات الاقليمية والملفات الشائكة في العالم العربي ومنطقة الشرق الاوسط. وبهدف تعزيز هذا الدور، استثمرت قطر اموالا ضخمة في دول كبرى وخصوصا في قطاع العقارات والفنادق والتجارة والنقل الجوي، وكذلك الاعلام والرياضة. وتمثل قناة "الجزيرة" الفضائية، وشبكة "بي ان سبورت" الرياضية، ابرز رموز هذه "القوة الناعمة"، الى جانب الخطوط الجوية القطرية التي نجحت في وضع شعارها على قمصان لاعبي نادي برشلونة الاسباني لسنوات. وفي خطاب ألقاه في 21 يوليوز، اكد امير قطر الشيخ تميم بن حمد ال ثاني على ضرورة تعزيز هذه الاستراتيجية عبر "تطوير مؤسساتنا التعليمية والبحثية والإعلامية ومصادر قوتنا الناعمة كافة على المستوى الدولي، وفي تفاعل مع أفضل الخبرات القطرية والعربية والأجنبي". ويرى خبراء أن وصول نيمار الى النادي الفرنسي "ضربة اعلامية". ويقول غيدار "في الوقت الراهن، يشعر خصوم قطر بالعجز في مواجهة استراتيجية الالتفاف (القطرية)، إذ ان أيا من هؤلاء الخصوم لا يملك اداة تواصل مماثلة في قطاع الرياضة على المستوى الدولي". ويضيف "منذ أيام، لم يعد احد يتحدث عن الصورة السلبية، بل فقط عن انتقال نيمار (…) ومن الواضح ان الرياضة هنا تسهم في كسر الحصار السياسي على قطر". ويرى كريغ ان قطر سعت الى شراء خدمات نيمار "باي ثمن"، وانها ستقوم بدفع نحو 222 مليون يورو لتمويل الصفقة، وهو مبلغ قياسي في الانتقالات في عالم كرة القدم، معتبرا ان اللاعب البرازيلي يمثل اداة رئيسية للدوحة لاظهار انها تتصدى فعليا لمحاولات عزلها.