حراك الحسيمة وما سبقه وتلاه من احتجاجات أظهر بشكل جلي غياب مقاربة سياسية للتعاطي مع المسألة الاجتماعية في بعدها الشمولي. فأمام تزايد الطلب الاجتماعي هناك ندرة الموارد بفعل غياب نموذج تنموي فاعل تجني ثماره كل الفئات وثقل آفات الريع والتهريب والتهرب الضريبي وخرق قواعد المنافسة الشريفة والرشوة الكبرى. إن المقاربة الحالية لم تنتج لنا سوى المزيد من تكريس الفواق بين الجهات وداخل الجهة الواحدة، بين الفئات الاجتماعية، بين الأجيال المتتالية وبين فئات النوع مما يشكل خطرا على الاستقرار الاجتماعي والتوازن المجتمعي للبلاد. إن المقاربة السياسية للتعاطي مع المسألة الاجتماعية تقتضي توفير الشروط التالية: إعادة النظر في المنظومة الانتخابية الحالية التي أصبحت ذات كلفة سياسية غالية وعرقلة أمام تشكيل حكومة قوية وبرلمان قوي. رفع السلطة لوصايتها على الأحزاب واحترام استقلالية قرارها ذلك أن القيادات الحالية أصبحت تشكل عبئا على الحقل السياسي المعتل أصلا. إبداع نموذج تنموي مغربي ذي نفس اجتماعي يجعل من دولة الرعاية الاجتماعية والحق والقانون جوهره ورحمه الأساس. تطوير المقاربة الحقوقية التشاركية المدمجة التي تعمل على تقوية دولة المؤسسات وتكريس المساواة أمام القانون وإحترام كرامة المواطن. وقبل ذلك لا بد من البحث عن كل المخارج لتصفية ملفات الاعتقال العالقة التي تضر بصورة بلادنا لدى الفاعلين الاقتصاديين والاجتماعيين والمدنيين خارج الوطن وتحرير الإعلام العمومي وجعله فضاء للنقاش والحوار حول قضايا الوطن الحيوية والبحث عن كل الآليات التي تؤسس الثقة بين المواطن والمؤسسات. * فاعل نقابي ومستشار برلماني سابق