أكد الحسن الداكي، الوكيل العام للملك لدى محكمة النقض ورئيس النيابة العامة، أن صيانة الحقوق والحريات وضمان شروط المحاكمة العادلة تعد مسؤولية دستورية ملقاة على عاتق قضاة الحكم وقضاة النيابة العامة على حد سواء، داعيًا إلى التحلي بقيم الاستقلال والتجرد في التطبيق العادل للقانون بما يعزز ثقة المواطن في القضاء ويُحسن مناخ الاستثمار داخل القارة الإفريقية. جاء ذلك خلال الكلمة التي ألقاها صباح اليوم الإثنين بمدينة الدارالبيضاء، خلال افتتاح أشغال مؤتمر المجموعة الإفريقية للقضاة المنعقد تحت شعار "من أجل قضاء إفريقي مستقل"، والذي يستمر من 21 إلى 24 أبريل الجاري بمشاركة وفود قضائية من عدد من الدول الإفريقية والأوروبية. وأوضح رئيس النيابة العامة أن تحقيق عدالة مستقلة ومنصفة، قادرة على مواكبة التحديات المعاصرة، يتطلب جهداً جماعياً من طرف القضاة ومختلف الفاعلين في منظومة العدالة، مشدداً على أن هذه العدالة ليست فقط ضماناً للحقوق والحريات، بل أيضاً ركيزة أساسية لإرساء دولة القانون وتحقيق التنمية المستدامة، مشيراً إلى أن توفير بيئة قضائية نزيهة وفعالة يعد مدخلاً حيوياً لخلق مناخ سليم للاستثمار وطمأنة الفاعلين الاقتصاديين. كما أشاد الداكي بما وصفه بالدينامية التي تعرفها المملكة المغربية في مجال تطوير منظومة العدالة، مستعرضاً عدداً من المبادرات التي أطلقتها رئاسة النيابة العامة على المستوى الإفريقي، من بينها تعزيز الدبلوماسية القضائية وتوقيع مذكرات تفاهم مع عدد من نظرائها في القارة، إلى جانب احتضان المغرب مؤخراً لمؤتمر النواب العموم الأفارقة، وما رافقه من انتخاب المغرب أمينًا عامًا للجمعية. وأضاف المتحدث أن انعقاد هذا المؤتمر يأتي في سياق إقليمي ودولي متحول، يتطلب تعزيز أواصر التعاون القضائي بين الدول الإفريقية، وتبادل التجارب والخبرات القانونية، من أجل رفع التحديات التي تواجهها العدالة في ظل تطور الجرائم، لاسيما العابرة للحدود كالإرهاب والجريمة السيبرانية والبيئية، مشيداً باختيار شعار "من أجل قضاء إفريقي مستقل" لما يحمله من دلالات عميقة تتصل بتقوية مؤسسات العدالة، وبناء جسور ثقة بين القضاء والمواطنين. وختم الحسن الداكي كلمته بالتأكيد على أن الجمعيات المهنية للقضاة تظل شريكاً رئيسياً للمؤسسات القضائية الرسمية، لما تلعبه من دور توعوي وتأطيري للقضاة، داعياً إلى ترسيخ العمل المشترك بين مكونات الجسم القضائي الإفريقي خدمةً لقيم العدالة والإنصاف، ومشدداً على أن القيم الأخلاقية والمهنية التي يلتزم بها القضاة تُعد من أهم ضمانات الشعور بالانتماء والأمن لدى الأفراد، ورافعة لتجويد الأداء القضائي وتحقيق الأثر الإيجابي على التنمية المجتمعية.