هوية بريس-متابعة قال الحسن الداكي، الوكيل العام للملك لدى محكمة النقض رئيس النيابة العامة، إن تنزيل مبادئ الدستور المكرسة للمنافسة الحرة النزيهة والمشروعة لا يتطلب فقط إرساء إطار قانوني متطور وفعال يروم حماية النهج الاقتصادي القائم على المبادرة الحرة وتكريس الحكامة الجيدة وضبط وضعية المنافسة في الأسواق، ومراقبة الممارسات المنافية للمنافسة وعمليات التركيز الاقتصادي والاحتكار، وإنما يقتضي أيضا مواكبة القضاة للمقومات المرتبطة بتوفير مناخ تنافسي سليم والتمكن من الآليات اللازمة لتفعيل الإجراءات المناسبة للتصدي لكل أشكال الاتفاقات غير المشروعة المنافية للمنافسة، بما يساهم في خدمة تنافسية النسيج الاقتصادي الوطني ويوفر الحماية المطلوبة لمختلف الفاعلين الاقتصاديين. وفي هذا السياق، أكد المتحدث في كلمة له خلال أشغال الجلسة الافتتاحية للأيام الدراسية المنظمة بشراكة بين المجلس الأعلى للسلطة القضائية ورئاسة النيابة العامة ومجلس المنافسة، وبتعاون مع مؤتمر الأممالمتحدة للتجارة والتنمية ومؤسسة التمويل الدولية، حول موضوع "دور السلطة القضائية في تطبيق قانون المنافسة"، خلال الفترة من 12 إلى 14 أكتوبر الجاري، أن تنظيم هذه الدورة التكوينية يكتسي أهمية بالغة بالنظر لارتباط موضوعها بدور السلطة القضائية في حماية الأسواق الاقتصادية من الممارسات المنافية لقواعد المنافسة، بما يحقق حماية فعلية للاستثمارات المحلية والأجنبية وللحقوق الاقتصادية للأفراد والجماعات، معتبرا إياها مناسبة لإبراز دور القضاء في حماية الاستثمار والأسواق الاقتصادية من جهة، ومن جهة أخرى مجالاً لتحسيس القضاة بأهمية الإلمام بالمقتضيات الموضوعية والإجرائية المؤطرة للمساطر القضائية المرتبطة بتطبيق قانون المنافسة من أجل المساهمة في توفير الأمن القضائي والقانوني للمستثمر وللفاعل الاقتصادي، وتحفيز المنتوج الوطني بالرفع من تنافسيته على الصعيد الإقليمي والدولي. وأشار الداكي إلى أن الملك محمدا السادس قال في خطابه بمناسبة الذكرى 12 لعيد العرش لسنة 2011: "إن التعاقد الاقتصادي الجديد يقتضي الاهتمام بمنظومة الإنتاج الاقتصادي، وإذكاء روح المبادرة الحرة، خاصة من خلال تشجيع المقاولات الصغرى والمتوسطة، بما ينسجم مع روح الدستور الجديد الذي يكرس دولة القانون في مجال الأعمال، ومجموعة من الحقوق والهيئات الاقتصادية الضامنة لحرية المبادرة الخاصة، ولشروط المنافسة الشريفة، وآليات تخليق الحياة العامة، ولضوابط زجر الاحتكار والامتيازات غير المشروعة". وتفعيلا للتوجيهات الملكية في هذا المجال، قال المسؤول ذاته إن رئاسة النيابة العامة أولت أهمية بالغة لحماية الأسواق من الممارسات المنافية لقواعد المنافسة والمساهمة في ضمان الشفافية والإنصاف في العلاقات الاقتصادية من خلال السياسة الجنائية التي تسهر على تنفيذها، وهو الأمر الذي تعكسه الدوريات الصادرة عن رئاسة النيابة العامة في هذا الشأن، لا سيما الدورية عدد "4س/ر ن ع" بتاريخ 24 يناير 2020، التي دعت من خلالها النيابات العامة لدى المحاكم إلى تفعيل المقتضيات الزجرية المرتبطة بمناخ الأعمال، خاصة المواد من 68 إلى 90 من القانون رقم 104.12 المتعلق بحرية الأسعار والمنافسة، والحرص على توفير فرص الحماية الناجعة للفاعل الاقتصادي وحماية النظام العام الاقتصادي، فضلا عن تبني تدبير ناجع لأداء النيابة العامة يروم المساهمة في تقليص الزمن القضائي اعتبارا لخصوصية المنازعات ذات الصلة بالمجال الاقتصادي من خلال احترام الآجال المنصوص عليها قانونا. كما عززت رئاسة النيابة العامة أدوارها المؤسساتية في هذا المجال من خلال إبرام اتفاقية التعاون والشراكة مع مجلس المنافسة بتاريخ 27 دجنبر 2021، التي تأتي في سياق ترجمة إرادة الطرفين توحيد الجهود عبر التنسيق والتشاور بغية ضمان التطبيق السليم للقانون. وأوضح الداكي أن دور النيابة العامة والقضاء بصفة عامة في الحياة الاقتصادية أصبح اليوم أساسيا في حماية الاستثمار وزرع الثقة في نفوس المستثمرين، وعاملا أساسيا تعتمده التقارير الدولية المرتبطة بمناخ الأعمال كمؤشر أساسي في ترتيب الدول من حيث الأمن القانوني والقضائي الذي توفره للمستثمر.