انطلقت، اليوم الجمعة بداكار، فعاليات الأنشطة العلمية المقامة في إطار الاحتفال بالذكرى ال60 لاتفاقية إقامة العلاقات بين المغرب والسنغال، وذلك بحضور ثلة من الدبلوماسيين والمثقفين والوزراء السابقين والأكاديميين فضلا عن شخصيات أخرى. وأبرز هذا اللقاء، الذي نظمه معهد تمبكتو – المركز الإفريقي لدراسات السلام، بشراكة مع سفارة المملكة المغربية بداكار، تحت الرعاية السامية للملك محمد السادس والرئيس السنغالي، باسيرو ديوماي فاي، أهمية البعد التاريخي لهذه الاتفاقية الموقعة بتاريخ 27 مارس 1964 بداكار، على اعتبار أن هذا النص يعد أحد المعالم الأساسية في العلاقات الاستثنائية بين المملكة والسنغال.
وفي كلمة بالمناسبة، قال سفير المغرب بالسنغال، حسن الناصري، "إننا نحتفل اليوم بميثاق تأسيسي لا يجسد الأخوة بين بلدينا فحسب، بل أيضا الرؤية المشتركة للتقدم والوحدة من أجل إفريقيا، الموروثة من الآباء المؤسسين، جلالة المغفور له الملك محمد الخامس، والرئيس الأسبق، ليوبولد سيدار سنغور.
وأوضح الناصري أن هذه الاتفاقية، التي تشكل رمزا حيا للأخوة الراسخة المتضامنة والصادقة والراسخة، وللمصير المشترك الذي يؤمن به بلدانا إيمانا راسخا، يعكس عمق العلاقات المغربية السنغالية.
وأشار الدبلوماسي المغربي إلى أن "هذا النص التأسيسي الفريد من نوعه يوضح عمق علاقاتنا ويسمح للمواطنين المغاربة والسنغالييين بالعيش والعمل والاستثمار في بلديهما بسهولة غير مسبوقة ومساواة في المعاملة"، مؤكدا أنه بفضل هذه الاتفاقية، يتمتع المغربي في السنغال، تماما مثل السنغالي في المغرب، بوضع مميز يتجاوز كل الحواجز.
وأضاف الناصري أن العلاقات المغربية السنغالية، المتينة والنموذجية، تنبني على قيم مشتركة وتاريخ مشترك والتزام متبادل من أجل تنمية وازدهار البلدين معا، موضحا أن هذه العلاقات لا تقاس فقط بالتبادلات الدبلوماسية أو التجارية، بل أيضا بالروابط الإنسانية والثقافية والروحية العميقة التي تعزز الشراكة الثنائية.
من جانبه، أشار المدير الإقليمي لمعهد تمبكتو – المركز الإفريقي لدراسات السلام، بكاري سامبي، إلى أن "العلاقات التاريخية بين المغرب والسنغال، ولئن كانت ضاربة بجذورها العميقة في تربة تاريخ لا يزال حاضرا، فإنها تتعزز دائما بوعي وحدة المصير في مواجهة تحديات الحاضر والمستقبل".
وقال إن المحور الاستراتيجي الرباط-داكار يجب أن يلهم القارة التي تجد نفسها عند مفترق طرق، لا سيما في ظل ما يمكن أن نطلق عليه "إعادة التوازن الخارجي"، حيث تبرز بقوة الأهمية الاستراتيجية لإفريقيا.
وأشار الخبير السنغالي، في هذا السياق، إلى أن الدبلوماسية الإفريقية للمملكة، التي لطالما كانت جزءا من تقليد عريق قوامه التبادلات الثقافية والدينية بين ضفتي الصحراء، استمدت من هذا التقليد عناصر "القوة الناعمة" التي تسهم في صناعة التقدم الدبلوماسي والاقتصادي في القارة.
كما أدلى عدد من الشخصيات البارزة، من رموز الصداقة والأخوة السنغالية المغربية بشهادات حول الأهمية التاريخية وتحديات المستقبل المشترك بين البلدين، معتبرين أن أساس هذا التعاون "المتين" بين البلدين هو هذه الاتفاقية التأسيسية "الاستثنائية" الموقعة سنة 1964.
وأوضحوا أن هذه الاتفاقية تمنح للمواطنين السنغاليين المقيمين بالمغرب الحقوق نفسها التي يتمتع بها المواطنون المغاربة والعكس صحيح، وعلى المستوى المهني أيضا، تسمح هذه الاتفاقية لمواطني البلدين بالحصول على المزايا ذاتها للولوج إلى الوظائف في القطاعين العام والخاص وكذا الصفقات العمومية، داعين إلى إيصال صدى هذه الاتفاقية للسماح لرجال الأعمال من كلا البلدين باغتنام الفرص التي توفرها.
وتميز الحفل بتنصيب اللجنة التوجيهية وتقديم الأنشطة العلمية والثقافية لهذا الحدث المزمع تنظيمها بالمغرب والسنغال خلال سنة 2025.