يتيح منتدى مراكش البرلماني الاقتصادي للمنطقة الأورومتوسطية والخليج الذي تستضيف مدينة مراكش فعاليات دورته التأسيسية يومي 7 و 8 دجنبر، فرصة مثلى لبلورة مقاربة جديدة من شأنها تعزيز التعاون بين هذين الفضاءين الجغرافيين وتكثيف الجهود لمجابهة التحديات المشتركة، لا سيما تلك المتعلقة بالنمو الاقتصادي واستتباب السلم والأمن في المنطقة. ويعد هذا المنتدى الأول من نوعه الذي ينظمه مجلس المستشارين وبرلمان البحر الأبيض المتوسط (PAM)، واجهة للدبلوماسية البرلمانية ومحطة هامة للتداول بشأن القضايا الاقتصادية والبيئية الأكثر إلحاحا في المنطقة الأورو متوسطية والخليج من خلال جلسات نقاش موضوعاتية سيثري أشغالها برلمانيون من 31 بلدا إلى جانب المسؤولين المعنيين رفيعي المستوى من القطاعين العام والخاص، والأكاديميين والخبراء ورجال أعمال وفعاليات المجتمع المدني. ويسعى برلمان البحر الأبيض المتوسط من خلال المشاركة النشطة للبرلمانيين في هذا المنتدى إلى تحقيق تحول نموذجي في معالجة التحديات الاجتماعية والاقتصادية الرئيسية والمتعلقة بالمناخ ، بغية ضمان تكامل اقتصادي أكثر فعالية، قادر على الصمود أمام العوامل الخارجية، وخلق شبكة تبادل تجاري جنوب -جنوب أكثر اتساعا وإنشاء منطقة متكاملة لإنتاج وتسويق الطاقة الخضراء، تتمتع بالاكتفاء الذاتي. ووفقا لهذه الرؤية، يمثل منتدى مراكش أرضية للنقاش وتقييم الوضع الاقتصادي في ظل التحديات غير المسبوقة التي تواجهها المنطقة، من الركود المالي الكبير، مرورا بجائحة كوفيد19، وانتهاء بالأزمة الروسية الأوكرانية التي كانت لها آثار عميقة على جميع القطاعات الإنتاجية وعلى المستهلكين على المستوى العالمي بما في ذلك المنطقة الأورومتوسطية والخليجية. وفي هذا السياق، سيتناول المنتدى الإجراءات الأكثر إلحاحا اللازمة لمواجهة الآثار الاقتصادية لهذه الأزمة، مع مناقشة تداعياتها الاقتصادية متعددة الأوجه على المدى الطويل، وذلك من خلال التركيز على قضايا "الأمن الغذائي" و"الأمن الطاقي" و "تغير المناخ والقضايا البيئية" والثورة الصناعية الرابعة" و"التكامل المالي والتجاري و"التفاوتات الإقليمية" و"السياحة المستدامة" و "النقل البحري". ويتوخى المنتدى من خلال مقاربته لهذه القضايا الضاغطة تعزيز إنشاء منطقة اقتصادية ومالية أكثر تكاملا بين الدول الأورومتوسطية ومنطقة الخليج، مع ضمان إعمال ممارسات أكثر استدامة وانتقال مدروس بعناية للطاقة الخضراء، والذي سيكون قادرا على الحد من آثار تغير المناخ وزيادة استقلال الطاقة في المنطقة، وكذا تحفيز العمل على إيجاد حلول ملموسة لتحسين القدرة على الصمود أمام التحديات الحالية، مثل أزمة "الغذاء والوقود والأسمدة" الحالية، وتعزيز استعداد بلدان المنطقة للصدمات المستقبلية، بما في ذلك الأزمة المالية والأوبئة المقبلة، مع تقليل الاعتماد على العوامل الخارجية. ومن شأن "منتدى مراكش البرلماني الاقتصادي للمنطقة الأورومتوسطية والخليج" أن يشكل خطوة رئيسية أولى لمناقشة الحلول العملية للتحديات الاقتصادية والبيئية الرئيسية اليوم في المنطقة، والانخراط في مناقشات برلمانية حول مقترحات تشريعية ملموسة لتعزيز الأمن الطاقي مع دعم إنشاء تكتل اقتصادي أورومتوسطي وخليجي للطاقة المتجددة ودعم فكرة إنشاء منطقة اقتصادية متكاملة، في إطار استئناف المناقشات السياسية على المستوى البرلماني من أجل إقامة منطقة تجارة واقتصادية أورومتوسطية وخليجية، وإعادة ربط الأولويات الإقليمية بالهدف الأوسع المتمثل في التخفيف من تغير المناخ وتعزيز خطة الأممالمتحدة 2030 وأهداف اتفاق باريس. وتعكس استضافة المغرب للمنتدى، من خلال مجلس المستشارين، الثقة التي تحظى بها المملكة كفاعل رئيس في المنطقة المتوسطية، يعول عليه في إنجاح الجهود المبذولة لرفع ما تجابهه من تحديات. فالمملكة المعتزة بهويتها المتوسطية من خلال تكريسها دستوريا وتجلياتها المتعددة في عادات وتقاليد الشعب المغربي، ما فتئت تعمق انخراطها الإيجابي في هذا الفضاء سواء عبر منظمة الإتحاد من أجل المتوسط أو حوار 5+5، كما تبدي انشغالها الدائم بالقضايا التي تؤرق هذا الفضاء كالأمن والإرهاب والجريمة المنظمة وتهريب المخدرات والهجرة السرية والتحولات المناخية وكذا النزاعات الناجمة عن تحديات الأمن الطاقي والغذائي والصحي وتحديات التعافي الاقتصادي من آثار جائحة كورونا. ويجدر التنويه في هذا المقام إلى أن رئيس الجمعية البرلمانية للبحر الأبيض المتوسط، جينارو ميغليوري كان قد أكد خلال الزيارة التي قام بها للمغرب في ماي المنصرم والتقى خلالها رئيسي مجلسي النواب والمستشارين وعددا من المسؤولين الحكوميين، أن "التعاون مع المغرب، البلد المتقدم على مستويات الاقتصاد والتكنولوجيا والقيم والمعارف، ومع منطقة الشرق الأوسط وآسيا عموما، أمر بالغ الأهمية بالنسبة للمقاربة الأوربية للأمن والاستقرار بالمنطقة الأورومتوسطية". وشدد على أن المملكة بحكم موقعها الجيو – الاستراتيجي ودورها السياسي والديبلوماسي إقليميا ودوليا "تعتبر قاطرة للاندماج بين ضفتي المتوسط وفاعلا أساسيا من أجل تشكيل فضاء متوسطي مزدهر ينعم بالأمن والاستقرار والتنمية". والأكيد أن مثل منتديات ولقاءات من قبيل "منتدى مراكش البرلماني الاقتصادي للمنطقة الأورومتوسطية والخليج"، تشكل جسرا حقيقيا لتعميق التعاون والاعتماد المتبادل بين الشمال والجنوب من أجل تجاوز الإكراهات وحل المشاكل المشتركة كما أنها تسلط الضوء على الأدوار التي يضطلع بها مجلس المستشارين ومكانته في البناء المؤسساتي الوطني وخصوصياته النابعة من تركيبته المتميزة بالحضور الوازن للجماعات الترابية والغرف المهنية ورجال الأعمال والطبقة الشغيلة، مما يلقي على عاتق المجلس مسؤوليات تتجاوز المجال التشريعي، مقارنة مع باقي المؤسسات البرلمانية، لتشمل الانفتاح على محيطه المجتمعي والمؤسساتي واحتضان النقاش العمومي التعددي والتداول، بمنطق استراتيجي، في مختلف القضايا الكبرى للوطن. وتجدر الإشارة الى أن برلمان البحر الأبيض المتوسط (PAM) هو منظمة دولية أسست سنة 2005 من قبل البرلمانات الوطنية التابعة لدول المنطقة الاورومتوسطية.وتعتبر هذه المنظمة البرلمانية الخلف القانوني للمؤتمر المعني بالأمن والتعاون في منطقة البحر الأبيض المتوسط (CSCM) الذي أطلق في أوائل التسعينات. ويتمثل الهدف الرئيسي الذي يسعى برلمان البحر الأبيض المتوسط إلى تحقيقه في نسج تعاون سياسي واقتصادي واجتماعي بين الدول الأعضاء من أجل إيجاد حلول مشتركة للتحديات التي تواجهها المنطقة الاورومتوسطية ودول الخليج، وخلق مساحة للسلام والرخاء لشعوب المنطقيتين.