خلُص تقرير أعده "الوسيط من أجل الديمقراطية وحقوق الإنسان" حول رصد وتقييم السياسة الصحية بالمغرب خلال الولايتين الحكوميتين السابقتين 2012-2016، و2017-2021، بخصوص السياسة الدوائية، إلى مجموعة من التوصيات أهمها، إصدار مدونة للتشريع الدوائي تضم مختلف النصوص القانونية والتنظيمية المتعلقة بالدواء وبإمكانية الوصول إليه، وتشكل جزءا لا يتجزأ من مدونة عامة للصحة، وإرساء سياسة دوائية وطنية في إطار تصور شامل للسياسة الصحية، انطلاقا من رصد دقيق للحاجيات الدوائية والمشكلات ذات الصلة بمختلف المسالك المرتبطة بالدواء. وأوصى الوسيط من أجل الديمقراطية وحقوق الإنسان في تقرير شامل، حول قطاع الصحة، أعدّه، بضرورة، إعداد وثيقة السياسة الدوائية الوطنية باعتبارها الإطار الشامل للتعاطي مع مشاكل قطاع الدواء، والتي يتعين أن تتسم بالشمولية في النظر إلى مسلسل إنتاج الدواء وتوزيعه وتسويقه والوصول إليه، مع ضرورة الالتزام بالنهج التشاركي الذي يمكن من مشاركة مختلف المتدخلين في مجال الدواء في إعدادها، والعمل على تحيينها بشكل منتظم تبعا للمتغيرات التي يعرفها الوضع الصحي الوطني والدولي، ومضاعفة الجهود لضمان الولوج إلى الأدوية ذات الجودة العالية والأثمنة المناسبة في إطار فعلية الحق في الصحة، وتحديث القائمة الوطنية للأدوية الأساسية، ونشرها، وتحيينها بانتظام. وأضاف الوسيط في توصياته حول السياسة الدوائية بالمغرب في الفترة موضوع التقرير، ضرورة توفير الأدوية الأساسية والمستلزمات الطبية بالمستشفيات العمومية، وذلك للتخفيف من ممارسات الأداء المباشر عن العلاجات، خصوصا بالنسبة للمنتسبين لنظام المساعدة الطبية، والالتزام بالتسعير العادل للأدوية الأساسية لتسهيل إمكانية الحصول عليها من طرف مختلف الشرائح الاجتماعية، ونهج سياسة لتسعير الأدوية تساهم في تحقيق نتائج ذات وقع ملموس على الولوج إلى الأدوية، وهو ما يقتضي بالضرورة تقليص عدد المتدخلين في تحديد أسعار الأدوية، والذي يترتب عنه تخفيض هامش الربح التراكمي الذي يتعين على مستهلك الدواء أداؤه. أيضاً، طالب التقرير بإعادة النظر في أسلوب التسعير المرجعي الخارجي، بالنظر إلى الفجوة الاقتصادية والاجتماعية الكبيرة بين المغرب والدول المرجعية المختارة، وذلك باستبدال هذه الدول بدول مرجعية أخرى يتشابه مستوى تنميتها الاقتصادية والاجتماعية مع المستوى السائد بالمغرب، أو بتعديل السعر المرجعي ليتناسب مع مستوى الدخل الفردي المحلي، والاستمرار في خفض أسعار الأدوية الأصلية والجنيسة الأكثر استهلاكا بالمغرب، ورفع التعريفات الجمركية عن الأدوية، وإلغاء الرسوم عن جميع الأدوية الأساسية، ومواصلة جهود إعفاء الأدوية من الضريبة على القيمة المضافة، واتخاذ التدابير اللازمة لزيادة حصة السوق من الأدوية الجنيسة، وجعلها تقارب معدل الاستهلاك العالمي الذي وصل إلى 58 ٪، وتعزيز سياسة الدولة في مجال الأدوية الجنيسة بوضع إطار قانوني مناسب، متجانس، وشامل لمختلف المقتضيات القانونية والتنظيمية المتعلقة بالدواء الجنيس، بالإضافة إلى تبسيط المقتضيات المسطرية المتعلقة بمنح رخص مزاولة مهنة الصيدلة، وتحديث نظام منح الإذن بعرض الأدوية في السوق، وتبسيط مساطر معالجة الملفات، وتشجيع الاستثمار في قطاع الأدوية، والبحث العلمي، وصناعة الأدوية والمستلزمات الطبية لتحقيق السيادة الدوائية، مع ضمان عدم إضعاف الأولويات ذات الصلة بالحق في الحصول على الدواء لفائدة المنظور التجاري. وتمثل السياسة الدوائية، حسب ما تضمنه التقرير، إطارا عاما ومشتركا للتعاطي مع مشاكل قطاع الدواء والصيدلة، يتعلق الأمر بوثيقة للسياسة الوطنية العمومية يتم وضعها وفق نهج رصد المشاكل والحاجيات ورسم الخطط في إطار تصور شامل للسياسة الصحية، يمكن من توجيه التدخلات نحو تحقيق الأهداف والنتائج الفعالة والناجعة. ويتعين على كل سياسة دوائية وطنية أن تشمل مجموعة من العناصر التي تمثل المخرجات الأساسية لهذه السياسة. وتتمثل هذه العناصر في التشريع الدوائي المقنن والمنظم لمسار تحقيق الأهداف المحددة للسياسة الدوائية، تحديد اللائحة الوطنية للأدوية الأساسية، ضبط سعر اقتناء الدواء من طرف المواطنات والمواطنين، وضع نظام للإمداد والتوزيع الدوائي، التحسيس والتثقيف لتحسين الاستخدام الرشيد للدواء، تأهيل الموارد البشرية كما ونوعا وتحقيق عدالة الانتشار المجالي، ووضع نظام الرصد والتتبع والتقييم والمراقبة. في هذا السياق، أوضح الوسيط في تقريره أن كل عمل تقييمي للسياسة الدوائية الوطنية ينصب على مجموعة من المؤشرات المتعلقة بالعناصر التي تشكل محتوى هذه السياسة. المؤشر الأول، المتعلق بالإطار الدستوري والقانوني للولوج إلى الدواء في إطار إعمال الحق في الصحة، حيث "ينص الدستور المغربي على الحق في العلاج والعناية الصحية، وذلك وفق تراتبية دالة على الحرص الواعي بأهمية الحق في الصحة، بالنظر إلى ارتباطه بالحق في الحياة. وإذا كان التنصيص الدستوري على الحق في الولوج إلى الدواء قد ورد بشكل ضمني، بما يعنيه ذلك من التزام قانوني للسياسة العمومية للدولة في مجال العلاج والعناية الصحية وضرورة الحرص على احترام وحماية وضمان إعمال هذا الحق، فقد عمل القانون على وضع الأحكام والمقتضيات المؤطرة لسياسة الدولة في مجال الدواء. ويمكن الإشارة إلى ما يلي من قوانين : – القانون الإطار رقم 09. 34 المتعلق بالمنظومة الصحية وبعرض العلاجات، الذي صدر تطبيقا لالتزامات المغرب في إطار الاتفاقيات الدولية المتعلقة بالصحة، ويهدف إلى تحديد المبادئ والأهداف الأساسية لعمل الدولة في مجال الصحة، وإلى تنظيم المنظومة الصحية. وعلاقة بالسياسة الدوائية، ينص هذا القانون على مسؤولية الدولة فيما يتعلق بالالتزامات المرتبطة بتوافر الأدوية وتيسير الولوج إليها، وقواعد سلامة المنتجات وجودتها". وتابع التقرير، "القانون رقم 04. 17 بمثابة مدونة الأدوية والصيدلة، والذي يشكل، مع النصوص التنظيمية المرتبطة به، الإطار المرجعي الأساس للتشريع الدوائي؛ حيث انطلق من وضع إطار للمفاهيم المتعلقة بالدواء، ونص على الأحكام المتعلقة بتصنيع الأدوية واستيرادها وتصديرها وبيعها وتوزيعها وعنونتها، والأحكام المتعلقة بالصيدلة، وأماكنها، وشروطها، وقواعد مزاولتها، وعلى تنظيم التفتيش والمراقبة الصيدلية، وعلى كيفيات تدخل مختلف الفاعلين في قطاع الأدوية. كما حدد الإجراءات الإدارية والعقوبات القانونية في حال مخالفة أحكام التشريع الدوائي". مضيفاً في نفس السياق، " القانون رقم 00. 65 بمثابة مدونة التغطية الصحية الأساسية، الذي انطلق، في ديباجته، من تكريس مبدأ الحق في الصحة كما تنص عليه المواثيق الدولية. ويعتبر هذا القانون الأساس الذي تقوم عليه الحماية الاجتماعية في ميدان الصحة، إذ ينص على إرساء نظام إجباري للتغطية الصحية قصد تحقيق الولوج الشامل إلى العلاجات الصحية والأدوية، باعتبارهما خدمات حيوية لضمان الصحة العامة. وعلاقة بالسياسة الدوائية، نص القانون على أن من بين الخدمات التي يضمنها نظام التأمين الإجباري الأساسي، إرجاع مصاريف الأدوية المقبول إرجاعها، وذلك وفق التعريفة المرجعية الوطنية المحددة في الثمن العمومي للأدوية. كما يضمن نظام المساعدة الطبية، من بين الخدمات اللازمة طبيا، تغطية الأدوية والمواد الصيدلية المقدمة في العلاج". وأشار التقرير بشأن هذا المؤشر إلى أنه على الرغم من التقدم المنجز في مجال التشريع الدوائي المغربي، فإن وضعية الولوج إلى الدواء ما تزال تعرف مجموعة من النقائص والثغرات ذات الطبيعة القانونية والتنظيمية. ويمكن الإشارة إلى تعقد المساطر وتوزعها بين المتدخلين بشكل ينتج عنه تقلص العرض الدوائي لتقلص هامش المنافسة بين المهنيين، مما يؤثر على أسعار الدواء، وعلى مستوى الإقبال عليه، وتشتت المقتضيات والأحكام القانونية والتنظيمية بين مجموعة من القوانين والمدونات، إضافة إلى كثرة النصوص التنظيمية والتطبيقية، مما يسم التشريع الدوائي بغياب الانسجام والتناسق بين مصادره، وبالنقص في مسارات تنفيذ مقتضياته. أمّا المؤشر الثاني، والمتعلق بوثيقة السياسة الدوائية الوطنية، فإن صياغة وإعداد وثيقة السياسة الدوائية الوطنية والشاملة وتنفيذها يعتبر واحدة من التوصيات الأساسية الصادرة عن منظمة الصحة العالمية الموجهة لجميع البلدان، وذلك لتوجيه التدخلات وتنسيقها بشكل منهجي للتعاطي مع مشكلات الدواء وضمان الوصول إليه، على أن يتم ذلك بشكل يضمن مشاركة مختلف المتدخلين في مجال الدواء، ثم بشكل يتعامل مع السياسة الدوائية كجزء لا يتجزأ من النظام الصحي العام. في هذا السياق، يؤكد التقرير، وتنزيلا لأولويات الاستراتيجية القطاعية للصحة 2012 2016، قامت وزارة الصحة بإعداد وثيقة السياسة الدوائية الوطنية، وذلك بغاية تحديد رؤية واضحة بأهداف محددة لضمان الولوج إلى الأدوية والمنتجات الصيدلية، مع تأمين تطور قطاع الصيدلة، وقد تم ذلك، حسب الوزارة، نتيجة عمل تشاوري وتشاركي وبتنسيق مع جميع الأطراف المعنية بالأدوية والمنتجات الصحية، وبدعم تقني من منظمة الصحة العالمية في الجانب المنهجي وعلى مستوى صياغة الوثيقة . وهي الوثيقة التي تأسست على تحليل وضعية قطاع الأدوية والصيدلة، وذلك من زاوية الوفرة والولوج، السلامة والجودة، الاستعمال الرشيد والأخلاقيات، والإطار القانوني. وليتم، بعد ذلك، تحديد الهدف العام للسياسة الدوائية متمثلا في الإعمال الفعلي للحق في الصحة لجميع السكان بالمغرب، كما تم التنصيص عليه دستوريا، وذلك من خلال ضمان ولوج الجميع للأدوية الأساسية ذات الجودة العالية والأثمنة المناسبة مع الاستعمال الرشيد. وإذا كانت السياسة الدوائية الوطنية هي رؤية محددة في الزمن، فهي بالتالي دينامية ومتغيرة في علاقة بالأداء الحكومي ومنجزاته في التعاطي مع الأهداف أولا، ومع المتغيرات التي يفرضها الواقع الصحي الوطني والدولي ثانيا، وهو ما يقتضي العمل على تتبع تنفيذ مقتضيات السياسة الدوائية والعمل على تحيينها، وذلك وفق المنهجية نفسها التي تم بها إعدادها. وهو الأمر الذي لم يتم مع السياسة الدوائية الوطنية، إذ لم يتم تحيينها منذ إنجازها. وضمن الملاحظات التي يمكن تسجيلها على السياسة الدوائية الوطنية؛ استغراق الحكومة لوقت طويل قبل إعداد السياسة الدوائية الوطنية وتقديمها، وطابع التناقض الداخلي على مستوى الأهداف الخاصة للسياسة الدوائية الوطنية، والأولويات المحددة من جهة، ومحاور التدخل من جهة ثانية، خصوصا فيما يتعلق بالصناعة الدوائية الوطنية، والبحث العلمي في مجال الأدوية، والجوانب المتعلقة ببراءة الاختراع. وأضاف التقرير في هذا السياق، "نشر وتعميم وثيقة السياسة الدوائية الوطنية دون نشر المخطط التنفيذي، وافتقارها إلى المعطيات المتعلقة بمسار التفعيل الجدولة الزمنية وآليات المواكبة والتتبع والتقييم، والطابع التجزيئي الذي يطال مسلسل إنتاج الدواء وتوزيعه وتسويقه والولوج إليه، عدم إشراك مختلف الفاعلين والمتدخلين في قطاع الدواء، كما تم إقصاء الأطباء وعدم تخصيصهم بإجراءات تروم إشراكهم في تفعيل مضامينها". المؤشر الثالث، بخصوص اللائحة الوطنية للأدوية، فيتعلق رهان الوصول إلى الدواء بمسألة اختيار الأدوية المناسبة للسياقات الصحية للدول ولأولوياتها الوطنية في مجال الأدوية، وهي مسألة تترجمها تقنيا عملية وضع لائحة وطنية للأدوية الأساسية. ويقصد بالأدوية الأساسية، حسب منظمة الصحة العالمية، الأدوية التي تلبي احتياجات الرعاية الصحية الأساسية للسكان، وهي أدوية يجب أن تكون متوفرة في إطار أي نظام صحي يسير بشكل جيد، وأن تكون متوفرة على الدوام بجرعات مناسبة وبجودة مضمونة وبتكلفة معقولة للأفراد والمجتمعات المحلية. وتوصي منظمة الصحة العالمية الدول بوضع قوائم وطنية بالاعتماد على القائمة النموذجية التي تضعها المنظمة. فهل يتوفر المغرب على لائحة وطنية للأدوية الأساسية؟ ومتى تم تحيينها؟ بالولوج إلى موقع منظمة الصحة العالمية، عبر النافذة الخاصة بقوائم الأدوية الأساسية للدول، نعثر، بالنسبة للمغرب، على قائمة للأدوية الأساسية تعود إلى سنة 2008، وتضم 446 دواء. مع لفت الانتباه إلى كون هذه القائمة غير متوفرة بالموقع الرسمي لوزارة الصحة المغربية، وهو ما يعني، مبدئيا أن الوزارة، وإن كانت تتوفر على لائحة وطنية للأدوية الأساسية، فهي لم تضعها رهن إشارة العموم، الذي يفترض من الزاوية الحقوقية ضمان مشاركته في إعدادها وليس فقط الاطلاع عليها، كما أنه لم يتم تحيينها منذ 2008، وعلى مدى 13 سنة. المؤشر الرابع، المتعلق بالمقتضيات القانونية المتعلقة بالأدوية الجنيسة، حيث يحظى الدواء الجنيس في المنظومة الصحية، بأهمية عالية، إذ يساهم، بفضل انخفاض سعره، في تحسين مؤشر الوصول إلى الدواء، ويتيح لصناديق التأمين الصحي إمكانية ضبط الإنفاق على الأدوية، وتقليص حصة المؤمن له عند شراء الدواء. كما يساهم في النهوض بالمنافسة في مجال الصناعة الدوائية. وتعمل الدول على تعزيز سياساتها في مجال الأدوية الجنيسة من خلال مجموعة من التدابير يأتي في مقدمتها وضع إطار قانوني مناسب، وهو الأساس الذي يترجمه، على مستوى التشريع المغربي، القانون الإطار رقم09. 34 المتعلق بالمنظومة الصحية وبعرض العلاجات، والذي نص على مسؤولية الدولة في ضمان توافر الأدوية والمنتجات الصيدلية الأساسية وجودتها في مجموع التراب الوطني بشكل عام، كما نص على التشجيع على تنمية الأدوية الجنيسة ووصفها. وإضافة إلى القانون الإطار، فإن السياسة التي انتهجها المغرب بخصوص الدواء الجنيس، تستند إلى مجموعة من المقتضيات القانونية المتفرقة بين النصوص المتعلقة بالسياسة الدوائية الوطنية، وذلك من قبيل القانون رقم 17.04 وهو بمثابة مدونة الأدوية والصيدلة؛ حيث ينص على مجموعة من الأحكام المتعلقة بالدواء الجنيس، كتحديد قائمة المواد أو المركبات التي تدخل في حكم الأدوية، والتي من بينها المستحضر الجنيس لمستحضر مرجعي، والأحكام المتعلقة بتنظيم الإذن بعرض الدواء الجنيس في السوق، والمقتضيات المتعلقة بتمكين الإدارة من الاستغلال التلقائي للأدوية المحمية ببراءة الاختراع. وقد تم تعليق العديد من الأحكام المتعلقة بالأدوية بشكل عام، وضمنها الدواء الجنيس، على صدور مجموعة من النصوص التنظيمية. كالنص التنظيمي المتعلق بالتكافؤ الحيوي للأدوية الجنيسة، والمرسوم المتعلق بالإذن بعرض الأدوية المعدة للاستعمال البشري في السوق، والذي يتضمن بعض الأحكام الخاصة بالدواء الجنيس، والمرسوم المتعلق بتسعير الأدوية، والذي يتضمن أحكاما في هذا الباب تتعلق بالدواء الجنيس. وفي إطار هذه المقتضيات القانونية، يمكن الوقوف على ملامح توجهات سياسة المغرب بخصوص الدواء الجنيس؛ حيث خلصت الاستراتيجية القطاعية للصحة 2012/ 2016 إلى تدني نسبة انتشار الأدوية الجنيسة بالمغرب، والتي لم تتجاوز 30 ٪، لتنص على ضرورة تحسين الولوجية المالية والجغرافية للأدوية، من خلال عمليتي تشجيع الأدوية الجنيسة، ووضع حوافز لتسجيل الأدوية الجنيسة الأقل تجنيسا. كما خصت وثيقة السياسة الدوائية الوطنية هدفها الرابع لتشجيع الدواء الجنيس، وذلك من خلال الالتزام بتبني وتشجيع الاستبدال بالجنيس من قبل الصيادلة، طمأنة الأطباء الواصفين والصيادلة والمستهلكين حول جودة جميع الأدوية الجنيسة المطروحة في السوق المغربية، ووضع وتنفيذ برنامج للتكوين والإعلام خاص بالأدوية الجنيسة، مع تقديم بيانات علمية عن التكافؤ الحيوي، وضمان الجودة، والفوائد المالية، وغيرها. أما مخطط الصحة 2025، وضمن العمليات المتعلقة بمحور التدخل المتعلق بتحسين الولوج إلى الأدوية والمنتجات الصحية، فقد خص الأدوية الجنيسة بعملية تحسين معدل الاستعمال. وبناء عليه، حسب التقرير دائماً، يمكن استقراء المعطيات بشأن مدى تأثير مقتضيات التشريع الدوائي والسياسات العمومية في قطاع الصحة، المتعلقة بالأدوية الجنيسة، في الرفع من معدل استعمال الدواء الجنيس ومستوى الوصول إليه وهي المعطيات الكمية التي تمكن من معرفة مدى تطور معدل الاستهلاك، وحركية اختراق سوق الأدوية، وتطور مستوى قبول إرجاع مصاريف الأدوية الجنيسة، لضبط محددات سياسة المغرب بخصوص الدواء الجنيس. وقد انتقل معدل استهلاك الدواء الجنيس بالمغرب خلال الفترة من 2009 إلى 2018 من 79.2 % إلى 129.8 %، أي بنسبة زيادة بلغت حوالي 63 ٪، بما يعنيه من دينامية اختراقه لسوق الأدوية، وتطور الاستهلاك الذي ساهم في تحسين معدل الاختراق؛ إذ انتقل معدل الاختراق من حيث الحجم من 28.4 ٪ سنة 2009 إلى 38.4 ٪ سنة 2018. وقد رافق تحسن استهلاك الدواء الجنيس ارتفاع مضطرد في عدد الأدوية الجنيسة المقبول إرجاع مصاريفها؛ إذ انتقل العدد من 815 دواء سنة 2008 إلى2775 دواء سنة 2018، أي بنسبة تناهز 240٪. وبالرغم من ذلك ما يزال التحسن الملحوظ في خط تطور استهلاك الدواء الجنيس، لا يعكس تنامي وضعية معدل الاستهلاك، الذي بلغ، برسم سنة 2017، حسب القيمة بالنسبة للفرد 431 درهما سنويا، بنسبة لا تتجاوز 30٪، وهو بذلك ما يزال بعيدا عن معدل الاستهلاك العالمي الذي يصل إلى 58 ٪. أما بالنسبة لتطور مستوى قبول إرجاع مصاريف الأدوية الجنيسة، فإنه هو الآخر ما يزال متأثرا بتدني مستوى التغطية الصحية، وتحمل المريض لجزء كبير من المصاريف ذات الصلة بالأدوية. أمّا المؤشر الخامس المتعلق بالنفقات العمومية والخاصة في مجال الأدوية، فيعتبر تزويد جميع الناس بالأدوية الأساسية بشكل غير تمييزي من الواجبات الفورية، التي لا يمكن إخضاعها للتدرج في إعمال الحق في الصحة، ويتعين على الدول جعل مسألة الحصول على الأدوية في مقدمة الأولويات ضمن الميزانية المخصصة للصحة، وأن ترصد الموارد اللازمة وفقا لذلك. وعلى صعيد المغرب، يصعب الحصول على المعطيات المتعلقة بالإنفاق على الدواء؛ فغالبا ما تكون مدرجة ضمن المعطيات المتعلقة بالإنفاق على الصحة بشكل عام، في هذا السياق، بلغ إجمالي الإنفاق الصحي بالمغرب سنة 2018 ما يناهز 14,79 مليار درهم للميزانية المخصصة لوزارة الصحة، لترتفع إلى 16,33 مليار درهم برسم ميزانية 2019، وتصل برسم ميزانية 2020 إلى ما يناهز 18,67 مليار درهم، وترتفع إلى 19,77 مليار درهم برسم ميزانية 2021. وشهد الإنفاق الإجمالي على الأدوية والمنتجات الصيدلية سنويا تطورا ملحوظا؛ فبعدما لم يتجاوز 650 مليون درهم سنة 2002، وصل إلى 2 مليار درهم برسم ميزانية 2018، وارتفع إلى 2,5 برسم ميزانية 2020. وقد تم إرجاع هذا التطور إلى إدراج وتفعيل نظام التغطية الصحية الأساسية سنة 2006، وتعميم نظام المساعدة الطبية ابتداء من سنة 2012. وبشكل عام، أوضح التقرير أن الحكومة ما تزال تواجه تحدي تعبئة التمويل اللازم للنظام الصحي، وضمنه تسهيل الوصول إلى الأدوية، ذلك أن نسبة 5,8 ٪ من الناتج الداخلي الخام الوطني تجعل مستوى الإنفاق الصحي في المتوسط، ويظل الطموح هو ما توصي به منظمة الصحة العالمية، والذي يتحدد في تخصيص 10٪ من الناتج الداخلي الخام لقطاع الصحة، للتخفيف من عبء الإنفاق الصحي على الأسر التي تتحمل بشكل مباشر ما يقارب 50,7 ٪، أي ضعف المعدل المحدد من قبل منظمة الصحة العالمية والذي لا يتعدى 25 ٪، وهو عبء يؤثر بالضرورة، وبشكل واسع على مستوى استهلاك الأدوية، خصوصا على الفئات التي تعاني من الفقر والهشاشة. المؤشر السادس، بخصوص نسبة الساكنة التي تتوفر على التغطية الصحية، حيث يفرض الحق في الصحة على الدول، في إطار الالتزام بالأداء، توفير نظام تأمين صحي عام أو خاص أو مختلط يستطيع الجميع تحمل نفقاته. ومن أجل بلورة هذا الالتزام عملت الدولة المغربية على تقوية البيئة التشريعية والقانونية للمنظومة الصحية، بإصدار قانون رقم 00-65 بمثابة مدونة التغطية الصحية الأساسية، تعزيزا لحقوق ومكتسبات المواطنين.ات المغاربة المتمتعين بتأمين صحي، وذلك بالتدرج في توسيع مجال التأمين الصحي ليشمل مختلف الشرائح الاجتماعية. وعلاقة بالسياسة الدوائية، فإن نظام التغطية الصحية يعد أحد المكونات الرئيسية في تنظيم أسعار الأدوية وشروط ممارسة المنافسة، من خلال إرجاع أو تحمل مصاريف الأدوية لفائدة المؤمنين، وقبل ذلك، من خلال إعداد قائمة الأدوية المقبول إرجاع مصاريفها ونشرها، وإعداد دليلها وتحديد الثمن الذي يتم على أساسه التعويض، وغيرها من الأدوات والآليات ذات الصلة بتنفيذ السياسة الدوائية. وعلى مستوى أداء منظومة التأمين الصحي بالمغرب فإن التغطية الصحية للمأجورين في القطاعين العام والخاص باتت في تزايد سنوي؛ حيث بلغت نسبة الساكنة الخاضعة للتأمين الإجباري الأساسي عن المرض للمأجورين 28,6 ٪ من مجموع الساكنة المغربية برسم سنة 2018 مقابل 16 ٪ سنة 2006، أي بربح 11 نقطة في ظرف اثنتي عشرة سنة، وقد نتج ذلك عن تسجيل المأجورين وأصحاب المعاشات وذوي حقوقهم الذين لم يكونوا يستفيدون من التغطية الصحية. وتظهر بنية المسجلين وفقًا لقطاع التشغيل أن حجم الساكنة التابعة للقطاع الخاص، المشمولة بالتغطية مقارنة بإجمالي الساكنة المؤمنة برسم نظام التأمين الإجباري الأساسي عن المرض، ارتفع من 62,9٪ في عام 2013 وإلى 69,3٪ في عام 2018، مقابل انخفاض في القطاع العام من 37,1٪ إلى 30,7 خلال نفس الفترة. وبخصوص نظام المساعدة الطبية، ومواصلة تعميمه، فقد بلغ عدد الأشخاص المسجلين الى حدود 30 نونبر 2016، حسب إحصائيات الوكالة الوطنية للتأمين الصحي، أكثر من 10 ملايين شخص، أي أزيد من 4 ملايين أسرة، منهم 6.345.525 شخص يتوفرون على بطائق سارية الصلاحية، وينتمي 48 ٪من الأشخاص المسجلين للوسط القروي، ويظل التوزيع حسب الجنس شبه متساو مع ارتفاع طفيف للإناث بنسبة 53 ٪. وتواصل الوكالة تسجيل مستفيدين جدد مصرح بأهليتهم من قبل مختلف اللجان الدائمة على مستوى جميع جهات المملكة، وتظهر إحصائيات 2018، أن عدد المستفيدين من نظام المساعدة الطبية وصل إلى 12,8 مليون شخص. وعموما، وحتى سنة 2018، فإن العدد الإجمالي للمؤمنين، وصل إلى 24,4 مليون شخص، وهذا بإضافة المستفيدين من الأنظمة الأخرى في القطاع العام إلى المستفيدين في إطار نظامي التأمين الإجباري الأساسي عن المرض (ما يناهز 10,1 مليون شخص) والمساعدة الطبية (ما يناهز 12,8 مليون شخص). وبناء على المعطيات الرقمية أعلاه فإن حوالي 31 ٪ من السكان لا يستفيدون من التأمين الصحي، وما يعنيه ذلك من معاناة هذه الفئة في الولوج الى الأدوية.