شيئا فشيئا، بدأ يتضح أن الدعوة التي وجهها القيادي في حزب العدالة والتنمية، عبد العالي حامي الدين، لعقد مؤتمر استثنائي للحزب، لم تكن اعتباطية وليست معزولة. فأيام قليلة بعد جهره، على هامش حلوله ضيفا على ملتقى شبيبة العدالة والتنمية، بنية الإطاحة بسعد الدين العثماني من على رأس الأمانة العامة للحزب القائد للائتلاف الحكومي، أُطلقت مبادرة من داخل "المصباح" تحمل اسم "النقد التقييم". أصحاب هذه المبادرة، وجهوا مذكرة مشفوعة بلائحة أولية للموقعين عليها إلى رئيس المجلس الوطني للحزب، إدريس الأزمي الإدريسي، تضم جردا مفصلا بأهم المحطات التي قطعها التنظيم منذ 2011، أي مرحلة ما بعد الربيع العربي التي هيأت ل"الإسلاميين" ظروف الدخول إلى معترك "الحكم"، قبل أن تتوقف عند مرحلة إعفاء أمينه العام السابق، عبد الإله بنكيران، من تشكيل الحكومة وتعيين سعد الدين العثماني بدله، مرورا بما وصفته ب"نكسات" حكومة ما بعد مرحلة "البلوكاج"، وأيضا "نكسات" الحزب التدبيرية والسياسية، و"انبطاحه" وصمته عن التجاوزات الحقوقية واعتقال الصحافيين وفقدانه قوته التفاوضية وسلوكه منطق التبرير أمام كل ما يحدث في البلاد بداعي حماية مصلحة الوطن. كما تحمل هذه المذكرة التي اطلع "الأول" على تفاصيلها، اقتراحات تروم إعادة النفس النضالي لقواعد الحزب والشبيبة، وإعادة فتح نقاشات حول الوضع السياسي بالمملكة، مبرزة أنها "تعبير عن وجدان شق مهم من قواعد الحزب والشبيبة، وفرصة لإيصال آرائهم لقيادة الحزب، والانعتاق من دائرة العدمية والجمود، إلى دائرة الفاعلية والمبادرة". وبينما لم يعلن بعدُ عن هويات الأشخاص الواقفون وراء هذه المبادرة، ما فتح الباب أمام تكهنات بأن يكون بنكيران المطاح به، مصدرها، يقول بيان صادر عنها، إنها ليست مجهولة أو مشبوهة، رافضة في بلاغ صادر عن لجنتها الوطنية، اليوم الأربعاء، ربطها بأي تيار أو رمز من رموز الحزب، وموضحة في الآن ذاته، أنها "نابعة من القواعد ولم تعد ملكا للجنة التنسيق الوطنية".