عبد اللطيف الجعفري (و م ع) في موسم استثنائي وطني ومحلي تبعثرت فيه المعايير والمقاييس بفعل الجائحة، حل هذه الأيام موسم مفصلي يتعلق بترويج الفواكه والخضر بالدارالبيضاء، حاملا معه حركية خاصة تعاطى معها التجار والمستهلكين بطريقتهم الخاصة، رغم تسجيل تراجع في العرض من المنتجات، التي استقبلتها أسواق المدينة، مقارنة مع الفترة نفسها من السنة الماضية. فمهنيو سوق الجملة للخضر والفواكه بالعاصمة الاقتصادية، الذي يساهم بشكل كبير في تغذية الساكنة المحلية ، يتحدثون عن " تقلبات كبيرة في الأسعار تقع خارج السوق ، ليسوا مسؤولين عنها "، وعن " عرض ضائع أو مفقود " من المنتجات طبع هذا الموسم ، وهو ما يسهبون في أسبابه وتفاصيله، ربما كوسيلة لبسط إكراهاتهم، وكذا الدفاع عن أنفسهم بشأن ارتفاع أثمان تسويق بعض هذه المنتجات . ولاستيضاح حقيقة الأمر كان لزاما التوجه إلى سوق الجملة للخضر والفواكه بالدارالبيضاء، الذي زاره فريق صحافي من وكالة المغرب العربي للأنباء ، فظهر كل شيء بوضوح تام .. هناك تراجع في العرض مقارنة مع الفترة نفسها من سنة 2019 ، وهناك أيضا زيادات في أسعار بعض الخضر والفواكه لأسباب لها صلة بهذا الموسم وقلة العرض، وهناك انخفاض في أسعار أخرى لوفرة العرض والمنتوج. وفي التفاصيل، فإن الرؤية العامة ، كما أظهرت ذلك معطيات حصلت عليها وكالة المغرب العربي للأنباء ، من إدارة السوق ، تظهر أن الكمية من الخضر والفواكه التي استقبلها سوق الجملة بالدارالبيضاء خلال الأسبوع الأول من شهر شتنبر الجاري، تراجعت بنسبة 13 بالمائة مقارنة مع الفترة نفسها من سنة 2019 . وحسب هذه المعطيات ، فإن الكمية من الفواكه التي استقبلها السوق، خلال الأسبوع الأول من شهر شتنبر الجاري تراجعت بنسبة 20 بالمائة مقارنة مع الفترة نفسها من سنة 2019 ، أما الكمية من الخضر فقد تراجعت بنسبة 6 بالمائة. وفي ظل هذا الوضع تحولت الخضر والفواكه بالعاصمة الاقتصادية ، هذه الأيام ، إلى موضوع يشغل بال الناس، بين متحدث عن غلائها، وبين عارف جيد بتقلبات أسعارها، فضاعت البوصلة بشأن حقيقة ترويج واستهلاك هذين المنتوجين الأساسيين. وحسب المهنيين، فإن سلسلة إنتاج الخضر والفواكه تتحكم فيها عدة عوامل مناخية وموسمية، ولها شعاب ودروب تسلكها قبل أن تحط الرحال عند المستهلك، الذي يجد نفسه أحيانا أمام معلومات متضاربة ومتناقضة بشأن أسعار تسويقيها. قاعدة ذهبية معروفة توضح بما لا يدع مجالا للشك ، أن ثمن أي منتوج يخضع للعرض والطلب ، لكن واقع الحال في العاصمة الاقتصادية يقول إن الجشع الزائد عن الحد بالنسبة لبعض التجار بالتقسيط خارج سوق الجملة ، يفعل فعله ويلخبط الأوراق . ومن أجل مزيد من التوضيحات ، اعتبر عبد الرزاق الشابي الكاتب العام لجمعية سوق الجملة للخضر والفواكه بالدارالبيضاء ، في تصريح لوكالة المغرب العربي للأنباء ، أن الأمر يتعلق بموسم مفصلي فعلا، حيث ينتهي موسم بعض المنتجات ويحل موسم آخر ( شهور شتنير وأكتوبر ونونبر)، بيد أن مسألة ارتفاع أسعار بعض الخضر والفواكه وانخفاض أخرى، لها صلة بالعرض والطلب بشكل عام ، و" بعوامل أخرى تعتمل خارج سوق الجملة وليس داخله بشكل خاص ". " حقيقة هناك ارتفاع طفيف في ثمن بعض الخضر والفواكه، لكنه لا يوازي الغلاء الذي يسجل خارج السوق، أي البيع للمستهلك "، كما قال، لافتا إلى أن الغلاء الذي يحدث بالخارج ويشعر به المستهلك " يؤثر دون شك على تسويق السلع حتى داخل سوق الجملة ". ولهذا السبب تحديدا، يضيف الشابي، فإن الجمعية تطالب بتفعيل دوريات المراقبة ، وإعادة النظر في قانون تحرير الأسعار . ولفت إلى أنه حسب كل منتوج على حدة ، " فلا وجود بشكل عام لأثمان تبعث على كل هذا القلق والجدل "، فالجزر ، مثلا ، تم تسويقه ( يوم 8 شتنبر الجاري) بدرهمين للكيلوغرام الواحد كأقصى ثمن ، والبصل بدرهم ونصف، والفلفل (درهمان ونصف)، والبطاطس ( 3 إلى 5 ر3 دراهم للكلغ )،أما الاستثناء في مجال الخضر فهي الطماطم، لكن ذلك " لا يبرر تسويقها خارج سوق الجملة بأسعار تصل إلى 8 إلى 9 دراهم "، في الوقت الذي تباع فيه داخل السوق بثلاث، إلى أربع دراهم للكيلوغرام بالنسبة للطماطم الجيدة ". وبالنسبة للفواكه، فإن التفاح بيع في اليوم نفسه داخل السوق ب 5ر5 دراهم للكلغ، والموز ( 7 دراهم )، وهي كما قال " أثمان معقولة "، لكن خارج السوق يتم تسويقها بأثمان مرتفعة، وهذا يقتضي تفعيل دوريات المراقبة. وخلص إلى أن " الأثمان التي تسوق بها الخضر والفواكه داخل سوق الجملة ، لا علاقة لها بالأسعار التي تباع بها خارج السوق ". أما لمزوق سعيد ( تاجر بالسوق ، وفلاح من أولاد زيان) ، فاعتبر بدوره أن الأسعار تتحكم فيها عدة عوامل، ليس أقلها العامل المناخي الذي ينضاف للعرض والطلب ، موضحا على سبيل المثال لا الحصر ، أن ثمن البطاطس ليس مرتفعا ( 3 و 3 ونصف درهم للكلغ / 8 شتنبر الجاري )، أما منتجات أخرى كالفلفل والخيار والطماطم ، فقد أثرت عليها الحرارة ، وهو ما جعل العرض قليلا مقارنة مع الفترة نفسها من السنة الماضية . وفي الاتجاه ذاته أبرز رشيد الشاوي ( تاجر طماطم بالسوق)، أن هذا المنتوج غالي الثمن لأنه قليل من مصدره ، مشيرا إلى أن الطماطم الموجودة حاليا، ويستقبلها السوق هي التي تنتج بإقليم الجديدة، إضافة إلى المحمدية والصخيرات وبوزنيقة لكن بشكل أقل. وبعد أن أشار إلى أن سعر الطماطم قد يتراجع ، مع قرب دخول ما ينتج منها بمنطقة سوس، أكد من جانيه أن " أثمنة الخضر والفواكه لا يتحكم فيها أحد .. فإذا كانت السلعة متوفرة بكثرة، فإن الأثمنة تكون منخفضة ، والعكس صحيح ". في مدينة كبيرة بحجم الدارالبيضاء ، تشكل الخضر والفواكه دوما منتجات أساسية في حياة الساكنة المحلية ، لكن الكم الهائل منها الذي تستقبله أسواق المدينة، يساهم في إنتاج قيمة مضافة بالنسبة للتجار والفلاحين من مختلف المناطق . ويبدو أن فصل الخريف حل هذه السنة متأثرا بأجواء الجائحة (كوفيد 19)، وحلت معه انشغالات لها صلة بالقدرة الشرائية التي تجد ترجمتها في أسواق الخضر والفواكه وغيرها، بيد أن تشديد المراقبة في إطار القانون هو أحد مفاتيح التحكم في تقلبات أسعارها ، وجعل الأمور تسير على أحسن ما يرام .