تتّفق جميع الخطط الإصلاحية للحكومات للبنانية المتعاقبة وكل الأوراق الإقتصادية للأحزاب اللبنانية، على أن أحد أهم أسباب عجز الميزانيات وتراكم الدين العام هو مشكلة الكهرباء المزمنة التي لم يتمكّن أحد من إيجاد حل لها. واليوم، وبعد تكشّف فضيحة الفيول المغشوش، “بَلَعَت الأحزاب المتورّطة لسانها”، وذلك وسط خوف من انفضاح أمرها وخسارة مورد فساد، درّ عليها مليارات الدولارات خلال السنوات ال 15 الأخيرة. وكشفت تقارير إعلامية لبنانية، أن الدولة اللبنانية وقّعت في العام 2005 عقدين مع شركة “سوناطراك” الجزائرية، و”مؤسسة البترول الكويتية” لاستيراد حاجتها من الفيول لمعامل الكهرباء بالتساوي، ولكن بعد مراجعة عدد الشحنات التي وصلت إلى لبنان خلال الأشهر الأولى من سنة 2020، يتبيّن أن هناك 18 شحنة مصدرها الجزائر مقابل شحنة واحدة من الكويت. أما سبب استيراد 95% من الفيول من “سوناطراك”، فيعود إلى عمليات الغش التي كانت تحصل في النوعية على الأرجح. ولكن السؤال الأهم والأساسي هو: إذا كان قرار الدولة اللبنانية هو استيراد الفيول بالتساوي من الجزائروالكويت، فمن الذي كسر هذا القرار؟ وهل استثناء الكويت من الإستيراد هو قرار تستطيع شركتا “”BBE و “ZR Energy” التحكّم به؟ أم أن هناك تواطؤ من قبل بعض المتورّطين في إدارات الدولة؟. وكانت وسائل إعلام لبنانية قا أشارت في وقت سابق إلى أن التحقيقات مع وكيل “سوناطراك” في لبنان طارق فوّال، أشارت إلى أن شركته ما هي إلا واجهة لشركتي “BBE” لصاحبها بهاء البساتني، وشركة “ZR Enegy” لصاحبها تيدي رحمة، اللذين كانا يستوردان الفيول إلى لبنان مقابل دفع مبلغ مقطوع ل “سوناطراك” أشبه برسم لاستخدام إسمها التجاري. وتتابع التقارير، أنه من السابق لأوانه القول أن شركة “ZR Enegy” هي المتورّط الوحيد في هذا الملف، حيث تحوم شبهات كبيرة حول آل البساتنة وشركتهم “BBE”، الذين استوردوا الفيول حصريا ً من شركة “سوناطراك” منذ عام 2005 وحتى 2018، عندما دخلت “ZR Enegy” على الخط وأصبحت تستورد نصف الكمية وآل البساتنة النصف الآخر. والأخطر في هذا الملف يكمن أيضاً في كيفية تجديد هذه العقود التي تبلغ مئات الملايين من الدولارات سنوياً، حيث نصّ العقد على أن يتم التجديد تلقائياً في سابقة لم تشهدها الإدارة، من دون العودة إلى دائرة المناقصات أو دون إجراء مناقصة جديدة. ونشرت وسائل إعلام لبنانية تقريراً صادراً عن أحد المختبرات خارج لبنان، حيث تم التدقيق في شهر يوليوز من العام 2019 بعيّنات من الفيول الجزائري المستورد، مما أدى إلى ظهور فضيحة الفضائح في هذا الملف من حيث رداءته وعدم مطابقته للمواصفات، بل تَبيّن أنه أقرب إلى مخلفات المصافي النفطية، ما يشكل دليلاً إضافياً على عمليات الغشّ التي كانت تحصل في هذا الملف. وتؤكد ذات المصادر أنه، وبالرغم من استهلاك الشحنات السابقة، إلا أن القضاء بات بحوزته أسماء المصافي التي تمّ شراء الفيول منها، وهو سيعمد إلى مقارنة أسعار شراء الشحنات مع أسعار بيعها للدولة، وبمقارنة السعرين من الممكن الدلالة على نوعية الفيول الذي تم توريده للبنان. وتشير المعلومات إلى أن أرباح المستوردين تفوق ال 300 مليون دولار سنوياً على أقل تقدير، وأن الدولة اللبنانية باستطاعتها تكليف المتورّطين بما يقارب الملياري دولار واستعادتها للخزينة.