كلما تم تشكيل حكومة في المغرب المعاصر إلا وبدأت التهاليل والتباريك إلى الوزراء المشكلين لها. فهذا يقول إنها حكومة كفاءات والآخر يقول إن تركيبة هذه الحكومة تركيبة منسجمة ولا أحد قدم قراءة نقدية لما يتم أمام أعيننا من تلاوين حزبية مُشكلة لمرحلة جديدة من الإنتداب الحكومي. لعل النظرة التي نريد عبرها قراءة مشهدنا السياسي هي ذات طابع سوسيولوجي يمتح من علم الاجتماع السياسي الذي يمكننا من امتلاك الأدوات الكفيلة لتفكيك ما ينبغي تفكيكه. عادة، في الديموقراطيات الحديثة يتم استحضار كفاءات الرجال المستوزرين دون تغيب المشروع السياسي الذي يعلق عليه الشعب آماله داخل عقد اجتماعي ينتهي بتحقيق ما تم الاتفاق عليه منذ تشكيل الحكومة إلى آخر يوم انتدابها. لكننا للأسف الشديد في المغرب، وخلال كل تنصيب لحكومة جديدة نعيش على الأمل الذي احترق منذ مدة ليست باليسيرة، طالما ننذب حظنا عند نهاية تكليفها. لماذا لم تتحق آمالنا مع الحكومات السابقة؟ الجواب بكل بساطة، لأن الوزراء الذين تنتهي مدة انتدابهم يخرجون من الباب الخلفي خلف رئيس الحكومة بلا محاسبة ولا حساب، وبهذا المنطق، لا ننتظر إنجاز المستحيل مِنْ مَن يعي تمام الوعي أنه لا ولن يُحاسب خلال نهاية مهامه. لاحظنا بالأمس القريب مُحاكمة الرئيس الفرنسي نيقولا ساركوزي بتهمة تبديد أموال عمومية غير شرعية في حملته الإنتخابية السابقة، وتم حبسه وفق القانون وتغريمه ماديا لإخلاله بالقانون الفرنسي.. ونفس الشيء بالنسبة لوزراء سابقين خلال نهاية مدة انتدابهم.. كما هو الحال مع الرئيس الفرنسي السابق جاك شيراك.. لستُ أدري ببلادنا لماذا لا يتم ربط المسؤولية بالمحاسبة؟ سؤال يؤرقني كثيرا في ظل انتظارات الشعب المغربي من حكومة لا تمتلك من السلطة سوى الإسم.. فمن نُحاسب إذن؟