في المغرب، لم يعد التظاهر والنزول إلى الشارع للتعبير عن مواقف أو الإعلان عن مطالب معينة كافيا لاثارة انتباه الجهات المسؤولة بل تحول منذ فترة لاستخدام ما تتيحه شبكات التواصل الإجتماعي، من فرص وإمكانيات واسعة كأسلوب ناجع للتعبير و النضال، أصبح للفايسبوك ومواقع التواصل الإجتماعي، حضور في المغرب، كمؤشر فاعل جديد اضحى يمتلك صوتا مسموعا ووقعا وتأثيرا لا يستهان به، للتأثير على صناعة القرار السياسي والاقتصادي والاجتماعي والثقافي، واصبح يشكل هاجسا يرعب السياسيين ويترصد أخطاؤهم وزلاتهم ،شكل نبض الشارع و العاكس الحقيقي لدرجة حرارة المجتمع و البوصلة الدالة لاي اتجاه يسير الرأي العام. خلق لنفسه المجال الشاسع بالبنط العريض بام الجرائد والمواقع ،واضحى مصدرا لأهم الاخبار و القصاصات ومصدا لكل محلل للواقع المعاش، واستطاع سكان الفيسبوك في مناسبات عديدة أن يشكلوا قوى ضاغطة على توجهات المؤسسات التشريعية والتنفيذية والقضائية . صنف المغرب ثالثا عربيا في عدد مستخدمي الفايسبوك بعد مصر والمملكة العربية السعودية بحوالي 8 ملايين مشترك. حتى اصبح يشكل الحزب الاخر الضاغط و الغير المرئي الذي يفضل ان يسميه البعض”بحزب الفايسبوك” الذي تجاوز عدد المنتسبين فيه سقف الحرية ومنسوب الجرأة بشكل يضاهي أحزاب البلاد الرسمية، فصار حزبا كبيرا عن الخطوط الحمراء والممنوعات والحدود التي ترسمها الاجهزة العتيدة و الرقباتية، مستفيدا من أجواء الحرية والوعي السياسي الذي تعاظمت أهميته بعد زمن الربيع العربي ، فقد شكل الفايسبوك المنصة الأولى لانطلاق افكار لمقاومة الفساد و الجشع و اللوبيات الفاتكة بالعدالة الاجتماعية وضرب القدرة الشرائية ، فعن طريق الفايسبوك تمت تعبئة الشعب المغربي قاطبة في اضخم مقاطعة لمواد بعينها وشركات ، وكانت الدرس القوي بعيدا عن تأتير المنظمات السياسية العتيقة وقوانين البرلمان اللاشعبية، وساندت مواقع التواصل الاجتماعي، السند الحقيقي لمنظمات المجتمع المدني كي يكون صوتها مسموعا، لاجبار السلطات عن التراجع عن قرارات مسيئة ،تضرب في العمق حرية التعبير و الحقوق الفردية و الجماعية المتعارف عليها كونيا ، عن طريق التعبئة و التحسيس عبر المنشورات الحزبية، إن شبكات التواصل الاجتماعي اصبحت منافسا قويا لوسائل الإعلام التقليدية، لأنها تشرك كل هذه الوسائل في مادتها. إنها بشكل من الأشكال فضاء لتلاقي هذه الوسائط التقليدية. بالنظر لهامش الحرية و سهولة الاستعمال التي تطبع شبكات التواصل الاجتماعي، والتي ترجع إلى عدم إكراه الإعلان عن الهوية كشرط للمشاركة فيها، وهو المعطى المغري الذي فتح الشهية واسعة لاثارة كل المواضيع و كل القضايا من غير حساسية ، مما يساهم في انخفاض مؤشرات الثقة في العمل السياسي – الحزبي وبروز نخبة مؤثرة و جديدة على الفايسبوك، وظهرت الحركات الفيسبوكية للضغط وإيصال المطالب لكل المؤسسات ، عن طريق العرائض، وتقنيات الهاشتاغ بعد ان تحول الفيسبوك إلى ساحة نضالية،مفترضة وافتراضية. كما تحول الفيسبوك المغربي إلى إعلام بديل، متفوق على باقي أصناف الإعلام الاخرى، بشكل هزم كل اشكال التعتيم و انبطاح رؤساء و مدراء النشر في نجاحات استتنائية . و تمكن الضغط الفايسبوكي ولأول مرة في تاريخ المغرب أن يدفع مؤسسة القصر الملكي إلى إصدار ثلاث بيانات توضيحية في مابات يعرف بقضية “دانيال كالفان” الإسباني الذي حظي بعفو ملكي رغم أنه كان معتقلا في قضية أخلاقية لاغتصابه 11 طفلا مغربيا في مدينة القنيطرة . واستطاع الضغط الشعبي الكبير الذي مارسه الفايسبوك في عدة قضايا تناسلت حولها عشرات “الهاشتاغات” تخص ملفات اجتماعية وحقوقية كبيرة تتعلق اساسا بتعرية واقع الجشع وغياب التوزيع العادل للثروة و استئساد اللوبيات الضاغطة في ملفات تتعلق بالشغل و التقاعد و الترسيم ومطالب اخرى ،شكلت حجر الزاوية في نضالات مشروعة مطالبة بالتغيير واحقاق الحقوق ، ان التضييق على مواقع التواصل الاجتماعي ، عن طريق محاولة التكميم و اخراص الاصوات عن طريق سن قوانين لاشعبية مناهضة ومقيدة لحرية التعبير و الرأي كفيل بالحكم بان شعب الفيسبوك خاصة وسائر مواقع التواصل الاجتماعي عامة كان الضربة الموجعة لأعداء حرية التعبير وضربت في العمق الوسائل البالية لانتهاكات حقوق الانسان ، وتمكنت من خلق قاعدة وعي صلبة، ارهبت الفاسدين وعصابات التربح الغير المشروع، و التصدي للمحاكمات الغير العادلة ومحاولات تلفيق التهم للابرياء ، تمكن شعب الفايسبوك المبارك من التأسيس لبنيات الاحتجاج الناجع و القوي الذي شكل مقص الرقيب ،لضرب كل التجاوزات و التلاعبات وفضح كل اشكال الظلم و التحقير ، فعاش شعب الفايسبوك حرا قويا صامدا ضد كل انواع الاستهداف المباشرة و الغير المباشرة .