-شباب المغرب وصراع القيم على ''الفايسبوك'' -الشبكات الاجتماعية وتحديات القيم -حوالي ثلاثة ملايين ونصف مليون مغربي منخرط في ''الفايسبوك'' - الفايسبوك.. من نادي للصداقات إلى فضاء للأفكار - مستقبل الشبكات الاجتماعية -هشام المكي (باحث في قضايا الإعلام الجديد) : المواقع الاجتماعية تحولت إلى مساحات للتدافع الفكري والإيديولوجي شباب المغرب وصراع القيم على ''الفايسبوك'' تعرف شبكات التواصل الاجتماعي ديناميكية متصاعدة فيما يتعلق بعلاقة المغاربة مع تلك الشبكات لاسيما في مواضيع تتعلق بتدافع القيم، وتلعب تلك الشبكات من الفايسبوك وتويتر وغوغل دورا حيويا في تدافع منظومات القيم من خلال الوظيفة التأثيرية العامة للوسائط الإعلامية، ومن خلال ما تتضمنه من قيم متصارعة، تأخذ أشكالا ديناميكية ومتحولة بشكل سريع، تأخد شكل مجموعات موضوعاتية تأطيرية أو تعبوية. وتكتسب هذه الظاهرة أهمية كبرى، من خلال عدة معطيات، أبرزها التوسع الهائل والقياسي لعدد المنخرطين في الشبكات الاجتماعية. مثلا ففي موقع الفايسبوك يزيد الرقم عن ثلاثة ملايين مغربي. كما أن هذه الظاهرة تأخذ دلالتها المجتمعية والقيمية من كونها جاءت في سياق الحراك الشعبي العربي الذي امتد من المحيط إلى الخليج. كما يستمد التدافع القيمي على شبكة الفايسبوك وباقي الشبكات الاجتماعية أهميته من عدة اعتبارات أهمها: أن الشبكات الاجتماعية عبارة عن شبكات مفتوحة على العالم، وتؤطر أزيد 800 مليون شخص في العالم، وبزيادة ثلاثة ملايين شخص جديد يوميا. كما أن من مميزات الظاهرة أنها تعتمد في التواصل بشكل أساسي على الوسائل البصرية والسمعية الجذابة، وهي الوسائل الأكثر تأثيرا من زاوية تفاعل القيم. في هذا السياق، تشير مختلف الدراسات المنجزة خلال السنوات الأخيرة، على أن أغلب رواد الفايسبوك وباقي الشبكات الاجتماعية ينتمون أساسا إلى فئة الشباب( أزيد من 80 بالمائة من رواد الشبكات الاجتماعية في المغرب هم من الشباب التي تقل أعمارهم عن 24 سنة)، وهي مرحلة عمرية دالة من منظور القيم. كما أن الدراسات تؤكد على أن المستقبل سيكون مرتبطا بالكيفية التي ستدار فيها مختلف المعارك على الميدان بتفاعل وثيق مع مايجري داخل الشبكة العنكبوتية. ولعل درس موقع ويكيليكس وفضح عدد من القضايا التي كانت من أسرار الدول عبر مختلف المواقع، تشكل الدروس لمستقبل الصراع حول منظومة القيم وأشكال التعبير والوجود. من جانب آخر، يسجل على أن الموضوعات المطروقة في عالم الإعلام الجديد لاتنضبط لضغط القوانين المرعية ولا للخطوط الحمراء. هذا المسار المتصاعد في المغرب وفي العالم العربي، تدعمه الظرفية الراهنة المتسمة: سياسيا بالحراك الشعبي، وحضاريا بتسارع انتشار تكنولوجيا التواصل الرقمي والالكتروني وثقافة الصورة في المجتمع. وايديلوجيا بصراع حول القيم والمرجعية والهوية. ''التجديد'' تفتح ملفها الأسبوعي لكي تسلط الضوء على الموضوع، وذلك من خلال مؤشرات إحصائية ديناميكية ترصد أنواع المجموعات ذات النشاط المرتبط بصراع القيم بشكل خاص. فماهي أبرز الموضوعات المركزية التي يدور حولها نشاط تلك المجموعات ( قضايا مجتمعية، سياسية، تربوية، دينية، قضايا الأمة مثل فلسطين،...)؟ ومن خلال ماهي الأهداف المعلنة لتلك المجموعات؟ ثم ماهي أبرز تلك المجموعات التي تصارع على موضوع القيم في الواجهة المغربية؟ وهل من تصور لأوجه الصراع القيمي على الشبكات الاجتماعية في المدى المنظور؟ أسئلة وغيرها تشكل محاور هذا الملف. بصفة عامة يمكن الاستفادة من هذه الشبكات في: تحقيق التواصل: أولا: التواصل بين الأصدقاء وأفراد العائلة. عن طريق مشاركة الأخبار والاهتمامات. ثانيا: التواصل بين الشركات والمستهلكين. عن طريق استطلاعات الرأي الموجهة، تقديم الدعم الفني، مشاركة الأخبار الداخلية بسهولة أكبر. ثالثا: التنسيق في حملات التضامن حول قضية ما. الشبكات الاجتماعية وتحديات القيم أصبحت التقنيات الحديثة للتواصل منتشرة ومشاعة بشكل لم يعد امتلاك أحد هذه التقنيات دالا على التفاوت بين الطبقات الاجتماعية، كما أن مختلف القوى المكونة للمجتمعات المعاصرة تسعى بشكل من الأشكال إلى توظيف هذه التقنيات من أجل توسيع دائرة تأثيرها في المجتمع ورفع فعاليتها الإيديولوجية عبر توظيف دقيق لهذه الوسائل، وقد عرف العالم العربي كغيره من المجتمعات الإنسانية، تطورا ملحوظا في وسائل التواصل الحديثة، خصوصا الفيسبوك، والتي تعتبر أحد الشبكات الاجتماعية الأكثر انتشارا في العالم، مما يجعل من المستحيل ضبط ومراقبة ما ينتج ويستهلك ضمن هذه الشبكة، وقد أصبح واضحا تأثيرها على القيم المجتمعية، خصوصا أمام تراجع تأطير المؤسسات التقليدية للتنشئة الاجتماعية وعجزها عن مواكبة هذا التطور. في ذات السياق، تتكون العملية التواصلية داخل المجموعات الفيسبوكية بمجموعة من الخصائص، فهي تتميز بخطاب خاص بها، وأدوات ميدانية متنوعة تشتغل من خلالها لتعبئة الجماهير والتأثير في الرأي العام، وأيضا من جمهور يستقبل خطابها ويفكك شفراته ويستوعبه ويتفاعل معه، إنها عملية تواصلية بامتياز مكونة من خمسة عناصر، فهي أولا مكونة من مرسل (المجموعات الفيسبوكية)، يقوم بإرسال رسالة إما مدافعة أو مضادة للقيم المجتمعية عبر قناة معينة (الفيسبوك)، ويتم في الجهة المقابلة استقبال الرسالة من طرف مستقبل والمكون من الجمهور الواسع من المشاهدين والمستهلكين، ليتم بعد ذلك التفاعل مع هذه الرسالة من طرف الجمهور، وذلك غما بقبول الرسالة والاستجابة لها، وإما برفضها وإما بتجاهلها، إنها عملية تفاعلية ومستمرة. مؤشرات تأثير المجموعات الفيسبوكية على القيم تطور مضطرد في عدد المنخرطين: فقد وصل عدد المنخرطين في شبكة الفيسبوك إلى حوالي 3 ملايين عضو حاليا، حسب آخر الإحصائيات، أغلبهم من الشباب. ويلاحظ ارتفاع عدد المجموعات المدافعة والمعارضة للقيم: بالرغم من غياب إحصائيات دقيقة حول عدد المجموعات المتعارضة أو المدافعة عن القيم في الفيسبوك، وبالنظر على صعوبة إحصائها من الناحية العملية (بالنظر إلى إمكانية تأسيس المجموعة من خارج المغرب)، إلا أن عددها في ارتفاع متنامي واضح. من جانب آخر هناك مؤشر اللغة: وذلك من خلال توفر هذه المجموعات وتواصلها باللغة العربية وهو ما ييسر التواصل مع ملايين الأشخاص. مستويات تأثير المجموعات الفيسبوكية على القيم إن تأثير الإعلام السلفي يتم من خلال ثلاثة مستويات مترابطة: .1المستوى العاطفي: تزايد المجموعات الفيسبوكية عبر الإنترنيت، يؤدي إلى إعادة صياغة العواطف والتأثير في الأذواق والاختيارات بناء على النموذج المقدم في هذه المجموعات. .2المستوى المعرفي: وهو مرتبط بالبعد السابق، فالمجموعات الفيسبوكية أصبحت مصدرا جديدا من مصادر إنتاج القيم وتلقين المعارف (الأيديولوجيا) وتشكيل الوعي بالقضايا المختلفة، وإفراز منهجيات في التعامل التربوي وتقويم السلوكات وفق مرجعية إيديولوجية معينة، تكون في الغالب مستوردة من الخارج. .3المستوى السلوكي: وهو أعمق هذه المستويات ولاحق عنها، فالعديد من المجموعات المنتشرة عبر الفيسبوك، تحمل في مضامينها قيما ومرجعيات فكرية وإيديولوجية مخالفة لنموذج القيم السائد في المجتمع، وتأثيرها يبرز بشكل كبير في تحول تلك القيم واستعارة النماذج السائدة هناك، وهو ما تبرزه عدد من الوقائع والأحداث أهمها بروز بعض الأشكال الحديثة من القيم الدخيلة، مثل دعوات الإفطار العلني، أو القمار، أو الدفاع عن الحريات الفردية و الشذوذ الجنسي... وقد برزت عدد من المجموعات التي باتت تؤثر في منظومة القيم داخل المجتمع المغربي سواء من الجانب السلبي او الإيجابي، ذات تأثير متباين، ونشير إلى بعض هذه المجموعات على الشكل التالي: نموذج من المجموعات المدافعة عن القيم الحملة الوطنية للمطالبة بإلغاء مهرجان موازين تعتبر هذه المجموعة من بين أهم المجموعات التي أثارت جدلا إعلاميا وسياسيا في المغرب، بحيث أنها عملت على المزج بين التعبئة عبر صفحات الفيسبوك والعمل النضالي الميداني، وقد أطلقت هذه الحملة الوطنية قبيل إنطلاق الدورة العاشرة لمهرجان موازين بالرباط، وتهدف حسب تعريفها في صفحتها على الفيسبوك إلى الإلغاء النهائي لمهرجان موازين وكل مهرجانات تبذير المال العام في ما لا ينفع، ويبرر أصحاب المجموعة موقفهم هذا باعتبار أن أولويات صرف المال العام في المغرب هي البنية التحتية وتعزيز الخدمات الأساسية، وتوفير مناصب الشغل لشباب الوطن، أما الترفيه وإن كان في شكله الإيجابي فهو ليس أولوية، فكيف إذا كان هذا الترفيه لا يجر إلا الكوارث والمآسي على الوطن والمواطنين.تضم المجموعة حوالي 35000 عضو، وبالخصوص مدينة الرباط (أكثر من 16 الف عضو)، وتمثل الفئة الشبابية الأقل من 34 سنة حوالي 90 في المائة من أعضاء هذه المجموعة. التنسيقية الوطنية للمطالبة بفتح دور القرآن تتكون المجموعة من 4500 عضو، وهي تنسيقية أسسها جمع من الشباب المغاربة الذين كانوا يستفيدون من أنشطة دور القرآن الكريم في عدد من مدن المملكة، وهدفها حسب موقعها على الفيسبوك هو مطالبة الدولة برفع الظلم الذي لحق 67 جمعية مدنية كانت تؤطر أزيد من 70 دارا للقرآن الكريم؛ والمتمثل في إغلاق مقراتها وتوقيف أنشطتها بطريقة غير قانونية تتسم بالشطط في استعمال السلطة، وتنطلق من خلفيات سياسية وإيديولوجية إقصائية واستئصالية، واعتبرت المجموعة بأن هذا التوجه الذي لم يبق له مكان في مغرب ما بعد 9 مارس، وهو توجه انتفضت ضده الشعوب الحرة الأبية التي ترفض الظلم والاستبداد. شباب المغرب ضد ''وكالين رمضان'' 8132 من الشباب المغربي يحتج على السلوكات التي قامت بها مجموعة من الأشخاص المشبوهين مدعومون من الخارج الذين يريدون احداث الفتنة ويفرضون على الناس سلوكاتهم الإلحادية والشاذة. هذا هو عنوان الحملة التي تلت اليوم الأول من محاولة بعض الأشخاص بمدينة المحمدية، مدعومين ببعض التيارات التي تسمى نفسها بالمتحررين. وهي مناسبة لدعوة الشباب المغربي للتصدي لكل أشكال اختراق المجتمع المغربي الداخلي والخارجي، ومواجهة كل أشكال الفساد والتبليغ عنها (الدعارة، المخدرات، الرشوة، العري،المحسوبية....). وهي كذلك دعوة إلى كل الشباب المغربي المغربي للتمسك بالقيم الإسلامية الحميدة والدفاع عن ثوابت الأمة. مجموعات متخصصة شباب مغربي ضد الفساد والاستبداد شباب مغربي طموح وغيور على وطنه، يسعى إلى كشف جل مظاهر الفساد والإستبداد بالمغرب، فساد الوزراء والولاة والعمال والبرلمانيون والمنتخبون والمستشارون والمنتخبون، ورؤساء المؤسسات العمومية والإدارات والمصالح المركزية والجهوية والإقليمية للإدارة المغربية، أينما حل وارتحل الفساد نحن له راصدون. هذا هو شعار حملة شباب مغربي ضد الفساد على الشبكة الاجتماعية والذي تجاوز عدد المنخرطين فيه 100 ألف شاب. ويتوفر الموقع على مراسلين في كل نقطة من المغرب، ويتم تسجيل كل مظاهر الفساد التي تعتمل وسط المجتمع وداخل الإدارة ومرافق الدولة. مقاطعة المنتجات الصهيونية وضد التطبيع على الفيس بوك استقطبت حملة لمقاطعة المنتجات الصهيونية وضد التطبيع على موقع الفيس بوك اكثر من 20000 مشارك الى الان من كتاب وصحفيين وناشطين في العمل الشعبي. وفيما يلي نص المبادرة:''لن نبكي بعد اليوم على ما يحدث في فلسطين من قتل وتشريد وفرض الامر الواقع بأقامة المستوطنات وتوسيعها ... لن نبكي على الجدار الفاصل ... لن نبكي على انتهاك اقصانا ... لن نستسلم لارادتهم في تطويعنا وارغامنا على التطبيع مع الصهيونية ... لنتذكر ما قالة الارهابي شارون عندما استلم الحكم وقال سوف اطلق يد الجيش ليقتل الفلسطينيين وعند سؤاله :''و ماذا تنتظر كرد فعل من العرب'' فأجاب شارون: ''أناشيد وطنية و أغاني إذاعية حماسية''، نعم هذا هو حالنا ... هنا تكمن قضيتنا ... ان مقاطعة المنتجات الصهيونية هي واجب ديني وسياسي واقتصادي ... وان كان هناك بعض المتساءلين عن جدوها ... ان مقاطعة المنتجات الصهيونية والعمل ضد التطبيع هو قوة ضغط نهديها للزعماء العرب ليساندونا ضد الحركة الصهيونية التي تسعى لدمار اقتصادي انساني اخلاقي وسياسي في ...''اولا فلسطين وثانيا دول الطوق العربي وثالثا بقية الدول العربية'' ... ان الهدف من ايصال رسالة الى العالم اننا كشعب عربي نرفض التطبيع مع العدوا الصهيوني المتعنت والذي يقوم بذبح وقتل وتشريد اخوننا في فلسطين ... ولسنا في صدد تخوين او الاساءة الى اي شخص قام بالتطبيع او التعامل بالمنتجات الصهيونية لعله يفهم اخيرا الخطر الذي نواجهه من عدم المقاطعة ... كما لا ننسى اهداف بروتوكولات صهيون التي تدعو إلى: القبض على زمام الأمور في العالم إشاعة الفوضى والأباحية بين الشعوب تسليط المذاهب الفاسدة والدعوات المنكرة على عقول أبنائه تقويض كل دعائم الدين والوطنية والخلق القويم. نموذج من المجموعات المضادة للقيم مجموعة مثلي تعتبر من بين المجموعات التي تنشر قيما مضادة للمجتمعي في جانبها الجنساني، ويتعلق الأمر بمجموعة تعرض لمجلة يصدرها مجموعة من الشواذ من داخل وخارج المغرب، وهي تتكون من حوالي 600 عضو، تعرف نفسها بكونها أول مجلة مثلية تصدر في العالم العربي، وهي مجموعة تضم عدد من الشواد والسحاقيات من المغرب، تنشر أخبار فنية حول قضايا الشذوذ الجنسي في المغرب، والأنشطة التي تنظمها هذه المجموعات، وقد تم تأسيس مجموعات مضادة لهذه المجموعة عبر صفحات الفيسبوك. التنصير باللغة العامية موقع إلكتروني جديد للتنصير في المغرب، يعتمد على اللهجة العامية في خطاب المسلمين . ذلك ''إن أحد الشباب المغاربة، يقدم دينه الجديد الذي اعتنقه، وهو الدين المسيحي متنكراً ومتبرئاً من الدين الإسلامي، باللغة العامية''، مضيفة أن هذا الشاب واحد من عشرات الشباب المغاربة الذين ينشرون النصرانية بين المسلمين، بعد اعتناقهم النصرانية. وتعتمد الآلة التنصيرية في المغرب ''على استغلال عوز الناس، وفقرهم، وحرمانهم دخلت المداشر والقرى، الجبال والهضاب، مسخرة خطابا تنصيريا بسيطا، وأساليب إقناع توقع بسرعة بضحاياها''. وقد أطلق التنصيريون '' موقعا إلكترونيا باللغة العربية، يقدم شهادات حية بالصوت لمغاربة غيروا دينهم إلى المسيحية، ويتحدثون عن دينهم الجديد، وعن المسيح بالعامية المغربية ويتم الترويج لهذا الموقع بكثافة على شبكة الإنترنيت''. هيمنة اللغة الفرنسية كشفت دراسة خاصة بنسب استعمال الفايسبوك في منطقة المغرب العربي والشرق الأوسط على هيمنة كل من اللغة الإنجليزية والفرنسية على استعمال الفايسبوك في هذه الدول، بحيث برز العامل اللغوي في استعمال هذا الموقع، بحيث لا تتجاوز نسبة استعمال اللغة العربية في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا 25 في المائة، وترتفع النسبة قليلا بالنسبة للفرنسية بنسبة 25 في المائة، في حين تستحوذ الإنجليزية على نصف النسبة من مستعملي الفايسبوك في المنطقة. وفي المغرب، يستعمل أزيد من 82 في المائة من المغاربة اللغة الفرنسية كلغة رئيسية لحساباتهم، في حين اختار نحو 11 في المائة اللغة العربية كلغة استخدام، ويعتمد 6 في المائة اللغة الإنجليزية. حوالي ثلاثة ملايين ونصف مليون مغربي منخرط في ''الفايسبوك'' وصل عدد المغاربة المسجلين بموقع الشبكة الاجتماعية العالمية الفايسبوك تجاوز 3,469,100 مشترك، إلى حدود صبيحة الخميس 26 ماي 2011، بما يعادل زيادة بأكثر من 46 في المائة خلال الستة أشهر الأخيرة، وحسب موقع ''سوسيال باكرز''، فإن المغرب يحتل المرتبة 36 ضمن لائحة الدول الأكثر نشاطا على الفايسبوك، والثالثة عربيا بعد مصر والسعودية، حيث أن عدد المصريين المشتركين في الفايسبوك يتجاوز السبعة ملايين، والسعوديين يتجاوزون المغاربة بنصف مليون مشترك تقريبا، وحدد الموقع المذكور نسبة أعمار المشتركين ب 41 في المائة للشباب بين 18 و24 سنة و 23 في المائة بين 25 و 34 سنة و 13 في المائة بين 16 و17 سنة، وحسب نفس الإحصائيات فالمغاربة الذكور يسيطرون ب,63 بينما تمثل حصة النساء نسبة 37 في المائة. وقد ارتفع عدد منخرطي الفايسبوك في المغرب خلال سنة، بنحو مليون و800 الف مشترك، حيث سجل في شهر يناير 2011 حوالي 7,2 مليون منخرط، وهو تطور تتجاوز نسبته 100 في المائة خلال سنة. ومن جهة أخرى، يشكل عدد المغاربة المشتركين في الفايسبوك نحو 11 في المائة من ساكنة المغرب، وتجاوز عدد مشتركي الفايسبوك في العالم، 700 مليون مشترك، وتحتل أمريكا وأندنوسيا وبريطانيا وتركيا والهند والمكسيك والفلبين وفرنسا وألمانيا وإيطاليا المراكز العشرة الأولى على التوالي. كما كشفت إحصائيات الموقع المتخصص، أن إفريقيا صاحبة المركز ما قبل الأخير بين القارات الأخرى من حيث عدد المشتركين، وذلك بما يقرب ثلاثون مليون مشترك، وتحتل أمريكا الشمالية المرتبة الأولى بنحو 210 مليون مشترك، ثم أوروبا ب209 ملون مشترك، وبعدها آسيا ب162 مليون مشترك، ثم أمريكا الجنوبية ب77 مليون مشترك، وأخيرا أستراليا ب13 مليون مشترك. الفايسبوك.. من نادي للصداقات إلى فضاء للأفكار بعد سبع سنوات مضت على تأسيس موقع ''الفايسبوك''، تحول هذا النادي، الذي استطاع استقطاب أزيد من 700 مليون من المستخدمين عبر العالم، من مجرد غرفة للبحث عن أصدقاء جدد ووسيلة للدردشة أو تبادل الصور ومقاطع الفيديو، إلى وسيلة يستعملها الكثيرون، للترويج لأفكارهم سواء السياسية أو الحقوقية، أو لإنتاجهم الفكري والفني، كما تستغلها عدد من الشركات للترويج لمنتوجاتها وعلاماتها التجارية. ماذا يشكل الفايسبوك وباقي الشبكات الاجتماعية التواصلية في حياة المغاربة؟، وكيف ينظر الشباب والمتخصصون لهذا الفضاء الافتراضي، الذي تحول حسب عدد من المتتبعين إلى فضاء لتدافع وصراع القيم المتآلفة حينا والمتضاربة في أحايين كثيرة، وللنقاش الفكري والمجتمعي والسياسي؟، وكيف أصبح موقع الفايسبوك وتويتر في صدارة المواقع الأكثر تصفحا بالمغرب؟ أرقام لا بد منها مثلما يشد انتباهك وأنت تتجول في عدد من مقاهي الانترنيت المغربية، الاستعمال الواسع الانتشار لموقع الفايسبوك بين عموم المواطنين، تكشف المعطيات الرقمية المتوفرة، أن الموقع الإجتماعي فايسبوك، يوجد في صدارة المواقع الأكثر زيارة في المغرب، فالموقع أضحى، على غرار مواقع اجتماعية أخرى، وأهمها حتويترخ، جزءا لا يتجزأ من حياة فئات كثيرة من المغاربة، باختلاف مستوياتهم العمرية والمعيشية والثقافية، وتشير معطيات موقع ''أليكسا'' المتخصص في ترتيب المواقع الأكثر تصفحا، أن موقع ''الفايسبوك''، يتصدر المواقع الأكثر تصفحا بالمغرب، متبوعا ب''غوغل''، ثم ''يوتوب''، في المرتبة الثالثة، بينما ينتزع غوغل الصدارة بالنسبة للمواقع الأكثر تصفحا في العالم، ويليه موقع ''الفايسبوك''. من جهة أخرى، تكشف أرقام شركة غوغل، بأن كلمة فايسبوك باللغة الفرنسية، هي الأكثر استعمالا في محرك البحث غوغل بالمغرب وفي العالم أيضا، إذ يصل العدد التقريبي المتوسط، لطلبات المستخدمين لكلمة ئءددث، بمحرك البحث غوغل، إلى أكثر من ثلاثة ملايير عملية بحث خلال 12 شهر الماضية، بينما يصل العدد التقريبي المتوسط الشهري، لعملية البحث عن نفس الكلمة بالمغرب، إلى نحو تسعة ملايين عملية بحث في المغرب، نفس الريادة تظل قائمة عند استعمال كلمة البحث ''فايس بوك'' باللغة العربية لكنها بمعدلات أقل من نظيرتها بالفرنسية. وتشير الدراسات بعدد من المواقع المتخصصة، إلى أن ما يميز المغاربة المشتركين في الفايسبوك، ''نحو ثلاثة ملاين ونصف مشترك''، هو أن أغلبهم من فئة الشباب، إذ أن 88 في المائة منهم، من الفئة العمرية أقل من 34 سنة، وذلك حسب إحصائيات، هذا الأسبوع، لموقع ''سوسيال باكرز'' المتخصص، الأرقام المتداولة تكشف أيضا أنه فقط أربعة في المائة من مغاربة الفايسبوك الذكور متزوجون، وستة في المائة من النساء متزوجات. للفايسبوكيين المغاربة كلمة هل تحول فضاء الفايسبوك إلى مجال لتدافع القيم؟ وكيف؟ سؤال طرحته ''التجديد'' على عدد من الشباب والمهتمين بالشبكات الإجتماعية، فكانت إجابتهم مختلفة، إذ يرى عمر الطاهري، أستاذ اللغة العربية، بثانوية سد بين الويدان بأفورار، أن ما يجري الآن على صفحات الفايسبوك، من تدافع حول القيم، ''ظاهرة تحتاج إلى دراسة وافية''، يضيف الطاهري، ''فإن كان البعض يوظفه للعلاقات العاطفية ونشر مواد غير لائقة، فهناك عدد كبير من الشباب في الوطن العربي قدموا صورة مغايرة تماما للشباب، شباب متمسك بهويته وقضايا أمته، منخرط في الدفاع عنها''، ويقدم الطاهري مثالا لتفاعل الشباب مع قضايا الأمة، سواء ما تعلق بالقضية الفلسطينية، أو بالثورات العربية وما خلفت من صفحات وحملات بالفايسبوك، كحملة مساندة الأقصى، أو حملة دعم المقاومة ومقاطة الكيان الصهيوني. أما على مستوى الهوية والقيم، فيشير المتحدث إلى عدد من الشباب المغربي، خصصوا صفحات ومجموعات، للترويج لحملات ضد ظاهرة معينة من ظواهر الفساد، ''مثل موازين وما تقدم القناة التلفزية الثانية من برامج ومسلسلات، وما يجري من فساد في عدد من القطاعات''، يقول الطاهري، ''وآخر يحدث صفحة يدافع فيها عن شخصية لها مكانة في المجتمع، وتمثل رمزا للإصلاح في جانب من الجوانب''، ليظل المهم بالنسبة للطاهري، أن الشباب رقم صعب في معركة القيم. أما مريم، الشابة الجامعية التي تستعمل الفايسبوك بشكل يومي، فتعتقد أن الفايسبوك وسيلة لتحقيق غايات متعددة، منها الإطلاع على مستجدات الأخبار وأحداث الساعة بمختلف المجالات، إلا أنها وبحكم تخصصها، حيث تتابع دراستها، بشعبة الإعلاميات بالمدرسة العليا للتكنولوجيا بمكناس، تجزم بأن استعمالها للفايسبوك يراعي بالدرجة الأولى المجال التعليمي الدراسي، حيث تنخرط مريم في عدد من الصفحات والمجموعات العلمية المتخصصة، والتي تتصفحها يوميا، ومنها صفحة متخصصة في تعليم برنامج الفوتوشوب، والتي اقترب عدد المنتسبين لها من 50 ألف شخص، وتعتبر فضاء لتبادل الخبرات والمهارات، في مجال تعلم عدد من البرامج المعلوماتية المتخصصة. وفي سياق متصل، يرى سعيد الناجي، أستاذ باحث وناقد مسرحي بجامعة سيدي محمد بن عبد الله بفاس، أن الإقبال الكبير على الفايسبوك، هو ''تعبير عن رغبة كبيرة في التواصل، ولكنها رغبة تخفي أزمة عزلة رهيبة يعيشها المجتمع، وتعيشها قطاعاته الشابة''، ويعتقد الناجي أن المغرب منذ الاستقلال، أهمل فئات الشباب، ولم تستوعب الأحزاب قدرات وكفاءاته، وهو ما جعل حسب قوله، ''الشبكات الاجتماعية تفتح للشباب بابا للتعبير عن رأيه، ولكن في الآن نفسه، تعبر عن عزلته الرهيبة والتي لن تحل المشكلة، على اعتبار أن العزلة والفردانية هي التعبير الأمثل عن هذه الظاهرة''، ويرى الناجي أن هاته الحركات الشبابية لها مطالب سياسية بالدرجة الأولى، ويفسر ذلك بأن هاته الحركات ''لا تفكر في أي مطالب اجتماعية أو قيمية أو أخلاقية''، حسب قوله، ليتساءل، ''كيف يمكن أن نتصور حركات شبابية بدون مطالب تحرر اجتماعي ثقافي والأخلاقي''. إلا أن مصطفى أبو عبد الرحمان، المدون المغربي والناشط الفايسبوكي، فله رأي آخر، إذ يرى أولا أنه من الصعب الحديث عن حركات شبابية ، حيث فضل تسميتها بالحركات المجتمعية والشعبية، ثانيا يقول المتحدث بأن الفايسبوك سمح بظهور أشياء لم يكن من السهل قبولها في المجتمع، منها مثلا ''مجموعات شبابية لدعم وكالة رمضان''، يضيف المتحدث، ''حيث أتاح لهم الفايسبوك لأول مرة التعبير عن دعمهم لوكالة رمضان''، والفايبسبوك أيضا يقول مصطفى، ''سمح بظهور نوع من الصداقة الافتراضية ذات المطلب الواحد، وهذه الصداقة ستتحول إلى نضال في الواقع الميداني، ولذلك الفايسبوك تحول من فضاء للصداقات إلى فضاء للانتماء لفكرة معينة''، وأخيرا، يشير المتحدث إلى ظهور فئات شبابية تعارض فئات شبابية أخرى، تدعو إلى أفكار تعتبرها هدامة، و''تشكلت مجموعات تدعو حسب موقفها إلى القيم الإسلامية وتناوئ القيم العلمانية، وهذا التحرك هو تحرك عفوي تلقائي، يتبلور من خلاله لصديق الفايسبوك موقف معين''، وهو ما سماه المتحدث ب''صداقة الموقف''، أي''أصدقاء اجتمعوا على موقف محدد من قضية معينة''. الفايسبوك والعلاقات الزوجية تحدثت دراسة للمركز القومي للبحوث الاجتماعية والجنائية بمصر، أن حالة من كل خمس حالات طلاق تعود لاكتشاف شريك الحياة، وجود علاقة مع طرف آخر عبر الإنترنت من خلال موقع الفيس بوك، وهي الدراسة التي أكدها ''مارك كينان''، صاحب موقع (ديفووس أون لاين) المتخصص في مشكلات الطلاق، والذي قال: إن بيانات موقعه تشير إلى أن واحدة من كل خمس حالات طلاق تعود إلى الفيس بوك، الذي يكشف قيام أحد طرفي العلاقة بالدخول في دردشة حول بعض الموضوعات الخاصة مع شخص ثالث. من جهة أخرى كشفت صحيفة الرياض السعودية، أن سيدة في القطيف، أقدمت على ضرب زوجها، بعدما كرر عادته حالسيئة جداح في تصفح موقع حالفايسبوكح الاجتماع، ونقلت الصحيفة عن الزوجة، التي طلبت الطلاق، قولها حلم أستطع التحمل أكثر، فاضطررت لضربهخ، مضيفة أن زوجها حيقضي نحو خمس ساعات يوميا على حالفايسبوكخ، ولا يتذكر أن له زوجه وعائلة يجب الجلوس معهما بنفس الوقت في الحد الأدنى''، وأضافت أنه ''يجلس في مجلس مع أصدقائه، ويأخذ معه جهاز الكومبيوتر المحمول، ولا يعود للمنزل إلا في وقت متأخر، ثم يكرر التصفح عبر هاتفه النقال''. وفي تعليقها على الدراسة التي تتهم الفيس بوك بالتسبب في انتشار حالات الطلاق، ترى ''نجلاء محفوظ''، المستشارة الاجتماعية بموقع إسلام أون لاين، أن الدراسة فيها نوع من المبالغة، وتعتقد انه تم إجراؤها على عينة تعيش في مستوى اجتماعي وعلمي مرتفعين، لأنها رصدت الحالات التي تستخدم المواقع الإلكترونية، على الرغم من ''أن النسبة الكبيرة من الزوجات لا تعرف أصلا كيفية الدخول لمثل هذه المواقع''، وتؤكد الخبيرة الاجتماعية أن المجتمع الواقعي لا يقدم إغراءات تؤدي للطلاق، وأن الضعف في النفوس وليس في البيئة المحيطة. وإذا كان الظاهرة في المغرب لم تصل إلأى حدود مرافئ ماعملته الشبكات الاجتماعية في دول الخليج، إلا أن سيناريوهات تحول قضاء الشبكات الاجتماعية إلى مجال لتصفية حسابات أضحة تظهر على السطح، ومن ذلك الكشف عن بعض الصور الحميمية لشخصيات عامة أو لأفراد من أسرهم بهدف الانتقام، أو إدراج صور لمشاهد الرشوة أو لفضائح جنسية، ومظاهر لخروقات تتم في الشارع العام. مستقبل الشبكات الاجتماعية بعد عامين أو ثلاث من الآن، كيف ستكون الشبكات الاجتماعية؟ بثلاث عبارات: انهيار الشبكات الكبيرة، نمو الشبكات المتخصصة والداخلية و نمو الشبكات اللامركزية مع انتشار كبير للمدونات. انهيار الشبكات الكبيرة: كما رأينا، شبكة الفيسبوك على سبيل المثال تنمو بمعدل يومي كبير جدا. 600 ألف مشترك جديد كل يوم. بمثل هذه الوثيرة كم سيصبح عدد المشتركين بعد عام ونصف؟ تقريبا نصف مليار مشترك! إذن سيتضخم الموقع، ستبدأ مشاكل التصفح، ستكثر طلبات الإضافة إلى قائمة الأصدقاء، الدعوات المزعجة إلى الانضمام إلى مجموعات ما أو تجربة تطبيقات معينة... الكثير من الإزعاج والفوضى ستدفع البعض إلى ترك الشبكة والبعض الآخر إلى التقوقع وحصر النشاط في مجموعة صغيرة مغلقة. بعد فترة سيجد أفراد هذه المجموعة الصغيرة المغلقة أنه من الأفضل نقل مجموعتهم خارج فيسبوك، فتبدأ الشبكات المتخصصة، المحلية والداخلية في الظهور. هشام المكي (باحث في قضايا الإعلام الجديد) : المواقع الاجتماعية تحولت إلى مساحات للتدافع الفكري والإيديولوجي اعتبر الباحث المتخصص في القيم والاتصال هشام المكي أنه ينبغي أن تنتبه المجموعات الفيسبوكية التي تدافع عن قيم المجتمع وتروج لخطاب ثقافي، إلى أمر مهم جدا، وهو أن نجاحها لا يعتمد أساسا على قوة خطابها ومصداقيته، بقدر ما يعتمد على شكل تقديم هذا الخطاب، وجاذبيته، وتمكنه من تقنيات التواصل وآلياته. وشدد المكي في هذا الحوار على أن هذا المسار من التأثير غير المباشر، المنتج لقيم اجتماعية جديدة، يؤدي إلى ظهور أنماط حياة اجتماعية جديدة، بكل مكوناتها: من أنظمة للقيم، وشبكات العلاقات، وأشكال التعبير الاجتماعي.. لكنه مسار من الصعب التنبؤ به عموما. ومن جهة أخرى وفي استشراف للوضع الاتصالي على الشبكات الاجتماعية أن الاختلافات الفكرية ستخف مستقبلا، وستتشكل ما يسمى بهويات المشروع، حين يلتقي الشركاء المتشاكسون على ملفات جزئية توافقوا بشأنها. معتبرا أن المجتمع المغربي مجتمع مسلم أصيل بإرثه الحضاري العريق، والذي لا شك سيضفي على التقنية الجافة مسحة من روح وخُلق. قضايا الصراع على الشبكات وطبيعة الخطاب الفيسبوكي في علاقته بمنظومة القيم ضمن هذا الحوار: أصبح الفسيبوك يستقطب حوالي 3 ملايين عضو في المغرب، أغلبهم من الشباب، أولا، ما هي دلالات هذا التطور من الناحية الاجتماعية؟ قبل الحديث عن دلالات هذا التطور، ينبغي الانتباه بداية إلى لغة الأرقام هذه: فثلاثة ملايين عضو معطى كمي يحتاج إلى تفصيل لاستخراج الدلالات الحقيقية، وإلا كانت تفسيراتنا مغلوطة وسطحية. فمن بين الثلاثة ملايين، ما هي الفئات العمرية المكونة لها؟ وما هو المستوى التعليمي لهذه النسب؟ وماهي الموضوعات والأنشطة التي يقوم بها الزوار؟ وكم نسبة الناشطين منهم سياسيا أو في مؤسسات المجتمع المدني الأخرى؟ فبدون هذه التفصيلات الكيفية، قد يكون هذا الرقم معطى خادعا، لكن هذا لا يحجب الإقبال الواسع والمتنامي على الموقع الاجتماعي، وهذا التطور الملحوظ له دلالات اجتماعية عديدة، لعل أهمها انخراط المغرب عموما في ذلك الإجماع العالمي حول قيمة الاتصال، باعتبارها معطى إيجابيا وضروريا لنجاح كل المشاريع، تنموية كانت أو تجارية، إضافة إلى اعتبار التمكن من مفردات الاتصال ومستجداته التكنولوجية مؤشرا لتعزيز المكانة الاجتماعية بين الشباب. لكن مثل هذا الاندماج الاجتماعي الوطني في سياق اتصالي عالمي، يستبطن التشبع بقيم اجتماعية جديدة، مقدمة في سياق اتصالي جذاب يخفي تسالبها القيمي، منها ما هو مباشر وصريح، ومنها ما هو نتيجة غير مباشرة لسلوك اتصالي جديد: أمثل لذلك بكون خدمة تحويل الأموال عن طريق الهاتف، توفر بديلا عن الزيارات التقليدية، مما يؤدي إلى تراجع صلة الرحم بين الآباء وأبنائهم الذين يعملون في مدن أخرى. وهذا أخطر أشكال التحول الاجتماعي المرتبط بالاتصال، لأنه كامن، ولا يصطدم عادة بالممانعة الثقافية.. لذا ركزت عليه ولم أنبه إلى باقي القيم السلبية التي يقدمها المحتوى الاتصالي مباشرة. هذا المسار من التأثير غير المباشر، المنتج لقيم اجتماعية جديدة، يؤدي إلى ظهور أنماط حياة اجتماعية جديدة، بكل مكوناتها: من أنظمة للقيم، وشبكات العلاقات، وأشكال التعبير الاجتماعي.. لكنه مسار من الصعب التنبؤ به عموما. ما هي العوامل الفاعلة في هذا التطور؟ هذا الإقبال المتزايد على المواقع الاجتماعية، يعود إلى جنسين من الأسباب: أسباب عامة، وأخرى مرتبطة بخصوصية وسائل الإعلام والاتصال في حد ذاتها. أما الأسباب العامة، فتعود إلى الطبيعة البشرية الموسومة عادة بالإقبال على كل جديد، والنزوع الفطري فينا نحو التجريب والاكتشاف، إضافة إلى تعزيز المكانة الاجتماعية بين الأقران عبر مسايرة إيقاع التحضر عندهم، فقد يكون الدافع الوحيد عند البعض هو الحرج من عدم الاطلاع على مستجدات الأنترنيت وعدم التمكن من الاندماج في سياق الحديث مع الأصدقاء. أما النوع الثاني من الأسباب فيتمثل في الترويج الإعلامي لمنتجات الاتصال ولجوء الشركات المسوقة لهذه الخدمات إلى الإشهار، إضافة إلى كون المواقع الاجتماعية تقدم فرصة غير محدودة للترفيه والتسلية، حيث يتمكن المشترك من رؤية الصور والفيديوهات الطريفة التي حملها الأصدقاء، وهي كمية هائلة تضمن نفس وتيرة المتعة لساعات طوال، وهذا ينسجم مع شيوع ثقافة اللهو والعزوف عن ما هو جدي لدى الشباب. أما أهم العوامل التي أدت إلى هذا الإقبال، فهو ما أسميه ب ''الانتشار بالنماذج الإدراكية''، ومفاده أن الصور الإعلامية تنشئ نموذجا إدراكيا خاصا عند المشاهدين، يتوسط إدراكهم للعالم والوجود، عبر نظام خاص من القيم والمواقف لإدراك الوجود، ولأن الصورة الإعلامية أصبحت معممة على كل العالم بفضل القنوات الفضائية، فقد أصبح هذا النموذج معمما بدوره، وهذا النموذج الإدراكي يتيح عبر تعميم نظام قيم وتفضيلات خاصة التقبل المباشر لكل منتجات الاتصال التقنية. تبرز الفئة الشبابية الأكثر استهدافا من قبل وسائل الإعلام عموما والفيسبوك خصوصا، ما هي أشكال هذا الاستهداف الإعلامي للشباب؟ هناك مستويات عديدة من التأثير تتراوح أهمية وخطورة، مثل الإغراق في اللهو والتسلية وتحويل الموقع الاجتماعي إلى مجال يغذي التفاهة والسطحية، فكما أشار أحد الكتاب المصريين، فقد ظهرت مجموعات خاصة، مثل التضامن مع شخص مريض (مجموعة ادعوا لأحمد بالشفاء)، أو محبي أكلة (مجموعة محبي الكشري) أو مجموعة ''نحن نحب الحشيش''... والغرض من ذلك تحديدا هو صناعة الاستعداد الاستهلاكي لدى الشباب باعتبارهم الشريحة الاستهلاكية الأكبر في المجتمع.. وما يؤكد ذلك هو أن العديد من الشركات اتجهت إلى الفيسبوك، إما بإنشاء مجموعات بتسميات مغرية، تقدم صورا جذابة وكل المعلومات عن المنتٌج الاستهلاكي، أو عن طريق دراسة مستخدمي تلك المواقع، ومعرفة أذواقهم وميولاتهم للقيام بحملات إشهارية ناجحة. هناك العديد من المجموعات الفيسبوكية تمتلك قيما مضادة للمجتمع، مثل الدعوات إلى الإفطار العلني في رمضان، في المقابل هناك مجموعات فيسبوكية تشتغل في الدفاع عن منظومة قيم المجتمع، كيف تقيم تأثير كل واحدة منهما وطرق اشتغالها؟ في واقع الأمر هناك مساران للتقييم: المسار الأول، نشير فيه إلى تحول المواقع الاجتماعية إلى مساحات للصراع الفكري والإيديولوجي، ومادامت هذه المواقع عمومية، فهي ستعكس لا محالة واقع المجتمع المغربي بكل تشكيلاته الفكرية والإيديولوجية، ويبقى الرهان حينها متمثلا في درجة التمكن من آخر التطورات التقنية من جهة، ومن أساليب التواصل وتقنياته من جهة ثانية. وهنا ينبغي أن تنتبه المجموعات الفيسبوكية التي تدافع عن قيم المجتمع وتروج لخطاب ثقافي، إلى أمر مهم جدا، وهو أن نجاحهم لا يعتمد أساسا على قوة خطابهم ومصداقيته، بقدر ما يعتمد على شكل تقديم هذا الخطاب، وجاذبيته، وتمكنه من تقنيات التواصل وآلياته. أما المسار الثاني، فهو ناقوس خطر يجمع كل المجموعات الفيسبوكية رغم اختلافاتهم الإيديولوجية.. لأن الخطأ الذي نقع فيه عادة بخصوص وسائل الإعلام والاتصال، هو أننا نتوهم أنها تنحصر فقط في كونها وسيلة يوظفها البعض للتأثير في آخرين، في حين أن الأنترنت والإعلام عموما يُبَنيِنُ الحياة الاجتماعية، ويعيد تشكيل الزمان والمكان الاجتماعيين، فالاتصال يستغرق الإنساني، ويعيد تشكيله، وفي مجتمعات الاتصال، نتحدث عن ''الإنسي الاتصالي'': كائن من دون داخل، يتحدد أساسا بوجهه الاجتماعي: أي باندماجه في السيرورة الاتصالية، وهويته أيضا تتحدد باعتباره وسيطا لسريان المعلومة. إن الأنترنت والمواقع الاجتماعية تشكل تدريجيا عالما اتصاليا منغلقا، يصبح فيه الاتصال أهم من مضمون الاتصال، ضمن أفق قيم حلولي، وهذا التحول التدريجي في المغرب نحو مجتمع اتصالي، والذي نناقش بداياته في هذا الحوار، سينتهي مستقبلا بتراجع حدة الاختلافات الإيدولوجية التي أشرتم إليها في سؤالكم، لأن الاختلاف السياسي أو الإيديولوجي في مجتمع الاتصال لن يقوم على الإقصاء، ولن يحتاج إلى الدخول في صراعات، لأن تحرير المجتمع لا يحتاج إلى أكثر من تحرير الاتصال. وعلى هذا النحو، ليس لهاته السياسة الاتصالية عدو بشري: إذ عدوها الوحيد هو التشويش (ذو السمة التقنية) الذي يعيق حركية العمليات الاتصالية. ولعلكم لاحظتم كيف جمعت حركة 02 فبراير الفيسبوكية أطرافا، ما كان ليتصور أحد سابقا أنها ستلتقي على برنامج واحد، وتقف في صف واحد.. لذا أتنبأ من هذا المنبر أن الاختلافات الفكرية ستخف مستقبلا، وستتشكل ما يسمى بهويات المشروع، حين يلتقي الشركاء المتشاكسون على ملفات جزئية توافقوا بشأنها. ما هي آفاق هذا الصراع القيمي عبر الفيسبوك على مستقبل القيم في المغرب؟ رجوعا إلى المستويين السابقين، يمثل هذا الصراع القيمي في المستوى الأول، تدافعا قيميا، في سياق الإنضاج الحضاري، وهذا التدافع أصيل وموجود دائما في كل المجتمعات، ولا يتجاوز الأمر هنا التدافع التقليدي بين الأفكار المختلفة، والاختيارات المتباينة ضمن ساحة صراع جديدة هي المواقع الاجتماعية.. وهذا الأمر لا يخيفني صراحة، ولا أستشعر منه خوفا على مستقبل القيم في المغرب، لأن التدافع سنة حضارية، والحق منصور لا محالة. لكن ما أخشاه على مستقبل القيم في المغرب، هو الفيسبوك ذاته، وهذا ما أشرت إليه في المستوى الثاني، لأنني كما أوضحت ذلك سابقا، أعتقد أن الفيسبوك والأنترنت عموما، يعيدان تشكيل الحياة الاجتماعية من جديد، وفق نظام قيم خاص وكامن، ووفق منظور خاص للإنسان، يعمل على تشييئه بداية، ليحصره في الوظيفي في ما بعد، نافيا عنه كل ما يميز الإنساني المتعالي بقيمه. لكنني حينما أتذكر الملاحظة الطريفة التي أبداها ''سيرج لاتوش'' في مقدمة كتابه: ''تغريب العالم''، حول كون مكبرات الصوت الجبارة، آخر صيحات التقنية في حينها، كانت تدعو الناس في البلاد الإسلامية إلى الصلاة، عوض أن تدعوهم إلى شراء المنظفات كما أريد لها أن تكون، حينما أتذكر هذا الأمر، ينتابني شعور دافئ بالاطمئنان والتفاؤل: فرغم كل محاذير التقنية وأخطارها، فالمجتمع المغربي مجتمع مسلم أصيل بإرثه الحضاري العريق، والذي لا شك سيضفي على التقنية الجافة مسحة من روح وخُلق.