باحث: الانتماء خيار شخصي... و ثلاثة أسباب قد تكون وراء عدم الانخراط يحتل المغرب المرتبة الثالثة عربيا بعد مصر والسعودية من حيث عدد المنتسبين الى شبكة فايسبوك. وفيما يسجل غياب تام للمغرب الرسمي عن المواقع الاجتماعية على الشبكة العنكبوتية يبقى فايسبوك ظاهرة شبابية بامتياز. ويرى الباحث الاجتماعي مراد الريفي ان هناك ثلاثة أسباب قد تكون وراء مسألة عدم الانتماء لشبكة افتراضية. رغم تحول الموقع الاجتماعي فايسبوك إلى نقطة تماس بين مختلف الشرائح، التي تستغلها في الترويج للأفكار سواء السياسية والحقوقية، أو للإنتاجات الفكرية والفنية، إلا أنه في المغرب يسجل غياب صفحات رسمية، سواء لأفراد العائلة المالكة، أو للمقربين من القصر، أو حتى للمسؤولين الحكوميين. فباستثناء الصفحات التي أنشأها المعجبون بالعاهل المغربي محمد السادس، تضم صورا خاصة به، وتعليقات تعبر عن الإعجاب، فإن الملك محمد السادس لا توجد له أي صفحة رسمية في أي موقع إلكتروني، أو مدونة، مع العلم أنه يكون قريبا من المغاربة في أي مدينة يحل بها. الشيء نفسه بالنسبة لباقي أفراد العائلة المالكة، إذ توجد صفحات لأشقاء الملك الأميرة للاحسناء، والأميرة للامريم، والأمير مولاي رشيد، إلا أن جميعها ليست رسمية، وتتعلق فقط بصفحات أنشأها معجبون، وتحتوي على صور لهم أثناء قيامهم بأنشطة. كما ان ولي العهد الأمير مولاي الحسن، لم يخرج بدوره عن هذه القاعدة، علما أن لديه الكثير من المعجبين، الذين أنشؤوا له صفحة خاصة به. يشار الى ان العائلة الملكية في المغرب عانت من حالات انتحال أسماء أفرادها على الشبكة العنكبوتية، كانت آخرها انتحال مهندس شخصية الأمير مولاي الرشيد على فايسبوك، قبل أن يعتقل، ويدان، ثم تقرر العفو عنه. ويقع مشتركون على شبكة فايسبوك في حيرة دائمة من أمرهم، عندما يعثرون على صفحات لأفراد من العائلة الملكية، أو مقربين من القصر، إذ لا يعرفون ما إذا كانت رسمية أم أنها "مزورة". أما على الصعيد الحكومي، فإن عدد الوزراء أو الفاعلين السياسيين، الذين يملكون صفحات خاصة، سواء على فايسبوك أو تويتر، معدود على رؤوس الأصابع إن لم نقل بأنه معدوم. فتقريبا ليس هناك أي وزير أو مسؤول سياسي لديه صفحة على أي من المواقع الاجتماعية على الشبكة العنكبوتية، باستثناء فاعلين جمعويين، أو حقوقيين، أو نقابيين. وفي هذا الصدد قال مراد الريفي، الباحث المغربي في علم الاجتماع، إن فايسبوك، الذي يعد شبكة اجتماعية، ينطلق من الاختيار الخاص لكل شخص، فكل إنسان له الحرية في أن يختار مدى اتساع هذه الشبكة أو ضيقها. فكل منا له اختياراته الخاصة. فهناك من يحب أن يكون له شبكة كبيرة من الأصدقاء، وهناك من يفضل أن يكون له صديق واحد، وهناك من لا ينخرط إطلاقا في أي أنواع من الانتماء، سواء باسم الصداقة أو اسم الانتماء السياسي أو الجمعوي". وأضاف مراد الريفي، في تصريح ل "إيلاف"، "أعتقد أن المسألة، أولا وقبل كل شيء، هي مسألة اختيار شخصي، وعدا ذلك فإن مسألة الانتماء لشبكة افتراضية في إطار تبادل أفكار ومعلومات، فإن البعض قد يعتبرها موجة ثفاقية جديدة، ذلك أن الانتماء إلى شبكة اجتماعية كبيرة ومتسعة، يجري من خلالها تبادل الأفكار في إطار هذه الشبكة ربما قد نصفه بثقافة انتمائية جديدة الغرض منها هو محاولة الدخول في تأكيد وترسيخ شعار العالم قرية صغيرة. وأن الإنسان لا ينتمي لبقعتنا الجغرافية المحدودة، التي قد تكون مدينته أو قريته أو متجره، إذ تصبح الأفكار تجول بين الأفراد خارج الانتماء الجغرافي، الذي قد يحد من حركتها". وهنالك المستوى الآخر، يشرح الباحث الاجتماعي، "وهو أن تبادل الأفكار في إطار شبكة فايسبوك يصبح يخفي بعض الأغراض أو الأهداف المعينة. فمثلا المطربة الأميركية الشهيرة، ليدي غاغا، التي تحتل الرتبة الأولى على الصعيد العالمي من حيث موقعها على هذه الشبكة الاجتماعية، لديها إدارة كاملة وجيش من المسيرين، الذين يسهرون على حضورها في فايسبوك، لأنها تبحث عن الدفاع على فرصها كفنانة متميزة، لأن في هذا الدفاع ضمان لربح مضمون". أما رجال السياسة والأعمال، وغيرهم ممن يبحثون عن شهرة معينة، يؤكد مراد الريفي، ف "ينضمون إلى هذه الشبكة الاجتماعية ليس لتبادل الأفكار في إطار حر، وإنما لإيصال رسائل محددة لضمان انتماءات معينة لفكرهم بأغراض سياسية، أو تجارية، أو ربحية. وبالتالي فإن هذه الشبكة، في حد ذاتها، أصبحت موقعا لتمرير مجموعة من الأهداف، وبقدر ما تخدم مصالح البعض بقدر ما تضر بمصالح آخرين". وهذا الضرر الذي قد ينجم عن استغلال المعطيات الشخصية لأفراد معينين في أمور أخرى أو بنوع من الضجر الناجم عن الطلبات المتتالية للانتماء إلى مجموعات معينة، بحيث أن كل شخص يريد خلق مجموعته للضغط في تجاه تصدير فكرة معينة. ويقول في هذا الاطارمراد الريفي "كل هذا الضجر يجعل بعض المغاربة ربما يختارون عدم الانضمام لهذه الشبكة، إما لغياب ثقافة الاتصال والانفتاح، وإما كاختيار شخصي مبرر ، إذ أن هذا الشخص لا يريد أن ينفتح على شبكة كبيرة، وإما لأنه في ثقافتنا المغربية لا نزال نؤمن بالاتصال المباشر وثقافة التضامن والمباشرة، وليس بثقافة العلاقة الافتراضية التي لا تمنح تلك الحرارة الحقيقية من خلال معاملة الآخر بشكل مباشر". يشار الى ان عدد المغاربة على موقع فايسبوك الاجتماعي في المغرب تزايد وأصبح يقارب المليون وثمانمائة ألف مشترك، ما جعل المغرب يحتل المرتبة الثالثة عربيا، بعد مصر والسعودية. ويبقى فايسبوك ظاهرة شبابية بامتياز في المغرب، إذ يشكل الشباب أغلبية المشتركين المغاربة للموقع، بنسبة تقارب 67 في المائة منهم (تحت 25 سنة)، و83 في المائة (تحت 30 سنة)، وهي ثاني أعلى نسبة في الوطن العربي بعد الأردن. ومقارنة بالذكور يبقى إقبال المغربيات على فايسبوك متواضعا بنسبة 39 في المائة، وهو رقم أعلى بقليل من المعدل العام للنساء المنحدرات من الدول العربية. إيلاف