هو الموت الذي لا يرحم حتى وان كنا قد تعلمنا في قرارة أنفسنا انه قد يكون رحمة للكثيرين ، موت يصول بلا كف ولا أرجل كما تعلمنا في أدبيات الشعر القديم الذي كان الصديق احمد فرشوخ فارسا مغوارا له …. عندما علمت بالأمر لم اصدق أن يموت ابن مكناس وان يرحل في قمة عطائه الأدبي ناقداواستاذا لأطرح أكثر من سؤال عن ما يجعل التماثل قائما في الأزمنة والأمكنة على السواء في الموت والأدب والنقد والفنون عموما ؟ احمد فرشوخ الذي كان اسمه غريبا يثير قفشاتنا كلما جلسنا معا في مقهى المثلث الأحمر قرب مسرح محمد الخامس في انتظار أن يؤثث الفضاء الآخرون من أمثال جمال بدومة ومنصف بن دحمان ومراد القادري ويحي بن الوليد وعبد الدين حمروش ، كان غريبا في سكناته وفي نظراته لا يحمل غير تلبية شروط واحتياجات إنسانية وحياتية تقوم على التعبير… وأنا أطالع الخبر مصحوبا بصور من جنازة المرحوم سيدي احمد في جرائد هذا الأسبوع لم أجد غير صورة يتيمة التقطها لنا الصديق عزيز ازغاي الشاعر الجميل صاحب ديوان لا احد في النافذة واحد فرسان جريدة النشرة آنذاكفي غفلة منك وانت تنظر بامعان لشيء ما كان في يدي تلك الليلة ، صورة من ليلة الاحتفاء بشعراء رحلوا عنا الى دار البقاء كالمجاطي و احمد بركات وكريم حوماري واخرون وقرر المشاكس جمال بدومة ابن ميدلت مدينة التفاح أن يعيد دواوينهم في مسرحية جميلة لا زال رنينها في الفؤاد إلى اليوم.. صديقي احمد وأنت ترحل عن هذه الدنيا الفانية لن انسي يوم كنت تزوروني بالقسم الثقافي لجريدة الاتحاد الامارتية بزنقة بيت لحم في تناغم مغربي جميل مع الزميل احمد عدوي ذلك السوداني المهووس بكل ماهو مغربي حتى النخاع لايعكر صفوه غير ذلك الفلسطيني الوقح وكنت تسألني عن جارتي الشاعرة وفاء العمراني وهي تبحث كل يوم عن رسائلها الكثيرة التي كان عبد الكريم ذلك السوسي الجميل يحتفظ بها … أخي احمد ، لن انسي يوم ضبطنا العظيم ادونيس رفقة القاص مصطفى يعلى شافاه الله وهما يهمان باقتحام شقتها وكان صيدا ثمينا لم ينفع معه غير توقيع منه لا زلت احتفظ به إلى اليوم ، وفاء تلك الشاعرة الرقيقة المحملة بكل غنج أهل القصر الكبير التي قالت بأنها لن تتزوج غير الشعر تزوجت في الأخير بعد أن اكتشفت أن الجسد البض بدأ في الترهل قد رحلت إلى الخليج كمسؤولة عن الثقافة بإحدى السفارات ، وعزيز ازغاي اشتغل بالبرلمان وطلق الشعر إلى الفنون التشكيلية أما عبد الدين حمروش فتاه في حواري المحمدية بحثا المجهول في أقسام إحدى الثانويات ، و يحي بن الوليد لم يعد يطيق فراق أصيلة التي استهوته ، وحكيم عنكر هرب إلى الإمارات ومصطفى الصوفي لا زال هو هو لا يتغير كقهوة سمر أما عبد اللطيف الجعفري فرحل إلى كالة المغرب العربي للأنباء مودعا جريدة أنوال تاركا بديعة الراضي في مهام إعلامية جديدة بالسفارة الليبية آنذاك قبل أن تحط الرحال أخيرا بالاتحاد الاشتراكي … أخي احمد الكل تاه في دروب حياة أصبحنا نلعب فيها دور المأساة والملهاة معا ، ننتظر فيها دورنا لكن الجميل فيها اننا عرفنا اناسا بحجم بهائك رحمك الله واسكنك فسيح جناته وانا لله وانا اليه راجعون ..