لم يكن مفهوما ولا مستساغا أن تستدعي الخارجية الإيرانية القائم بأعمال السفارة المغربية لدى طهران للإحتجاج على موقف المغرب من التصعيد الإيراني الأخير تجاه البحرين الشقيقة، وهذا ما يفسر ما أقدمت عليه الخارجية المغربية حينما استدعت سفير الجمهورية الإيرانية المعتمد بالرباط للتعبير عن استغراب الحكومة المغربية الشديد لما وصفته بالاستدعاء الغريب للديبلوماسي المغربي في طهران، ثم قرار استدعاء القائم بأعمال السفارة المغربية بطهران قصد التشاور لمدة أسبوع. ومن الطبيعي جدا أن ينثر تصرف الخارجية الايرانية كثيرا من الغبار في العلاقات المغربية - الإيرانية، ويزيد العلاقات العربية - الإيرانية تدهورا لأسباب كثيرة جدا، أولا لأن ردود الفعل إزاء تصريحات المسؤولين الإيرانيين تجاه البحرين الشقيقة لم تقتصر على الرباط بل شملت كثيرا من العواصم العربية والاسلامية والدولية، لأن التصريح المثير كان يتطلب ردود فعل من جميع عواصم العالم لأنه يلقي بعود ثقاب مشتعل على بارود العلاقات الدولية جد المضطربة خصوصا في تلك المنطقة، وبذلك فإن الموقف المغربي كان منسجما مع مرجعيات دولية، فالبحرين ليس بلدا عربيا وإسلاميا يستحق من المغاربة كافة أشكال الدعم حينما تتعرض سيادته للاستهداف فقط بل إنه بلد عضو في الأممالمتحدة وفي منظمات اقليمية ودولية كثيرة لذلك وجب أن يلقى كل الدعم من المجتمع الدولي، ولا نفهم حقيقة كيف أن الخارجية الإيرانية تنتقي المغرب من ضمن عشرات الدول التي قامت فعلا بردود الفعل. ثم إن التصريح الذي تسبب في هذه الأزمة الذي يعتبر البحرين مقاطعة من إيران، كان بحق تصريحا خطيرا جدا، خصوصا وأن العلاقات العربية الإيرانية الشديدة التوتر في العديد من الوقائع لم تكن في حاجة إلى هذا التصعيد الجديد، ومثل هذا الكلام يحيل لا محالة وبصفة تلقائية على استمرار إيران في احتلال الجزر الإماراتية العربية الثلاث : طنب الصغرى وطنب الكبرى وأبي موسى. وثالثا حينما يعود المسؤولون الإيرانيون للقول بأن التصريح المذكور فهم خطأ، مما يعني في اللغة الديبلوماسية تراجعا عما سبق التصريح به، إن كل ذلك يعني أن طهران اعترفت نفسها أن التصريح في السياق الذي ذهب فيه أو حتى فهم فيه كان خطأ إيرانيا. ولايقبل أن تلوم طهران أطرافا أخرى عن شيء اقترفته بيدها وعادت هي نفسها للتراجع عنه. وأخيرا وليس آخرا فإن لا أحد من العرب ولا المسلمين ولا من أنصار السلم والسلام في العالم لم يعد يقبل تعابير من قبيل مقاطعة تابعة لإيران. والمسؤولون الايرانيون المجاورون للعراق الشقيق والمعنيون مباشرة بالوضع في هذا القطر الشقيق يفهمون ويدركون جيدا خطورة مثل هذا الكلام الذي جلب للمنطقة الويلات والدمار والإبادة. إن الديبلوماسية الايرانية أخطأت مرتين، مرة حينما أدلى مسؤول منها بالتصريح الخطير تجاه البحرين الشقيق وثانية حينما استدعت القائم بأعمال السفارة المغربية وخاطبته بلغة لاتليق، ونتطلع أن لاتخطئ مرة ثالثة، أما فيما يخص المغرب بقيادة جلالة الملك محمد السادس سيظل باستمرار داعما لأشقائه ومساندالجميع القضايا العادلة في العالم.