ياصاحبيَّ البذلة السَّوداء تخفيان تحت لوْنهَا عذابات المظلومين وتُبديان مكشوف الرّداء كفورة الضّياء ملء السديم.. كومضة الإشراق على وجه الليل البهيمِ.. كفرحة الإنعتاق في عيون السجين.. كصرخة الإباء عندما يهان الإنسان.. ياصاحبي البذلة السوداء وشارات البياض التي شاع منها السناء.. وتجليات الضمائر التي لاتستكين.. في عشقها اليراعَ وما نطق به اللّسان.. في جولات الدفاع الذي لايلين أراكما.. حيثُما يعجز المرءُ عن البيان أراكُما صفّا واحداً تُلبّيان النّداء كلّما سادت شريعة العنف في حقّ الإنسان.. تُندّدان.. تدافعان تصارعان.. تخاصمان تحاربان الجوْر في كل مكان.. أراكما جسدا واحداً تفْنيان العُمر أنْ تُداسَ كرامةُ الإنّسان.. أراكُما في طليعة الشّجعان تذودان عن الحمى تصدّان فلول العدوان مهما تكاثروا تُقوّضان بُهْتانهم ومنْ أوحي لهمْ مهما تآمروا أن ينالوا شبراً واحداً وأنى لهم بالأقلام والدّماء..
أراكما في مجالات القضاء ومنتديات الفكر والعرفان تساهمان.. تحاوران ترسخان قواعد العدل في حياة الإنسان..
أراكما .. متَّحدين عندما تكمّم الأفواه وتُقفل المواقع وتحطَّم الأقلام بغير جريرة أو بُرهان.. أراكُما تناصران.. تزيحان الحجْرَ عن منابرها تحطّمان قيود الأوصياءَ تحررانها من قيود السجن والسّجان..
ياصاحبي البذلة السوداء كفاكما ذكرا أنكما للعدالة محبّيْن ترشفان من نبعها موارد الصّفاء.. وفي قصورها تنشدان الحقوق لأصحابها ومن فصولها محجة التبيان. ياصاحبي البذلة السّوداء رجالاتها والنساء كفاكما فخراً أنكما في رحاب المحاماة صنوان.. تسيران على نَهْجها.. تواجهان صروف الحدثان.. عند عصْف الرياح الهوجاء لا يضرُّكما منْ زاغَ عنْ هدْيها منْ عميَتْ بَصيرَتُهُ وإنْ كانتْ له عينان..
ياصاحبي البذلة السّوداء كمافكما قدْراً أنّكما في مراتب العُلى ترْتقيان.. ومنكما لو تفتخران ثلّة نالت بهمَّتها قمم العلياء.. ومنكما لوْ تُحصى المناقب عند عدّها ساداتُ العلم والبَيان.. وهلْ ترقَى المناصبُ إلاَّ بأهلها وقَد أحسنوا في صفّها غَايةَ الإحسان.. وهلْ تُعدُّ المفاخر إلاَّ بذكرهَا بين آنٍ وآن.. ياصاحبي البذلة السوداء أعضاؤها والنقباء هذه بعضٌ من مفاخركم وعُذراً إن شاب عدُّها تقْصيرٌ أو نُقصان..