لكن السؤال المطروح، هل الرجل هو الذي أنتج هذه الأمثال الشعبية؟ جوابا على السؤال يرى الاستاذ السوسيولوجي «عبد الصمد الديالمي»: الثقافة الشعبية هي تجسيد وتعبير عن الثقافة الأبيسية، فالمرأة هي الشيطان، هي الشر. فإذن هذه الثقافة الشعبية هي صورة مرجعية نموذجية تجد نفسها في الأمثال، فهي بذلك امتداد للثقافة السائدة والرسمية، فكيد النساء عندما نجده في الأطر الأبيسية، وكذلك كل الأمثال المنتجة الأخرى فإنها لا تحمل إسم رجل ولا امرأة، إنها انتاج جمعي غير موقع. وعند الوهلة الأولى نعتقد أن الرجل هو المسؤول. وإن كانت هذه الأمثال لصالحه، عن طريق الامتيازات السلطوية التي تعطى له، والرتبة الدنيوية التي أعطيت للمرأة، وبالتالي فإن المرأة الماكرة هي ضحية. كما أ هذه الأمثال ليست لصالح الرجل كذلك، مايجعلنا نقول أن المرأة والرجل هما معا ضحية لنظام أبيسي، لأن كلاهما يشكل كينونة. وما نعرفه كذلك أن الثقافة الشعبية انتهى إنتاجها مع المجتمع الشفوي، أي مجتمع غير كاتب، مجتمع تنتشر فيه الأمية، ولايعرف المدرسة. وفي الحقيقة كلما ارتقى المجتمع، إلا وتراجعت فيه الثقافة الشفوية التي ترجع للعصور البدائية، فمجتمع بدون تاريخ هو مجتمع بدون كتابة، وفي مثل هذه المجتمعات تشكل الأمثال مصدرا للمعرفة، ويتم عن طريقها تجسيد القيم المتخدة، معرفة تشكل خلاصة جمعية، لها انتساب قبلي ولاصلة لها بالعلم. وبالتالي كلما تقدم المجتمع إلا وبلغ درجة عالية من الحداثة، فتراجعت معه الأمثال لأن هذه الأخيرة لاتدع للفرد مساحة أن يفكر بنفسه، وإنما انطلاقاً من نموذج عام، أفكار جاهزة، يعاد انتاجها. وإن قلنا كل ذلك، فلايعني أن الثقافة الشعبية كلها سلبية، وإنما يجب أن تشغل بالشكل الايجابي، فالثقافة الشفوية فيها ما ينبغي الاستفادة منه.