في إطار حرصها الأكيد على التوجه نحو الاستحقاقات الجماعية التي ستعرفها البلاد يوم 12 يونيو المقبل، أحالت الحكومة على البرلمان مجموعة من النصوص التشريعية تشكل أرضية قانونية مناسبة كفيلة لربح رهان هذه العملية الانتخابية التي لا تخفى أهميتها في تعزيز ركائز الديمقراطية المحلية بما فيها مدونة الانتخابات، تنظيم المراجعة الاستثنائية للوائح حيث نصت المادة 4 من مدونة الانتخابات على أن القيد في هذه اللوائح يجب أن يكون في لائحة الدائرة الانتخابية الواقع في نفوذها محل إقامة المعنى بالأمر باستثناء الجماعات الواقعة في مناطق اعتيادية للترحال التي يتم فيها التسجيل في اللوائح الانتخابية على أساس مكان الولادة. وقد جاء هذا التعديل بمقتضى جديد يرمي إلى تنظيم عملية إعداد الهيأة الناخبة بالاقتصار فيما يخص التسجيل في اللوائح الانتخابية على اعتماد علاقة إقامة بالجماعة المراد القيد فيها مع حذف الإمكانية التي كانت متاحة سابقا والتي تسمح بالتسجيل في لائحة الجماعة المزداد فيها المعني بالأمر. وقد خلق هذا التعديل ردود فعل متباينة من حيث انعكاساته السلبية أو الإيجابية على العملية الانتخابية حيث يعتبر مؤيدو هذا التعديل بأن هذا التوجه الجديد من شأنه تطهير اللوائح الانتخابية من كل الشوائب والتلاعبات والإنزالات التي عرفتها خلال العهود السابقة، وبالتالي ضمان الشفافية والنزاهة بالنسبة لعملية التسجيل في اللوائح الانتخابية، بالإضافة الى ضمان مشاركة أوسع في الانتخابات مادام الأشخاص المسجلون على أساس مكان الإقامة سيكونون قريبين من مكان التصويت وسيشجعون على أداء واجبهم الوطني. بينما يرى الرافضون لهذا التعديل بأن هذا الإجراء من شأنه أن يقلص نسبة المشاركة في التسجيل والتصويت مادام الأشخاص المشطب عليهم غير مضمونين لإعادة القيد من جديد على أساس مكان الإقامة أمام تزايد عدد الأشخاص المشطب عليهم بشكل تصاعدي وصعوبة توصلهم بالإشعار الموجه إليهم، خاصة بالنسبة لسكان البادية بالمقارنة مع نسبة طالبي التسجيل وما يتطلب ذلك من ضرورة معالجة الوضعية بما يضمن إقرار لوائح انتخابية نقية ومطهرة من كل الشوائب من جهة وتمكين جميع المواطنين من التسجيل في اللوائح الانتخابية باعتباره واجبا وطنيا وممارسة حقهم الدستوري في التصويت لاختيار من يمثلهم في تدبير شؤونهم من جهة أخرى. وبالمقابل، فقد حافظت مدونة الانتخابات في صيغتها الجديدة على المقتضيات القديمة الخاصة بالترشيح والتي بمقتضاها، وفقا لأحكام المادة 20 من هذا القانون: «يمكن الترشح إما في الجماعة التي يقيم فيها المعني بالأمر فعليا أو في الجماعة التي ولد فيها أو الجماعة المفروضة فيها الضريبة منذ ثلاث سنوات متصلة على الأقل في تاريخ الانتخاب بخصوص أملاك يتوفر عليها أو نشاط يزاوله فيها. كما يمكن الترشيح في الجماعة أصل المعني بالأمر حيث تتوفر العائلة على إقامة رئيسية. ويجب أن يثبت هذا الأصل بولادة الأب والجد. كما يجب أن يثبت الانتماء الى الجماعة بجميع الوسائل المألوفة كالشهادة الإدارية للولادة أوالشهادة اللفيفية أو غيرها من الوثائق الإدارية. إذا كان المعني بالأمر مقيدا في اللائحة الانتخابية لجماعة حضرية ينتخب أعضاؤها على صعيد المقاطعات، أمكنه أن يترشح في أية مقاطعة من المقاطعات التابعة لهذه الجماعة». وهذا يعني أن المشرع اختار التمييز بين عملية التسجيل في اللوائح الانتخابية على أساس مكان الإقامة فقط وبين عملية الترشيح انطلاقا من أربعة معايير موضوعية تضمن وجود علاقة معينة مبنية على ارتباط مباشر أو غير مباشر بالجماعة التي يود الشخص المعني الترشح فيها. ويبقى هذا التوجه الجديد اجتهادا ستبين الممارسة مدى نجاعته وفعاليته في إنجاح المسلسل الديمقراطي على المستوى العملي، خاصة فيما يتعلق بتوسيع قاعدة المشاركة في الانتخابات وإفراز نخبة محلية قادرة على تدبير الشأن المحلي بشكل تساهم معه الجماعات القروية والبلدية مساهمة فعالة في التنمية الاقتصادية والاجتماعية المنشودة ودعم الحكامة الجيدة وتعزيز الديمقراطية المحلية مادامت الجماعة المحلية تشكل الخلية الأولى للديمقراطية في ظل التوجه الجديد للجهوية المتقدمة التي دعا جلالة الملك الى اعتمادها بهدف تعزيز القرب من المواطنين وتفعيل التنمية الجهوية وتفعيل التنمية الجهوية المستدامة اقتصاديا واجتماعيا وثقافيا.