قال وزير الأشغال العمومية الجزائري عمار غول إن المشكل الحدودي القائم بين الجزائر و المغرب، لن يعيق أشغال الطريق السيار شرق غرب الذي تشيده الجزائر و الذي يربط الحدود التونسية بالمغربية ، مذكرا بالاتفاقيات الموقعة بين أطراف مشروع الطريق السيار المغاربي والذي يعد ثمرة إتفاق يتيم للجان المنبثقة عن الأمانة العامة لاتحاد المغرب العربي . و كانت دورة الصخيرات لاجتماعات وزراء النقل المغاربيين التي انعقدت شهر مارس من سنة 2007 قد أتاحت إمكانية تحديد الآفاق المستقبلية للتعاون والتكامل المغاربي في عدة مجالات مرتبطة بقطاع النقل، خاصة منها تلك التي ترمي إلى تحسين خدمات القطار الذي يطمح الوزراء المغاربيون اطلاقه ليربط دولهم إضافة الى انجاز الطريق السيار المغاربي والعمل على تحديد وتطوير شبكة نقل مغاربية ذات الأولوية وربطها بالشبكة الأوروبية. وقطع كل من المغرب و الجزائر على خلاف الدول المغاربية الأخرى أشواطا متقدمة ببرنامج تشييد مقاطع الطريق السيار المغاربي الممتد من طرابلس الى نواكشوط على مسافة سبعة آلاف كيلومتر ،حيث يرتقب أن يتم ربط المقطعين المغربي و الجزائري خلال سنة 2010 على أكبر تقدير على مستوى مركز الحدود المغلق بين البلدين شرق مدينة وجدة . و أعطى جلالة الملك محمد السادس في شهر يناير من سنة 2007 إنطلاقة الأشغال بمقطع الطريق السيار فاس / وجدة على مسافة 320 كلم باستثمار قدر بزهاء 11 مليار درهم في إطار مشروع حكومي ذي أولوية قصوى لتمكين المنطقة الشرقية من المملكة من التحول الى قطب محوري مغاربي ، وجسر متين لحسن الجوار، والأخوة الصادقة مع الشعب الجزائري الشقيق كما عبر عن ذلك جلالة الملك . بدوره إعتبر رئيس الجمهورية الجزائرية السيد عبد العزيز بوتفليقة مشروع الطريق السيار شرق _ غرب الذي انطلقت الأشغال به بالجزائر سنة 2006 بمثابة المشروع ذي البعد الجهوي والقاري الذي يشكل الحلقة المركزية لطريق الوحدة المغاربية السيار الرابط بين نواكشوطوطرابلس. على أن فترة الجفاء السياسي بين المغرب و الجزائر خلال ثلاث السنوات الأخيرة قوضت في أكثر من مناسبة الأحلام الوحدوية و آمال الاندماج الاقتصادي و الاجتماعي التي ظل يوفرها مشروع الطريق السيار المغاربي سيما بعد بروز إشكاليات سياسية لا تتعلق في العمق بأهلية المشروع و إنعكاساته الإيجابية المنتظرة بل إتخذت أحيانا إسقاطات سياسية ظلت مسألة الحدود المغلقة و ملف الصحراء المغربية يمارسان قوة التيار المضاد و المقاوم لمساعي لجان الاتحاد المغاربي و آمال شعوبه . و برزت العديد من التناقضات و السلوكات المحبطة للمشروع تبرز تباعا في مواقف الحكومة الجزائرية انطلاقا من تحفظ ممثل الجزائر على مقترح وزارة النقل المغربية بفتح الفضاء المغاربي أمام الملاحة الجوية للبلدان الأعضاء في الاتحاد . و في مقابل التزام الوزير المنتدب المكلف بالشؤون المغاربية والإفريقية بالحكومة الجزائرية عبد القادر مساهل خلال الدورة ال27 لمجلس وزراء الشؤون الخارجية للاتحاد إلى اعتماد سياسات مشتركة فى القطاعات الاستراتيجية والحيوية كالزراعة والطاقة والموارد المائية والبنية التحتية بهدف تحقيق إندماج اقتصادي مغاربي , و بحث الرئيسان الجزائري و التونسي في فبراير من السنة الماضية سبل دعم مسار الإتحاد وإمكانية عقد قمة طارئة، مع استبعاد قضية الصحراء الغربية من النقاش ، و تأكيد وزير الخارجية الجزائري الأسبق عبد العزيز بلخادم في وقت سابق أن قضية الصحراء لا تشكل عائقا لمواصلة العمل من أجل بناء اتحاد المغرب العربي، ومن أجل تطوير العَلاقات الثنائية بين كل أعضاء اتحاد المغرب العربي في مقابل كل هذه النوايا الطيبة تبرز في الواقع والميدان سلوكات و مواقف سياسية ترهن بشكل كبير الآمال المعقودة على كل المبادرات المؤسسة أو الداعمة لمسار الوحدة المغاربية غير المشروطة التي نصت عليها أهداف معاهدة مراكش . ففي شهر مايو 2006 أعلن مسؤول جزائري عن عقد اتفاق مع الجانب الموريتاني لإنجاز طريق يربط بين المناطق الصحراوية الواقعة بين تندوف، جنوب غربي الجزائر، وشوم بموريتانيا على مسافة 800 كيلومتر. وأوضح وزير الأشغال العمومية، عمار غول، أن الاتفاق جزء من مشروع طريق يربط العاصمتين الجزائرونواكشوط ويكون موازيا للطريق الجزائر لاغوس (نيجيريا) الذي يفترض أن ينجز نهاية 2008. وهو ما إعتبره ملاحظون ومهتمون بتحقيق الجزائر لحلمها القديم بفتح منفذ لها على المحيط الأطلسي و بالتالي إلغاء مشروع الطريق السيار المغاربي من أجندة اهتمامات الحكومة الجزائرية . و ضمن نفس المسعى الاستفزازي اتخذ الرئيس بوتفليقة منحى مناقضا لموقفه الأول حيث اعتبر أن ّ إرادة شعوب المغرب العربي في بناء هذا الصرح ّ ينبغي أن تتحرر عبر إنهاء بؤر التوتر في منطقتنا ، وتمكين الشعب الصحراوي من ممارسة حقه المشروع في تقرير مصيره ّ و هو ما يعني ضمنيا ربط مسار بناء الاتحاد المغاربي بملف الصحراء المدرج ضمن اختصاصات الأممالمتحدة . إن مثل هذه الخرجات الاعلامية غير المؤطرة والمتناقضة هي التي ظلت في كل مناسبة تعيد قطار الرحلة المغاربية الى محطة البداية و نقطة الصفر و من هذا المنطلق كانت الشجاعة و اللباقة تقتضي أن يسترسل البناء المغاربي في مشواره الوحدوي المحكوم مصيريا بفتح الحدود و مد أواصر وجسور التواصل مع إلغاء كل الحسابات السياسية والملفات الملحقة التي تظل في أول المطاف و آخره غير ذات صلة بجوهر و فصول إتفاقية زرالدة ومعاهدة مراكش . و في انتظار غلبة النيات الحسنة ومبادرات الوئام و الانسجام على كل العثرات و التشنجات المجانية ، يبقى التساؤل المحوري مشروعا حول نقطة تلاقي مساري الطريق السيار المغاربي بنقطة الحدود زوج أبغال و العقيد لطفي هل سيجد بعد سنة من الآن السبيل سالكا أم سيظل مجرد حلم مجهض جديد .