دخلت مدينة بريان، بولاية غرداية، مرحلة جديدة بعد مقتل شخصين وجرح 30 آخرين، منهم 5 من عناصر الشرطة والدرك، إضافة الى تخريب عدة منازل ومحلات تجارية. ورغم أن مصالح الأمن قامت، منذ عدة أشهر، بجمع الاسلحة النارية التي كانت بحوزة المواطنين، فإن اليوم الثاني للمواجهات سجل حادثي إطلاق نار أسفرا عن مقتل شخص وإصابة ثان بجروح خطيرة. وقالت الصحافة الجزائرية أن بلدة بريان تحولت الى مسرح للمواجهات الدامية، بين الشباب والمراهقين، كل جماعة يقول أفرادها إنهم بصدد الدفاع عن أنفسهم وعائلاتهم وممتلكاتهم بعيدا عن القانون. وعند اشتداد المواجهات تتدخل قوات الشرطة لمطاردة الشبان من شارع الى آخر باستعمال الهراوات والقنابل المسيلة للدموع. وما إن تتوقف المواجهات في شارع حتى تمتد الى شارع مجاور. ويرى الملاحظون أن عودة المصادمات لبريان للمرة الخامسة في ظرف أقل من 11 شهر، تعبر بصدق عما يتم تداوله في الشارع المحلي بغرداية من أحادث عن «فشل السلطات الإدارية والأمنية في حصر الوضع ودفعه الى التهدئة»، فالوضع هنا عاد الى نقطة الصفر، حيث شهدت المنطقة أحد أكثر الأيام دموية، وأدت مواجهات اليوم الثاني الى مقتل شخص بسلاح ناري ويتعلق الأمر بالسيد «ك.ع» البالغ من العمر 48 سنة تقريبا، أصيب بطلق ناري من بندقية صيد، حسب مصدر من أمن ولاية غرداية. وقبل هذا، في مساء يوم الجمعة فارق شاب لم يتعد سنه 16 سنة الحياة بعد أن اعتدى عليه ملثمون بالضرب في منزله بحي بابا سعد، وتم رميه من أعلى سطح المنزل، حسب رواية بيان لجبهة القوى الاشتراكية فدرالية غرداية. وتم نقل جريح في حالة حرجة الى مستشفى ترشين ابراهيم، بعد أن أصيب في بطنه بطلق ناري من بندقية صيد كذلك. وبهذا بلغ عدد المصابين بجروح خطيرة 4 وحسب مصدر طبي، فإن حالة 2 منهم حرجة. وفي صفوف قوات الأمن أصيب 3 من رجال الشرطة بجروح متوسطة في الرأس و 2 من الدرك. وأفاد مصدر طبي أن مجموع الجرحى في اليومين الأخيرين فاق ال 42 جريحا، وحسب ذات المصادر، فإن أغلب الجرحى أصيبوا بفعل الرشق بالحجارة من طرف جماعات المراهقين والشباب. وأضرب تجار المدينة عن العمل استجابة لنداء أعيان محليين الذين دعوا الى التوقف عن العمل. واستنكر بيان باسم مجموعة الاعيان الأوضاع الحالية وطالبوا، في بيان لهم بلجنة تحقيق وطنية تبحث في أسباب الوضع الحالي، منذ اندلاع المصادمات في 19 مارس 2008، ومحاسبة رئيس الدائرة الذي اتهمه البيان ب «الانحياز لفئة ضد أخرى و.. متابعة القتلة». وتساءل البيان «من يتحمل مسؤولية الأمن في هذه البلدة». وحسب إفادة لأعيان محليين، فإن سبب انزلاق الوضع حاليا هو عدم التحقيق في العديد من الشكاوى التي تقدم بها ضحايا الاعتداءات لدى الأمن، مادفع الأمور نحو دوامة الانتقام بين الطرفين، وهذا ما حدث في الأسابيع الأخيرة حيث تكررت الاعتداءات الجسدية بمتوسط 3 مرات كل أسبوع، دون أن يأخذ القانون مجراه في أغلب الحالات. في نفس السياق، اضطرت ولاية غرداية، وتحت ضغط تردي الوضع لإعلان حظر التجول بعد أن تعذر على مصالح الأمن فتح الطريق الوطني رقم واحد، الذي أغلقه المحتجون لأكثر من 6 ساعات في ظرف أقل من 24 ساعة. ويعد هذا الطريق القلب النابض لحركة المرور، حيث يربط 5 ولايات في الجنوب بولايات الشمال، كما أنه يعد المعبر الوحيد الذي تتخذه أغلب الشركات الكبرى العاملة في المنطقة لنقل البضائع والتجهيزات. وقد قررت اللجنة الأمنية للولاية طلب تعزيزات أمنية جديدة وصلت من ولايتي سيدي بلعباس وورفلة. وحسب مصدر عليم، فإن مسؤولي مصالح الأمن أوصوا في تقارير رفعوها الى وزارة الداخلية والجماعات المحلية، بالعمل بنظام حظر التجول بصفة مؤقتة في بريان في الليل، وإعطاء صلاحيات إضافية لقوات الأمن من أجل السماح لها بالتدخل بصفة أكثر شدة ضد مثيري العنف.