دعا جلالة الملك محمد السادس وزراء الإعلام في البلدان الإسلامية إلى صياغة خطاب إعلامي متجدد وموضوعي، واعتماد أساليب حديثة للتواصل، ووضع خطط فعالة لإسماع صوت العالم الإسلامي، وشرح مواقفه، ونصرة قضاياه العادلة، وتمكينه من الإسهام في تعزيز حوار الثقافات والحضارات، بما يخدم المثل والأهداف السامية للإنسانية جمعاء. وأكد جلالة الملك، في رسالة وجهها إلى الدورة الثامنة للمؤتمر الإسلامي لوزراء الإعلام التي انطلقت صباح أمس الثلاثاء بالرباط، أن ذلك لن يتأتى «إلا بالانفتاح على التطور التكنولوجي الإعلامي، والتفاعل مع العالم المتقدم، أخذا وعطاء، مع تحصين الذات من المؤثرات السلبية، وفضح المناورات ومحاولات الاستلاب بكل أنواعه والغزو الفكري المقنع بالشعارات». وقال جلالته في هذه الرسالة، التي تلاها مستشار جلالة الملك السيد محمد معتصم، إنه « لا يخفى عليكم ما يتحكم في عالمنا من تحولات عميقة، بفعل دخوله عصر المعرفة والاتصال، الذي يجعل من التواصل وتدفق المعلومات, آليات رئيسية في كل مناشط الحياة, ومختلف مشاريع التنمية». وأكد جلالته على أن ضرورة المبادرة إلى وضع الأسس الكفيلة بتقليص الفجوة الرقمية بين الدول المتقدمة, والدول الأعضاء في منظمة المؤتمر الإسلامي، بهدف تمكين المواطنين من المعرفة، التي هي حجر الزاوية في تحقيق أي تنمية أو تقدم أو تعاون أو عمل مشترك، وكذا العمل على ولوج الشبكات غير المادية للمعرفة, قصد الانخراط في إعلام عالمي, يقوم على منطق الروابط والشبكات ذات الأسس المعرفية والتكنولوجية المتقدمة. كما حث جلالة الملك المشاركين في المؤتمر على مضاعفة جهودهم الهادفة إلى تمكين وسائل الإعلام, في دول منظمة المؤتمر الإسلامي، من الارتقاء بمستوى أدائها، في مراعاة للتنوع والتعددية، والتحلي بالمسؤولية، واحترام للأخلاقيات، مع التوحد في الدفاع عن القيم والمقومات الروحية والحضارية للمجتمعات الإسلامية، ومصالحها العليا. وأكد جلالته أن قوة وفعالية العمل الإسلامي المشترك، على الواجهة الإعلامية، تتأثر لا محالة بمدى نجاعة سياسات ووسائل الإعلام والاتصال في البلدان الإسلامية، والنظر للإعلام كقطاع منتج في الاقتصاد الجديد للمعرفة والاتصال, وليس مجرد مادة استهلاكية مبتذلة. وبعد أن نوه جلالته بوضع القضية الفلسطينية، وقضية القدس الشريف، في مقدمة جدول أعمال هذا المؤتمر، وخاصة في هذا الظرف العصيب، الذي يجتازه هذا الشعب الشقيق المكلوم، جدد جلالة الملك التزام المملكة المغربية بمواصلة الجهود, على كافة المستويات، والمحافل والمنتديات الجهوية والدولية، من أجل وضع حد نهائي للعدوان والاحتلال, وفك الحصار المضروب على شعبه الصامد، والعمل على إقرار حل سلمي عادل ودائم وشامل للنزاع العربي الإسرائيلي, عبر إقامة دولة فلسطين المستقلة، وعاصمتها القدس الشريف، على أساس مبادرة السلام العربية، وفي إطار مقررات الشرعية الدولية. وفي هذا السياق، ذكر جلالته بمختلف أشكال الدعم والمساندة التي قدمها المغرب للشعب الفلسطيني الشقيق, وذلك بفتح جسر جوي لنقل المساعدات الإنسانية الملحة والطبية العاجلة, سواء من خلال الدعم المادي للدولة, أو عبر التبرعات التطوعية والتضامنية من لدن المغاربة قاطبة. وأضاف جلالة الملك, رئيس لجنة القدس «لن ندخر جهدا للمحافظة على الوضع القانوني لهذه المدينة السليبة، والدفاع عن هويتها الروحية والحضارية، ورموزها الدينية المقدسة، والتصدي لكل الانتهاكات التي تمس بحرمة المسجد الأقصى وقدسيته». ودعا جلالته، من جهة أخرى، إلى «تعزيز التضامن الإسلامي، والدفاع عن مقدسات أمتنا، ومناصرة قضاياها العادلة، وتحصين السيادة والوحدة الترابية لدولها, والتصدي لنزوعات البلقنة والتجزئة، لاسيما في هذا الظرف الدولي الدقيق, الذي يضاعف من إكراهاته تراكم الإحباطات، وتوالي النكسات، بسبب تفاقم الخلافات المفتعلة, وهدر طاقات الأمة بسببها».