توجت أشغال ندوة «الدستور المالي والحكامة الشاملة في المغرب العربي » التي نظمت خلال أيام 22 ، 23 و 24 يناير 2009 بمراكش ، بإصدارمجموعة من التوصيات تهم ، بالأساس، ضرورة التعجيل باستصدار نص تشريعي يسن النظام الجديد للقانون التنظيمي لقوانين المالية وربط إعداد الميزانية بمخطط التنمية بصفته مؤسسة دستورية وفق خطط إستراتيجية تشاركية وتفعيل أجهزة المراقبة العليا و بعثات التفتيش والمراقبة الداخلية في القيام بالمهام المنوطة بها وتقوية الرقابة السياسية ومراجعة اختصاصات المحاكم المالية والمجالس الجهوية للحسابات والتسريع بتجريم التهرب الضرائبي والجمركي وإرساء مجلس الضريبة . وكانت أشغال هذه التظاهرة التي نظمها المركز الدولي للدراسات الإستراتيجية والحكامة الشاملة بتعاون مع المجلة المغربية للتدقيق والتنمية وفاعلين آخرين ، قد تمحورت حول خمس ورشات : 1- النماذج والتجارب الأجنبية في مجال قوانين الإصلاح المالي والقانون التنظيمي للمالية، 2- رصد حالة الأمكنة وممارسة الإصلاح المالي، والحكامة المالية في بلدان المغرب العربي، 3- دور الإصلاح المالي، والحكامة المالية في تحقيق التنمية البشرية المستدامة في المغرب العربي، 4- أهمية إصلاح القانون التنظيمي للمالية ودوره في تحديث التدبير العمومي وتنمية ثقافة الشفافية وتقوية سلط البرلمان في مجال المراقبة، 5- معوقات وآفاق الإصلاح المالي ، والحكامة المالية في بلدان المغرب العربي وإفريقيا جنوب الصحراء . و قد رئيس مجلس المستشارين المعطي بن قدور خلال الجلسة الافتتاحية للندوة أن القانون التنظيمي للمالية يعتبر من ابرز الموضوعات وأكثرها راهنية وجدية في تطوير أساليب عملنا ومناهج التفكير والمفاربات المعتمدة على ثقافة النتائج» مؤكدا على الطابع الاستعجالي الذي يكتسيه مراجعة القانوني التنظيمي لقانون المالية،اعتبارا لدوره في توضيح رؤية كل الأطراف وفق متطلبات الحكامة الجديدة ، مشيرا إلى عزم مجلس المستشارين على صياغة نص قانون تنظيمي مستوعب للقواعد والمعايير والشروط المعتمدة دوليا ، مقترحا أن تعمل كل الأطراف المعنية على صياغة عمل متوافق عليه بين البرلمان والحكومة ، مضيفا أن من شان هذا التوجه ان يقوي البرلمان ، دون إضعاف حق الحكومة المكفول في المبادرة التشريعية . و قدم الدكتور محمد حركات رئيس اللجنة المنظمة ورئيس المركز الدولي للدراسات الاستراتيجية والحكامة الشاملة الفرضيات العلمية وبرنامج أشغال الندوة الدولية العاشرة ، مشيرا إلى أن مساهمات المشاركين في هذه التظاهرة العلمية غنية جدا بالنسبة للموضوع المطروح للنقاش المتعلق بإصلاح القانون التنظيمي للمالية ، باعتبارها تتناول مختلف التطورات الحاصلة في مجال الإصلاح المالي، والقانون المالي التنظيمي وعلاقتهما بمستلزمات الحكامة الشاملة بصفتهما دعامتين أساسيتين لتعزيز وتقوية منظومة النزاهة الوطنية ، وذكر حركات بالعروض التي استعرضت بعض التجارب الأجنبية في هذا المجال الاستراتيجي ، والتي في كل من أمريكا اللاتينية و أفريقيا والاتحاد الأوروبي و بلدان المغرب العربي، مبرزا أن أهداف هذا الملتقى العلمي الدولي تتلخص في تطوير أساليب التدبير الاستراتيجي للمال العام من خلال تبادل الخبرات والتجارب والمعلومات والأفكار بين المسيرين، والبرلمانيين والباحثين في مجال القانون التنظيمي للمالية - ضرورة التعجيل باستصدار نص تشريعي يسن النظام الجديد للقانون التنظيمي لقوانين المالية كتجاوز للقانون الصادر بتاريخ 28 نوفمبر 1998 الذي لم يبق يتناسب مع التغييرات العالمية ليستوعب القواعد والمعايير والشروط المعتمدة دوليا وليتلاءم مع مستلزمات الحكامة الجيدة على مختلف المستويات الوطنية والمحلية والمغاربية، والتفكير في ملاءمة هذا الإصلاح الدستوري على مستوى المحلي والجهوي على غرار بعض التجارب الأجنبية، - ربط إعداد الميزانية بمخطط التنمية بصفته مؤسسة دستورية وفق خطط إستراتيجية تشاركية واضحة، من خلال اعتماد مبادئ الميزانية المفتوحةbudget ouvert- open budget التي ترتكز على الاستشارة الواسعة للمواطنين ومختلف الفصائل والشرائح الاجتماعية عند وضع وصياغة قانون المالية، - تفعيل أجهزة المراقبة العليا و بعثات التفتيش والمراقبة الداخلية في القيام بالمهام المنوطة بها في مجال تقويم السياسات العمومية والتدبير العمومي الجديد وإرساء ثقافة المساءلة وتقديم الحساب وتنمية الجدل والنقاش والحوار حول ترشيد استعمال الأموال العامة ورفع أدائها لبلوغ الأهداف المتوخاة منها في التنمية الإنسانية ومكافحة الفقر ، - تقوية الرقابة السياسية التي ينبغي أن ينهض بها البرلمان في مجال المراقبة والتشريع والتقويم والدبلوماسية الاقتصادية والاجتماعية والمالية في بلدان المغرب العربي وأفريقيا وباقي بلدان العالم باعتبارها دعامة أساسية للحكامة الشاملة الجيدة، - مراجعة اختصاصات المحاكم المالية والمجالس الجهوية للحسابات لملاءمتها مع التحولات التشريعية والتنظيمية التي عرفها العالم في مجال مكافحة الفساد المالي وغسيل الأموال وفق ما نصت عليه توصيات المنظمات الدولية المختصة، - التسريع بتجريم التهرب الضرائبي والجمركي وإرساء مجلس الضريبة بصفته هيئة للتداول والحوار والتفكير البناء والموضوعي حول إصلاح المنظومة الضريبية بصفتها دعامة أساسية للحكامة الجيدة، - التفكير في إصلاح طرق إعداد وصيغة وتنفيذ الميزانية ومناقشة كل أطوارها وفق فلسفة ومناهج ومقاربات جديدة من خلال إشراك الموطنين والمجتمع المدني والباحثين والفاعلين الافتصادين والاجتماعيين في الجدل حول أهمية هذه الوثيقة المالية باعتبارها لحظة ديمقراطية بامتياز، - دعم وتجسيد ميزانية الجندرةbudget genre (اعتمادات حسب الجنس) تاخد بعين الاعتبار حاجيات المرأة والرجل والطفل على حد سواء و دون تمييز، - تنمية بنيات جديدة لتكريس ميزانية الأهداف والنتائج وطنيا ومحليا وجهويا ومواجهة الاكراهات التي تحول دون تكريس مبادئها وتقنياتها وقيمها في المجتمع، - التسريع بإصلاح منظومة المحاسبة العمومية( مرسوم 21 ابريل(1967التي أصبحت متجاوزة في تقويم المال العام حيث تكتفي بحوسبة التدفقات المالية ولا تمتد إلى الممتلكات ولا تساعد بالتالي على ترشيد النفقات وإرساء مبادئ الحكامة المالية الجيدة ، - إن من شان تحديث المنظومة التشريعية المتعلقة بالدستور المالي تقوية السلط المخولة للبرلمان في مجال مراقبة الجهاز التنفيذي وتقويم البرامج والسياسات العامة وتنشيط الجدل السياسي، وهذا لن يتحقق إلا من خلال توفر حكامة برلمانية قوامها التخطيط الاستراتيجي وهيكلة عصرية مرنة وشفافة وموارد وقيادات إدارية وبشرية ذات كفاءة وخيال سوسيولوجي مبدع وخلاق، - ضرورة وضع بنيات للمراقبة الداخلية وتقويم المخاطر داخل المنظمات العامة والقطاع الخاص والجماعات المحلية، عمادها التقويم المسبق والمرافق واللاحق من خلال وضع معايير ومقاييس جديدة للأداء وحساب النتائج، - تنمية ثقافة المساءلة المالية وتطوير القضاء المالي والإداري والدستوري في مجال مراقبة المالية العامة من خلال دعم قيم الشفافية الفاعلة على ضوء بعض التجارب الرائدة في بلدان امريكا اللاتينية، - رد الاعتبار لتدريس المالية العامة وباقي المواد والتخصصات المجاورة من حكامة شاملة ودراسات إستراتيجية ومراقبة وتدقيق واستشارة في الجامعات والمدارس العليا المغاربية من خلال التفكير في إصلاح برامجها اعتبار لدورها البيداغوجي والعلمي والإنساني الرائد في إثراء ثقافة المساءلة المالية والشفافية والحكامة في أوساط الطلبة والباحثين والمديرين بصفتهم جيل المستقبل ، - التصدي لكل مظاهر الفساد المالي والإداري والرشوة واستغلال النفوذ التي استفحلت خلال السنوات الأخيرة في شتى بلدان المغرب العربي، من خلال مكافحة اقتصاد الريع والاحتكار وغسل الأموال وهدر المال العام والثروات الوطنية المغاربية، - ضرورة حماية وضمان حقوق الملكية في صيرورة تفويت المرافق العامة والخوصصة ووضع آليات للمراقبة الشعبية والمؤسساتية لنقل الملكية وتقويم المخاطر ومواجهة الاحتكار والثراء غير المشروع، - تفعيل مؤسسات الرقابة المالية والإدارية وتقويم العون الإنمائي والتعاون على مستوى القاري والمغاربي من خلال النهوض بالبرلمان ومحكمة الحسابات المغاربيتين، - اعتبار احترام حقوق الإنسان ودولة الحق والقانون وتفعيل مسلسل الديموقراطية احد الدعامات الأساسية للحكامة المالية والشفافية والتنمية الانسانية الشاملة ، - تنمية قيم الإبداع والتجديد والانجاز في المجتمع من اجل مكافحة الفقر والتهميش الاجتماعي والتطرف، - اعتبار الرقابة الشعبية على المال العام حق من حقوق الإنسان الجوهرية و الثابتة وفق ما هو متعارف عليه في المواثيق والقوانين الدولية ، - دعم الدراسات السوسيولوجية والاجتماعية في مجال المالية العامة والحكامة والمشاركة السياسية و التحليل المالي ، - دعم الدراسات والمراكز الاستراتيجية الاستشرافية لقضايا اقتصاد المعرفة وهجرة الأدمغة وتكوين الإنسان المغاربي تكوينا عصريا ليتبوء المكانة اللا ئقة به بين الأوطان ، - تغيير العقليات البيروقراطية من اجل مواجهة ظواهر تبذير الموارد الطبيعية المتاحة والقدرات البشرية والكفاءات الوطنية ونهب المال العام من اجل عقلنة التدبير وايقاف نزيف هجرة الأدمغة والقضاء على الأمية و توجيه الميزانية بالأساس لخدمة أغراض التنمية المستدامة من خلال سد الحاجيات الأساسية للمواطنين من تعليم وصحة وبنيات أساسية وبحث علمي - تنظيم حملات واو راش تدريبية وتكوينية لرجال الإعلام والصحافة والمنتخبين ومنظمات المجتمع المدني والجماعات المحلية حول إعداد وتنفيذ ومراقبة الميزانية وتقويم السياسات العامة وقيم الشفافية والمراقبة الداخلية وآثارها على ضمان التنمية البشرية وإرساء وتكريس قيم ثقافة الحكامة الشاملة الجيدة بصفتها مطلب ديمقراطي وشعبي كبير في كل بلدان المغرب العربي - إن تحقيق الإصلاح المالي الشامل هو في آخر المطاف رهين باستيعاب دروس القطيعة الابستمولوجية من خلال استثمار المكتسبات و الانتقال الدينامي من ثقافة الحكومة (مقاربة تقليدية في التدبير العمومي) إلى ثقافة ومقاربة الحكامة الشاملة (الوضعية المثلى في التدبير العصري ).