سجلت أعداد الملتحقين المغاربة بصفوف التنظيمات الإرهابية في كل من سورياوالعراق وعلى رأسها تنظيم الدولة الإسلامية المعروف اختصارا ب «داعش» تراجعا كبيرا بلغ مستوى غير مسبوق خلال العام الجاري الذي نودعه مقارنة مع سنوات خلت، تلك هي أهم خلاصات تقرير حديث أصدره المركز المغربي لدراسة الإرهاب والتطرف أول أمس الإثنين. وفي هذا الصدد، أكد التقرير أن سنة 2016 شكلت الاستثناء ضمن قاعدة تصاعد أعداد المقاتلين المتوجهين إلى جبهات مشتعلة في كل من العراقوسوريا خلال خمس سنوات خلت، حيث بلغت نسبة أعداد الشباب المغرر بهم للتوجه صوب سورياوالعراق سنة 2012 ستة في المائة ، وفي سنة 2013 ثمانية وخمسون في المائة، وفي سنة 2014 سبعة عشرة في المائة ، وفي سنة 2015 تسعة عشرة في المائة ، فيما كانت حصيلة سنة 2016 صفر في المائة. وعزا المصدر التراجع الكبير في أعداد الملتحقين بداعش وباقي التنظيمات المتطرفة في سوريا والشام إلى العديد من العوامل، والتي تقف في مقدمتها الإجراءات الاستباقية الحازمة التي اتخذتها السلطات المغربية لمواجهة هذه الظاهرة، وعلى رأسها نجاحها الباهر في تفكيك العديد من الخلايا الإرهابية التي تنشط فوق التراب الوطني، مع بروز عوامل أخرى من ضمنها ما هو خارجي صرف ، ويتجلى في تراجع مد تنظيم داعش بفقدانه مساحات واسعة بالبلدين منذ أكتوبر الماضي، ومقتل أبرز القيادات المغربية داخله. كما فسر التقرير الصعود الصاروخي لأعداد المغاربة المتوجهين صوب تنظيم داعش والنصرة وغيرها سنة 2013 بنسبة فاقت 58 في المائة إلى استجابة الشباب المغربي للدعوة التي كان قد أطلقها المشاركون في ما سمي بمؤتمر موقف علماء الأمة من القضية السورية ،والذي حث على ما اعتبره واجبا شرعيا للجهاد نصرة لسوريا بالنفس والسلاح والمال، في مواجهة التغلغل الإيراني والروسي في المنطقة. وفي هذا السياق، أكد محمد بنعيسى، وهو أستاذ باحث عن المركز المغربي لدراسة الإرهاب والتطرف في تصريح للعلم، أن لكل بداية نهاية، منوها إلى أن جميع المعطيات تفيد بنهاية ظاهرة المقاتلين المغاربة بسورياوالعراق، خصوصا مع انخفاض عدد الملتحقين خلال هذه السنة بشكل كبير، ومقتل أبرز قياداتهم ووجوههم الإعلامية، غير أنه عاد ليؤكد أن من شأن ذلك أن يلقي بثقل أكبر على عاتق السلطات الأمنية بالمغرب، خصوصا مع وجود نساء وأطفال مغاربة ما زالوا عالقين هناك. أما التحدي الثاني والأخطر يقول محمد بنعيسى، فهو المتجلي في كون الإرهابيين اختاروا فتح جبهة جديدة هي ليبيا ،حيث تحولت إلى نقطة جذب للمقاتلين المغاربة، لا سيما مع إعلان السلطات الجزائرية بين الفينة والأخرى توقيف مغاربة على حدودها مع ليبيا أو داخل اراضيها. وخلص التقرير إلى أن الشباب يظلون الفئة المستهدفة من عمليات الاستقطاب والتجنيد التي لا تفتر عنها التنظيمات المتطرفة، معتبرا الدور الكبير الذي لعبته الوجوه البارزة من أبناء المنطقة داخل تنظيم داعش في التجنيد والاستقطاب للشباب عن طريق شبكات التواصل الاجتماعي وبمنحهم ما يسمى التزكية وتشكيل مجموعات من المحاربين تولى بعض المغاربة القيادة داخلها، مؤكدا أن حوالي ربع المغاربة داخل تنظيم «داعش» قتلوا في عمليات انتحارية، وهو ما يفسر بالملموس أن المقاتلين المغاربة شكلوا محاربين عاديين داخل هذا التنظيم المتطرف . ويذكر أن المركز المغربي لدراسة الإرهاب والتطرف هو مؤسسة بحثية متخصصة في قضايا الإرهاب والتطرف، تأسس بمدينة مرتيل في 9 أبريل 2016، ويهدف إلى الارتقاء بدور الثقافة في مواجهة آفة التطرف والإرهاب من خلال طرح حلول علمية وعملية للوقاية من التطرف ولعلاج ظاهرة الإرهاب ونشر ثقافة التسامح والحوار داخل المجتمع.