ولي العهد الأمير مولاي الحسن يستقبل الرئيس الصيني    وفاة شخصين وأضرار مادية جسيمة إثر مرور عاصفة شمال غرب الولايات المتحدة    جامعة عبد الملك السعدي تبرم اتفاقية تعاون مع جامعة جيانغشي للعلوم والتكنولوجيا    سفير ألمانيا في الرباط يبسُط أمام طلبة مغاربة فرصا واعدة للاندماج المهني    بوريطة: المقاربات الملكية وراء مبادرات رائدة في مجال تعزيز حقوق الإنسان    ولي العهد الأمير الحسن يستقبل الرئيس الصيني بالدار البيضاء الذي يقوم بزيارة قصيرة للمغرب    تحطم طائرة تدريب يودي بحياة ضابطين بالقوات الجوية الملكية    متابعة موظفين وسماسرة ومسيري شركات في حالة سراح في قضية التلاعب في تعشير السيارات    هل يؤثر قرار اعتقال نتنياهو في مسار المفاوضات؟    عشر سنوات سجنا وغرامة 20 مليون سنتيما... عقوبات قصوى ضد كل من مس بتراث المغرب    رسميا: الشروع في اعتماد 'بطاقة الملاعب'        أبناء "ملايرية" مشهورين يتورطون في اغتصاب مواطنة فرنسية واختطاف صديقها في الدار البيضاء    الصحراء: الممكن من المستحيل في فتح قنصلية الصين..    المغرب التطواني يقاطع الإجتماعات التنظيمية مستنكرا حرمانه من مساندة جماهيره        أول دبلوم في طب القلب الرياضي بالمغرب.. خطوة استراتيجية لكرة القدم والرياضات ذات الأداء العالي    مجلس الحكومة يصادق على مشروع مرسوم بوقف استيفاء رسم الاستيراد المفروض على الأبقار والأغنام الأليفة    الحزب الحاكم في البرازيل يؤكد أن المخطط المغربي للحكم الذاتي في الصحراء يرتكز على مبادئ الحوار والقانون الدولي ومصالح السكان    تعيينات بمناصب عليا بمجلس الحكومة    "بتكوين" تقترب من 100 ألف دولار مواصلة قفزاتها بعد فوز ترامب    الرباط : ندوة حول « المرأة المغربية الصحراوية» و» الكتابة النسائية بالمغرب»    بعد غياب طويل.. سعاد صابر تعلن اعتزالها احترامًا لكرامتها ومسيرتها الفنية    المنتدى الوطني للتراث الحساني ينظم الدورة الثالثة لمهرجان خيمة الثقافة الحسانية بالرباط    استطلاع: 39% من الأطفال في المغرب يواجهون صعوبة التمدرس بالقرى    تناول الوجبات الثقيلة بعد الساعة الخامسة مساء له تأثيرات سلبية على الصحة (دراسة)    بإذن من الملك محمد السادس.. المجلس العلمي الأعلى يعقد دورته العادية ال 34    المغربيات حاضرات بقوة في جوائز الكاف 2024    توقعات أحوال الطقس ليوم غد الجمعة    الاستئناف يرفع عقوبة رئيس ورزازات    المركز السينمائي المغربي يقصي الناظور مجدداً .. الفشل يلاحق ممثلي الإقليم    مؤشر الحوافز.. المغرب يواصل جذب الإنتاجات السينمائية العالمية بفضل نظام استرداد 30% من النفقات    طنجة.. توقيف شخصين بحوزتهما 116 كيلوغرام من مخدر الشيرا    ميركل: ترامب يميل للقادة السلطويين    لأول مرة.. روسيا تطلق صاروخا باليستيا عابر للقارات على أوكرانيا    زكية الدريوش: قطاع الصيد البحري يحقق نموًا قياسيًا ويواجه تحديات مناخية تتطلب تعزيز الشراكة بين القطاعين العام والخاص    ارتفاع أسعار الذهب مع تصاعد الطلب على أصول الملاذ الآمن    وزارة الإقتصاد والمالية…زيادة في مداخيل الضريبة        رودري: ميسي هو الأفضل في التاريخ    ارتفاع أسعار النفط وسط قلق بشأن الإمدادات جراء التوترات الجيوسياسية    أنفوغرافيك | يتحسن ببطئ.. تموقع المغرب وفق مؤشرات الحوكمة الإفريقية 2024    بعد تأهلهم ل"الكان" على حساب الجزائر.. مدرب الشبان يشيد بالمستوى الجيد للاعبين    8.5 ملايين من المغاربة لا يستفيدون من التأمين الإجباري الأساسي عن المرض    مدرب ريال سوسيداد يقرر إراحة أكرد    انطلاق الدورة الثانية للمعرض الدولي "رحلات تصويرية" بالدار البيضاء    الشرطة الإسبانية تفكك عصابة خطيرة تجند القاصرين لتنفيذ عمليات اغتيال مأجورة    من شنغهاي إلى الدار البيضاء.. إنجاز طبي مغربي تاريخي    تشكل مادة "الأكريلاميد" يهدد الناس بالأمراض السرطانية    شي جين بينغ ولولا دا سيلفا يعلنان تعزيز العلاقات بين الصين والبرازيل    جائزة "صُنع في قطر" تشعل تنافس 5 أفلام بمهرجان "أجيال السينمائي"    تفاصيل قضية تلوث معلبات التونة بالزئبق..    دراسة: المواظبة على استهلاك الفستق تحافظ على البصر    اليونسكو: المغرب يتصدر العالم في حفظ القرآن الكريم    بوغطاط المغربي | تصريحات خطيرة لحميد المهداوي تضعه في صدام مباشر مع الشعب المغربي والملك والدين.. في إساءة وتطاول غير مسبوقين !!!    في تنظيم العلاقة بين الأغنياء والفقراء    غياب علماء الدين عن النقاش العمومي.. سكنفل: علماء الأمة ليسوا مثيرين للفتنة ولا ساكتين عن الحق    سطات تفقد العلامة أحمد كثير أحد مراجعها في العلوم القانونية    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



أبعاد التدخل العسكري التركي في سوريا: الصراع في بلاد الشام تجربة لسيناريو حرب عالمية ثالثة.. بقلم // عمر نجيب
نشر في العلم يوم 30 - 08 - 2016

يوم الأربعاء 24 أغسطس 2016 دخلت قوات تركية مدعومة بالطيران إلى مناطق حدودية سورية في عملية أعلن في أنقرة أنها تهدف إلى إبعاد الأخطار الناجمة عن توسيع وحدات مسلحة كردية تتمتع بدعم عسكري ومالي من جانب الولايات المتحدة من سيطرتها على شريط من الأراضي المجاورة للحدود التركية السورية، ولمواجهة تنظيم داعش. ويوم الجمعة 26 أغسطس صرح رئيس الوزراء التركي بن علي يلدريم إن القوات التركية ستبقى في سوريا ما يلزم من الوقت لتطهير المنطقة الحدودية.
في حين قال نائب رئيس وزراء تركيا نعمان قورتولموش في تعليق على تويتر يوم الجمعة إن متشددي تنظيم داعش وحزب العمال الكردستاني ووحدات حماية الشعب الكردية يهاجمون تركيا في محاولة لاستغلال محاولة الانقلاب العسكري الفاشلة التي جرت منتصف شهر يوليو.
وتشمل المناطق الخاضعة لسيطرة وحدات حماية الشعب الكردية في شمال سوريا قطاعا متواصلا بامتداد 400 كيلومتر من الحدود السورية التركية بدءا من الحدود مع العراق إلى نهر الفرات وجيبا من الأراضي في شمال غرب سوريا.
في رد على التحرك التركي ذكر التلفزيون الرسمي السوري أن وزارة الخارجية السورية أدانت التوغل العسكري التركي باعتباره "خرقا سافرا" لسيادة سوريا. وأضافت الوزارة "محاربة الإرهاب على الأراضي السورية من أي طرف كان يجب أن تتم من خلال التنسيق مع الحكومة السورية والجيش العربي السوري الذي يخوض هذه المعارك منذ أكثر من خمس سنوات، إن "محاربة الإرهاب ليست في طرد داعش وإحلال تنظيمات إرهابية مكانها مدعومة مباشرة من تركيا".
من جانبها قالت وزارة الخارجية الروسية في بيان إن موسكو منزعجة بشدة من تصاعد التوتر على الحدود التركية السورية بعدما أرسلت أنقرة قواتها إلى الأراضي السورية.
في واشنطن قال مسؤول دفاعي أمريكي إن طائرات أمريكية نفذت يوم الأربعاء غارات جوية دعما للقوات التركية وقوات سورية معارضة تقاتل من أجل طرد تنظيم الدولة الإسلامية من أحد آخر معاقل التنظيم على الحدود التركية السورية.
وأضاف المسؤول الذي طلب عدم نشر اسمه إن الطائرات الهجومية إيه-10 "وورثوج" ومقاتلات إف-16 تشن الغارات.
في الوقت الذي جرى الحديث عن دعم أمريكي لأنقرة، صرح رئيس الوزراء التركي بن علي يلدريم يوم الأربعاء إن على الولايات المتحدة إعادة النظر في دعمها لوحدات حماية الشعب الكردية للحيلولة دون زيادة الخطر مضيفا أن واشنطن وافقت على أنه لا ينبغي لهم التحرك إلى غرب نهر الفرات. وجاءت تصريحات يلدريم في مؤتمر صحفي في أنقرة مع جو بايدن نائب الرئيس الأمريكي الذي قام بزيارة لتركيا استغرقت يوما واحدا.
وتدعم الولايات المتحدة وحدات حماية الشعب وهي سياسة لاقت انتقادات من تركيا التي تعتبر المقاتلين امتدادا لحزب العمال الكردستاني المحظور الذي يقوم بتمرد منذ ثلاثة عقود في جنوب شرق تركيا ذي الأغلبية الكردية.
الأكراد سيقاتلون
مسؤولون أكراد سوريون وصفوا التدخل العسكري التركي بأنه "اعتداء سافر" وقالوا إن أنقرة ستخسر في "مستنقع" سوريا.
وصرح صالح مسلم زعيم حزب الاتحاد الديمقراطي الكردي السوري في تغريدة على موقع تويتر يوم الأربعاء "تركيا ستخسر في مستنقع سوريا كداعش".
وذكر ريدور خليل المتحدث باسم وحدات حماية الشعب الكردية السورية إن التدخل العسكري التركي في سوريا "اعتداء سافر على الشؤون الداخلية السورية" وهو ناجم عن اتفاق بين تركيا وإيران والحكومة السورية.
وتعتبر أنقرة حزب الاتحاد الديمقراطي ووحدات حماية الشعب تهديدا لها بسبب صلتهما بحزب العمال الكردستاني الذي يخوض تمردا داخل تركيا منذ 1984.
وانتزعت قوات سوريا الديمقراطية السيطرة على مناطق في شمال سوريا من الدولة الإسلامية مما أثار قلق تركيا. والقوات هي عبارة عن تحالف لجماعات كردية وعربية تؤكد واشنطن أنها تقاتل التنظيم المتشدد وتمثل وحدات حماية الشعب جزءا رئيسيا منها.
واتهم ألدار خليل وهو سياسي كردي آخر كبير جماعات المعارضة المشاركة في العملية بتسهيل ما وصفه بالاحتلال التركي لسوريا والعمل لمصلحة تركيا.
ووصف التدخل التركي بأنه "إعلان حرب" على إدارة الحكم الذاتي التي أسستها الجماعات الكردية في شمال سوريا بعد بدء الصراع في 2011.
وقال لرويترز "الرد وآلياته وشكله يحتاج للمناقشة والدراسة وما زلنا ندرس الموضوع لكن من حيث المبدأ نحن لا نقبل هذا الاحتلال".
ويوم الأحد 28 أغسطس وردت الأخبار الأولى عن إشتباكات مسلحة بين القوات الكردية والجيش التركي.
غياب المقاومة
سجل الملاحظون أن القوات التركية ومقاتلون تدعمهم أنقرة عندما عبروا الحدود لانتزاع السيطرة على بلدة جرابلس من الدولة الإسلامية لم يواجهوا مقاومة تذكر من طرف داعش التي إنسحب مسلحوها بسرعة دون أن يتعرض لهم لا الطيران التركي أو الأمريكي ولم يخسر الجيش التركي في العملية إلا جنديا واحدا أصيب بلغم.
مراقبون أشاروا أنه من المسلم به أن دمشق وموسكو وافقتا ضمنيا على التدخل العسكري التركي خاصة أنه جاء بعد القمة الروسية التركية في مدينة لينينغراد يوم الثلاثاء 9 أغسطس 2016، وأن الإعتراض المعبر عنه هو جزء من مناورة دبلوماسية لتأمين خط رجعة لو تقلبت السياسة التركية مرة أخرى في إتجاه تنفيذ مخططات واشنطن في سوريا.
مصادر رصد أشارت إلى أن العقيد التركي أحمد عثمان قال لرويترز متحدثا من جرابلس إن الأولوية الآن هي التقدم غربا لمسافة نحو 70 كيلومترا إلى بلدة مارع التي كانت لفترة طويلة تمثل خطا للمواجهة مع تنظيم الدولة الإسلامية.
وسعت تركيا طويلا لحشد التأييد لإقامة "منطقة عازلة" في شمال سوريا تسيطر عليها ما تعتبرها المعارضة المعتدلة وربما تهدف لإنشائها على المنطقة الحدودية التي تسيطر عليها الدولة الإسلامية حاليا وتمتد 80 كيلومترا غربي جرابلس، وهذا أمر ترفضه كل من دمشق وموسكو.
وأفاد مسؤولون أتراك إنه في حالة طرد التنظيم المتشدد من المنطقة سيحرم من طريق تهريب يسلكه المقاتلون الأجانب الذين يريدون الانضمام إلى صفوفه كما سيكون من الممكن إقامة منطقة آمنة للمدنيين النازحين مما يساعد على وقف تدفق المهاجرين واللاجئين حسبما كانت أنقرة تقول منذ سنوات.
احتياطات عسكرية
إمكانية إنقلاب أنقرة على تفاهماتها مع دمشق وموسكو واردة، وهو ما يفسر احتياطات موسكو التي أجرت مناورات عسكرية مفاجئة للدائرة العسكرية الجنوبية إبتداء من 25 أغسطس وحتى 31 منه.
وقد تطرقت صحيفة "موسكوفسكي كومسوموليتس" إلى المناورات العسكرية المفاجئة، مشيرة إلى أن هدفها صد العدوان في الاتجاه الجنوبي الغربي.
وبحسب الخبير العسكري فيكتور موراخوفسكي، فإن هدف هذه التدريبات الأول هو التدريب على الحرب الدفاعية، وقال إن "هدف المناورات ردع العدوان، والضربات المفاجئة، حيث يتم خلالها التدرب على أساليب الحرب الدفاعية في الاتجاه الجنوبي الغربي المضطرب حاليا".
يوم الجمعة 26 أغسطس أعلن الكرملين إن إردوغان الذي يدعم الإطاحة بالأسد تحدث هاتفيا مع نظيره الروسي فلاديمير بوتين الذي يدعم الأسد وشددا على أهمية القتال المشترك ضد الإرهاب.
المسجل حاليا هو أن البيت الأبيض لا يريد على الأقل في المرحلة الحالية من الصراع في منطقة الشرق الأوسط إلحاق ضرر بعلاقاته مع أنقرة.
ويمثل إضعاف التحالف الأمريكي التركي قلقا للولايات المتحدة التي تعول على الدعم الذي تقدمه تركيا التي تمتلك ثاني أكبر جيش في حلف شمال الأطلسي.
وربما أدت إعادة إردوغان العلاقات مع روسيا بل ومناقشة التعاون العسكري مع الرئيس فلاديمير بوتين إلى مضاعفة مخاوف الأمريكيين .
وقدم نائب الرئيس الأمريكي بايدن رسالة تحالف ومصالحة لدى اجتماعه مع إردوغان ورئيس وزراء تركيا في أنقرة يوم الأربعاء.
وقال بايدن"اسمحوا لي أن أقولها للمرة الأخيرة.. أن الشعب الأمريكي يقف معكم.. باراك أوباما كان من أوائل الناس الذين اتصلتم بهم. ولكنني أعتذر. كنت أتمني لو أنني استطعت أن أكون هنا قبل ذلك".
يذكر أنه في آخر مرة زار فيها جو بايدن تركيا في يناير 2016 حمل معه رسالة صارمة للرئيس إردوغان مفادها أن نموذجه للديمقراطية الإسلامية يعطي مثالا سيئا من خلال ترهيبه لوسائل الإعلام وتهديده الحياة الجامعية.
هذه المرة ذكر إن المسؤولين الأمريكيين سيتعاونون في التحقيق في الأدلة ضد فتح الله غولن رجل الدين المقيم في الولايات المتحدة والذي ينحي إرودغان باللوم عليه في تدبير محاولة الإنقلاب مع أنصاره.
وطالب إردوغان واشنطن بتسليم غولن الذي نفي أي تورط له في محاولة الإنقلاب ولكن السلطات الأمريكية قالت إنه يجب على تركيا أن تقدم أولا أدلة على ارتكابه خطأ.
وذكر القائد الأعلى السابق للتحالف في حلف شمال الأطلسي الأميرال جيمس ستافريدس إن مفتاح العلاقات الأمريكية مع تركيا هو تحقيق توازن في التوترات الواقعية والمثالية بين الحاجة إلى وجود حليف قوي وإقليمي بحلف شمال الأطلسي وإعطاء اهتمام لحقوق الإنسان.
وأفاد مسؤول أمريكي إن زيارة بايدن استهدفت إلى حد ما تصحيح الانطباع بين بعض الأتراك بأن واشنطن وافقت إلى حد ما على محاولة الإنقلاب وأيضا لتوضيح تفهم الحكومة الأمريكية للصدمة التي سببتها محاولة الإنقلاب لتركيا.
واعترف إردوغان بأهمية التحالف بين تركيا والولايات المتحدة ورحب برسالة التضامن التي قدمها بايدن. ولكنه رفض تصريحات بايدن التي قال فيها إن محكمة اتحادية أمريكية لا بد وأن تقرر ما إذا كان سيتم إرسال غولن إلى تركيا بدلا من المطالبة بتسليم غولن بشكل مباشر.
وذكرت صحيفة صباح التركية اليومية المؤيدة للحكومة في مقال افتتاحي "يا لها من فرصة أهدرها هو والإدارة الأمريكية"، وتابعت: "هل قطع كل هذه المسافة الطويلة إلى تركيا لمجرد أن يقول إن الأمر في يد القضاء؟. ألم يكن يكفي أن يقوم متدرب بسيط في مكتبه بنقل نفس الرسالة دون إثارة كل هذه الضجة؟".
يوم الأحد 28 أغسطس وبعد محادثاته مع بايدن صرح أردوغان في تجمع جماهيري أمام أنصاره بمدينة غازي عنتاب شرق أنه لن يسمح لاي منظمة إرهابية بالقيام بفعاليات داخل حدود بلاده أو بالقرب منها، وأضاف "مكافحتنا لمنظمة"بي كا كا" الإرهابية ستستمر وسندعم كافة الجهود الرامية لتطهير سوريا والعراق من تنظيم داعش الإرهابي"، موضحا "ولهذا نحن موجودون في جرابلس السورية وبعشيقة العراقية", واضاف أردوغان "إن استدعى الأمر فإننا سنقوم بما يجب في باقي المناطق" واسترسل الرئيس التركي في التأكيد على عزمه دحر "منظمة "الأكراد"" مهددا إياها ب"اقتلاع جذورها من سوريا".
الكل يقاتل الكل
كتب المحلل والصحفي عبد الباري عطوان يوم 28 أغسطس:
التدخل العسكري التركي المباشر، الذي تأخر خمس سنوات، كان من المفترض ان يكون ضد قوات الجيش السوري، ولحماية حلفاء أنقرة في حلب على سبيل المثال، ولكنه جاء لمواجهة الأكراد، واجهاض مخطط أمريكي لإقامة دولة لهم، وإقامة منطقة عازلة، ولكن بموافقة السلطات السورية والروسية معا، ومباركة إيرانية، لإعادة ترحيل مهاجرين سوريين يقيمون على الأراضي التركية،هناك من يقدر عددهم بمليوني لاجئ، واقامة سد بشري عربي في مواجهة التمدد الكردي، وجعل مهمة القوات "العربية" السورية الموالية لتركيا إسقاط "الدولة الكردية"، كأولوية تتقدم على إسقاط "الدولة الإسلامية".
الأولويات تغيرت، وخريطة التحالفات تتغير أيضا، وفقا لمصالح الأطراف المتواجدة على الأرض، او في السماء، وأعداء المساء يمكن أن يتحولوا إلى أصدقاء الصباح، إنها "سوريا الجديدة".
الصدام العسكري التركي الكردي ينتقل الآن إلى الأرض السورية، مدعوما هذه المرة بقوات عربية، وصالح مسلم، قائد حزب الاتحاد الديمقراطي الكردي، أكد أن تركيا ستغرق في المستنقع السوري، وستحاربها قواته كقوة "احتلال"، رافضا دعوات حلفائه الأمريكان بالانسحاب من مدينة منبج وغيرها من البلدات السورية إلى شرق الفرات، حتى لو أدى هذا الموقف إلى خسارة الدعم الأمريكي.
السلطات السورية في دمشق تلتزم الصمت، وتكتفي بإدانة "روتينية" لعملية "درع الفرات" التركية، التي اعتبرتها انتهاكا للسيادة السورية، ولسان حالها يقول "فخار يكسر بعضه"، ولكن هناك من يؤكد ان هذا "الدرع″ التركي جاء ثمرة اتفاق تركي سوري، بوساطة إيرانية، ومباركة روسية.
بات من الصعب علينا، وعلى الكثيرين مثلنا، معرفة من يقاتل من على الأراضي السورية، والهدف المعلن لكل هذه التدخلات والحشود والحروب هو اجتثاث "الدولة الاسلامية"، العدو المشترك لجميع القوى المتضادة، اقليمة كانت او دولية.
أمريكا وروسيا
بينما تتأرجح العلاقات التركية الأمريكية وتجري مقايضات خلف الستار، أعلن في جنيف عن فشل الولايات المتحدة وروسيا يوم الجمعة 26 أغسطس، في التوصل لاتفاق بشأن التعاون العسكري ووقف العمليات القتالية في سوريا ولكنهما قالتا إن أمامها قضايا قليلة "محدودة" يتعين حلها قبل إمكان الإعلان عن التوصل لاتفاق.
وصرح وزير الخارجية الأمريكي جون كيري ونظيره الروسي سيرجي لافروف في مؤتمر صحفي مشترك بعد محادثات متقطعة استمرت أكثر من تسع ساعات في جنيف إن فريقين من الجانبين سيحاولان بحث التفاصيل النهائية في الأيام المقبلة في جنيف.
وذكر كيري إن الجانبين "حققا وضوحا بشأن الطريق إلى الأمام" وإن معظم الخطوات نحو تجديد هدنة وخطة إنسانية تم التوصل إليهما في فبراير استُكملت خلال المحادثات.
وأضاف"لا نريد اتفاقا من أجل الاتفاق. نريد إنجاز شيء فعال يفيد الشعب السوري ويجعل المنطقة أكثر استقرارا وأمنا ويأتي بنا إلى الطاولة هنا في جنيف لإيجاد حل سياسي".
وتعقدت المحادثات جزئيا بسبب هجوم كبير في الجزء الجنوبي من مدينة حلب المقسمة بقيادة بعض من الجماعات المسلحة المدعومة من الولايات المتحدة التي تختلط مع الجماعة التي كانت تعرف سابقا باسم جبهة النصرة التابعة لتنظيم القاعدة في سوريا والتي تشارك أيضا في القتال ضد الجيش السوري.
وتتركز هذه المحادثات الفنية بشكل أساسي على كيفية فصل جماعات المعارضة عن المتشددين. وقال لافروف لا بد من تحديد الجماعات التي تمثل جزءا من اتفاق وقف العمليات القتالية "بشكل قاطع".
وجاءت المحادثات في الوقت الذي سلمت فيه جماعات مسلحة بشكل فعلي ضاحية داريا بدمشق للحكومة بعد حصار صارم استمر أربع سنوات.
وصرح كيري إن النظام السوري "فرض استسلام" داريا في تناقض مع اتفاق فبراير 2016 لوقف العمليات القتالية ولكن لافروف قال إن هذا الاتفاق المحلي "مثال" لا بد من "تكراره".
إسرائيل والمتاهة
تل أبيب التي تساند بكل السبل مخطط تدمير الجيش السوري وتقسيم سوريا إلى دويلات تراقب بقلق تبدل التحالفات في الصراع الدولي والإقليمي على أرض الشام، وإهتمامها في هذه الفترة مركز على الدور التركي وما هي نوايا حكومة أردوغان الختامية.
يوم 28 أغسطس كتب البروفيسور ايال زيسر في "اسرائيل اليوم":
في الأسبوع الماضي تفرغ الرئيس التركي، رجب طيب اردوغان، من الزوبعة التي تحدث في بلاده ومن حملة التطهير والتصفيات السياسية في اوساط معارضيه ومنتقديه منذ محاولة الانقلاب الفاشلة قبل شهر، وأرسل جيشه إلى سوريا الجارة. وهكذا بالتزامن مع طي الإعلام وحل الأزمة مع روسيا وإسرائيل، قرر اردوغان فتح جبهة قديمة جديدة أمام عدوه في سوريا.
العملية العسكرية أعطيت اسم "واقي الفرات"، وهي تهدف حسب اردوغان ورجاله إلى ضرب تنظيم الدولة الاسلامية الذي نفذ مؤخرا عمليات ارهابية شديدة في تركيا.
من الجيد أن داعش موجود من اجل اخذه كمبرر للتدخل العسكري في سوريا. ففي النهاية أعلن الروس والايرانيون ايضا أنهم يرسلون قواتهم إلى سوريا لمحاربته. ولكن فعليا، هم يحاربون مجموعات متمردين معتدلة تهدد نظام بشار الأسد. أما داعش فلا يقتربون منه.
إن التهديد الاستراتيجي بالنسبة لتركيا في سوريا يكمن في الأكراد، الذين تزداد قوتهم بمساعدة واشنطن وتجاهل موسكو، حكم ذاتي كامل في شمال سوريا وشرقها. حكم ذاتي كهذا، ترافقه صحوة المشاعر الكردية القومية سيؤدي، كما يخشى الأتراك، إلى انضمام الأقلية الكردية في تركيا نفسها. وفي نهاية المطاف، الجيش التركي في حالة مواجهة متصاعدة مع الخلايا السرية الكردية في تركيا، حزب العمال الكردستاني، الذي ينتمي إليه أغلبية الأكراد العاملين في سوريا.
يبدو أن اردوغان يفهم أن الطريقة لمنع انشاء دولة كردية في سوريا هي من خلال التدخل، وايضا التواجد العسكري المتواصل في الأراضي السورية. هكذا فقط ستأخذه القوى العظمى في الحسبان عندما يتم التوجه لخلق اتفاق بعيد المدى للازمة السورية. هكذا فقط سيسعى الامريكيون إلى تقييد نشاط الأكراد في سوريا، الذين يؤيدونهم ويدربونهم ويسلحونهم، وبالتالي فإن الأكراد يضطرون إلى بلع حبة الدواء المرة. إنهم يرتبطون برغبة واشنطن، التي هي بحاجة إلى الأتراك.
العملية التركية ركزت على مقاطعة غرابلوس، اهمية هذه المقاطعة تكمن في انها نقطة الوصل بين مناطق الاكراد في شرق سوريا وشمالها. بمساعدة الدبابات التي تم ارسالها الى هذه المنطقة، يهدف اردوغان الى منع الاكراد من الوصل بين المنطقتين في سوريا بواسطة انشاء منطقة حكم ذاتي واعلان دولة مستقلة في المستقبل. ومن هذه المنطقة يستطيع اردوغان ايضا مد يده الى مدينة حلب التي تدور فيها حرب عالمية بين روسيا وايران وحزب الله وبين المتمردين الذين ينجحون في الصمود حتى الآن.
وعلى الرغم من كل ذلك، الحديث يدور عن خطوة محدودة يشارك فيها مئات الجنود وعدة عشرات من الدبابات، حيث أن الاتراك وخصوصا اردوغان، يتحدثون كثيرا – هذا ما حدث ايضا امام اسرائيل – لكنهم يدركون حدود القوة ويظهرون الحذر الكبير عند التنفيذ. وهم ايضا لا يريدون الغرق في الوحل السوري.
تركيا انضمت الى اللعبة السورية، وهي منذ زمن طويل تقدم المساعدات للمتمردين السوريين. ولكن من بين اللاعبين الكثيرين يبرز الآن، في أعقاب تدخل تركيا في سوريا، رابح واحد وخاسرين كثيرين.
الرابح الاكبر هو بشار الاسد، بالطبع، الذي ما زال يجلس بأمان على كرسيه ويشاهد خصومه وهم يتصارعون فيما بينهم.
يوم 28 أغسطس كذلك كتب المحلل الصهيوني تسفي برئيل الذي يملك علاقات وثيقة مع المؤسسة العسكرية في صحيفة هآرتس:
"إن تهديد جون كيري لا يحتمل أكثر من تفسير. اذا لم تنسحب القوات الكردية الى شرق نهر الفرات فان الولايات المتحدة لن تقدم لها المساعدة. هذا ما أعلنه وزير الخارجية الامريكي، بشكل حاد وحاسم. من المشكوك فيه أن يكون الرئيس التركي، رجب طيب اردوغان، قد اعتمد على هذا التهديد، لكن الاهم من ذلك هو هل سينخضع للاكراد؟ وما المقابل؟ بعد هذا التصريح بيوم قامت القوات الكردية بالانسحاب من مدينة منبيج ايضا، وهي أحد المواقع الهامة للدولة الاسلامية.
"هذه مثابة لطمة للقوات الكردية"، قال أحد متحدثي "وحدات سوريا الديمقراطية"، وهي المليشيا التي قامت بتشكيلها الولايات المتحدة، والتي يقاتل فيها الاكراد والعرب معا من اجل تشويش حقيقة أنها مليشيا كردية. لقد كان هذا التشويش مطلوبا كي تستطيع الولايات المتحدة الاستمرار في دعم الاكراد دون اغضاب الاتراك. ولكن الاكراد يعتقدون أنهم يدفعون في هذه الاثناء بالدم ثمن العلاقة المتوترة بين تركيا والولايات المتحدة.
مصدر كردي له أهمية في الحكومة الكردية في العراق قال لصحيفة "هآرتس″ إن التهديد الامريكي "يقوم بارسال رسالة مخيبة للآمال وخطيرة، ليس للاكراد في سوريا فقط، بل للشعب الكردي كله، النازف في الحرب، والذي منح ثقته للادارة الامريكية. القوات الكردية في سوريا تطمح الى اقامة منطقة حكم ذاتي، وهذا من حقهم. فقد دفعوا وما زالوا يدفعون ثمنا باهظا من اجل انشاء تواصل جغرافي في سوريا، المطلوب من اجل الحكم الذاتي. كان ذلك واضحا للامريكيين منذ البداية، لكنهم لم يقولوا أي شيء عندما أعلن الاكراد عن اقامة الحكم الذاتي في سوريا. والآن قرروا الوقوف الى جانب تركيا، وفي نفس الوقت يتوقعون من الاكراد المساعدة في الحرب".
ورقة سياسية تركية
"تركيا التي غيرت موقفها بخصوص التدخل العسكري المباشر في سوريا، بعد سنوات من مساعدتها لداعش والمليشيات الراديكالية الاخرى، تمسك بيدها رافعة ضغط ناجعة. استئناف العلاقة بينها وبين روسيا واقامة لجنة للتعاون العسكري والإستخباري والسياسي بين الدولتين، صحيح أنه حظي بالتأييد في واشنطن، لكنه في نفس الوقت منح تركيا ورقة سياسية هامة تستطيع التهديد من خلالها بوقف التعاون مع الولايات المتحدة اذا سمحت للاكراد بإقامة حكم ذاتي على حدودها في سوريا. إن تهديدا كهذا ليس كاذبا. حيث أن تركيا قد أعلنت قبل عامين بأنها لن تسمح باستخدام قاعدة انكرليك لقصف اهداف في سوريا، بل لاهداف لوجستية فقط. في الماضي الابعد، اثناء حرب الخليج الثانية، رفض البرلمان التركي طلبات واشنطن لاستخدام هذا الموقع العسكري أو نقل القوات الامريكية الى العراق عن طريق تركيا. ويوجد لتركيا ايضا سبب آخر للضغط على واشنطن وهو يتعلق بطلب تسليم الداعية الديني فتح الله غولن.
ويمكن القول إن التهديد ضد الاكراد هو جزء لا يتجزأ من جهود تهدئة التوتر السياسي.
في هذه الساحة الموحلة يوجد لاعبان اساسيان. روسيا تحولت في السنة الاخيرة الى حليفة للاكراد في سوريا، وتوسطت بينهم وبين النظام السوري. التعاون الروسي الكردي ازداد على خلفية الازمة في العلاقة بين تركيا وروسيا في اعقاب اسقاط الطائرة الروسية في نوفمبر 2015، حيث حددت روسيا في هذه الأزمة كل نقاط الضعف التركية من اجل الإضرار بها، بدء بمنع السياحة ومرورا بوقف التجارة وكبح نشاط الشركات التركية في روسيا وانتهاء بالتعاون العلني مع الأكراد.
لكن بعد استئناف العلاقة بين الدولتين في بداية شهر أغسطس، لم تترك روسيا الاكراد. ففي الاسبوع الماضي بادرت الى اتفاق وقف اطلاق النار بين النظام السوري وبين الأكراد في الحسكة في شمال شرق سوريا. وحسب الاتفاق، فان القوات السورية التي كانت محاصرة في مدينتي الحسكة والقامشلي، تستطيع ابقاء قوة شرطية رمزية في المدينتين، ويتبادل الطرفان المصابين والجثث، الشرطة الكردية هي التي ستدير الامن بشكل فعلي في المدن. وموظفو الحكومة الاكراد الذين تمت اقالتهم في اعقاب الحرب، يعودون الى عملهم، وتبدأ المفاوضات حول "المشكلة الكردية".
للوهلة الأولى هذا "فقط" اتفاق محلي يشبه المبادرة الروسية في مدن أخرى في سوريا، لكن أهميته تكمن في تعزيز مكانة روسيا التي تستطيع، خلافا للولايات المتحدة، التوصل إلى وقف إطلاق النار وإنشاء مناطق هادئة وترجمة القصف الجوي إلى انجازات في الميدان.
حسب التقارير في وسائل الإعلام الغربية، روسيا تحاول الآن تغيير موقف تركيا تجاه الأسد، واقناعها بالموافقة على بقائه إلى أن تجرى الانتخابات. هذه المبادرة سجلت انتصارا جزئيا عندما أعلن رئيس الحكومة التركية، علي يلدريم، لأول مرة أن الأسد هو لاعب هام في الأزمة السورية، وأن تركيا مستعدة للموافقة على استمرار بقائه بشكل مؤقت وأن "تركيا وسوريا يجب أن تفتحا صفحة جديدة في العلاقات". هذه نغمة جديدة تناقض التوجه المتشدد الذي انتهجه اردوغان ضد الاسد ونظامه على مدى سنوات الحرب".
ايران تستيقظ
"إن من يحاول تشجيع تركيا هو ايران، التي عملت من وراء الكواليس للمصالحة بين تركيا وروسيا. الواقع السياسي لإيران لا يلتفت إلى حقيقة أن روسيا هي دولة "كافرة" وأن تركيا هي دولة سنية. لقد أثبتت إيران أنها مستعدة عند الحاجة للتعاون مع أي جهة تخدم مصالحها، بما في ذلك الولايات المتحدة التي وقعت معها على الاتفاق النووي.
لكن التقارب الروسي الايراني له ثمن سياسي. وقد عبر عن نفسه مؤخرا بتبادل الاتهامات الكلامية بين وزير الدفاع الإيراني حسين دهقان وبين رئيس البرلمان علي لاريجاني. الجدال بدأ حول السماح للطائرات الروسية بالإقلاع من مطار همدان الإيراني. وقد أعلن الدهقان أن الحديث يدور فقط عن الهبوط والإقلاع، الأمر الذي ليس بحاجة إلى مصادقة البرلمان.
رئيس البرلمان لاريجاني لم يستجب لاقتراح الدهقان، وأعلن أنه "من الأفضل أن لا يتحدث وزير الدفاع بشكل يناقض البرلمان. الصحيفة الروسية "كومرتشنت" كتبت أنه حسب مصادر عسكرية رفيعة المستوى في روسيا "هناك سوء فهم تقني بين روسيا وايران، لذلك توقفت الطلعات الجوية من همدان".
الخلاف ليس تقنيا حيث أن روسيا تطلب إقامة قاعدة في إيران. وإيران ترفض ذلك. روسيا بحاجة الى الوقود والى تخزين الذخيرة والى طاقم تقني كبير يبقى على أراضي إيران. وايران مستعدة في الوقت الحالي للسماح فقط بالهبوط والاقلاع والتزود بالوقود.
صحيح أن الحديث ليس عن أزمة في العلاقة، بل محاولة للي الأذرع على خلفية غضب وقلق إيران مما تعتبره سيطرة روسية على سوريا. ومن هنا تنبع الأهمية التي توليها إيران لشراكتها مع تركيا. وهي تعمل الآن من اجل التوافق معها حول مستقبل الأسد. وحسب تقارير صحفية، فان تركيا أرسلت جنرال سابق يدعى اسماعيل حقي الى طهران، حيث التقى مع قادة من النظام السوري. يوجد لحقي عداد مسافات طويل مع سوريا، حيث كان المنسق التركي للتوقيع على اتفاق أدنة في 1998 والذي أنهى الأزمة بين تركيا والحكومة السورية حول حد نشاط حزب العمال الكردستاني في سوريا".
عواقب وجودية
كتب المحلل الأمريكي "جورج فريدمان" يوم 12 أغسطس:
اجتمع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين والرئيس التركي رجب طيب أردوغان يوم الثلاثاء. ليس من الواضح ما خرج به الاجتماع على وجه التحديد، ولكن من الواضح أن أمورا عدة صارت على المحك.
كل من تركيا وروسيا ترى نفسها في مواجهة مع قوة كبيرة هي الولايات المتحدة. وهي قوة تبدو غير حاسمة في كثير من الأحيان في استخدام قوتها وتتصرف أحيانا بطريقة عشوائية وغير متوقعة. بالنسبة إلى روسيا وتركيا، فإن كلتيهما تعي أن خطوتها التالية سوف يكون لها عواقب وجودية. وبالنسبة للولايات المتحدة، فإنه لا شيء يحدث في كلا البلدين يرقى إلى مستوى كونه حدثا وجوديا. بعد المسافة وفارق القوة يعزلان الولايات المتحدة بشكل كبير عن مغبة سوء التقدير.
لذا فإن روسيا وتركيا تعايران تحركاتهما بأكبر قدر ممكن من الدقة. على المدى القصير، فإن كلا البلدين لديهما مصالح مشتركة. تريد كل منهما الحفاظ على مساحة المناورة الخاصة بها من خلال تشتيت انتباه الولايات المتحدة لتفادي مواجهتها بشكل مباشر. تراقب كلا الدولتين بحذر مساعي الاتحاد الأوروبي نحو إعادة تعريف نفسه ودوره. عدم اليقين في أوروبا يعطي كلا البلدين رئة للتنفس ولكنه في ذات الوقت يولد قدرا كبيرا من عدم الارتياح. كلا البلدين لا يمكنها التنبؤ بما سيحدث للتكتل الأوروبي بعد سنوات من الآن. يمكن للفوضى أن تتكثف، كما يمكن أن تنتهي الأمر بنشوء دولة قوية أو تكتل قوي. في النهاية، أيا كان ما سيحدث في أوروبا فهو مهم بالنسبة إلى تركيا وروسيا".
عمر نجيب
[email protected]


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.