المرسوم الذي تحصن فيه البلاغ الصادر عن وزيري الداخلية والاقتصاد والمالية في شأن استفادة والي الرباطسلا من عقار بالرباط بثمن رمزي و الذي يتحدث عن « خدام الدولة» لم يحدد بالتدقيق من هم هؤلاء « الخدام » و لم يعط تعريفا دقيقا « لخدمة الدولة »، ولم يوضح العلاقة الجدلية الوطيدة بين «خدمة الدولة» والاستفادة من ثروات «الدولة» بطرق غير مفهومة؟ مثلا، إذا تعلق الأمر بوالي في وزارة الداخلية الذي يستفيد من راتب شهري جد محترم يقارب راتب وزير ويضاعف راتب برلماني ، و يستفيد بالإضافة إلى ذلك من سيارات « الدولة « وبنزين « الدولة « وخدمات سائقين وطباخين وحراس وفراشين يتلقون رواتبهم من « الدولة « ويمارس الوالي وظيفته العادية ويحصل مقابل ذلك على راتب وامتيازات عينية. ألا يكفي كل هذا المقابل الذي يتلقاه السيد الوالي أم أنه في حاجة إلى تخريجة إضافية تمكنه من « نهب « ثروات أخرى بإسم « خدمة الدولة « ، للزيادة « في حجم وكمية العلف«. لنصدق أن منطق «خدمة الدولة» يستحق تشجيع المعني بها ماديا و معنويا ، في هذه الحالة من أحق بهذه الصفة، السيد الوالي بالراتب المحترم والامتيازات العديدة أو ذلك الجندي المغربي المرابط في الحدود، هناك في الصحارى يحمل سلاحه ولا يغمض له جفن ليغمض لنا الجفن نحن هنا في الرباط، هذا البطل الذي يتقاضى راتبا بالكاد يسد به رمق عيش أسرته البعيدة عنه؟ من أحق بصفة خادم الدولة، مسؤول سام في الرباط حيث الامتيازات و رغد العيش أم ذلك الممرض أو المعلم أو الموظف الجماعي الذين يقطعون عشرات الكيلومترات كل صباح ليعلموا ويعالجوا أبناء المغرب العميق ، الفقراء والبسطاء؟ إنني أتهم رسميا المرسوم الصادر بتاريخ 26 دجنبر 1995 بتكريس الفساد الحقيقي، والذي أعلمه و يعلمه الجميع أن الدستور الجديد الذي جاء بعد صدور هذا المرسوم المشين يؤكد على أن جميع المغاربة سواسية في الحقوق و الواجبات، ولم يصنف المغاربة إلى « خدام الدولة « و«مساخيط الدولة« وآمل أن يعلم السيد رئيس الحكومة بهذا الإتهام ويقرر إلغاءه في الحال .