يحرص السيد وزير التعليم العالي والبحث العلمي على قيام القيامة في قضية إتقان اللغة الإنجليزية بالنسبة للطلبة المغاربة، ويبدو متحمسا إلى تسويق اختياره الشخصي في هذا الشأن العام الهام، ولعله أقدم على بعض الإجراءات و التدابير الفعلية لإخراج رغبة السيد الوزير إلى حيز الوجود . طبعا لا يمكن إلا لجاهل أن يناقش قضية أهمية إتقان أية لغة أجنبية وخصوصا إذا تعلق الأمر باللغة الإنجليزية باعتبارها لغة العصر بامتياز. لكن الطريقة التي يشتغل بها وزير التعليم العالي مضرة بالهدف المتوخى من هذه العملية الهامة. فإتقان لغة أجنبية يتطلب شروطا و ظروفا معينة ، هنا لا يتعلق الأمر كما يبدو من طريقة اشتغال الوزير بعملية يتحقق فيها الهدف بطريقة تلقائية ، بمعنى ما أن يقول الوزير الداودي إن الطلبة المغاربة يجب أن يتقنوا اللغة الإنجليزية فإن الغاية ستحقق و ستدخل اللغة الإنجليزية إلى جميع العقول ، بل لا بد من سياسة حكومية فعالة تأخذ الأهداف المتوخاة بعين الاعتبار و توفر الإمكانيات اللازمة لذلك. وإذا كنا نريد طالبا حاصلا على الباكالوريا و متمكنا من اللغة الإنجليزية فإنه من اللازم اقتناع الحكومة بحتمية إدراج هذه اللغة في جميع أسلاك التعليم من الابتدائي إلى الإعدادي إلى الثانوي التأهيلي. وإذا كانت هذه العملية تتطلب سنينا طويلة بحيث يجب أن ننتظر وصول أول تلميذ سيستفيد من هذا الإصلاح إلى الباكالوريا، فإنه يمكن إرفاق هذا الإصلاح بجهود دعم للغة الإنجليزية في مستوى الثانوي التأهيلي . أما أن يكتفي وزير التعليم العالي - كعادته في جميع القضايا - بالكلام الشفوي ، و أن يقامر - كعادته في كثير من القضايا - بتغيير قسري في قضية ترتبط بالتعليم في بلادنا ، فهذا ما لا يمكن أن يكون مقبولا و لا مستساغا. ربما نسي أو تناسى السيد وزير التعليم العالي و البحث العلمي أن قضية اللغة الإنجليزية تندرج ضمن إشكالية اللغات المستعصية في التعليم المغربي ، و بذلك لا يمكن معالجة إشكالية اللغات في التعليم و الحياة العامة بمعزل عن معالجة إشكاليات اللغات ، فأعداد غفيرة من طلابنا يحصلون على الباكالوريا و على الماستر و حتى على الدكتوراه دون التمكن من لغتهم الأم ألا وهي اللغة العربية أو اللغة الأمازيغية . فهل يفهم السيد الوزير هذا الكلام ؟ مجرد سؤال لا أقل و لا أكثر .