أكدت الصحف الاسبانية الصادرة مؤخرا، أن إدارة ميناء قادس (جنوبإسبانيا) قررت فتح خط بحري مع ميناء طنجة المتوسط على غرار الموانئ الاسبانية الأخرى، لتأمين المبادلات التجارية بين الميناءين. ويأتي القرار مباشرة بعد إبرام اتفاقية تبادل الخدمات والتعاون البحري بين كل من إدارة ميناء الجزيرة الخضراء وطنجة المتوسط الموقعة بين الجانبين مؤخرا، والتي تهدف الى دعم حركة النقل البحري عبر مضيق جبل طارق، وجعله أكثر سلاسة، من خلال تبسيط الإجراءات الجمركية، والتدبير العقلاني للخطوط البحرية، وتعزيز استغلال أمثل للخدمات المينائية، من أجل رفع مستوى الرواج التجاري ومضاعفة مردوديته. كما ستمكن الاتفاقية من تطبيق المعايير الدولية المعمول بها في مجال تلاؤم الآليات المينائية مع إجراءات ضمان الأمن والسلامة في الميناءين. ويذكر أن ميناء طنجة المتوسط تربطه عدة اتفاقيات تعاون مع موانئ دولية كبرى كميناء برشلونة الاسباني وميناء كالي الفرنسي وميناء دوفر البريطاني. ولعل القرارات والاتفاقيات الأخيرة التي اتخذتها وأبرمتها العديد من الموانئ الاسبانية مؤخرا، جاءت بعد أن تخلصت من عقدة اسمها «طنجة المتوسط» باعتباره ميناء منافسا سيؤثر سلبا على حجم الأنشطة الاقتصادية للموانئ الاسبانية خاصة ميناء الجزيرة الخضراء، حيث عبر العديد من المسؤولين الاسبان غير مامرة عن مخاوفهم من مزاحمة ميناء طنجة الجديد لأنشطتهم المينائية التي احتكروها لعقود، غير أن هذه المخاوف سرعان ما تبددت، ودخلت الموانئ الاسبانية في عمليات تعاون وتكامل مع ميناء طنجة المتوسط. ورغم حداثة هذا الأخير، فقد استطاع أن يكتسب مكانة مهمة كواحد من أكبر وأنشط الموانئ المتوسطية، حيث يرتقب أن يتفوق سنة 2014 على كل موانئ الجنوب الاسباني على مستوى معاملاته التجارية والاقتصادية، وسيشكل مركزا لتوزيع واردات البلدان الأوروبية من البضائع، وسترتبط خطوطه البحرية بخمسين ميناء بالقارات الأربع. وإضافة الى المركب المينائي لميناء طنجة المتوسط شرع مؤخرا في تهيئة منطقة حرة لوجستيكية على مساحة 130 هكتار غير خاضعة للنظام الجمركي، من أجل استقبال الأنشطة اللوجستيكية المرتبطة بنشاط نقل الحاويات، مما سيؤهل المركب المينائي لطنجة المتوسط ليصبح مستقبلا منطقة لاستقبال البضائع من جنوب شرق آسيا، وإعادة توزيعها نحو الوجهات النهائية في الأسواق الأوروبية على الخصوص. ولعل الموقع المتميز للميناء المتوسطي كملتقى لأهم الطرق التجارية في العالم، سيشكل مركزا لتوزيع الصادرات ذات التنافسية العالية من حيث كلفة اليد العاملة والتخزين وآجال التسليم، وهكذا ستنخفض كلفة الاستيراد من الصين نحو البلدان الأوروبية بحوالي 25 في المائة، كما سيستقبل مركز توزيع الواردات كميات من البضائع في حاويات من مصانع جنوب شرق آسيا قبل تجميعها ومعالجتها وتعليبها وتغليفها وعنونتها وإرسالها لوجهاتها النهائية. ويرتقب أن تصبح المحطة البحرية المخصصة لنقل المسافرين بميناء طنجة المتوسط جاهزة خلال متم السنة الجارية، بعدما شارفت أشغال التهيئة المرتبطة بمرافقها اللوجستيكية والإدارية على الانتهاء. وسوف تمكن هذه المحطة، بالإضافة الى المنطقة الحرة اللوجستيكية، التي انطلق تسويقها التجاري مؤخرا، من وضع الميناء المتوسطي ضمن أهم المسارات البحرية العالمية، الأكثر رواجا على مستوى نقل البضائع والأشخاص. تبقى الإشارة في الختام الى أنه منذ الشروع في استغلال ميناء طنجة المتوسط، أعربت العديد من المقاولات الإسبانية عن رغبتها في نقل جزء من أنشطتها نحوه، منها مقاولات مستقرة بمدينة برشلونة، الذي يعتبر ميناؤها من أكبر الموانئ الاسبانية على الإطلاق.