سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.
الجفاف يتحول إلى مؤشر بنيوي بالمغرب ويقوض حسابات الحكومة: القطاع الزراعي الذي امتص 40 في المائة من اليد العاملة السنة الماضية يتحول إلى عبىء ثقيل على الدولة
تدل كل المؤشرات على أن المملكة ستعاني السنة الجديدة من موسم فلاحي جاف، سيزيد حتما من معاناة الفلاحين، وقد يقلب رأسا على عقب حسابات الحكومة التي بنت قانونها المالي على محصول زراعي من الحبوب يناهز 70 مليون قنطار. ولا يخفي الفلاحون في المملكة و بجل المناطق تخوّفهم من تواصل انحباس المطر و يهيئون أنفسهم من الآن للتعايش مع سنة جافة ، بعد موسم استثنائي من العطاء و المحصول القياسي غير المسبوق الذي أسهم في الرفع من القيمة الاضافية للقطاع الزراعي ، و أنعش بنقطة كاملة على الأقل معدل النمو الاقتصادي الوطني . وعلى الرغم من تطمينات وزارة الفلاحة في شأن التأخر المحسوس للأمطار، ومراهنتها على الأحواض السقوية لتحقيق نوع من التوازن النفسي و الاقتصادي فإن مجرد توقع موسم فلاحي متوسط يظل من ضرب الخيال و التوهم.فالواقع و كل المؤشرات تحسم بأن الجفاف أضحى معطى بنيويا بالنسبة للمملكة, و مع تأخر الأمطار الخريفية وحالة الصحو التي تغطي سماء المغرب منذ نونبر الفارط و واقع الخصاص الكبير في التساقطات المطرية ، والذي يتجاوز في أغلب المناطق 50 في المائة ، في بلد ما زالت فيه للفلاحة أهمية استراتيجية في الاقتصاد الوطني . والمقلق في وضع هذا الموسم الفلاحي الكارثي بدون شك ، هو استباق الفلاحين مدفوعين بآمال وبشارة الموسم الماضي للاستعداد المبكر منذ شهر أكتوبر الماضي لحرث أراضيهم و زراعتها وسط تشجيع و تحميس مكاتب الاستشارة الفلاحية التابعة للوزارة الوصية، و هو ما دفع جلهم لصرف نسبة هامة من مدخراتهم للرفع من المساحات المحروثة و اقتناء كميات وافرة من البذور و الأسمدة . ومع شروع مصالح وزارة الفلاحة لدراسة حزمة من الإجراءات الداعمة للفلاحين في مواجهة المؤشرات الدالة لعام من الجفاف، تظل وضعية السدود بدورها مقلقة بعد تراجع حقينتها الى أقل من 60 في المائة مما سيحرم المجالات السقوية التي لا تغطي الا 15 في المائة من الأراضي الفلاحية في البلاد من الحقينة المائية الكافية لسقي غلاتها خاصة بعد فصل الربيع الذي يتطلب موارد متزايدة بفعل الحرارة . وخلاصة القول أن قطاع الزراعة الذي مثل لوحده خلال الموسم الماضي 14 في المائة من الناتج الداخلي الخام و أسهم في استيعاب 40 في المائة من طلبات الشغل و خاصة في العالم القروي ، سيشكل هذه السنة المكون المعوق في معادلة الاقتصاد الوطني بغض النظر عن تبعاته الاجتماعية بدءا من معاودة حركات النزوح الجماعي الى ضواحي المدن، مع ما يستتبعها من ظواهر أمنية ولوجيستيكية مقلقة ، تظل الحكومة مطالبة من الآن بوضعها ضمن خطط مواجهة الضيف الثقيل الذي تحول من مجرد زائر الى واقع بنيوي مستمر يتطلب جرأة في التوصيف و تدابير المواكبة .