مع نهاية سنة 2015 تسارعت بوتيرة عالية غير مسبوقة الأحداث في منطقة الشام التي تشهد حربا دولية وإقليمية شرع في نشر بذورها في شهر مارس 2011. هذا التسارع دفع بعض المحللين إلى توقع الوصول بالصراع إلى حسم في وقت ليس ببعيد فيما قدر آخرون أن نهاية المواجهة تبقى مستعصية وفي غير المتناول في المستقبل المنظور وأن هناك الكثير من الأوراق لم يتم إستخدامها أو الكشف عنها في لعبة الأمم التي تجري في منطقة الشرق الأوسط سواء في نطاق صراع دولي وإقليمي على مناطق النفوذ أو العمل على إقامة نظام عالمي جديد يخلف نظام القطب الواحد الذي ساد العالم منذ بداية العقد الأخير من القرن العشرين موازاة مع إنهيار الإتحاد السوفيتي. بعض المحللين أشاروا إلى الإرتباط المادي بين ما يحدث في بلاد الشام والأوضاع في مصر. العلاقات المصرية السورية علاقات تاريخية تعود لعصر الفراعنة حيث سادت روابط الطرفين فترات من الشد والجذب والسلام والحرب، وقد ذكر القدماء المصريون سوريا في آثارهم التي تركوها وأكدوا ترابطها بمصائرهم. والمسلم به تاريخيا أن التطورات كانت في المنطقتين مترابطة بشكل مثير لإنتباه المؤرخين. سقوط مخطط الشرق الأوسط الجديد جاء في مصر بإبعاد حركة الإخوان عن السلطة في 3 يوليو 2013، وقد كان مؤشرا سلبيا لجهود إسقاط سوريا كدولة وليس كنظام. إذا ما استذكرنا حقيقه تاريخيه توكد ان اخناتون "امنحوتب الرابع" مولود من رحم ام شامية فينيقية سورية، وان وحدة سياسيه دستورية كامله كانت تضم من قبل عهد اخناتون البلاد الفرعونية المصرية والبلاد الفينيقية الشامية السورية مما يسهل اكتشاف ان العلاقات الثنائيه المصرية السورية في العصر الحديث، بكل ما فيها من عناصر ايجابية تكاملية، هي استمرار متجدد لتفاعل هذه العلاقات الديناميكية التاريخية التي ارتقت في عديد من المرات الي اعلي المراتب التكاملية، وهي الوحدة السياسية الاقتصادية الثقافية العسكرية الاجتماعية التاريخية الفرعونية الفينيقية التي انتكست بموت الفرعون اخناتون ثم تجددت في العهد الفاطمي، الفاطميون يرتدون بأصولهم إلي مدينة السلمية السورية غير البعيدة عن حمص، ثم في عهد صلاح الدين الايوبي، ومن ثم في سنوات من عهد جمال عبد الناصر، علما بان صلاح الدين مولود في مدينه تكريت العراقية وقد كانت يوم مولده لاتزال هي والموصل، جزءا من مملكه حلب السورية لعهد الاتابك نور الدين زنكي. من هذا المنظور التاريخي يمكن ملاحظة ان العلاقات الثنائية المصرية التاريخية، تعرضت في تاريخها العريق، كأي كائن حيوي منظور او غير منظور، الي احوال مد وجزر متعاقبة. موعد يوم الثلاثاء 22 ديسمبر 2015 أفاد متحدث بإسم الأممالمتحدة بأن محادثات السلام السورية المرتقبة ستعقد في جنيف بسويسرا، وأوضح أن المفاوضات ستجرى مطلع عام 2016، مستطردا بأنه لم يتم بعد تحديد موعد لبدء المشاورات. بعد ذلك بحوالي 72 ساعة تقريبا أعلن مبعوث الأممالمتحدةلسوريا ستيفان دي ميستورا 25 يناير موعدا لعقد محادثات سلام بين الحكومة السورية والمعارضة، وأضاف أنه يعول على التعاون الكامل من قبل جميع الأطراف السورية المعنية. وأكد دي ميستورا أنه لن يسمح للتطورات المستمرة على الأرض بإخراج العملية عن مسارها، في إشارة إلى مقتل قائد جيش الإسلام في غارة تقول المعارضة إن الطيران الروسي هو الذي نفذها ولكن الجيش السوري أكد مسؤوليته عنها. وكان مجلس الأمن قد صوت في 18 ديسمبر 2015 على قرار ينص على بدء محادثات السلام الخاصة بسوريا شهر يناير 2016، مؤكدا أن الشعب السوري هو من يقرر مستقبل البلاد، وكانت واشنطن وبعض حلفائها يصرون قبل ذلك على شرط خروج الرئيس بشار الأسد من السلطة وحل حزب البعث وأغلب أجهزة الأمن الحكومية كمدخل لإنهاء الصراع. ودعا القرار الذي صوت عليه أعضاء مجلس الأمن بالإجماع إلى تشكيل حكومة انتقالية وإجراء انتخابات برعاية أممية، مطالبا بوقف أي هجمات على المدنيين بشكل فوري، ومعتبرا أن بيان جنيف وبيانات فيينا الخاصة بسوريا تشكل الأرضية الأساسية لتحقيق عملية الانتقال السياسي بهدف إنهاء النزاع في البلاد الذي أودى بحياة أكثر من ربع مليون إنسان، وفق تقديرات الأممالمتحدة. ويؤكد مراقبون أن العقبات التي تعترض طريق وقف الحرب في سوريا لا تزال هائلة إذ لم يحقق أي طرف انتصارا عسكريا واضحا يسمح له بترجيح مواقفه في أي مفاوضات. ورغم اتفاق القوى الكبرى في الأممالمتحدة فإنها لا تزال منقسمة بشدة بشأن من يمكنه تمثيل المعارضة وكذلك مستقبل الرئيس السوري بشار الأسد. موازاة مع ذلك أعلن أن وزير الخارجية السوري وليد المعلم يوم الخميس 24 ديسمبر خلال زيارة للعاصمة الصينيةبكين أن حكومة بلاده مستعدة للمشاركة في المحادثات، بمجرد تسلم قائمة بوفد المعارضة المشارك. وقال المعلم في تصريحات بالإنجليزية للصحافيين أثناء زيارته لبكين إنه أخبر نظيره الصيني وانغ يي أن سوريا "مستعدة للمشاركة في الحوار السوري السوري في جنيف دون أي تدخل خارجي". وأضاف "سيكون وفدنا مستعدا بمجرد أن نتسلم قائمة بوفد المعارضة". وتابع وهو يقف إلى جوار وانغ في مقر وزارة الخارجية الصينية "نأمل أن ينجح هذا الحوار في مساعدتنا على تشكيل حكومة وحدة وطنية. "ستشكل هذه الحكومة لجنة دستورية لبحث وضع دستور جديد وقانون انتخابات جديد حتى تجرى الانتخابات البرلمانية في غضون 18 شهرا تقريبا". من جانبه وفي موقف يدعم موسكوودمشق دعا وزير الخارجية الصيني وانغ الحكومة السورية وشخصيات من المعارضة لزيارة الصين. وتفادى وانغ الإجابة مباشرة لدى سؤاله عن رأي الصين في بقاء الأسد في السلطة. وقال "موقف الصين واضح للغاية. نرى أن الشعب السوري هو الذي يجب أن يقرر ويحدد مستقبل سورية ونظامها الوطني بما في ذلك قيادتها". وأضاف "دور الصين في المسألة السورية هو تعزيز السلام والمفاوضات.. تأمل الصين أن ترى الشرق الأوسط سلميا ومستقرا ويتطور". واستضافت الصين شخصيات من الحكومة السورية والمعارضة من قبل لكنها مازالت لاعبا دبلوماسيا ثانويا في الأزمة. ورغم اعتمادها على المنطقة للحصول على إمدادات النفط فإنها تميل إلى ترك دبلوماسية الشرق الأوسط في أيدي الدول الأخرى دائمة العضوية في مجلس الأمن الدولي وهي الولاياتالمتحدة وبريطانيا وفرنسا وروسيا. والصين لها مخاوفها الأمنية الخاصة بها في سوريا لكنها لم تنضم إلى حملة قصف تنظيم داعش. وقال وانغ "ترى الصين أن كل جهود مكافحة الإرهاب يجب أن تلقى الاحترام والدعم". وعبرت بكين عن مخاوفها من سفر بعض "الويغور" وهم أقلية مسلمة تعيش في إقليم شينجيانغ بغرب الصين للقتال في صفوف جماعات متشددة في سورياوالعراق. وقف إطلاق النار يوم 24 ديسمبر نقلت وكالات الأنباء الدولية عن ميخائيل بوغدانوف، الممثل الخاص للرئيس الروسي في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا ونائب وزير الخارجية الروسية، أنه في حال التوصل إلى اتفاق بشأن وقف إطلاق النار في سوريا، فإن ذلك لن يؤدي إلى إنهاء العملية العسكرية الروسية ضد "داعش" في سوريا. وأجاب بوغدانوف في لقاء مع وكالة "إنترفاكس" الروسية، على سؤال حول إمكانية وقف العملية الجوية الروسية لمكافحة الإرهاب في سوريا بعد الاتفاق على وقف إطلاق النار، قائلا: "وقف إطلاق النار يعني بين الأطراف السورية في الصراع الداخلي. إنه لا يعني على الإطلاق وقف المعركة ضد "داعش" وغيرها من الجماعات الإرهابية". وأضاف "بل على العكس، فإن وقف إطلاق النار يجب أن يزيد من فعالية المعركة". وكان نائب وزير الخارجية الروسي غينادي غاتيلوف قد أعلن من جانبه يوم الاثنين 21 ديسمبر عن عدم وجود خطط لعقد لقاء روسي أمريكي دولي حول التسوية السورية في القريب العاجل. ويذكر أن وزير الخارجية الأمريكي جون كيري، كان قد أعلن في وقت سابق، أن قرار مجلس الأمن الدولي الأخير بشأن سوريا يتضمن وقف إطلاق النار. وقد يدخل حيز التنفيذ في يناير من عام 2016. كسر جليد الأزمة يوم 26 ديسمبر جاء في تقرير للمؤسسة البحثية الأمريكية للدراسات الاستراتيجية "ستراتفور" بأن الجهات المشاركة في تسوية الأزمة السورية تسعى إلى تحقيق أهدافها الذاتية دون الاهتمام بمسألة حل الأزمة. وأشارت المؤسسة التي يعتبرها مراقبون "مؤسسة استخباراتية في الظل" إلى أن هذا هو السبب الرئيس لعرقلة توحيد الجهود في محاربة تنظيم "داعش". وذكر خبراء المؤسسة إن تشكيل "التحالف الإسلامي" العسكري ضد الإرهاب الذي أعلنت عنه السعودية يخدم مصالح جهات معينة في الأزمة السورية، لا سيما واشنطنوأنقرة. ويؤكد الخبراء أن الولاياتالمتحدة التي تلقت انتقادات متعددة وشديدة لعدم التقدم في محاربة "داعش" تحرص على إشراك قوات إضافية من منطقة النزاع للابتعاد عن تورط أكبر في القتال. أما بالنسبة لتركيا فإن الخبراء يرون أن قوات التحالف الجديد تسهم في إعطاء مشاركة أنقرة صفة قانونية في الأزمة السورية أمام الجهات العربية. وتشير المؤسسة إلى أن تركيا قلقة من التواجد الروسي والإيراني في ساحة المعركة وترى في "التحالف الإسلامي" حليفا لها. وأبرزت المؤسسة أهم عامل يعرقل توحيد وتنسيق الجهود للتصدي ل"داعش"، وهو تقديم الدعم من قبل البلدان المختلفة لجهات النزاع السوري المتحاربة فيما بينها. وفي هذا السياق تنقل المؤسسة أن التواجد المحتمل للقوات السعودية على الأراضي السورية يثير قلقا شديدا لدى طهران، ولفتت المؤسسة إلى أن طهران قد ساعدت دمشق على الدوام بتقديمها الدعم العسكري لسوريا. وتشدد "ستراتفور" على إمكانية قوية لوقوع صدام بين طهرانوالرياض والجهات الحليفة للأخيرة. ويؤكد محللو المؤسسة أن سببا أخرا يحول دون تشكيل الجبهة الموحدة ضد الإرهاب، وهو المواجهة بين أنقرة ووحدات حماية الشعب الكردية على الحدود السورية التركية، مشيرين إلى أن إشراك القوات العربية سيزعج الأكراد من "القوات الديمقراطية السورية" المعارضة خاصة على خلفية الاشتباكات الكردية والعربية التي وقعت مؤخرا للسيطرة على بعض المدن الأساسية شمال سوريا. ويشكك خبراء المؤسسة بأن دول الخليج العربي قادرة على نشر قوات إضافية في سوريا، مشيرين إلى أن السعودية وحلفاءها في المنطقة منشغلون بأحداث اليمن. ومن الممكن أن يلجأ الخليج لطلب المساعدة من مصر أو الأردن. لكن القاهرة تدعم الحكومة السورية، بحسب "ستراتفور"، ما سبب توترا في علاقاتها مع تركيا، ومصر مهتمة بتعزيز علاقاتها العسكرية والدبلوماسية مع موسكو التي، كما طهران، تلتزم بتنسيق كل العمليات المزمع إجراؤها على الأراضي السورية مع دمشق. أما الأردن فيؤيد السعودية وقطر والولاياتالمتحدة التي تقدم دعما للمعارضة السورية المسلحة، خاصة "للجيش السوري الحر". يقدر محللون أن الكثير من مؤسسات البحث في الولاياتالمتحدة والتي تعتمد إدارة البيت الأبيض على تقاريرها متخلفة عن إدراك حقيقة الأوضاع على الساحة. وكانت صحيفة الاندبندنت البريطانية قد نشرت يوم 15 ديسمبر مقالا بعنوان "التحالف العسكري السعودي الجديد خطوة "رمزية" وليست "حقيقية". وقالت الصحيفة أن "الولاياتالمتحدة طالما اشتكت من غياب وجود أي جيش سني على الخطوط الأمامية لمحاربة تنظيم الدولة الإسلامية وجاء التحالف ليرد على هذا المطلب"، وأشارت الصحيفة إلى أن بعض المحللين يعتقدون أن هذا التحالف العسكري الجديد المؤلف من 34 دولة اسلامية سيأخذ زمام المبادرة لوضع يده على أكثر الجرائم الإرهابية تطرفا في المنطقة". وتتساءل الصحيفة عن دور هذه الدول في هذا التحالف، فلم يفصح عن أي مؤتمر لتوضيح دورهم. ونقلا عن بيان الأمير السعودي محمد بن سلمان، فإن "التحالف العسكري الجديد لن يستهدف تنظيم الدولة الإسلامية فقط". وتختتم الصحيفة افتتاحيتها بالقول إنه "في ظل عدم وجود خطة او استراتيجية فإن الإرهابيين لن يخافوا من هذا التحالف العسكري الجديد". إستعادة السيطرة إذا كانت هناك إنتقادات توجه إلى قدرة الأجهزة الأمريكية على تقييم حقيقة الأوضاع على ساحة الصراع في الشام، فإن هناك شبه إجماع في دوائر البحث والقرار في الكيان الصهيوني. يوم 26 ديسمبر 2015 جاء في تقرير لمركز "ديبكا" الإسرائيلي المعروف بعكسه لوجهة نظر الأجهزة الإستخبارية الصهيونية المختلفة أن جيش دمشق يستعيد السيطرة على سوريا من جديد. وذكر ملف تقرير "ديبكا" أن تصفية قائد جيش الإسلام زهران علوش في الخامس والعشرين من ديسمبر شرقي دمشق يعتبر بمثابة أكثر الإلماحات وضوحا للتحول الذي طرأ على الحرب في سوريا بالنسبة للرئيس الروسي بوتين وجيشه، وأيضا بالنسبة للرئيس السوري بشار الأسد. لقد بدا الصراع بين القوى المتصارعة في سوريا ما بين مد وجزر، فأحيانا يتفوق هذا الطرف، وأحيانا ذاك. وقد اتسمت التدخلات الأجنبية في الحرب السورية، كتدخل الولاياتالمتحدة، السعودية، الأردن ودول في الخليج وإسرائيل في الحرب، تدخلا مترددا وجزئيا ويغص بالمتناقضات. فأحيانا يتم إرسال أسلحة، وأحيانا لا يتم إرسالها، وحينما يصل السلاح فعلا يكون أقل في كفاءته وفعاليته مما وعد به الطرف المزود. ولم يتلق المسلحون صواريخ مضادة للدبابات إلا في مطلع عام 2015 كي يتمكنوا من مواجهة الدبابات السورية، ولم تكن كميات الصواريخ كبيرة، هذا ولم يتلقوا صواريخ مضادة للطائرات أبدا. لقد كانت إدارة الرئيس أوباما هي المسؤولة عن هذا الوضع. فهو لم يف بوعوده بشأن تقديم المساعدة بالأسلحة والتدريب، كما مارست إدارته ضغوطا شديدة على الجهات الأجنبية وتدخلها في الحرب كي لا تخرج في مساعداتها عن السياسة الأمريكية في سوريا، والتي كانت ترمي لخلق وضع لا تنتصر فيه أية جهة باستثناء الانتصارات المحلية الصغيرة والتي لم تغير شيئا. بيد أن مسألتين قوضتا السياسة الأمريكية المذكورة: 1- عندما احتلت قوات تنظيم الدولة في صيف 2014 مدينة الموصل شمالي العراق، وهزمت سبع كتائب من الجيش العراقي المدرعة، واستولت على الأسلحة الأمريكية الحديثة التي كانت بأيدي الجنود العراقيين، وعلى مخازن الأسلحة، وأخذت المدرعات الأمريكية وناقلات الجنود المدرعة وصواريخ أرض أرض، والصواريخ المضادة للدبابات والطائرات تتسرب إلى قوات التنظيم في سوريا. 2- بعد سنة من هذا الوضع قرر الرئيس الروسي بوتين التدخل عسكريا في سوريا، وبشكل خاص سلاحه الجوي وقوته الصاروخية. وعلى عكس الرئيس أوباما الذي أراد السيطرة على الحرب عبر سياسة معقدة تقوم على تزويد معارضي الأسد بالأسلحة والمعدات الحربية، فقد ألقى بوتين بكامل ثقله العسكري والإستراتيجي في الحرب من أجل إحراز النصر لبشار الأسد وحلفائه. إن الجهات التي تتابع ممارسات القوات الروسية في سوريا لا تجد صعوبة في اكتشاف مخططات الحرب الروسية التي تقوم بشكل أساسي على دحر الثوار السوريين من المناطق التي يسيطرون عليها بالقرب من اللاذقية، حلب، إدلب، حمص، حماه ودمشق، وإذا لم يتجاوبوا ولم يوافقوا على الانضمام إلى المسيرة السلمية والتي لم يتم الاتفاق عليها بصورة نهائية بين روسيا وأمريكا، فسوف يتم تدميرهم عسكريا. لقد وضعت الحرب ضد تنظيم الدولة جانبا في هذه المرحلة حتى إعادة السيطرة الكاملة في سوريا إلى أيدي الرئيس السوري الأسد وجيشه. وتشير مصادر الموقع إلى أن النجاح الروسي في إحراز هذه الأهداف هو نجاح جزئي، والسبب في ذلك يرجع إلى أن الروس يعتمدون على الجيش السوري، والمليشيات وحزب الله، والتي من المفروض في أعقاب موجة الهجمات الجوية التي شنها ويشنها الروس يجب أن يدخلوا إلى المناطق التي يسيطر عليها المسلحون ويحتلوها. بيد أن تقدم القوات المذكورة الموالية للأسد بطيئة للغاية ولا تتناسب مع حجم القصف الروسي. إن اغتيال علوش سيسرع عملية انهيار قوات الثوار في دمشق، وخصوصا في أعقاب موافقة النظام السوري وهؤلاء على إخلاء ما لا يقل عن ألفي مسلح من منطقة دمشق وإستعادة الجيش السوري السيطرة عليها تحت رعاية الأممالمتحدة. تصفية الخصوم بعد صدور تقرير مركز "ديبكا" بساعات قليلة اتهمت قوى تحسب على المعارضة السورية، حكومة دمشقوروسيا بمحاولة تصفية قيادات الجيش الحر التي شاركت في مؤتمر الرياض، ومن بينها جيش الإسلام وأحرار الشام. وحث الائتلاف، جميع فصائل الثورة في غوطة دمشق وما حولها على الوحدة واستكمال قتالهم حتى إسقاط نظام الأسد. وكانت قيادات في الجيش الحر شاركت في مؤتمر الرياض، وأعلنت التزامها بحل سياسي ينهي الأزمة السورية. وشهدت الأيام القليلة الماضية مقتل 3 من أبرز تلك القيادات في محيط دمشق، آخرهم كان "أبو سلمو" قائد الكتيبة الموحدة في لواء شهداء الإسلام هو وثلاثة من رفاقه في الغوطة الغربية لدمشق. كما تمت تصفية كل من قائد المجلس العسكري في قدسيا بريف دمشق أيضا، حمدي مستو أبو زيد. وقبلهم اغتيل قائد جيش الإسلام، زهران علوش هو وعدد من مرافقيه في غارة على ريف دمشق. مصادر في المعارضة قالت إن روسيا والنظام يسعيان لتفتيت المعارضة المسلحة في محيط دمشق، خصوصا "جيش الإسلام". عمليات الاستهداف الممنهج للقادة العسكريين، وفقا للائتلاف السوري، ستجعل الحديث عن أي حل سياسي "خدعة كلامية". القيادي الميداني في حركة أحرار الشام حسام سلامة رأى أن مقتل علوش يوضح أنه لا حل سياسيا في سوريا في ظل استمرار الدعم الروسي لنظام الأسد، معتبرا أن ثمة مؤامرة على أبناء الثورة السورية. ويؤكد ملاحظون أن المعركة مستمرة في سوريا، وكل يحاول إدراج الانتصارات في سلته، والانتصار هذه المرة للقوات الحكومية في الميدان، فقد تمكنت الأخيرة من تصويب ضربة مؤلمة للمعارضة المسلحة يصعب تنفيذها دون معلومات استخباراتية دقيقة، وهي في هذا تكون قد أعادت للموالين الثقة بالقدرة على تنفيذ عمليات نوعية جريئة ترتكز على استراتيجية عالية شكك فيها بالآونة الأخيرة. المكاسب العسكرية في الميدان واضحة للعيان، لكن كيف ستتكافئ هذه الانتصارات مع موافقة "جيش الإسلام" الذي شارك ممثلوه في مؤتمر الرياض على الحل السياسي للأزمة السورية عبر التفاوض على أساس مرجعية جنيف 1، وهو ما يتوافق عليه المجتمع الدولي، لا سيما روسياوالولاياتالمتحدة. لم ينتظر الائتلاف الوطني السوري المعارض الإجابة على هذا السؤال للتأكيد بأن مقتل "علوش" لا يخدم سوى مصالح التنظيمات المتطرفة وتحديدا داعش عن طريق إضعاف فصائل "الجيش الحر" الذي يتصدى للإرهاب وبذلك يتم إجهاض الجهود الأممية لاحلال السلام في سوريا كما يقول بيان الإئتلاف. في هذه الاثناء قالت وسائل إعلام إن "جيش الإسلام" أعلن انسحابه من "الهيئة العليا للمفوضات"، المنبثقة عن مؤتمر الرياض على خلفية مقتل علوش. وتعهد التنظيم برد عنيف داخل دمشق. الأيام القليلة المقبلة ستكون شاهدة على تطورات جديدة، على المسارين الميداني والسياسي، فإما أن تكون عمليات تصفية القيادات من سيناريوهات الحل المعروفة تاريخيا في الأزمات والحروب، وإما أن تكون بداية النهاية قد اقتربت فعلا. إمتحان قوة سواء جاء مقتل علوش من قبيل طائرة حربية روسية او سورية، فان العملية في حد ذاتها، وتنفيذها بهذه الدقة، يعكس اختراقا امنيا كبيرا للمعارضة من قبل دمشق، واجهزة استخباراتها، خاصة انها جاءت بعد ايام من انعقاد مؤتمر المعارضة السورية في الرياض، ومشاركة ممثل عن علوش فيه، وانتخابه عضوا في الهيئة العليا للاشراف على وفد المعارضة السورية المفاوض. القيادة السعودية اصيبت بحالة من الاحباط والغضب نتيجة عملية الاغتيال هذه، التي وصفت في اوساط عديدية، بأنها محاولة لاجهاض مؤتمر المعارضة في الرياض، وجهودها الكبيرة التي بذلتها لانجاحه، وربما جاءت ايضا كرد على البيان الختامي للمؤتمر، وتصريحات الامير محمد بن نايف ولي العهد السعودي الذي اشترط رحيل الرئيس السوري بشار الاسد قبل بدء المرحلة الانتقالية، ولعل ابرز مظاهر هذا الغضب رفضها استقبال المبعوث الخاص للرئيس الروسي الكسندر ليفرنتايف الذي كان من المقرر ان يزور الرياض بعد تل ابيب والقاهرة لبحث تطورات الملف السوري. بناء تحالفات وسط هذه الدوامة تجري محاولات لتنسيق التحالفات. الرئيس التركي أردوغان بدأ يوم الثلاثاء 29 ديسمبر 2015 زيارة للرياض وإذا كان من المسلم أن الوضع في بلاد الشام يوجد في مقدمة جدول المحادثات فإن من المؤكد ان هناك قضايا اخرى، لا تقل اهمية، وابرزها التقارب المفاجيء المصري السعودي، وتقديم السعودية ثمانية مليارات دولار كإستثمار لتحسين الوضع الاقتصادي المصري، وسد احتياجات مصر من المحروقات لخمس سنوات قادمة، مضافا الى ذلك يتطلع الرئيس التركي الى استثمارات سعودية مماثلة، ورفع مستوى التبادل التجاري بين البلدين لتعويض العقوبات الاقتصادية التي فرضها الرئيس الروسي فلاديمير بوتين على تركيا كرد على اسقاطها طائرة سوخوي، ومقتل احد طياريها. الرئيس اردوغان يخشى ان يؤدي التقارب السعودي المصري الى تباعد بين السعودية وتركيا، واحداث تغيير "ايجابي" في الموقف السعودي تجاه حركة الاخوان المعارض الاقوى للنظام المصري والحليف الاستراتيجي لحزب العدالة والتنمية الحاكم في انقرة، ولا بد انه يريد الاطمئنان في هذه الزيارة، المعدة على عجل للرياض، على مدى استمرار التزام الرياض بالحلف الثلاثي السعودي التركي القطري، والموقف المشترك الذي يمكن اتخاذه في مواجهة "التسونامي" الروسي الكاسح في سوريا، والمنطقة الشرق اوسطية برمتها. ومن المؤكد ان الحرب السعودية في اليمن ستكون ضمن جدول الاعمال، ان لم تكن تحتل نقطة متقدمة فيه. ولا يعتقد ان السعودية ستطلب مساعدة عسكرية من تركيا، مثل ارسال قوات او طائرات للانضمام الى "عاصفة الحزم"، وحتى لو طلبت فانها لن تجد استجابة، فالصحن التركي طافح بالازمات والحروب، سواء ضد الاكراد، او ضد الجماعات الارهابية الاخرى في سورياوالعراق، وصدور بيان عن اجتماع طارىء لوزراء الخارجية العرب يدين توغل القوات التركية في العراق، ودون اي تحفظ سعودي رسمي، يشكل صدمة بالنسبة الى السلطات التركية، والرئيس اردوغان بالذات. البحث عن مخرج يوم 27 ديسمبر 2015، أعرب الرئيس التركي رجب طيب أردوغان الذي عرقل التدخل العسكري الروسي في سوريا مشاريع حكومته في بلاد الشام، عن اعتقاده بأن جهود ورغبة روسيا في المنطقة هي إقامة دويلة للرئيس السوري بشار الأسد في مدينة "اللاذقية"، زاعما أن الأسد "يسيطر على 14 في المئة فقط حاليا من مساحة سوريا وأما الباقي فهو خارج سيطرته تماما". ولم يتحدث الرئيس التركي عن تأكيدات القيادة العسكرية السورية بشأن إستعادة السيطرة على كل أراضي البلاد وإنهاء وجود الإرهاب بها. وذكر أردوغان خلال مقابلة تليفزيونية مع قناة "العربية" بثت مساء يوم الأحد، أن الحل الوحيد للأزمة السورية هو بيد الإرادة الوطنية للشعب السوري، التي لا يمكن تجاهلها أبدا، معربا عن اعتقاده أن الشعب السوري حاليا "غير راض عن التطورات الأخيرة" أي التدخل الروسي". وأردف قائلا إن روسيا حتى اليوم قتلت الكثير من الناس، وعلى رأسهم 800 مدني في العديد من المناطق، ومنها تلك التي يقطنها تركمان منطقة "بايربوجاق" بشمالي محافظة اللاذقية، ولا تزال تواصل ذلك دون رحمة". وأكد أن روسيا تستهدف ما أسماه ب"المعارضة المعتدلة" عوضا عن داعش، وأنها إذا كانت استهدفت 100 شخص فإن 90 منهم من المعارضة المعتدلة وعشرة من داعش. وعن منطقة آمنة بشمالي سوريا، أوضح أردوغان أنه بحث المقترح التركي حولها مع كافة البلدان قبل اجتماعات مجموعة العشرين وخلالها، قائلا إن "أوروبا تخاف كثيرا لأن الخارجين من سوريا يتوجهون إليها عبر تركيا، لذلك قلت لهم هناك طريق لحل هذه المشكلة، وهو إعلان منطقة بعرض 98 كيلومتر وعمق 45 كيلومتر شمالي سوريا، يمكن توسعتها، خالية من الإرهاب، كمرحلة أولى، ويمكننا عندها إسكان السوريين الراغبين بالخروج من بلادهم أو الموجودون في المخيمات التركية وراغبين بالعودة إلى وطنهم في تلك المنطقة". المعروف أن تدخل موسكو العسكري أنهى مشروع المنطقة "الآمنة" التي كانت واشنطن قد فرضتها على العراق سنة 1991 في شمال البلاد مما سهل إضعافه والتمهيد سنة 2003 لإحتلاله. كشف المحظور يشير عدد من المراقبين أن حكومة أنقرة تدرك أنها في موقف حرج مع نهاية سنة 2015 بسبب تقلب أوضاع الصراع في بلاد الشام، وما تعتبره بعض الأوساط خيانة أمريكية بعد أن دفعتها إلى إتباع مخطط عسكري وسياسي قدرت أنه يخدم تطلعاتها "أي أنقرة" في إحياء أمجاد الإمبراطورية العثمانية، ولكنه في الحقيقة لم يكن سوى عمل في خدمة مشروع المحافظين الجدد للشرق الأوسط الجديد الذي يقضي بتقسيم دول المنطقة على أساس عرقي وديني ومناطقي إلى ما بين 54 و56 دولة لا تستثني تركيا منها. يوم الأحد 27 ديسمبر وحسب وكالة "فرانس برس" قال الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، إن التنظيمات مثل "الدولة الاسلامية" و"وحدات حماية الشعب" "الذراع العسكري لحزب الاتحاد الديمقراطي الكردي في سوريا"، ليست إلا "أداة بيد القوى العالمية المتصارعة في سوريا". جاء ذلك في كلمة له، خلال احتفالات الذكرى ال 30 لتأسيس وقف "الوحدة" التركي، في مدينة إسطنبول، مضيفا أنه "لا فرق بين تلك التنظيمات ومنظمة "بي كا كا" الموجودة في بلادنا". وأضاف أردوغان، "هناك وظيفة هامة على عاتقنا نحن كمسلمين، وهي مكافحة البيئة التي تتخذها تنظيمات الدولة الاسلامية والقاعدة وبوكوحرام والتنظيمات الأخرى المشابهة، أرضية لها". ونوه أن تلك التنظيمات "تلحق الضرر الأكبر بالمسلمين، من خلال استغلالها المفاهيم الإسلامية". وقال إن التنظيمات المذكورة "لم تنجز إلى اليوم أي شيء لصالح المسلمين، في المناطق التي تسيطر عليها، سوى خلق فرص لتدخل القوى الأخرى، وفي حال لم نتمكن من الوقوف في وجه هذا المشروع، ستتواصل تلك التدخلات في منطقتنا أمام أعيننا". الضغط لا يتوقف إذا كانت حكومة أنقرة تواجه تحديات غير مسبوقة منذ عقود وتحتار في إختيار أسلم الطرق للخروج من المأزق، فإنها تواجه في نفس الوقت ضغطا متصاعدا من الكرملين. يوم 25 ديسمبر 2015 دعت وزارة الخارجية الروسية إلى إجراء تحقيق أممي في الأنباء عن تهريب مواد تستخدم لانتاج غاز السارين من تركيا إلى سوريا. وناشدت ماريا زاخاروفا الناطقة باسم الوزارة، البعثة المشتركة لمنظمة حظر الأسلحة الكيميائية والأممالمتحدة في سوريا بتولي التحقيق في فضيحة اندلعت في تركيا عام 2013، عندما كشف نائب معارض في البرلمان التركي عن تهريب مكونات ضرورية لانتاج السارين من أراضي تركيا إلى مسلحين مرتبطين بتنظيم "القاعدة" في سوريا. وأعادت زاخاروفا إلى الأذهان أن النيابة العامة في مدينة اضنة التركية بدأت التحقيق في هذه الفضيحة في العام نفسه، لكن هذا التحقيق تعطل، وتمكن المشتبه بهم الرئيسيين في القضية من تجنب العقاب. وتابعت أنه بعد مرور فترة قصيرة على هذه الحادثة، التي حظت باهتمام واسع على نطاق العالم، وقع الهجوم الهمجي باستخدام هذه المادة السامة بالذات في غوطة دمشق الشرقية يوم 21 أغسطس 2013، والذي أسفر، حسب بعض المعطيات، عن مقتل وإصابة قرابة 1400 شخص. وأضافت الدبلوماسية الروسية أن الدراسة الشاملة لجميع ملابسات هذا الهجوم، تشير إلى محاولات فبركة أدلة على تورط عسكريين سوريين في الهجوم. واعتبرت أن هذا الهجوم الاستفزازي جاء بغية إثارة تدخل عسكري أجنبي من أجل الإطاحة بالحكومة الشرعية في سوريا. وأعربت زاخاروفا عن أملها في أنه سيتم عاجلا أو آجلا الكشف عن الهوية الحقيقية لمرتكبي هذه الجريمة ومموليها، مشددة على أن آلية التحقيق المشتركة الخاصة بسوريا لمنظمة حظر الأسلحة الكيميائية والأممالمتحدة يجب أن تساهم في الجهود الرامية إلى الكشف عن الحقيقة. ودعت زاخاروفا القائمين على هذه الآلية إلى التحقيق في المعلومات التي قدمها البرلماني التركي وتقديم تقرير بهذا الشأن إلى مجلس الأمن الدولي. عمر نجيب [email protected]