بسبب فيروسات خطيرة.. السلطات الروسية تمنع دخول شحنة طماطم مغربية    "التقدم والاشتراكية": الحكومة تسعى لترسيخ التطبيع مع تضارب المصالح والفضاء الانتخابي خاضع لسلطة المال    الرباط.. مؤتمر الأممية الاشتراكية يناقش موضوع التغيرات المناخية وخطورتها على البشرية    روسيا تمنع دخول شحنة طماطم مغربية بسبب "أمراض فيروسية خطيرة"    ندوة علمية بالرباط تناقش حلولا مبتكرة للتكيف مع التغيرات المناخية بمشاركة خبراء دوليين    غزة تباد: استشهاد 45259 فلسطينيا في حرب الإبادة الإسرائيلية على غزة منذ 7 أكتوبر 2023    نادي المغرب التطواني يقيل المدرب عزيز العامري من مهامه    التنويه بإقالة المدرب العامري من العارضة الفنية للمغرب التطواني    اتهامات "بالتحرش باللاعبات".. صن داونز يعلن بدء التحقيق مع مدربه    مقاييس الأمطار المسجلة بالمغرب خلال ال24 ساعة الماضية    دشنه أخنوش قبل سنة.. أكبر مرآب للسيارات في أكادير كلف 9 ملايير سنتيم لا يشتغل ومتروك للإهمال    مجلس الأمن: بلينكن يشيد بالشراكة مع المغرب في مجال الذكاء الاصطناعي    ألمانيا: دوافع منفذ عملية الدهس بمدينة ماجدبورغ لازالت ضبابية.    بنعبد الله: نرفض أي مساومة أو تهاون في الدفاع عن وحدة المغرب الترابية    قضايا المغرب الكبير وأفريقيا: المغرب بين البناء والتقدم.. والجزائر حبيسة سياسات عدائية عقيمة    البنك الدولي يولي اهتماما بالغا للقطاع الفلاحي بالمغرب    مباراة الزمامرة والوداد بدون جماهير    تفاصيل المؤتمر الوطني السادس للعصبة المغربية للتربية الأساسية ومحاربة الأمية    تثمينا لروح اتفاق الصخيرات الذي رعته المملكة قبل تسع سنوات    أكادير: لقاء تحسيسي حول ترشيد استهلاك المياه لفائدة التلاميذ    استمرار الاجواء الباردة بمنطقة الريف    خبير أمريكي يحذر من خطورة سماع دقات القلب أثناء وضع الأذن على الوسادة    استيراد اللحوم الحمراء سبب زيارة وفد الاتحاد العام للمقاولات والمهن لإسبانيا    تبييض الأموال في مشاريع عقارية جامدة يستنفر الهيئة الوطنية للمعلومات المالية    حملة توقف 40 شخصا بجهة الشرق    "اليونيسكو" تستفسر عن تأخر مشروع "جاهزية التسونامي" في الجديدة    ندوة تسائل تطورات واتجاهات الرواية والنقد الأدبي المعاصر    دورية جزائرية تدخل الأراضي الموريتانية دون إشعار السلطات ومنقبون ينددون    القافلة الوطنية رياضة بدون منشطات تحط الرحال بسيدي قاسم    ارتفاع حصيلة ضحايا الحرب في قطاع غزة إلى 45259 قتيلا    سمية زيوزيو جميلة عارضات الأزياء تشارك ببلجيكا في تنظيم أكبر الحفلات وفي حفل كعارضة أزياء    ترامب يهدد باستعادة السيطرة على قناة بنما على خلفية النفوذ الاقتصادي المتنامي للصين    تفكيك أطروحة انفصال الصحراء.. المفاهيم القانونية والحقائق السياسية    السعودية .. ضبط 20 ألفا و159 مخالفا لأنظمة الإقامة والعمل خلال أسبوع    الأمن في طنجة يواجه خروقات الدراجات النارية بحملات صارمة    لأول مرة بالناظور والجهة.. مركز الدكتور وعليت يحدث ثورة علاجية في أورام الغدة الدرقية وأمراض الغدد    إسرائيل تتهم البابا فرنسيس ب"ازدواجية المعايير" على خلفية انتقاده ضرباتها في غزة    المغرب أتلتيك تطوان يتخذ قرارات هامة عقب سلسلة النتائج السلبية    أمسية فنية وتربوية لأبناء الأساتذة تنتصر لجدوى الموسيقى في التعليم    وفاة الممثل محمد الخلفي عن 87 عاما    سابينتو يكشف سبب مغادرة الرجاء    الممثل القدير محمد الخلفي في ذمة الله    دواء مضاد للوزن الزائد يعالج انقطاع التنفس أثناء النوم    المديرية العامة للضرائب تنشر مذكرة تلخيصية بشأن التدابير الجبائية لقانون المالية 2025        بريد المغرب يحتفي بفن الملحون    العرض ما قبل الأول للفيلم الطويل "404.01" للمخرج يونس الركاب    جويطي: الرواية تُنقذ الإنسان البسيط من النسيان وتَكشف عن فظاعات الدكتاتوريين    مؤتمر "الترجمة والذكاء الاصطناعي"    كودار ينتقد تمركز القرار بيد الوزارات    أخطاء كنجهلوها..سلامة الأطفال والرضع أثناء نومهم في مقاعد السيارات (فيديو)    "بوحمرون" يخطف طفلة جديدة بشفشاون    للطغيان وجه واحد بين الدولة و المدينة و الإدارة …فهل من معتبر …؟!!! (الجزء الأول)    حماية الحياة في الإسلام تحريم الوأد والإجهاض والقتل بجميع أشكاله    عبادي: المغرب ليس بمنأى عن الكوارث التي تعصف بالأمة    توفيق بوعشرين يكتب.. "رواية جديدة لأحمد التوفيق: المغرب بلد علماني"    توفيق بوعشرين يكتب: "رواية" جديدة لأحمد التوفيق.. المغرب بلد علماني    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



حرب الشام في حلبة لعبة الأمم: الصراع الأمريكي الروسي لرسم عالم القرن الحادي والعشرين.. بقلم // عمر نجيب
نشر في العلم يوم 01 - 12 - 2015

أحدث التدخل العسكري الروسي المباشر والعلني لمساندة الجيش السوري في حربه ضد الجماعات الإرهابية والذي بدأ يوم 30 سبتمبر 2015 بعمليات قصف جوية كثيفة تحولات هامة في معادلات الحرب المتعددة الأطراف التي تدور على أرض الشام منذ منتصف شهر مارس عام 2011، وجاء إسقاط مقاتلة تركية من طراز أف 16 لطائرة مقنبلة روسية من طراز سوخوي 24 يوم الثلاثاء 24 نوفمبر 2015 خلال عمليات كانت تقوم بها على الحدود السورية التركية ليزيد من حدة هذه التحولات ويضيف أبعادا أخرى للصراع الذي قدر بعض المحللين أنه قد يقود إلى حرب عالمية ثالثة.
أهداف وتفسيرات
إختلف المحللون في تفسير دوافع وأهداف العملية العسكرية التركية ضد طائرة دولة عظمى، تصريحات حكومة أنقرة بخصوص القضية كانت متفاوتة إن لم تكن متضاربة فحينا كانت تقول أنها كانت تعرف هوية الطائرة وأنذرتها، وحينا آخر وكما قال الرئيس التركي أردوغان يوم 29 نوفمبر فإن سلوك جيشه كان سيكون مختلفا لو عرف أن الطائرة روسية.
أغلب الأوساط العسكرية الروسية أولا ثم حتى الأمريكية والألمانية والفرنسية وغيرها أكدت أن تركيا عرفت هوية الطائرة وإن ضربها بصاروخ جو جو كان مقصودا ومدبرا بشكل مسبق. غرفة العمليات العسكرية الأمريكية في قاعدة إنجرليك الجوية الموجودة جنوب تركيا التي تراقب وتنسق كل عمليات الحلفاء الغربيين في ساحة العمليات التي تشمل سوريا والعراق ومناطق أخرى مجاورة كانت على علم بتحركات الطيران الروسي وهو ما دفع أوساطا رسمية روسية إلى اتهام واشنطن بالتواطؤ مع أنقرة في عملية الإسقاط. واشنطن تراجعت بعد أن وجدت أن موسكو يمكن أن تذهب بالتحدي حتى مرحلة حرب عالمية ثالثة.
البروفيسور الروسي ليونيد إيفاشوف رئيس أكاديمية القضايا الجيوسياسية إعتبر أن إقدام تركيا على إسقاط القاذفة الروسية "سو-24" لم يكن بمحض إرادتها.
ولفت إيفاشوف النظر إلى أن واقعة استهداف الطائرة الروسية وإسقاطها يحمل طابعا سياسيا أكثر منه عسكريا، وأنها ليست إلا نقلة مدروسة في عملية التحضير لحرب كبرى، وأن الرئيس التركي رجب طيب أردوغان حينما أقدم على ضرب العلاقات مع موسكو لم يكن يتصرف بمحض إرادته وبقرار مستقل. واعتبر أن الأمر الأهم بالنسبة إلى موسكو في الوقت الراهن، يتمثل في "ألا تتجاهل العدوان التركي على روسيا". وعبر عن ثقته التامة في هذه المناسبة، بضرورة إعلان منظمة معاهدة الأمن الجماعي "تركيا بلدا عدوا" وفسخ العلاقات الاقتصادية وخفض التمثيل الدبلوماسي معها.
وأجمع إيفاشوف ولفيف من الخبراء السياسيين والعسكريين في ندوة عقدوها في يوم 27 من نوفمبر في موسكو لتحليل الأزمة التي اندلعت في العلاقات الروسية التركية، والوقوف على ملابسات إسقاط الطائرة الروسية وعواقبه، أجمعوا على أن العلاقات بين البلدين لن تعود إلى سابق عهدها طالما بقي أردوغان في الحكم.
فيكتور ناديين رايفسكي كبير الباحثين في معهد الاقتصاد العالمي والعلاقات الدولية التابع لأكاديمية العلوم الروسية، أكد بدوره أن حادث الطائرة كان عملا مدبرا ويندرج في خانة الاستفزازات، واعتبر أن خير دليل على تدبيره، ظهور مسلحين على الأرض في مكان تحطم الطائرة، واستهداف طيارها وملاحها بوابل من النيران بما يقضي عليهما ويخفي معهما ملابسات الحادث، ناهيك عن فريق الصحفيين الذي صور العملية.
وكان الرئيس الروسي بوتين قد صرح يوم 24 نوفمبر إن إسقاط تركيا للطائرة الروسية هو "طعنة في ظهر روسيا من جانب المتواطئين مع الإرهابيين". واعتبر أن الأمر سيخلف "عواقب خطيرة".
بدوره صرح رئيس الوزراء الروسي، دميتري مدفيديف، أن إسقاط الطائرة الروسية جاء في إطار سعي أنقرة للدفاع عن تنظيم داعش الإرهابي". واعتبر أن التصرف التركي "أمر غير مثير للاستغراب نظرا لمصالح مالية مباشرة لبعض المسؤولين الأتراك ترتبط بتوريدات المشتقات النفطية المنتجة في الورش الخاضعة لسيطرة داعش".
تصعيد
مباشرة بعد إسقاط طائرة السوخي ردت موسكو على عدة أصعدة حيث أعلنت قطع الاتصالات العسكرية مع تركيا.
وذكر المتحدث باسم وزارة الدفاع الروسية إيغور كوناشينكوف إن قطع قنوات الاتصال يتضمن "الخط الساخن" الذي تم إقامته لتجنب الحوادث في المجال الجوي السوري، حيث تشن الطائرات التركية أيضا غارات ولكن على المليشيات الكردية. وأضاف أنه "تم سحب ممثل الأسطول الحربي الروسي من تركيا، الذي كان ينسق عمل أسطول البحر الأسود والبحرية التركية".
وأكد كوناشينكوف أنه تم القضاء على "الإرهابيين المتواجدين في المنطقة التي تم إنقاذ مساعد طيار الطائرة الروسية" التي أسقطها تركيا في الأراضي السورية. وأشار إلى أن عملية البحث والإنقاذ عن مساعد الطيار الروسي جرت ليلة الثلاثاء الأربعاء واستمرت لأكثر من 12 ساعة، بينما لقى طيار تاني مصرعه.
وأضاف أنه بعد إنقاذه "قمنا بشن غارات مكثفة بالقاذفات الروسية والمدافع الصاروخية السورية لفترة طويلة على تلك المنطقة، وتم القضاء على كل الجماعات الإرهابية وحتى تلك التي كانت متخفية في تلك المنطقة". والمعروف أن المنطقة التي استهدفها الروس والسوريون هي جبل التركمان والمناطق المجاورة له حيث تقطن أقلية تركمانية سلحتها ودربتها تركيا وشكلت من ضمنها مليشيات تضم زهاء 10 آلاف مسلح يقاتلون الجيش السوري.
في الوقت نفسه، قالت المتحدثة باسم وزارة الخارجية الروسية ماريا زاخاروفا في خطاب وجهته للحكومة التركية ردا على إحتجاجها قصف منطقة التركمان: "هل تعتقدون أن السفاحين المسلحين، الذين قتلوا بوحشية العسكريين الروس، ينتمون إلى المعارضة السلمية السورية؟"، وفق ما نقلته وكالة الأنباء الروسية الرسمية "سبوتنيك".
وأضافت: "هل تريدون إظهار هؤلاء السفاحين كمدنيين؟ هل هؤلاء هم المعارضة المعتدلة التي تحدثتم عنها؟ هل هؤلاء من يناضل من أجل الديمقراطية، هل هؤلاء من ينبغي لهم أن يحلوا محل الأسد؟ هل جننتم؟".
وكان الرئيس التركي قد صرح في حينها: "لا يوجد تواجد لتنظيم داعش على طول تلك الحدود وفي منطقة جبل التركمان هناك تركمان فقط وكل من يقوم بقصف تلك المنطقة فإنه يعتدي على إخواننا وأخواتنا.. روسيا تريد الحفاظ على نظام بشار الأسد وتركيا تقف دائما مع الحق".
ويوم الخميس 26 نوفمبر أعلنت وزارة الدفاع الروسية، عن وصول صواريخ الدفاع الجوي طراز "اس 400" إلى القاعدة العسكرية "حميميم" في سوريا وتم نشرها لبدء مهامها القتالية.
وصرح المتحدث بإسم وزارة الدفاع الروسية إيغور كوناشينكوف إنه "بما يتوافق مع قرار القائد الأعلى للقوات المسلحة الروسية، وصلت ونشرت صواريخ "اس 400" في قاعدة حميميم الروسية الجوية بسوريا وبدأت مهامها القتالية في تغطية المنطقة".
وأشار إلى أنه "تم نقل المنظومة خلال يوم واحد بواسطة طيران النقل العسكري من موسكو، مضيفا أن المنظومة "إس 400" مع منظومة "فورت" للطراد الصاروخي"موسكو" الذي وصل إلى السواحل السورية، ستقومان بضمان أمن القوة الجوية الروسية وتدمير أي أهداف تشكل خطرا عليها.
خبراء الناتو والبنتاغون ذكروا بعد هذا الإجراء الروسي، أن كل طلعات الطيران في منطقة تكاد تصل إلى الحدود مع العراق وجزء كبير من تركيا وجنوبا حتى الحدود مع إسرائيل أصبحت في مرمى الصواريخ الروسية وأنه بناء على ذلك تقرر وقف كل طلعات الطيران التركي داخل سوريا وقرب حدودها كما كثف البنتاغون إتصالاته العسكرية مع القوات الروسية لتجنب تعرض الطائرات الأمريكية للتهديد.
فيما يعتبر إعترافا إضافيا بسيطرة موسكو على سماء منطقة الشام أعلن وزير الدفاع الإسرائيلي موشيه يعالون يوم الأحد 29 نوفمبر أن طائرة للجيش الروسي قادمة من سوريا دخلت "عن طريق الخطأ" المجال الجوي الإسرائيلي، وما لبثت أن عادت أدراجها.
وذكر يعالون في تصريح للإذاعة الرسمية "دخلت طائرة روسية كانت آتية من سوريا مجالنا الجوي بشكل طفيف على عمق ميل واحد (1،6 كلم)، لكن كل شيء تمت تسويته على الفور وعادت الطائرة في اتجاه سوريا". وأضاف يعالون "يبدو أن ما حصل خطأ من الطيار الذي كان يحلق قرب الجولان".
وأشار الوزير الإسرائيلي إلى أن الطائرات الروسية لا تنوي مهاجمتنا، لذلك يجب ألا نتحرك بطريقة تلقائية ونسقطها حتى عندما يحصل خطأ".
يشار أن الطيران الصهيوني الذي تدخل عشرات المرات خلال السنوات الخمس الماضية ضد أهداف في سوريا ومن ضمنها القوات السورية وتلك التابعة لحزب الله اللبناني توقف تماما حتى من الإقتراب من خطوط وقف إطلاق النار مع دمشق منذ تدخل الطيران الروسي نهاية سبتمبر.
وكانت صحيفة "يديعوت أحرونوت"، واسعة الانتشار في إسرائيل، قد نقلت في عددها الصادر يوم الجمعة 27 نوفمبر عن مصادر أمنية وعسكرية وصفتها بأنها رفيعة المستوى في تل أبيب قولها إن نصبب منظومة الصواريخ الروسية من طراز أس400 يعتبر تصعيدا خطيرا من قبل الروس، ذلك لأن هذه المنظومة ستحد بشكلٍ كبيرٍ من حرية عمل سلاح الجو الإسرائيلي في المنطقة الشمالية.
علاوة على ذلك، نقلت الصحيفة عن مصادر إسرائيلية مطلعة قولها إن القلق الحقيقي في تل أبيب يكمن في أن تقرر روسيا إبقاء منظومة الصواريخ المذكورة منصوبة على الأراضي السورية بعد إنتهاء المواجهات.
وكشفت الصحيفة، أن القائد العام لهيئة الأركان العامة في جيش الاحتلال، الجنرال غادي آيزنكوط، قام بزيارة سرية إلى العاصمة البلجيكية، بروكسل، وأن الزيارة كانت مهمة جدا وحساسة أكثر، وقد اجتمع الجنرال آيزنكوط مع قائد المسؤول عن أوروبا في جيش الولايات المتحدة الأمريكية ومسؤولين آخرين.
تراجع تكتيكي
في الساعات والأيام القليلة التي أعقبت إسقاط أنقرة للطائرة الروسية صدرت تصريحات من واشنطن وحلف الناتو ولندن تعبر عن دعمها لتركيا وحقها في الدفاع عن نفسها فيما أكد أردوغان أن الناتو سيقف مع بلاده ضد أي هجوم روسي، ولكن هذه اللهجة تبدلت وأفادت مصادر ألمانية أن واشنطن طلبت من أنقرة وقف كل تحرك من شأنه إثارة رد فعل عنيف من جانب موسكو.
البيت الأبيض وكعادته في الأوقات الحرجة دفع ببعض مسؤوليه للإدلاء بتصريحات مفيدة له وتبعد عنه تهمة مساندة العملية التركية.
يوم 25 نوفمبر قال فيل مود محلل شؤون مكافحة الإرهاب والعضو السابق بوكالة الاستخبارات الأمريكية إنه يجب إلقاء اللوم على تركيا في التسبب بحادثة عسكرية دولية بعد إسقاطها لطائرة روسية.
جاء ذلك في مقابلة حصرية للصحفية مود على شبكة "سي إن إن" المعروفة بروابطها الوثيقة مع البيت الأبيض حيث قال: "لدى روسيا وإيران تأثير على مستقبل الأسد ويجب لوم تركيا لأنها قررت إسقاط طائرة روسية لمجرد دخولها عدة كيلومترات في أجوائها والتسبب بحادثة عسكرية دولية تؤدي إلى إبعاد النظر عن الأحداث الحقيقة الدائرة في المنطقة وتعقد القضية الأساسية التي تتمثل في إنهاء الصراع الدائر بسوريا وجلب روسيا وإيران إلى طاولة المفاوضات".
وتابع قائلا: "أنا متفاجئ من دعوة تركيا إلى اجتماع للناتو، وأرى أنه يجب أن تكون هناك رسالة قاسية للأتراك لأنهم تركوا السيطرة على حدودهم مع سوريا ونفذوا قبل فترة غارات في ذلك البلد اتضح أنها تستهدف الأكراد وليس داعش وإذا كان الأتراك يصرون على استدعاء الناتو للحصول على دعمه فأتمنى أن يمثل الرد خيبة أمل لهم".
وأضاف يجب أن ندرك أن روسيا أصبحت صاحبة قرار أساسي في مستقبل المنطقة".
تركيا وسياسة حافة الهاوية
منذ مدة ليست بالقصيرة التقت مصادر رصد ألمانية ولبنانية وربما غيرهما في تقديرها أن الولايات المتحدة وبعد إحتلالها للعراق في أبريل 2003 بفترة، قررت الشروع في التنفيذ العملي لمشروع الشرق الأوسط الجديد القاضي بإقامة ما بين 54 و 56 دولة مكان الدول الحالية وذلك على أسس دينية وعرقية وطائفية، وأنها وبإسلوب ما يسمى بالفوضى الخلاقة والتحالف أو التعاون مع ما يسمى جماعات الإسلام السياسي ستنجز ذلك بسرعة وفعالية وقبل بداية العشرية الثالثة من القرن الحادي والعشرين.
دعم تركيا لهذا المخطط كان أحد الشروط الأساسية لنجاحه، وهكذا قدمت واشنطن كطعم ربما مسموم عدة مغريات لحكومة أنقرة، أهمها أن تقسيم سوريا كما حدث بالنسبة ليوغسلافيا نهاية القرن الماضي سيتيح ضم المناطق السورية التي يقطنها التركمان وهي مناطق تمتد تقريبا على طول حدود البلدين، كما تم التلويح بإمكانية ضم منطقة الموصل العراقية بثرواتها النفطية خاصة إذا قام الأكراد في العراق بزيادة بعدهم عن سيطرة بغداد وطمأن الأمريكيون الحكومة التركية بأن انفصال أكراد العراق لن يمس وحدة أراضي تركيا خاصة إذا نجحت حكومة أردوغان في الوصول إلى تسوية داخلية للخلافات مع أكرادها.
تركيا أردوغان وبغض النظر عن إمكانية شكها في صدقية المغريات الأمريكية، إنساقت في دعم مخطط زعزعة إستقرار سوريا وهي تقدر أن قوتها الناهضة عسكريا وإقتصاديا ينضاف إليها صعود أسهم جماعات الإخوان في مصر ليبيا وتونس واليمن عبر ما سمي الربيع العربي، والدعم الوارد من قطر وبعض دول الخليج العربي الأخرى سيمكنها من إحياء حلم الإمبراطورية العثمانية وسيحصنها من غدر ممكن من جانب حلفائها الغربيين وفي مقدمتهم الولايات المتحدة الأمريكية، والإتحاد الأوروبي الذي يناور بخبث لجرها إلى تحقيق مطالب معينة مقابل جزرة خيالية بشأن ضمها إليه.
صناعة داعش
ساهمت واشنطن وأنقرة ولندن ودول خليجية في إنشاء تنظيم داعش كل لأسباب معينة بعضها مشترك مع كل صانعي التنظيم والجزء الآخر لأسباب مختلفة، لكل طرف بعينه له معطياته الخاصة.
فيما يخص تركيا التي تحالفت مع واشنطن ودول عربية تريد إسقاط النظام السوري كما عملت في السابق على إسقاط حكم البعث العراقي بقيادة صدام حسين بأي سبيل، شكلت داعش أفضل تنظيم، عسكريا وتنظيميا وعقائديا لمواجهة الجيش السوري خاصة أن كل التنظيمات المسلحة الأخرى لم تكن تساوي الكثير على الساحة العسكرية في مواجهة الجيش السوري. داعش أستقطبت من وصفوا بالجهاديين من كل أصقاع الأرض، ولكن المهم بالنسبة لتركيا وواشنطن كان أن جزء كبيرا من المتطوعين أو المرتزقة جاؤا من أقطار عربية وبالتالي أصبحوا مخزونا إستراتيجيا مستقبليا عندما يحين توقيت زعزعة إستقرار أوطانهم الأصلية ونشر الفوضى الخلاقة بها التي ستحسن فرص إحياء النظام العثماني. هؤلاء المسلحون في داعش كانوا كذلك الوقود اللازم لمد الفوضى الخلاقة إلى وسط آسيا أو البطن الرخو لروسيا عبر الجمهوريات السابقة في الإتحاد السوفيتي وكذلك إلى الصين حيث توجد أقليات مسلمة ونزعات إنفصالية تزكيها واشنطن منذ عقود في التبت وغيرها من مناطق الصين الشاسعة.
بالنسبة لجمهوريات وسط آسيا المتحالفة مع موسكو أو الجزء الذي يأمل الرئيس بوتين به إحياء الإتحاد السوفيتي بصورة جديدة، كانت داعش مغرية للقوى التي تحكم أنقرة والتي تريد إستعادة مناطق آسيوية يقطنها من تعتبرهم تركيا مواطنيها والتي سقطت في يد موسكو خلال الحروب العديدة التي خاضها الطرفان نهاية القرن التاسع عشر وبداية القرن العشرين.
لكل هذا شكل التدخل العسكري الروسي في سوريا نهاية شهر سبتمبر 2015 عثرة خطيرة لكل مخططات أنقرة التي تعتبرها مصيرية ولتلك التي وضعتها واشنطن ولكن ضمن مشروع مرن وطموح وله محاور متعددة ومتبدلة من أجل شرق أوسط جديد يحمى إسرائيل ومصالح واشنطن ونظامها العالمي المتمحور على أساس قطب واحد.
إغلاق كل منافذ التموين
إذا كان إسقاط أنقرة لطائرة السوخي الروسية قد إرتد في المرحلة الحالية فيما هو في غير مصلحة أنقرة، حيث أن موسكو قررت المضي في سياسة تطويق النفوذ التركي داخل المناطق الحدودية السورية، وكثفت غاراتها الجوية على مناطق ريف اللاذقية الشمالي وعلى خط الإمداد الرئيسي بين "معبر السلامة" الحدودي المؤدي الى مدينة اعزاز وكل المعابر التركية نحو سوريا بهدف وقف كل الإمدادات سواء بالعتاد العسكري أو بالمتطوعين أو مختلف المؤن، فإن القوى التي تواجه الجيش السوري قد تنهار حتى دون تدخل بري أكثف من المتوفر حاليا.
وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف قال صراحة إن حل الأزمة في سوريا يتطلب إغلاق حدود تركيا. أهمية هذا التصريح أنه يأتي غداة إعلان موسكو نشر منظومات صواريخ "اس 300" و"اس 400ط التي تغطي الأجواء السورية، وما هو أبعد منها بكثير، وتهديدها الصريح بأنها ستتصدى لأي تهديد جوي قد تراه ضد نشاطها في سوريا.
يقول مراقبون أن مشروع أنقرة المدعوم أمريكيا ولو بخجل لإقامة منطقة آمنة وحظر طيران بموازاة الحدود التركية السورية قد إنهار ومعه حماية أنقرة لتركمان سوريا.
في الأيام التي سبقت إسقاط الطائرة، كانت القوات السورية تتقدم بشكل ملحوظ في المناطق الشمالية لريف اللاذقية، خصوصاً في مناطق جبل التركمان والأكراد والمحاذية للواء الإسكندرون. شعرت تركيا بأن إحتمال خسارة المعارضة المسلحة لهذه المناطق، سيفقدها ورقة نفوذ في سوريا، لذا فقد رفعت الصوت غيرة للدفاع عن الوجود التركماني في تلك المناطق، علماً أن غالبية المسلحين هناك وفي مختلف جبهات القتال من العناصر الأجنبية. وقد تسارعت الاجتماعات الرسمية الأمنية برئاسة رجب طيب أردوغان وداود أوغلو إلى دراسة التطورات الميدانية، وكانت تركيا على وشك التحرك لدى الأمم المتحدة والحلف الأطلسي لرفع الصوت.
بموازاة الأهداف المشتركة والمختلفة الأمريكية التركية، فإن مجموعة عوامل تدخل في تشكيل الظروف التي ولدت ظروف ركوب مغامرة إسقاط الطائرة وللمواجهات الخطرة المحتملة لاحقا، من ذلك شعور تركيا وأمريكا بجدية محاربة روسيا للإرهاب وخشيتهما من إنهيار مشاريعهم.
لقد نزلت روسيا إلى الميدان السوري للمرة الأولى في تاريخها منذ قرون. وأي نكسة في طبيعة هذا الحضور، ستكون له آثاره السلبية جدا عليها. لذا، فإن روسيا ستكون مطالبة في نطاق صراع دولي لا يرحم الضعفاء بأن تؤكد على نجاح خطوتها وإبراز قوتها في لحظة حساسة من الصراع الإقليمي والعالمي.
نفط داعش إلى إسرائيل
في نطاق الحرب بالحديد والنار على أرض الشام تخوض الأطراف المتصارعة معارك متنوعة وخاصة إعلاميا، وهكذا كشفت وسائل إعلام روسية يوم الأحد 29 نوفمبر عن قيام مجموعات كردية وسورية بمساعدة تنظيم داعش على تهريب النفط من العراق وسوريا إلى إسرائيل وتركيا.
وقالت وكالة "روسيا اليوم" في تقرير لها ان "الغارات الجوية الروسية كان لها التأثير الأكبر في ضرب البنى التحتية لمجرمي داعش وأهمها قوافل النفط التي يسيرها التنظيم من سوريا إلى تركيا".
وأضاف التقرير أن "تنظيم داعش سيطر على العديد من حقول النفط السورية والعراقية، وينتج يوميا ما بين 20 و40 ألف برميل نفط محققا دخلا يتراوح بين 1 و1.5 مليون دولار في اليوم".
وأوضح أن "التنظيم يستخرج النفط بشكل أساسي في حقلي كونيكو والتيم السوريين في محافظة دير الزور، وحقلي النجمة والقيارة بالعراق، ويخزنه في أحواض أرضية وهي حفر كبيرة، ليضخ منها النفط الخام لاحقا إلى صهاريج الشاحنات مباشرة وعادة ما يكون هذا النفط مليئا بالشوائب".
وأشار التقرير إلى أن "الصهاريج المحملة بالنفط تصل إلى مدينة زاخو الكردية المتصلة مع محافظة شرناخ التركية، وتتألف القافلة من 70 إلى 100 صهريج، تكون مافيات تهريب النفط بانتظارها، وهي تجار أكراد سوريون وعراقيون فضلا عن أتراك من بينهم ممثلوا شركات لأعضاء في الحزب الحاكم بأنقرة وإسرائيليين ضمنهم خبراء للموساد".
وأكد أن "النفط يصل إلى بلدة سلوبي التركية وتقبض شبكات التهريب المحلية في العراق أتعابها، من خلال إسرائيلي يحمل الجنسية اليونانية يدعى الدكتور فريد أو حاجي فريد".
للتذكير فإن هذا الشخص أدار شبكة تخريب وتجسس في لبنان ضد حزب الله وقبلها ضد أنصار الرئيس اللبناني رفيق الحريري الذي إغتيل يوم 14 فبراير 2005 في بيروت بعبوة ناسفة من نوع يصنع أساسا في الكيان الصهيوني وجمهورية تشيكوسلوفاكيا قبل تقسيمها.
وبين التقرير أن "النفط الكردي المهرب يختلط مع نفط تنظيم داعش، وبعد بيعه ب 15-18 دولارا تدفع أجور السائقين، ويبدأ دور السمسار الإسرائيلي فريد في التنسيق بين المافيات مالكة النفط وبين ثلاث شركات رئيسية تستقبل نفط الدولة الاسلامية تشتري النفط وتنقله عبر ثلاثة موانئ تركية هي مرسين ودورت بول وجيهان، بناقلات النفط إلى إسرائيل المستقبل الرئيسي بالمنطقة لكل النفط المهرب".
وكان الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، قد أثار في وقت سابق، قضية اتجار "الدولة الاسلامية" بالنفط السوري، في قمة العشرين التي عقدت في تركيا يوم 15 نوفمبر، ملمحا إلى وجود دول حاضرة في القمة، تتعاون مع "الدولة الاسلامية" في تهريب النفط وتمويلها بالسلاح وتجنيد المرتزقة، وكان يقصد تركيا وقطر على وجه الخصوص. كما أكدت موسكو خلال شهر نوفمبر وعبر صحيفة البرافدا أن دولا خليجية مدت وتمد تنظيم داعش بملايير الدولارات شهريا، وقد أعتبرت أوساط أمريكية ذلك تلميحا إتهاميا شبه مباشر لواشنطن.
يذكر أن نائب الرئيس الأمريكي جو بايدن إرتكب ما إعتبره بعض المحللين سقطة لسان عندما صرح يوم 2 أكتوبر 2014 خلال كلمة له في جامعة هارفارد، إن بعض دول المنطقة الشرق أوسطية، وذكر منها تركيا، قدمت ملايير الدولارات ومئات آلاف الأطنان من الأسلحة، لمن يقاتلون ضد النظام في سوريا، لكي يسقطوا نظام الأسد، مضيفا أن تلك الدول "استيقظت" بعد أن زادت قوة داعش.
وقال بادين إن أردوغان، الذي وصفه بالصديق القديم، قال له "لقد كنتم على حق، لقد سمحنا لكثير من الناس بالعبور، ونعمل الآن على إغلاق الحدود". طبعا لم يتم إغلاق الحدود.
شركات النفط المحمية
إذا كان قد تم كشف طرق نقل النفط الداعشي من سوريا والعراق إلى تركيا وإسرائيل، فإن هناك معطيات أخرى تكشف حجم المؤامرة المهم هو جمع المعلومات إيجاد الرابط الوثيق بينها. جاء في تقرير لصحيفة "لوفيغارو" الفرنسية ليس التدمير الكلي والمباشر لحقول النفط التي يسيطر عليها "داعش" من أهداف التحالف الدولي الذي تقوده واشنطن، لأن هذا من وجهة نظر الغرب "الإنساني" يضيق الخناق على سكان تلك المناطق الذين يعتمدون في حياتهم على ما ينتجه التنظيم، رغم أن تجفيف منابع النفط له فعالية كبيرة في جهود القضاء على التنظيم من الناحية العسكرية.
وحسب "بيروت برس" فإن تحكم "داعش" على الحقول النفطية ليست عشوائية، فالحقول التابعة لشركات بريطانية وأمريكية بقيت بعيدة عن سيطرة التنظيم، وفي السياق، أشار مدير البحوث في معهد الشرق الأدنى "ثيودور كاراسيك" إلى أن "قوات التنظيم لا تزال تهدد حقوق النفط الاستراتيجية في شمال العراق، لكن شركات الطاقة البريطانية والأمريكية التي لا تعمل بكامل طاقتها في حقول الشمال، ليست قلقة حيال توسع التنظيم، لأنه لم يشن حتى اليوم أي عملية ضد حقول النفط المركزية الأهم سواء في شمال أو جنوب العراق"، حيث ينشط عمل الشركات البريطانية والأمريكية، أما في الجانب السوري حيث لا حقوق نفطية للشركات البريطانية والأمريكية، فيشعر التنظيم بأريحية أكبر.
مرحلة التحولات الكبرى
جاء في تحليل نشرته صحيفة لبنانية معروفة بعلاقتها مع قوى معادية لواشنطن وتل أبيب: الحرب على سوريا وفيها تؤشر إلى أن مرحلة التحولات الكبرى دوليا وإقليميا قد بدأت فاللحظة السورية بدلت في استراتيجيات الدول المعنية بصراعات منطقة الشرق الأوسط وحروبها. ما يجري في سوريا يرسم مستقبل النظام العالمي الجديد ومستقبل النظام الإقليمي الجديد. والبيئة الإستراتيجية المتشكلة في العالم والإقليم تتشكل لصالح القوى المناهضة لمشروع السيطرة الأمريكية. هذا المشروع بدأت عجلاته تدور على سكة الإنهزام التاريخي. السيطرة على قلب منطقة الشرق الأوسط لم تعد ممكنة. والسبب إدارة أمريكية فاشلة لأزمات المنطقة، إدارة على طريقة المافيا بتعبير تشومسكي.
منذ خدعة الروس في الحرب الأطلسية على ليبيا اشتد إرتفاع الصوت الروسي في وجه الإدارة الأمريكية وأخذ الكلام مضمونه الإجرائي على ضرورة تشكيل قوى دولية مناهضة للسياسات الأمريكية خصوصا ما يتعلق منها بدول "الربيع العربي". من هنا بدأت مرحلة الحسم وتعززت ملامحها بعودة بوتين إلى رئاسة روسيا في 4 مارس 2012 فعادت معه روسيا بقوة إلى أخذ موقعها الراجح في موازين القوى الدولية وإلى تثبيت مشاركتها الفعالة في وضع قواعد الإشتباك الدولي وفي إسقاط النظام الأمريكي الأحادي الذي ترسخت قواعده بعد زوال الإتحاد السوفياتي.
ومنذ إعلان الحرب على سوريا أعلنت موسكو لااءاتها الثلاث: لا للتدخل الأمريكي أو الأطلسي، لا لتنحي الرئيس بشار بالقوة، لا للمعارضة المسلحة.. هذه اللاءات جاءت لتؤكد أن سوريا هي في صلب المصالح الإستراتيجية الروسية وان موسكو راغبة منذ البداية بإجراء حوار بين النظام والمعارضة الوطنية غير المسلحة وحريصة على إصلاح النظام السياسي وجعله أكثر إنفتاحا على أوسع مشاركة سياسية تعددية.
التدخل الروسي المعلن والمفتوح والمتدحرج عسكريا ضد مسلحي داعش في العراق والشام أحدث مجموعة تحولات كبرى قد تنذر بجعل العالم يعيش في لحظة الإنتقال من الحرب الباردة إلى الحرب الساخنة على الرغم من وفرة الكلام على تفاهمات عسكرية وديبلوماسية قائمة بين روسيا وأمريكا.
واشنطن ليست في وارد الذهاب مباشرة إلى حروب جديدة ما يترك المجال واسعا أمام المزيد من الإندفاع الروسي في حروب المنطقة ذلك أن دمشق هي جسر العبور إليها وأن للرئيس بوتين أسلوبه الخاص في خوضها في منطقة لروسيا فيها مصالح ودور تاريخي. يكفي قوله أمن روسيا من أمن سوريا لإدراك ما يتوخاه من حربه دفاعا عنها: العودة إلى المنطقة من بوابة دمشق.
الحرب على داعش هي بداية طريق العودة الروسية إلى منطقة الشرق الأوسط كي تتمكن روسيا من المشاركة في إعادة تشكيل مستقبل هذه المنطقة بعيدا من السيطرة الأمريكية الكلية والتامة عليها.
التدخل الروسي العسكري في شؤون المنطقة يشكل منعطفا إستراتيجيا في صراع المصالح الدولية. وهو تأكيد إستراتيجي للدفاع عن حلفاء روسيا وهو تهديد إستراتيجي لمصالح أمريكا وإسرائيل. فالسيطرة الأمريكية على المنطقة لم تعد أمرا متاحا.
عمر نجيب
[email protected]


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.