إحساس غريب ذلك الذي ينتابك عند سماع النشيد الوطني لبلدك، أو سماع أغنية من ملحمة وطنية، تجد نفسك تردد الكلمات عند كل شطر، وقبضة يدك مرفوعة بهمة، وظهرك منتصب مع ابتسامة عريضة تعلو محياك، في اتزان وتناسق، ورشاقة وعذوبة تتألف صورة المنظر لتعكس ما بالجوهر، جوهر يهتز عند كل وترة، جوهر يتذبذب في كل لحظة انبعاث لروح مسيرة عمرت 40 سنة وستعمر. بين حلاوة التذكر، وحنين العودة، وأماني المشاركة، وفخر الانتساب، بين كل هذا وذاك تعلق الأحاسيس بين السماء والأرض لتمنحك شهيق طويل وزفيرا أطول، لحظة تدفى بها الأبدان الباردة من صقيع الأيام المجحفة، لحظة تطيب فيها النفوس وتتصالح من حقد دفين ورَّثَه الهامش، لحظة تنصاع لها الأدمغة المتشدقة وتهتف بصوت واحد لبيك يا وطن. هي لحظة تركن فيها الأحاسيس عند مصف الإنجازات العظيمة في ذاكرة قلب عاشق يهوى بلا مقابل، قلب ينبض بحب دفين غرس مع أول صرخة في الحياة، حب سام مترفع عن كل أنواع الحب المزيفة، حب نبيل يسمو ليمنحك هوية مغربي فافتخر حتى نهاية آخر شطر من النشيد الوطني، وأعلن التلاحم الشرعي والزواج الأبدي. صورة الفايسبوك المغلفة براية المغرب، وتحديات تحت شعار المسيرة الخضراء، واستعدادات للحلول بأراضي الصحراء المغربية، ومسيرات بعث لروح مسيرة أتى بصيصها بنداء وجاءت الاستجابة بسخاء، من شعب تزود بالعلم والكتاب وفي الصحراء حط الرحاب، في مسيرة شعب دخلت التاريخ، وعبَرَتْه بلا صريخ، لتبتعث اليوم وفي كل 6 من نونبر من السنوات القادمة، معلنة الوطن بالصحراء، والصحراء بالوطن. أتحداك أن تقف أمام ملحمة "صوت الحسن ينادي" دون أن يتحرك فيك ساكنا، ودونما استشعار لحظة ربما لم تعشها ولم يحكى لك عنها الكثير لكنها قابعة في لا وعيك تستنطق فيك الوجدان الوطني وتستنهض همم الماضي لتمنحك جرعة لأيامك المقبلة.