مع توقيع إيران للاتفاق المتعلق ببرنامجها النووي مع الدول الستة الكبار بدا أن صفحة طويت في علاقة الجمهورية الإسلامية مع الغرب، وذلك رغم أن هذه العلاقة لا زال ينتظرها طريق شاق وطويل تتداخل فيه العديد من الملفات الكبرى ذات الطبيعة الجيواستراتيجية المتشعبة والبالغة التعقيد، وهو ما يطرح العديد من الاستفهامات حول انعكاس توقيع هذا الاتفاق على العلاقات الإيرانية الغربية من جهة، وعلاقتها بدول الخليج خاصة والدول العربية بوجه عام من جهة أخرى، فيما يعرف بالمحور السني المقابل للمحور الشيعي الذي تقوده إيران طبعا. وفي هذا السياق، ونظرا للعلاقات الاستراتيجية المتينة التي تربط المغرب بدول الخليج وفي مقدمتها المملكة السعودية، والذي يبرزه الدور المحوري الذي تلعبه بلادنا، والذي ليس آخره مشاركة المغرب ضمن التحالف العربي الذي تقوده السعودية في حربها ضد حركة أنصار الله في اليمن المدعومة من إيران،تطفو على السطح جملة من الأسئلة عن الموقف المغربي من التقارب الإيراني الغربي، والذي باركته دول المواجهة مع إيران على مضض، حيث بدا أن المغرب التزم الصمت من خلال تجنب وزير الاتصال والناطق باسم الحكومة المغربية الإدلاء بأي تعليق في الموضوع. وقد فسرت مجلة «فوريست بوريسي» الصمت المغربي باعتبار أن بلادنا تعد إحدى أهم نقاط اشتداد الحرب الباردة المستعرة بين إيران وغريمتها المملكة السعودية،خصوصا بعد الاتفاق النووي الإيراني مع الدول الغربية، وهو ما ذهبت إليه الكثير من التحليلات والتقارير التي أكدت أن المغرب متخوف مما تعتبرها تداعيات اقتصادية قد تنجم عن أي تقارب إيراني مغربي والذي لن تنظر إليه المملكة العربية السعودية بعين الرضا، ناهيك عن استعداد هذه الأخيرة لإطلاق ما وصفته هذه التقارير بالهجمة المضادة على الاتفاق النووي من خلال تشديد الخناق على المد الشيعي الذي ترعاه إيران في عدد من الدول العربية و من بينها المغرب ومصر. وبالفعل، فإن العديد من المخاوف بدأت تتصاعد جراء التحولات على الأرض التي أفرزها توقيع إيران على اتفاق وصف بالتاريخي مع الدول الغربية حول برنامجها النووي، خصوصا مع الطموحات المذهبية التوسعية التي أبانت عنها منذ عقود، حيث إنه بالنسبة للمغرب، ورغم عودة القليل من الدفء للعلاقات بين البلدين توج باعتماد سفير جديد لإيران في العاصمة الرباط، إلا أن الصراع والتباعد بينهما لا زال قائما،سواء بشكل مباشر أو غير مباشر،وهو نفس ما ذهب إليه الباحث منتصر حمادة في تصريح ل»العلم»، حيث أكد أن العلاقات المغربية الإيرانية ظلت دائما محكومة بالتأرجح ما بين التطبيع والتجميد، غير أنه بعد المستجد الأخير الخاص بالاتفاق النووي، لا يبدو أن الموقف المغربي سيخرج عن السائد في قواعد تعامله مع قضايا منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، أي قاعدة الإمساك بالعصا من الوسط، مذكرا في هذا الإطار بكون المغرب يظل البلد المغاربي الوحيد الذي يحتفظ بعلاقات دبلوماسية جيدة مع أغلب دول منطقة الشرق العربي. ولم يفت منصر حمادة أن يشدد على أن ما يثير القلق والعديد من المخاوف هو إمعان النظام الحاكم في إيران في المضي قدما نحو مسألة تصدير التشيع بعد فشله في مشروع تصدير «الثورة الإيرانية» نحو جميع الدول العربية،وهو ما يجب الحذر منه والعمل على مواجهته بكافة الوسائل.