هل نحن أمام كوفيد 19 جديد ؟ .. مرض غامض يقتل 143 شخصاً في أقل من شهر    الوزير قيوح يدشن منصة لوجيستيكية من الجيل الجديد بالدار البيضاء    حقائق وشهادات حول قضية توفيق بوعشرين مع البيجيدي: بين تصريحات الصحافي وتوضيحات المحامي عبد المولى المروري    دراسة تكشف آلية جديدة لاختزان الذكريات في العقل البشري    حصيلة سنة 2024.. تفكيك 123 شبكة لتنظيم الهجرة غير النظامية والاتجار في البشر    الدكتور هشام البوديحي .. من أحياء مدينة العروي إلى دكتوراه بالعاصمة الرباط في التخصص البيئي الدولي    التجمع الوطني للأحرار يثمن المقاربة الملكية المعتمدة بخصوص إصلاح مدونة الأسرة    الدورة ال 44 لمجلس وزراء الشؤون الاجتماعية العرب بالمنامة .. السيد الراشيدي يبرز الخطوط العريضة لورش الدولة الاجتماعية التي يقودها جلالة الملك    الدفاع الحسني يهزم الرجاء ويعمق جراحه في البطولة الاحترافية    38 قتيلا في تحطم طائرة أذربيجانية في كازاخستان (حصيلة جديدة)    فرض غرامات تصل إلى 20 ألف درهم للمتورطين في صيد طائر الحسون بالمغرب    المهرجان الجهوي للحلاقة والتجميل في دورته الثامنة بمدينة الحسيمة    انقلاب سيارة على الطريق الوطنية رقم 2 بين الحسيمة وشفشاون    رحيل الشاعر محمد عنيبة أحد رواد القصيدة المغربية وصاحب ديوان "الحب مهزلة القرون" (فيديو)    رئيس الرجاء يرد على آيت منا ويدعو لرفع مستوى الخطاب الرياضي    المغرب الرياضي الفاسي ينفصل بالتراضي عن مدربه الإيطالي غولييرمو أرينا    تنظيم الدورة السابعة لمهرجان أولاد تايمة الدولي للفيلم    الندوة 12 :"المغرب-البرتغال. تراث مشترك"إحياء الذكرىالعشرون لتصنيف مازغان/الجديدة تراثا عالميا. الإنجازات والانتظارات    حركة حماس: إسرائيل تُعرقل الاتفاق    الإنتاج الوطني من الطاقة الكهربائية بلغ 42,38 تيراواط ساعة في متم 2023    الخيانة الزوجية تسفر عن اعتقال زوج و خليلته    روسيا: المغرب أبدى اهتمامه للانضمام إلى "بريكس"    عبير العابد تشكو تصرفات زملائها الفنانين: يصفونني بغير المستقرة نفسياً!    السعودية و المغرب .. علاقات راسخة تطورت إلى شراكة شاملة في شتى المجالات خلال 2024    أخبار الساحة    برلماني يكشف "تفشي" الإصابة بداء بوحمرون في عمالة الفنيدق منتظرا "إجراءات حكومية مستعجلة"    التنسيق النقابي بقطاع الصحة يعلن استئناف برنامجه النضالي مع بداية 2025    تأجيل أولى جلسات النظر في قضية "حلّ" الجمعية المغربية لحقوق الإنسان    الريسوني: مقترحات مراجعة مدونة الأسرة ستضيق على الرجل وقد تدفع المرأة مهرا للرجل كي يقبل الزواج    بعد 40 ساعة من المداولات.. 71 سنة سجنا نافذا للمتهمين في قضية "مجموعة الخير"    ابتدائية الناظور تلزم بنكا بتسليم أموال زبون مسن مع فرض غرامة يومية    جهة مراكش – آسفي .. على إيقاع دينامية اقتصادية قوية و ثابتة    برنامج يحتفي بكنوز الحرف المغربية    بورصة الدار البيضاء تستهل تداولاتها بأداء إيجابي    مصرع لاعبة التزلج السويسرية صوفي هيديغر جرّاء انهيار ثلجي    توقعات أحوال الطقس ليوم غد الخميس    نسخ معدلة من فطائر "مينس باي" الميلادية تخسر الرهان    لجنة: القطاع البنكي في المغرب يواصل إظهار صلابته    بطولة إنكلترا.. ليفربول للابتعاد بالصدارة وسيتي ويونايتد لتخطي الأزمة    نزار بركة: 35 مدينة ستستفيد من مشاريع تنموية استعدادا لتنظيم مونديال 2030    مجلس النواب يصادق بالأغلبية على مشروع القانون التنظيمي المتعلق بالإضراب    مجلس النواب بباراغواي يصادق على قرار جديد يدعم بموجبه سيادة المغرب على أقاليمه الجنوبية    باستثناء "قسد".. السلطات السورية تعلن الاتفاق على حل "جميع الفصائل المسلحة"    تقرير بريطاني: المغرب عزز مكانته كدولة محورية في الاقتصاد العالمي وأصبح الجسر بين الشرق والغرب؟    ماكرون يخطط للترشح لرئاسة الفيفا    مجلس النواب بباراغواي يجدد دعمه لسيادة المغرب على صحرائه    ضربات روسية تعطب طاقة أوكرانيا    تزايد أعداد الأقمار الاصطناعية يسائل تجنب الاصطدامات    السعدي : التعاونيات ركيزة أساسية لقطاع الاقتصاد الاجتماعي والتضامني    ارتفاع معدل البطالة في المغرب.. لغز محير!    وزير الخارجية السوري الجديد يدعو إيران لاحترام سيادة بلاده ويحذر من الفوضى    طبيب يبرز عوامل تفشي "بوحمرون" وينبه لمخاطر الإصابة به    "بيت الشعر" يقدم "أنطولوجيا الزجل"    للطغيان وجه واحد بين الدولة و المدينة و الإدارة …فهل من معتبر …؟!!! (الجزء الأول)    حماية الحياة في الإسلام تحريم الوأد والإجهاض والقتل بجميع أشكاله    عبادي: المغرب ليس بمنأى عن الكوارث التي تعصف بالأمة    توفيق بوعشرين يكتب.. "رواية جديدة لأحمد التوفيق: المغرب بلد علماني"    توفيق بوعشرين يكتب: "رواية" جديدة لأحمد التوفيق.. المغرب بلد علماني    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الحرب في سيناء وروابطها من الخليج العربي إلى المحيط الأطلسي: شبكة ألغام تنظيم داعش وأصحاب النظام العالمي الجديد بقلم //عمر نجيب
نشر في العلم يوم 06 - 07 - 2015

في ساعة مبكرة من يوم الأربعاء فاتح يوليو 2015 ذكرت وكالة أنباء رويترز أن بيانا نشر على موقع التواصل الاجتماعي تويتر أفاد أن جماعة ولاية سيناء التابعة لتنظيم داعش الذي يسميه البعض خاصة في الغرب بالدولة الإسلامية، أعلنت مسؤوليتها عن هجمات ضد قوات الأمن والجيش المصري في شمال سيناء. وقالت الجماعة إنها هاجمت أكثر من 15 موقعا عسكريا ونفذت ثلاث هجمات انتحارية. وأضافت أنها استخدمت الصواريخ الموجهة في مهاجمة المواقع.
في الساعات التالية توالت الأخبار عن الأحداث وكانت كثيرة، غير أن المسجل وحسب مصادر رصد خاصة في كل من باريس وبرلين هو أنه كان هناك تضارب في المعلومات خاصة بالنسبة للمنابر الإعلامية المحسوبة على تيار حركة الإخوان الدولية التي قدمت الهجمات على أنها بداية لتحول في الصراع المسلح على شاكلة ما يحدث في سوريا وليبيا، وأن تنظيم داعش يحقق سلسلة من الانتصارات غير المسبوقة حيث أصبح يسيطر على مساحات شاسعة من شمال سيناء.
توقعات لم تتحقق
مصادر في العاصمة الألماني برلين ذكرت مساء يوم الأربعاء وبناء على معلومات يرجح أنها حصلت عليها من وحدة في القوات المتعددة الجنسيات المكونة من زهاء 1700 جندي ومراقب والمرابطة في سيناء منذ سنة 1982 للإشراف على احترام اتفاقية كامب ديفيد والتي توجد قاعدتها الرئيسية في منطقة الجورة بشمال شبه الجزيرة، ذكرت أن منابر إعلامية منها من كان يتابع إنطلاقا من قطاع غزة تطور المواجهات، حضر برقيات إعلامية تعلن فيها داعش نجاحها في إنشاء ولاية تابعة لها في قطاع يمتد من مدينة الشيخ زويد حتى رفح المصرية على أبواب غزة.
المصادر الألمانية أضافت أن أحدى البرقيات تسربت لسبب ما غير معروف حتى الآن إلى بعض المنابر الإعلامية
ولكنه لم يتم بثها من قناة الجزيرة القطرية التي لها طاقم كبير في غزة زود عددا من وسائل الإعلام بصور ملتقطة من بعيد للمواجهات وكان ينتظر تطورا إيجابيا لحركة داعش، وتضيف أن داعش جندت للعملية العسكرية ما بين 450 و 600 مسلح ويشكل هؤلاء الجزء الأكبر من مجنديها ولهذا فإن خسائرها الكبيرة إن تأكدت تعتبر كارثية حتى يعوض بتجنيد مزيد من المسلحين.
وحسب ملاحظين لا يمكن تجاهل اعتراف مسلحي "ولاية سيناء" بالانسحاب من مناطق الاشتباك، وفق بيان لهم يوم الجمعة 4 يوليو، بعد تحقيق ضربات قوية غير مسبوقة حسب بياناتهم، وهو الانسحاب الذي برره البيان ب"الحرص على أرواح السكان المدنيين". لكن مراقبين وشهود عيان يرجعون الانسحاب إلى صمود المواقع العسكرية التي تعرضت للهجوم وإلى تدخل الطائرات من دون طيار إلى جانب طائرات "إف 16" و"أباتشي"، إذ وفرت للطائرات الحربية صورا من الأرض تظهر أماكن المسلحين ومناطق تمركزهم، ما أتاح الفرصة للطائرات لاستهداف عناصر ولاية سيناء بنجاح من دون اشتباكات مباشرة أكثر اتساعا على الأرض.
وتمتلك مصر تشكيلة متنوعة للطائرات من دون طيار، أبرزها الطائرة الصينية "ASN-209" والتي يمتلك الجيش المصري منها 21 طائرة، وقد تم تصنيعها محليا في الهيئة العربية للتصنيع بترخيص من مصنعها الصيني. وتوفر تلك الطائرات بيئة قتال إلكترونية تظهر في غرفة عمليات عسكرية تدار عبر الأقمار الاصطناعية، ومتصلة بالطائرات الهجومية، التي توجه قذائفها وصواريخها عن بعد إلى مناطق وأماكن تمركز المسلحين المستهدفين بعد أن ترصد أماكنهم وتحركاتهم الطائرات من دون طيار.
ما بين الأربعاء ومساء يوم السبت 4 يوليو وبناء على بلاغات الجيش المصري الذي استخدم الطائرات لدعم قواته الأرضية، كان حصاد المواجهات من القتلى 17 جنديا وشرطيا مصريا وحوالي 207 من مسلحي داعش. وكالتا رويترز وفرانس برس قدرتا أن هذه الحصيلة لها مصداقية كبيرة خاصة لأن ضحايا القوات المصرية يجرى تشييعهم في مدنهم وقراهم الأصلية ولن يكون من السهل إخفاء عددهم.
مصادر رصد غربية سجلت أن هناك معلومات من مصادر قبلية في سيناء أشارت أن من بين قتلى تنظيم داعش عدد من غير المصريين وخاصة من منطقة المغرب العربي وبعض هؤلاء كانوا يقاتلون سابقا في سوريا والعراق وليبيا.
هجمات سيناء جاءت أياما قليلة لتكمل عمليات سابقة لداعش، فيوم الجمعة 26 يونيو 2015 وفي غضون بضع ساعات نفذ تنظيم داعش عبر أنصار له وحسب بلاغاته ثلاث هجمات دامية تصادفت مع الذكرى الأولى لإعلان ما يسمى دولة الخلافة، ففي تونس فتح مسلح النار على شاطئ مقابل لفندق يرتاده السائحون فقتل 39 شخصا، وفي الكويت فجر انتحاري نفسه في مسجد للشيعة خلال صلاة الجمعة فقتل 27 شخصا، وفي فرنسا عثر على جثة مقطوعة الرأس تغطيها كتابة باللغة العربية بعد أن صدم مهاجم حاويات غاز بسيارته فأحدث انفجارا كان يمكن أن يتسع ويسقط عشرات القتلى.
قبل الهجمات في سيناء بحوالي 48 ساعة ويوم الإثنين 29 يونيو تم إغتيال النائب العام المصري هشام بركات في انفجار استهدف موكبه بسيارة ملغمة استخدمت فيه عبوة ناسفة من طراز "سي فور" التي يصعب رصدها، ووقع التفجير قبل يوم من حلول الذكرى السنوية الثانية لاحتجاجات 30 يونيو الشعبية الضخمة التي اندلعت عام 2013 ودفعت الجيش للتجاوب مع المطالب الشعبية والإعلان عن عزل الرئيس المصري السابق محمد مرسي المنتمي لجماعة الإخوان المسلمين بعدها يوم 3 يوليو.
ترابط
لم يربط غالبية الملاحظين بين أحداث سيناء وإغتيال هشام بركات، سوى بعد أن فاضت شبكات التواصل الاجتماعي على الانترنت بتعليقات حول لقطة فيديو لإشارة بالذبح من داخل القفص بادر بها الرئيس الأسبق محمد مرسي أثناء محاكمته موجهة إلى محاميه، البعض اعتبرها، حلقة في سلسلة من الرسائل التهديدية وتأكيدا لأوامر الجماعة للتخلص من النائب العام المصري.
وأصبح بركات 64 عاما أكبر مسؤول في الدولة يقتل منذ عزل مرسي وأكبر مسؤول منذ اغتيال رئيس مجلس الشعب الأسبق رفعت المحجوب بأيدي متشددين عام 1990 خلال حملة إرهابية واسعة انتهت مرحليا بهزيمة محركيها.
وفي شهر يونيو 2015 قتل ثلاثة قضاة بالرصاص في هجوم في مدينة العريش عاصمة محافظة شمال سيناء حيث تنشط جماعة ولاية سيناء. وهوجمت في الآونة ألأخيرة منازل وسيارات مملوكة لقضاة وألقيت زجاجات حارقة على عدد من نوادي القضاة في أكثر من مدينة.
وتتهم الحكومة المصرية جماعة الإخوان بالوقوف وراء العنف الدائر في مصر منذ 3 يوليو 2013، وقد وصل الأمر إلى حد التهديد بالتصعيد في سيناء تحديدا، حسبما جاء على لسان القيادي في الجماعة الذي يحاكم حاليا محمد البلتاجي الذي قال سيتوقف العنف في سيناء لحظة عودة مرسي إلى الرئاسة.
ويرى الباحث في شؤون الجماعات المتشددة سامح عيد أن هناك "تفاهمات" بين جماعة الإخوان وتنظيم "أنصار بيت المقدس" الذي ينشط في سيناء، وبايع مؤخرا تنظيم "داعش" مطلقا على نفسه "ولاية سيناء".
وقال عيد إن "هناك تفاهمات أو تنسيقات على مستويات معينة" بين الإخوان وولاية سيناء، وإن كانت "لا ترتقي بالضرورة لدرجة العلاقة التنظيمية المباشرة، فكل يتحرك في اتجاه ولكل أسلوب" حسب رأيه.
وتوقع الباحث أن يكون "الصراع بين الدولة والإرهاب طويل المدى، وأن يرهق الحكومة ويؤثر على الاقتصاد"، مشيرا إلى "قصور في الإجراءات الأمنية في سيناء وحاجة إلى مزيد من التطوير والحركة على مسارات متعددة في هذا السبيل".
وأثار اغتيال النائب العام المصري هشام بركات، ثم الهجوم الأخير في منطقة الشيخ زويد، دعوات بتسريع إجراءات التقاضي في قضايا الإرهاب وتنفيذ الأحكام. وتبنى هذه الدعوات الرئيس عبد الفتاح السيسي، الذي قال أثناء تشييع جثمان بركات إن "يد العدالة الناجزة مغلولة بالقوانين. لن ننتظر على هذا. سنعدل القوانين التي تجعلنا ننفذ العدالة في أسرع وقت ممكن". وأقرت الحكومة الأربعاء، قانونا جديدا لمكافحة الإرهاب يطالب خصوصا بتسريع إجراءات الاستئناف.
وقالت مصادر قضائية إن التعديلات المقترحة على قانون الإجراءات الجنائية تتضمن اختصار درجات التقاضي إلى درجتين بدلا من ثلاث درجات حاليا وأن يكون للقاضي القول الفصل في استدعاء شهود نفى من عدمه حسبما تتطلب القضية.
وخلال الشهور الماضية صدرت أحكام بالإعدام والسجن المؤبد على المئات من أعضاء ومؤيدي الإخوان بينهم مرسي والمرشد العام للجماعة محمد بديع لكن هذه الأحكام أولية وقابلة للطعن عليها وقد تستغرق الإجراءات القضائية سنوات حتى صدور أحكام نهائية وباتة بحقهم.
دعوة للإبادة
بينما كانت المواجهات في سيناء تتجه نحو الحسم، نقلت وكالة رويترز عن مصادر أمنية مصرية قولها إن قوات الشرطة المصرية قتلت ثلاثة عشر مسلحا في مدينة السادس من أكتوبر غربي القاهرة في وقت مبكر يوم الأربعاء عندما اقتحمت شقة كانوا يختبئون فيها بينما كانوا يخططون لشن هجوم.
وقالت المصادر إن من بين القتلى المحامي ناصر الحافي عضو مجلس الشعب السابق عن جماعة الإخوان المسلمين المحظورة وإن المجتمعين بادروا بإطلاق النار على الشرطة التي ردت عليهم.
مصادر الإخوان وخاصة من تركيا قالت ان القتلى من قيادات الحركة وأنهم لم يكونوا مسلحين، وحاولت التدليل على ذلك بوجود آثار حبر على أصابع القتلى في مؤشر على أخذ بصماتهم، غير أن مصادر أمنية غربية ذكرت أن أخذ البصمات من القتلى عملية عادية تجري في كل الدول للتأكد من الهويات.
مباشرة بعد عملية مدينة 6 أكتوبر دعت جماعة الإخوان مساء الاربعاء إلى "إبادة" حكم الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، قائلة إن هذه الحادثة تمثل "تحولا له ما بعده"، ويؤسس به عبد الفتاح السيسي لمرحلة جديدة لا يمكن معها السيطرة على غضب القطاعات المظلومة المقهورة التي لن تقبل أن تموت في بيوتها وسط أهلها".
عشية إغتيال المدعي العام المصري ذكرت وكالة رويترز يوم الثلاثاء 30 يونيو أن داعش هددت بجعل قطاع غزة واحدا من مناطق نفوذها في الشرق الأوسط متهمة حركة حماس التي تحكم القطاع بأنها غير جادة بما يكفي بشأن تطبيق الشريعة. جاء ذلك في تسجيل فيديو وفي تحدي نادر صادر من معقل لتنظيم الدولة الإسلامية في سوريا وقال عضو مقنع في تنظيم الدولة الإسلامية "بإذن الله سنقتلع دولة اليهود من جذورها وأنتم وفتح وكل العلمانيين لا شيء.. زبد يذهب مع زحفنا وستحكم الشريعة في غزة رغما عنكم".
في نفس التوقيت تقريبا إتهم وزير المخابرات الإسرائيلي يسرائيل كاتز حماس بإقامة مشاركة مع تابعين للدولة الإسلامية في شبه جزيرة سيناء وهي تهمة لطالما نفتها حماس.
وقال كاتز في مؤتمر في تل أبيب "يوجد تعاون قائم بينهم في مجال تهريب السلاح والهجمات الإرهابية. المصريون يعلمون ذلك وكذا السعوديون".
مصادر في غرب أوروبا وقبرص علقت على إتهامات وزير المخابرات الإسرائيلي بالإشارة إلى أن الأجهزة العسكرية والإخبارية الصهيونية تقدم منذ أشهر طويلة دعما ماديا كبيرا لتنظيمي داعش والنصرة التابعة للقاعدة في سوريا في قتالها ضد قوات الجيش السوري.
وقد وصل الأمر بوزير الجيش الإسرائيلي موشيه يعالون ليؤكد يوم الاثنين 29 يونيو ان الدولة العبرية تقدم المساعدات الطبية والانسانية للمتمردين في سوريا، وذكر متحدث بإسم الوزير أن تصريحاته هذه وردت خلال لقاء عقده مع الصحافيين الإسرائيليين. وأضاف المتحدث باسم يعالون لوكالة فرانس برس "عندما يصل شخص مصاب إلى الجدار الأمني فعليك تقديم المساعدة".
مساء نفس اليوم هاجم حشد من السكان الدروز سيارة اسعاف عسكرية اسرائيلية كانت تنقل جريحين من حركة النصرة وداعش لمعالجتهما في اسرائيل فقتل احدهما في حين ان الآخر أصبح في حالة حرجة. وفي اليوم نفسه تعرضت سيارة اسعاف اخرى للهجوم في قرية حرفيش في الجليل حيث تدخل الجيش الإسرائيلي ضد السكان الغاضبين من تعاون الكيان الصهيوني من مسلحي تنظيم داعش الذين قتلوا العشرات من الدروز في هضبة الجولان المحررة بعد إجتياحهم لبعض المواقع السورية.
يوم 3 يوليو 2015 كتب محرر الشؤون العسكرية زئيف شترنهل في صحيفة هآرتس: "إسرائيل تمسكت دوما بالكذب والتشويه والطمس، وهذا لم يتغير كثيرا من حرب الأيام الستة وحتى الجرف الصامد".
مصادر رصد في بيروت أفادت أنه على شاكلة الدعم الصهيوني لداعش في سوريا تقدم تل أبيب دعما للحركات الموصوفة بالجهادية في سيناء لأن مصلحتها تقتضي زعزعة قبضة القاهرة على المنطقة التي لازال المخططون في إسرائيل يعتبرونها جزء من دولتهم ومكانا لإقامة الدولة الفلسطينية البديلة، وتشير نفس المصادر أنه يسجل أن تنظيم داعش لم يقم بأي عملية سواء ضد إسرائيل أو تركيا أو إيران رغم أن مسلحيه يوجدون على حدود تلك الأطراف.
تخطيط خارجي
يوم السبت 4 يوليو ذكر الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي إن المسلحين الذين هاجموا عددا من الكمائن العسكرية في شمال سيناء حاولوا إقامة ولاية إسلامية لكن الجيش تصدى لهم وكبدهم خسائر "غير متصورة"، ولفت إلى أن الهجمات الإرهابية تم "التخطيط لها في الخارج"، مشيرا إلى أن الجيش "أحبط مخططا كبيرا.. والعالم بات مدركا أن مصر هي عماد ودعامة الأمن والاستقرار في المنطقة".
وسعى السيسي إلى طمأنة المصريين، قائلا: "لا تقلقوا أبدا... لدينا رجال الجيش موجودون للحفاظ على بلدنا، ولا يجب أن يكون لديكم شك في دور القوات المسلحة وتضحيات رجالها"، مؤكدا أن الوضع في سيناء مستقر تماما. وربط الرئيس المصري بين حادث اغتيال النائب العام المصري هشام بركات في القاهرة قبل أيام وبين أحداث الشيخ زويد الأربعاء قائلا إن الهدف منها كان "توجيه رسالة أنه بعد عامين من الإطاحة بحكم نظام ديني فاشي، يتم إعلان ولاية إسلامية في سيناء بالقوة".
وكان السيسي يتحدث في كلمة ألقاها أمام عدد من ضباط وجنود الجيش خلال زيارة مفاجئة قام بها لشمال سيناء.
وخلال الزيارة ارتدى السيسي الزي العسكري لأول مرة منذ توليه الرئاسة عام 2014. وكان السيسي وزيرا للدفاع قبل استقالته وترشحه للرئاسة ووفقا للدستور يشغل حاليا منصب القائد الأعلى للقوات المسلحة.
ووصف السيسي في كلمته السبت نظام الرئيس السابق محمد مرسي المنتمي إلى جماعة الاخوان بأنه كان "دينيا فاشيا".
وأظهرت صور ولقطات فيديو للزيارة مرافقة الفريق محمود حجازي رئيس أركان القوات المسلحة للسيسي.
وقالت مصادر أمنية أن قوات حرس الحدود تمكنت من ضبط نحو نصف طن من المتفجرات داخل نفق على الحدود بين مصر وقطاع غزة.
في غضون ذلك وحسب وكالة فرانس برس، تبنت "ولاية سيناء" فرع "داعش" في مصر، إطلاق صواريخ غراد على الأراضي الإسرائيلية. وأفادت مصادر في الشرطة الإسرائيلية بأنه تم السبت العثور على بقايا صاروخ أطلق الجمعة من شبه جزيرة سيناء على إسرائيل. والجمعة سقط صاروخان في جنوب إسرائيل من دون أن يسفرا عن ضحايا أو أضرار. ولم تعلق السلطات المصرية على هذه المعلومات، غير أن مصادر رصد ذكرت أن الأمر يتعلق بعملية تضليل بعد فشل داعش في بسط نفوذها في الشيخ زويد ورفح.
واشنطن والتنظيمات الإرهابية
يوم الخميس 2 يوليو أعلنت وزارة الخارجية الروسية الخميس أن موسكو تتضامن بشكل ثابت مع مصر شعبا وقيادة في مكافحة الإرهاب والتطرف وتدعم جهودها الرامية إلى استقرار الوضع في البلاد. وقالت الخارجية الروسية تعليقا على العملية العسكرية للجيش المصري في شبه جزيرة سيناء، والتي جرت كرد على سلسلة الهجمات الإرهابية على العسكريين في منطقة مدينتي الشيخ زويد ورفح هناك: "في ظل هذه الأحداث نؤكد موقفنا المبدئي للإدانة الحاسمة لأي أعمال إرهابية، بما فيها تلك التي موجهة ضد مؤسسات الدولة المصرية وقواتها المسلحة وأجهزتها الأمنية".
وأشادت الوزارة ب "الإجراءات العملية التي تتخذها السلطات المصرية بهدف ضمان المستوى اللازم لأمن السياح الأجانب في منتجعات البحر الأحمر وعمل منشآت البنية التحتية السياحية باستمرار".
يذكر أن صحفا ومواقع إعلامية روسية نشرت قبل أسابيع وثائق مسربة من واشنطن تشير إلى أن حركة داعش مثلها مثل تنظيم القاعدة من صنع أجهزة المخابرات الأمريكية، مضيفة أن الأجهزة الأمريكية وعبر قواعد لها في الخليج العربي وإسرائيل وبواسطة أقمار التجسس تقدم معلومات ميدانية للمسلحين الذين يقاتلون في سوريا وغيرها ضد أنظمة بلدانهم، كما تدرب في قواعد بالمنطقة الشرق أوسطية مرتزقة مجندين من بلدان مختلفة وترسلهم لزعزة الإستقرار في بلدان مستهدفة أمريكيا.
جاء في تحليل لوكالة رويترز نشر يوم 1 يوليو أنجزه أنجوس ماكدوال ووليام ماكلين، عن التهديد الذي يشكله تنظيم داعش على عدد من الدول العربية، وبعد استعراض عملية تفجير مسجد بالكويت يوم 26 يونيو والدعم المحلي الذي حصل عليه الانتحاري السعودي:
كان مقتل 27 شخصا أكثر هجمات المتشددين دموية في الكويت وأشد الهجمات فتكا في أي من الدول الست أعضاء مجلس التعاون الخليج منذ التفجيرات التي وقعت في الرياض وأودت بحياة 35 شخصا في بداية حملة تنظيم القاعدة في السعودية في مايو عام 2003.
ويخشى المسؤولون أن يكون هذا نموذجا لتفجيرات في المستقبل في الدول الخليجية الغنية بموارد الطاقة ووسيلة لزعزعة استقرارها وتفكيكها. أيمن دين العضو السابق في تنظيم القاعدة الذي يدير الآن شركة للاستشارات الأمنية مقرها الخليج يقول إن خلايا الدولة الإسلامية تشكل "خطرا أكثر مرونة" سيكون تعقبها أصعب من تعقب الذين نشرهم تنظيم القاعدة في حملة بين عامي 2003 و2006.
ويرجع هذا في جانب منه إلى انتشار نظم الرسائل المشفرة وهو ما يمكن المجموعات المتفرقة للمتشددين من تلقي توجيههم من الخارج، أما القاعدة في السعودية في الأعوام 2003-2006 فكانت تدار بشكل مركزي ولذلك كان من السهل اختراقها.
أسئلة حول القوة متعددة الجنسيات
فيما يخص التدخلات الخارجية في هجمات سيناء، يسجل الملاحظون إلى أنه إلى جانب ضبابية السلوكيات الإسرائيلية والأمريكية التي لم تتحرك أجهزة رصدها المركزة والكثيفة في منطقة سيناء لإبلاغ السلطات المصرية بنشاط مئات من مسلحي داعش، من الواجب إضافة غموض موقف جزء من وحدات القوات الدولية التي تملك 35 برج مراقبة ونقط تفتيش ومراكز مراقبة الكترونية على طول الشريط الممتد شرقي سيناء وقرب مدينتي الشيخ زويد ورفح المصرية.
هناك شكوك كثيرة حول سلوك الولايات المتحدة أكبر المشاركين في هذه القوة بكتيبة مشاة قوامها 425 جنديا في القطاع الجنوبي لانتشار القوة المتعددة الجنسيات في سيناء، إضافة إلى 235 موظف دعم، بمن في ذلك الأطباء والمتخصصون.
يوم 9 يونيو 2015 أفادت مصادر أمنية بمحافظة شمال سيناء، أن 6 قذائف مدفعية وصاروخية "غراد"، سقطت على مطار القوات الدولية بقرية الجورة جنوب الشيخ زويد، القصف لم يسفر عن أية خسائر تذكر مما دفع بعض المراقبين إلى إعتباره نوعا من التمويه.
تنظيم "ولاية سيناء" سارع إلى تبني العملية، وقال: إن "هذه الضربات تأتي بعد اعتقال إحدى السيدات بمدينة الشيخ زويد على أيدي قوات الجيش المصري".
بتاريخ 28 أبريل جاء في تقرير إعلامي صدر بالقاهرة:
كشفت مصادر قبلية في سيناء، أن عددا كبيرا من عناصر الجماعات الإرهابية المسلحة، يحتمي بقوات حفظ السلام الدولية، للهرب من غارات الجيش، وتزويد سياراتهم بالوقود، وعلاج مصابيهم، مقابل التعهد بعدم تنفيذ هجمات ضد تلك القوات وتحذيرها من أماكن العبوات الناسفة. وأفاد مصدر قبلي من قرية اللفيتات أن العناصر الإرهابية تختبئ في نفق طوله 500 متر ينتهي أسفل نقطة مراقبة قوات حفظ السلام بالقرية، لعلمهم أن الطائرات لن تقصف نقاط المراقبة الدولية. وأضاف: بمجرد أن يسمع الإرهابيون أصوات طائرات "إف 16" والأباتشى والطائرة بدون طيار "الزنانة"، يسرعون إلى النفق، ورفض المصدر تأكيد أو نفى علم قوات المراقبة بالنفق. وقالت مصادر قبلية إن الخدمات التي تقدمها قوات حفظ السلام للإرهابيين لا تتوقف عند تموين السيارات، بل تتعداها إلى علاج المصابين بإصابات حرجة داخل مطار الجورة.
بتاريخ 12 مايو 2015 ذكر مصدر إعلامي في القاهرة أن مسئولا مصريا رفيع المستوى احتج على ما وصف ب"علاقات غير طبيعية" بين القوات الدولية والعناصر الإرهابية في سيناء، وذكر المصدر أن المسئول وصل إلى شمال سيناء، مساء الأحد 10 مايو، وسط حراسة مشددة وفى سرية تامة، والتقى مسئولين كبارا بقوات حفظ السلام، وكشفت المصادر عن أن اللقاء تطرق إلى علاقة القوات بالتنظيمات المسلحة في سيناء. وأوضحت المصادر أن المسئول المصري أكد خلال اللقاء ورود معلومات لأجهزة أمنية تفيد بتعاون قوات حفظ السلام مع المسلحين بمنطقة شرق سيناء وتحديدا في المنطقة "ج" ودعمهم لوجيستيكيا للعناصر المسلحة، كاشفا عن حفر العناصر الإرهابية لأنفاق أسفل نقاط المراقبة الخاصة بالقوات متعددة الجنسيات بمنطقتي "اللفيتات" و"قوز أبورعد"، إضافة إلى توصل السلطات المصرية لمعلومات تؤكد أن الجرحى والمصابين من المسلحين يتم علاجهم بمقر قوات حفظ السلام بمطار الجورة. وكان سامح شكري، وزير الخارجية، قد استقبل السفير ديفيد ساترفيليد، مدير عام القوة متعددة الجنسيات في سيناء، بمقر الوزارة، لتذليل أية مشكلات أو عقبات تعترض عملها حسبما أفاد بلاغ رسمي.
معادلات الصراع الدولي
هناك جهود عديدة لنفي نظرية المؤامرة وربطها بما تتعرض له المنطقة العربية من أزمات وصراعات وتشرذم وخاصة منذ سقوط البوابة الشرقية تحت الإحتلال سنة 2003، والإدعاء بأن الأزمات نابعة عن أسباب داخلية محضة، غير أن الأحداث المتتالية ترسخ وتؤكد بالأدلة القاطعة أن ما يجري ما هو سوى عملية تنفيذية لمخطط المحافظين الجدد حول الشرق الأوسط الجديد أو الكبير القاضي بتقسيم المنطقة إلى ما بين 54 و56 دولة على أساس عرقي وديني ومناطقي.
تنفيذ مخطط المحافظين الجدد يعرف بعض التعثرات ليس فقط نتيجة مقاومة القوى المحلية بل كذلك بسبب الصراع الدولي المتصاعد حتى في ساحات بعيدة.
صرح مستشار الأمن القومي الأمريكي الأسبق زبغنيو بريجنسكي إن الحرب الباردة عادت مجددا بين الولايات المتحدة وروسيا، لكنه لا يتوقع أن تستمر طويلا.
وشغل بريجينسكي الذي يعد من ابرز المفكرين الاستراتيجيين على المستوى الغربي، منصب مستشار الأمن القومي الامريكي خلال ولاية الرئيس الأمريكي الأسبق جيمي كارتر بين عامي 1979-1981، وهو يعمل حاليا مستشارا في معهد الدراسات الاستراتيجية والدولية في واشنطن.
وأوضح بريجينسكي في مقابلة نشرتها مجلة دير شبيغل الألمانية يوم الجمعة 3 يوليو، أن روسيا تسعى إلى زيادة ترسانتها من الصواريخ العابرة للقارات، بينما تعتزم الولايات المتحدة الأمريكية نشر مزيد من الأسلحة الثقيلة في قواعد حلف شمال الأطلسي في شرق أوروبا.
وتابع" نحن عمليا في حرب باردة"، لكنه لا يتوقع أن تتصاعد هذه الحرب أو أن تستمر طويلا، مثل الحرب الباردة بين الاتحاد السوفيتي والولايات المتحدة التي امتدت لنحو 40 عاما، "ذلك لان الأمور حاليا تتغير بسرعة على الساحة الدولية على عكس ما كان يجرى سابقا".
وقال إن الغرب يجب أن يقف بقوة في وجه الرئيس الروسي بوتين.
وأوضح "لا أريد حربا، لكن لا أرغب في أن أكون خاضعا للترهيب"، مؤكدا أن نشر الأسلحة الأمريكية في شرق أوروبا خطوة صحيحة تكبح جماح الحرب، لكن الصمت أمام تصرفات الروس قد يدفعهم للتمادي في كل بقاع الأرض خاصة تلك حيث للولايات المتحدة مصالح حيوية.
وكانت المجلة الألمانية قد ذكرت أن نتيجة استطلاع حديث للرأي اظهرات أن غالبية الألمان يرون أنه في حال تعرض إحدى دول الحلف لاعتداء خارجي فلا يتوجب على ألمانيا الدفاع عنها".
وعلق بريجيسكي على هذا الأمر قائلا" وهل يتوجب على الولايات المتحدة الدفاع عن ألمانيا في حال تعرضها لاعتداء؟ .. لا تقلقوا من هذه الأمور فالطبيعة البشرية ستدفع الأمريكيين للدفاع عن ألمانيا، والطبيعة البشرية ثابتة خلافا للظروف المتغيرة".
عمر نجيب
[email protected]


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.