أثمرت جهود المعارضة البرلمانية الممثلة في كل من حزب الاستقلال والاتحاد الاشتراكي والأصالة والمعاصرة والاتحاد الدستوري في التصدي للمحاولات الحكومية الرامية إلى الاستفراد والتحكم في العملية الانتخابية إلى تعليق ما سمي باللجنة المركزية لتتبع الانتخابات والتراجع عنها على خلفية دخول وزارة العدل كطرف فيها وهو ما أثار مخاوف من عدم ضمان استقلاليتها عن الحكومة. وفي هذا السياق،أفادت مصادر للعلم أن أحزاب المعارضة أوقفت قرار انسحابها من أشغال لجنة الداخلية والجماعات الترابية والسكنى بمجلس النواب وعادت للمشاركة في النقاش الدائر حول مشاريع القوانين التنظيمية لانتخابات مجالس الجماعات الترابية بمجلس النواب، بعد سلسلة من اللقاءات مع محمد حصاد وزير الداخلية، والذي أعلن الأسبوع الفارط عن تمسكه بالحرص على توفير كافة الضمانات القانونية والشروط المادية والإدارية لإنجاح الاستحقاقات الانتخابية القادمة،وهو ما أكده نور الدين مضيان، رئيس الفريق الاستقلالي للوحدة والتعادلية بمجلس النواب،في تصريح للعلم، حين قال إن هدف المعارضة لم يكن يوما هو المقاطعة من أجل المقاطعة،مضيفا أن فرق المعارضة قررت العودة للعمل بعد أن تمت تلبية العديد من مطالبها من أجل الإشراف والسهر على الانتخابات. وقال نور الدين مضيان إن القرار السابق الذي اتخذته فرق المعارضة داخل قبة البرلمان لم يأت صدفة أو اعتباطا، بل أملته العديد من الحيثيات والإكراهات التي سجلناها والتي كنا نتمنى أن تختفي من مغرب ما بعد دستور 2011، ومن ضمنها أن المشاورات السابقة التي تمت كانت شبه صورية ووهمية ،إلا أن الحكومة لم تأخذ بملاحظاتنا ولم تعرها اهتماما يذكر،بل إنها وحفاظا على نهجها التسلطي والإقصائي،لم تجشم نفسها حتى عناء صياغة جواب على ملاحظات فرق المعارضة وفضلت بدل ذلك الهروب للأمام،مضيفا في هذا الإطار أن الحكومة تعاملت مع المعارضة بعقلية متحجرة ودكتاتورية،وتعاملت مع آلية الاستحقاقات القادمة بعقلية عفا عنها الزمن. وشدد مضيان على أن قرار المعارضة الذي تم التراجع عنه، لقي تفهما واسعا من كافة المتتبعين والمهتمين على اعتبار أنه كان قرارا مبررا عكس ادعاءات الحكومة ومن يواليها، إذ لا يمكن أن تقوم الحكومة بالانتظار ثلاث سنوات وفي النهاية تأتي لتمرر ما تشاء من القوانين باستعجال، فنحن لسنا مكتبا للتسجيل، نحن معارضة وازنة تقوم بدور الدستوري وتحمل مسؤولياتها التاريخية. وكشف رئيس الفريق الاستقلالي للوحدة والتعادلية في مجلس النواب أن المشاورات ما زالت مستمرة من أجل تجاوز كل ما من شأنه عرقلة العمل التشريعي وإنجاح الاستحقاقات الانتخابية القادمة. وكانت أحزاب المعارضة قد اتخذت قرارا وصف بغير المسبوق ويقضي بالانسحاب من أي مناقشة للقوانين التنظيمية لانتخابات الجماعات الترابية بالبرلمان إلى حين رجوع الحكومة إلى جادة الصواب من خلال اعتماد مبدأ المقاربة التشاركية والتفاعل الإيجابي مع مقترحات فرق المعارضة. وفي هذا الصدد، قامت قيادات أحزاب المعارضة بإبلاغ وزير الداخلية بتمسكها بتهييئ الظروف الملائمة لضمان سلامة ونزاهة الاستحقاقات الانتخابية مع تشديدها على ضرورة أن تعمل على الحكومة على توفير مناخ سليم من شأنه ضمان أجواء التباري الانتخابي والتنافس السياسي المتوازن والعادل،مثمنة مواقفها التنسيقية داخل البرلمان،وهي المواقف التي توجت باتخاذها قرارا جريئا يقضي بالانسحاب من لجنة الداخلية والجماعات الترابية والسكنى وسياسة المدينة. وكانت أحزاب المعارضة قد شنت في بلاغ لها انتقادا شديد اللهجة للحكومة ضد ما وصفته بتوجهات الحكومة وقراراتها ذات الطابع التسلطي والاستبدادي،وهو ما يتناقض مع الدستور المغربي نصا وروحا،خصوصا فيما يرتبط باحترام الاختيار الديمقراطي وتعزيز التشاور واعتماد المقاربة التشاركية والأخذ بعين الاعتبار مقترحات المعارضة.