انسحبت فرق المعارضة بمجلس النواب (الاتحاد الدستوري، الاستقلال، الاتحاد الاشتراكي، الأصالة والمعاصرة) من اجتماع لجنة الداخلية والجماعات الترابية والسكنى وسياسة المدينة، أول أمس الأربعاء، احتجاجا على سعي فرق الأغلبية البرلمانية، المشكلة لحكومة بنكيران، مصادرة حق المعارضة في التشريع، والقفز على الدستور والنظام الداخلي لمجلس النواب. وذلك بعد إصرار برلمانيي التحالف الحكومي على مناقشة مشروع القانون المتعلق بمراجعة اللوائح الانتخابية، وبعدها متابعة دراسة مقترح قانون يتعلق بالهيئة الوطنية للإشراف على الانتخابات ومراقبتها، كما هو مسطر في البرنامج. رؤساء ونواب فرق المعارضة النياببة، تمسكوا في مداخلاتهم بإعطاء الأولوية لمناقشة مقترح القانون الذي تقدم به كل من الفريق الاشتراكي والاستقلالي، كونه وضع لدى مكتب مجلس النواب، بتاريخ 21 يوليوز 2014 ، بينما الحكومة، لم تتقدم بمشروع قانونها إلا يوم فاتح أكتوبر الجاري، معتبرين أن أي تغيير في البرمجة، يعد بمثابة "خرق للفصل 82 من الدستور، للفصل 128 للنظام الداخلي لمجلس النواب، والذي يفرض مناقشة مقترحات ومشاريع القوانين بناء على ترتيب وضعها لدى مجلس النواب. وبعد احتدام النقاش بين المعارضة والأغلبية، توقفت أشغال الاجتماع، ليعقد مكتب اللجنة لقاء طارئا، حيث تقرر فيه حصر النقاش بشأن مقترح القانون على مداخلات رؤساء الفرق النيابية، وبعدها فتح المجال للمناقشة التفصيلية لمشروع قانون الحكومة، وهو الطرح الذي رفضته المعارضة بشدة، مقررة الانسحاب من الاجتماع، بعدما اعتبرت بأن منح الأولوية لمشروع الحكومة هو إقبار لمقترحها. شاوي بلسعال، رئيس فريق الاتحاد الدستوري بمجلس النواب، تساءل في تدخله أمام أعضاء لجنة الداخلية عن دور ممثلي الأمة في سن القوانين والتشريعات، وقال في هذا السياق :" هناك من يريد من المعارضة أن لا تقوم بدورها الدستوري في إنتاج مقترحات القوانين، فهم لا تركونا نعمل ولا قدموا لنا ما يمكننا الاشتغال حوله"، منبها في الوقت ذاته من سعي البعض عدم تفعيل ما جاء به الدستور، الذي ينص على إعطاء الأسبقية لمقترحات القوانين. وأوضح بلعسال أن المطلب الأساسي لجميع الفرق البرلمانية هو تجديد اللوائح الانتخابية لأنها الآلية الأنجع لضمان انتخابات نزيهة وشفافة، قبل أن يشير إلى أن من فرق الأغلبية التي كانت بالأمس مع هذا المطلب، قد تراجعت عنه، داعيا إياها إلى وضع حد لازدواجية خطابها. وأكد في الوقت ذاته بأن فرق المعارضة مقتنعة بضرورة تجديد اللوائح الانتخابية. وقال رئيس فريق الاتحاد الدستوري بمجلس النواب، إن "العهد الجديد والدستور الجديد والمنعطف التاريخي الذي تعيشه بلادنا"، يقتضي تجديد اللوائح الانتخابية، باعتبارها –يضيف بلعسال- مدخلا رئيسيا وأساسيا لنجاح العملية الانتخابية المقبلة، مؤكدا أن نزاهة وشفافية الاستحقاقات القادمة يمر عبر إصلاح جذري لهذه للوائح. مما سيقطع سياسة التشكيك في العملية الانتخابية برمتها. إلى ذلك، أعربت فرق أحزاب المعارضة، (الفريق الدستوري،الفريق الاستقلالي للوحدة والتعادلية، فريق الأصالة والمعاصرة، الفريق الاشتراكي) عن أسفها العميق للمس الذي تعرض له النظام الداخلي لمجلس النواب، والمس الذي تعرضت له المعارضة والتي خصها دستور 2011 بحقوق أساسية تعتبر واحدة من أبرز ملامح التطور الديمقراطي ببلادنا، من قبل الأغلبية البرلمانية، بعد إصرار الأخيرة على خرق المادة 128 من النظام الداخلي لمجلس النواب، والقاضي باعتماد برمجة مناقشة مقترحات ومشاريع القوانين الواردة على مجلس النواب تبعا لترتيب وضعها بالمجلس. وقالت المعارضة في بلاغ لها أصدرته عقب انسحابها، وتوصلت "رسالة الأمة" بنسخة منه، "حيث إن الحكومة لم تتقدم بمشروع قانون مراجعة اللوائح الانتخابية سوى يوم 1 أكتوبر 2014 وتمت إحالته على اللجنة بتاريخ 3 أكتوبر2014، مما يتأكد معه أن مقترح القانون الذي تقدمت به فرق من المعارضة بالنظر لتاريخ إيداعه، فهو سابق على مشروع الحكومة مما يفرض برمجته داخل اللجنة للمناقشة قبل برمجة مشروع القانون الذي جاءت به الحكومة، وحيث إن هذا الأمر لم يتم احترامه رغم تنبيه رؤساء فرق المعارضة ونوابها، فإن هذه الفرق قررت عدم تزكية خرق هذا النظام الداخلي للمجلس وذلك بإعلان انسحابها من اجتماع لجنة الداخلية والجماعات الترابية والسكنى وسياسة المدينة مع رفع الأمر إلى مكتب مجلس النواب." وسجلت المعارضة في بلاغ أصدرته عقب انسحابها، إصرار الحكومة عبر أغلبيتها العددية على مناقشة مشروع اللوائح الانتخابية الذي يقتصر على تحيين اللوائح الانتخابية وليس تجديدها تجديدا كليا كما تطالب بذلك المعارضة، وهو ما كانت تطالب به فرق من الأغلبية قبل أن تنقلب على مواقفها، حيث إن إصرار الحكومة على تحيين اللوائح الانتخابية التي هي موضع انتقاد وطني منذ سنوات، يجعل فرق المعارضة تتخوف على نزاهة الانتخابات المقبلة، ما لم يتم تحصينها عبر لوائح انتخابية تحقق توافقا وطنيا شاملا، وهو ما كان يمكن التوصل إليه لو توفرت الإرادة السياسية اللازمة في إطار مشاورات سياسية جادة. تقول المعارضة. واعتبرت في البلاغ ذاته، أن توجه الحكومة الحالي لا يعبر إلا عن الرغبة في الاستفراد بالإعداد للمسلسل الانتخابي واعتبار النقاش السياسي مع الأحزاب السياسية مجرد نقاش شكلي لا تترتب عنه التزامات حكومية وهو ما يخل بالمقاربة التشاركية والإشراف السياسي على الانتخابات خاصة وأن الأمر يتعلق بالقوانين التنظيمية المنظمة لها، معربة عن استغرابها من سعي البعض إلى تسييد الرأي الوحيد والتوظيف الآلي للأغلبية الحكومية وتوظيف لغة الترهيب بما يمس اختصاصات السلطة التشريعية كسلطة تشريعية أصلية، ويجعلها مجرد ملحقة للتسجيل تابعة للحكومة. هذا، وأشارت فرق المعارضة بمجلس النواب في بلاغها إلى أنها ستحيل ما ستقدمه الحكومة من مشاريع قوانين تهم العمليات الانتخابية واختصاصات الجماعات الترابية على قياداتها السياسية لاتخاذ ما تراه مناسبا بهذا الشأن.