لوحظ في الشهور القليلة الماضية ظهور عدة أفلام تهتم بالسيرة الذاتية لشخصيات مدنية و عسكرية و رياضية بارزة في ميادين مختلفة (الرياضة و الجيش و العلوم ...) من بينها الفيلم الحربي الأمريكي "الذي لا يقهر" من إخراح و إنتاج الممثلة و المنتجة المشهورة أنجيلينا جولي و تدور قصته حوا البطل الأولمبي الأمريكي "لوي زامبيريتي" (من أصل إيطالي مثل المخرجة) الذي كان خلال الحرب العالمية الثانية ضمن الطيارين الأمريكيين، و من بينها كذلك فيلمين توجا هذه السنة في حفل توزيع الأوسكارات، و يتعلق الأمر بالفيلم البريطاني "تاريخ رائع للزمن" الذي فاز بجائزة أحسن دور رجالي و هو من إخراج السيناريست و الممثل جامس مارش و تدور قصته حول العالم الفيزيائي البريطاني "ستيفان هاوكينغ" ابرز علماء الفيزياء النظرية والرياضيات التطبيقية على مستوى العالم ، و الفيلم الأمريكي البريطاني (لعبة التقليد) الفائز بأوسكار أحسن سيناريو مقتبس من إخراج النرويجي مورتن تيلدوم الذي تناول فيه السيرة الذاتية لعالم الرياضيات البريطاني المشهور "آلان تورينغ" الذي تمكن بنبوغه و عبقريته و ذكائه من ابتكار جهاز يكشف مسبقا عن كل الهجمات البرية و البحرية و الجوية التي كان ينوي جيش "هتلر" القيام بها ببريطانيا. و يعرض حاليا ببلادنا فيلم أمريكي فاز هذه السنة باوسكار أحسن مونتاج صوتي يحمل عنوان " القناص الأمريكي" الذي مازال يحقق نجاحا تجاريا كبيرا بالولايات المتحدةالأمريكية و الذي أحدث بها ضجة كبيرة بين مؤيد و معارض لموضوعه المقتبس عن مؤلف حول نفس الموضوع المتعلق بالقصة الواقعية للقناص الأمريكي " كريس كايل"، و هو من إنجاز الممثل و المخرج و المنتج كلينت إستوود (البالغ من العمر 84 سنة) الذي شارك أيضا في إنتاجه إلى جانب الممثل برادلي كوبيير الذي يشخص دور البطولة فيه، و قد سبق المخرجين دافيد أو روسيل و ستيفن سبييلبيرغ أن رفضا إخراج هذا الفيلم لأسباب مختلفة. تستغرق مدة الفيلم 132 دقيقة و يعود بالمشاهد إلى طفولة "كريس" لإبراز مدى ولعه بالقنص و الرماية و ركوب الخيل و عشقه لركوب الخيل منذ صغر سنه قبل أن يصبح بعد ذلك مساعدا ميكانيكيا، و لكن تربية والده السلطوي أثرت فيه و في شقيقه "جيف" (الممثل كاير أو دونيل) بكيفية عميقة ، إذ كان يحذرهما بصرامة من الأشرار الموجودين في كل مكان ، و كان يحثهما على التضامن بينهما في حالةما إذا تعرض أحدهما للاعتداء من طرف أي شخص ، و كان يحثهما على الوطنية و يقنعهما بأن الجيش الأمريكي يقوم بدوره في حماية بلدهم من الخصوم و الأعداء، مشبها لهما ذلك بحماية الخرفان من الذئاب. سيتأثر "كريس" بعمق أيضا ببعض الأحداث من بينها تعرض السفارة الأمريكية في كينيا إلى هجوم أدى إلى سقوط العديد من القتلى ، و انهيار البرجين المشهورين في أحداث 11 شتنبر ، الأمر الذي سيدفع به إلى التخلي عن مهنة الميكانيك و الانضمام إلى الجيش الأمريكي بعد إجراء مجموعة من التداريب العسكرية الشاقة ليصبح قناصا ماهرا .سيتعرف الجندي "كريس" على الشابة " تايا" (الممثلة سيينا ميلير) في إحدى الحانات و سيتزوج بها بعد فشل علاقته الغرامية الأولى مع شابة أخرى هاجرته لأنه لم يكن في المستوى المطلوب حسب رأيها، و سيتم بعد ذلك إرساله خلال أربع جولات ضمن وحدات عسكرية إلى الفلوجة بالعراق مكلفة بالبحث عن الزرقاوي و مساعده القسام ، و في نهاية كل جولة كان يعود إلى أسرته الصغيرة ، و في كل مرة كانت زوجته الخائفة جدا على مصيره تحته على الانسحاب من الجيش و البقاء في البيت للاعتناء بها و بإبنيه ، و لكنه كان عازما على إتمام مهمته هناك إلى أن عاد نهائيا إلى بلده مكرما و منعوتا بمفخرة للبلاد و أسطورة فيها لكونه قضى ما لا يقل عن 1000 يوم في هذه الحرب و تمكن من قنص و قتل حوالي 150 شخص من النساء و الرجال و من مختلف الأعمار، و هو رقم قياسي في تاريخ القنص البشري الذي حققه الجيش الأمريكي.الفيلم كلايسكي سطحي و بسيط بطريقة معالجة موضوعه و إخراجه ، و هو لا يصل بذلك إلى مستوى بعض أفلام الحروب القوية ، كما أنه غير مقنع من ناحية البناء على مستوى الأحداث و الشخصيات، أحداثه تبدو مفبركة و تسير في الاتجاه الذي اختاره "كلينت إستوود" لها و ذلك من خلال تبرير عمليات القتل الذي يقوم القناص "كريس" بحماية زملائه الجنود من كل من يشكل خطرا عليهم أو يحاول قتلهم ، و من خلال إبراز الروح الوطنية و تمجيد حب الوطن و التضحية بالغالي و النفيس من أجله. كان هذا الفيلم مرشحا لعدة جوائز الأوسكار، و لكنه لم يفز إلا بجائزة أوسكار واحدة تتعلق بالمونتاج الصوتي، و تجدر الإشارة إلى أن القناص "كريس" قتل في شهر فبراير 2013 على يد أحد زملائه من الجنود الأمريكيين الذي أصيب باضطرابات نفسية عميقة جراء مشاركته في بعض الحروب من بينها حرب العراق ، فقام بإطلاق الرصاص عليه أثناء فترة تدريب في الرماية كان "كريس" هو الذي قوم بها لفائدته، كما تجدر الإشارة إلى أن بعض لقطات هذا الفيلم صورت بالمغرب (كل اللقطات المرتبطة بالعراق) و ساهم في إنجازها طاقم لا يقل عن سبعين من شخص من مختلف المهن و شارك ضمن فريق التمثيل الممثل المغربي فهد بنشمسي يشارك فيه كجندي يترجم للجنود الأمريكيين اللغة العربية إلى اللغة الأمريكية.