صُعق الوسط الثقافي المغربي، بانسحاب جماعي ل(15) مثقفا مغربيا ، من اتحاد كتاب المغرب، و قد عزوا في بلاغ سبب هذا الإنسحاب الذي سيثير جدلا كبيرا إلى؛ » ما بات عليه اليوم وضع منظمة ثقافية عتيدة هي (اتحاد كتاب المغرب)، من ارتهان بين يدي قلّة لا تمثل، في السياق الراهن،رأي أغلبية الكُتّاب المغاربة، نتج عنه تحويل لدور المنظمة الطبيعي،وعبث برصيدها التاريخي، لأجل تحقيق مكاسب شخصية ضيقة، مع مراكمة الأخطاء التسييرية والطيش، غير المسبوق، في إبداء المواقف الفاقدة للعمق وللصدى والشرعية القاعدية، فإننا نعتقد أن بقاءنا في الاتحاد في وضعه الحالي، يعتبر تزكية منا لهذا الزّوغ، وقبولا منّا له، لهذا نعلن انسحابنا من (اتحاد كتاب المغرب)، في الوقت الراهن، وإلى أن تتوفر شروط إحداث التغيير المطلوب «. وقد حمل البلاغ أسماء المثقفين الكتاب الخمسة عشرة، وهم الأساتذة: عبد الفتاح الحجُمري،شعيب حليفي، شرف الدين ماجدولين،محمود عبد الغني، نور الدين صدوق، صلاح بوسريف، محمد بودويك، محمد بوخزار، خالد بلقاسم، عبد الدين حمروش، مراد القادري، عبد اللطيف البازي، عبد اللطيف محفوظ، إكرام عبدي، وشفيق الزكاري. وأضاف البلاغ أن انسحابهم » لا يعني بأي حال من الأحوال استقالة من الفعل الثقافي، إنما هو سعي نحو خلق أفق ثقافي وفكري أرحب «. و قد اتصلنا برئيس اتحاد كتاب المغرب الأستاذ عبد الرحيم العلام، ليفيدنا بتصريح في هذه النازلة، فأجابنا مشكورا بالقول:» شخصيا، تلقيت باستغراب إعلان بعض الأعضاء «انسحابهم» من اتحاد كتاب المغرب. لست أدري لماذا اختاروا هذا الوقت بالذات، لتجديد إعلان انسحابهم، حتى لا أقول انسحابهم، هم الذين يبدو أن بعضهم قد انسحبوا من الاتحاد منذ زمان، ولم تعد تربطهم به أية صلة، لا حضور مؤتمراته ولا المشاركة في أنشطته، ولا غيرها، إلا بعد أن أصابتهم الصحوة فجأة، فتذكروا أنهم ينتمون إلى منظمة عتيدة، تتجدد بأعضائها وبشبابها، وتتوهج بحضورها، وبإشعاعها الوطني والخارجي... لا يسعني سوى أن أحترم شخصيا رغبة هؤلاء الأعضاء، فلربما أحس بعضهم بأن انتماءه إلى الاتحاد لم يعد يشرفه، إذ يوجد من بينهم من لم يكتب، في حياته، ولا مقالا واحدا في الثقافة ولا أصدر كتابا حتى، فكيف يصمد أمام اتحاد يغتني بتراكم أعضائه وبحضورهم المشرف... فقط أنا لم أفهم، معنى الانسحاب... فالقانون الأساسي للاتحاد ينص على الاستقالة، لكن ربما هي مسافة اللا انتماء التي لم تعد تسمح للبعض بأن يواكب اليوم تجدد الاتحاد، وتغير العالم... شيء مؤسف حقيقة، لكن النضالات الحقيقية تتم من داخل الاتحاد وفي مؤتمراته، وليس بالبهتان والافتراء والكذب والجحود والوصاية، من لدن أشخاص يعرفون بالاصطياد في الماء العكر، وبتغيير بوصلة أخلاقهم حسب المنافع... فكيف يعقل أن يتغزل زعيمهم - في موقع هسبريس - في السيد وزير الثقافة، عدوه بالأمس، ربما بحثا منه عن موطئ قدم، وأن يزعم، أيضا، بأنه لم تعد تربطه بالاتحاد أية صلة، منذ ولاية الشاعر محمد الأشعري، في حين أنه شارك، منذ المؤتمر الأخير، الذي شكل إعلانا للربيع الثقافي المغربي، في الاجتماعين التحضيريين للمناظرة الوطنية حول الثقافة المغربية، بالرباط وإفران، وسافر بمعيتنا إلى العيون لحضور تلك اللحظة التاريخية للاتحاد، ونظم مع اتحادنا ندوة حول القصة القصيرة بالمحمدية، وقدم لنا كتابا لننشره ضمن منشورات الاتحاد و.. و.. فهل يستحيون من أنفسهم ... إن الثقافة أخلاق أولا؟ أما قافلة الاتحاد فستظل سائرة، ولا يقذف بالحجر إلا الشجر المثمر، وأن نكون الأوائل معناه أن نكون مرفوضين، كما قال نيتشه... أما اتحاد كتاب المغرب، فسيظل كبيرا برواده ورموزه وأعضائه وإنجازاته وحضوره المتجدد، وماضيا نحو أفقه الرحب، وأرض الله واسعة...» وقد أثار هذا الانسحاب بالجملة من منظمة ثقافية بتاريخها العريق، الكثير من ردود الفعل في الوسط الثقافي المغربي، وقد علّق الناقد الأدبي شرف الدين ما جدولين أحد الأعضاء المنسحبين، وهو يسوق بلاغ الانسحاب على حائطه بالفايسبوك: «كانت فكرة رائعة تلك التي راودتنا هذا اليوم أن ننسحب من منظمة لم يعد يجمعنا بها شيء.. بدل النفاق والكذب.» وكتب القاص عبد الحميد الغرباوي، مقالا نشره على حائطه الفايسبوكي يحمل عنوان: «متى كانت مكاتب اتحاد كتاب المغرب نزيهة وفي خدمة المصلحة العامة؟، وبدأ بالقول: «الحق في المقاطعة، والحق في الانسحاب والحق في المشاركة والحق في الإنخراط ، حقوق مشروعة ولكل رأيه وموقفه وطريقته في الاحتجاج أو التظلم أو التزام الصمت حيال قضايا تهمه.. وفي هذا السياق صدر بلاغ يخبر الرأي الخاص وليس العام، بانسحاب خمسة عشرة عضواً من اتحاد كتاب المغرب، ذيل البلاغ بأسمائهم. أعرفهم واحداً واحداً، وأعرف، أقولها بصراحة، أعرف الصالح والطالح منهم وأنا مستعد لمواجهة من فيه «الفز» وهم يعرفون أني أعنيهم.. لست ضد الانسحاب، كنت الأسبق إلى التفكير فيه يوم كانت هذه الأسماء تُبارك والأكثر أني رفعت عقيرتي صارخاً في المؤتمر الأخير في بهو الفندق غاضباً محتجاً ضد ممارسات وألا عيب كنت أظن أنها لن تتكررلأنها كانت تمارس في عهود الاتحاد السابقة، وإلى حكايات من صميم الواقع وليست متخيلة في هذا الباب..» واستمر الغرباوي في غضبه حتى وصل للسؤال: «ألم يكن التمييع الثقافي يلقي بظلاله على المكاتب السابقة، وجل الأسماء المنسحبة الآن كانت حاضرة ومشاركة ومباركة لخطواتها وقراراتها؟ ألم يكن الاتحاد بيد قلة لاتمثل رأي الأغلبية والأسماء الموقعة كانت من ضمن تلك الأقلية؟» كان بودنا ختاما أن لا يستبد بنا القلق، و لكن حين تمس مثل هذه الأعطاب منظمة ثقافية عريقة كاتحاد كتاب المغرب، نشعر أننا فقدنا شيئا نفيسا من وجداننا الثقافي و ليس فقط أعضاء في اتحاد، و نخشى أن يستمر النزيف و لا يجد التئاما، و كل ما نتمناه هو إصلاح مثل هذ الأعطاب في القريب العاجل بتغليب الحوار والهاجس الثقافي النبيل على المصلحة الشخصية.