الأمطار.. عنوان آخر للموت في المغرب، من كان يظن أن المغاربة سيستيقظون على فاجعة ذهب ضحيتها أزيد من ثلاثين شخصا جميعهم قضوا غرقا، مؤكد أن الأمطار التي دأب المغاربة ومقدمو أحوال الطقس في التلفزيون على الفرح بها ووصفها بأمطار الخير بريئة من ازهاق ارواح الضحايا. يقع هذا في بلدان عديدة ويمر الخبر الفاجعة مع تفاصيل ضرورية أولها إعطاء الأسباب الحقيقية للفاجعة وتظهر في الصور سيارات الإطفاء وسيارات الشرطة والمروحيات وأطقم المسعفين، لكن الصور الأولى التي ظهرت على تلفزيوننا كانت مرعبة ومشينة ومفجعة فالسكان هم من هب لانتشال الأموات بعد مرور»الحملة» أو لنقل الطوفان هم من جمعوا الأغصان وحولوها إلى نقالات وحملوا عليها جثث الضحايا ، وكان من الممكن ان يتحولوا هم أيضا إلى ضحايا ..تم تسجيل كل ذلك بالهواتف النقالة وتم نشره على شبكات التواصل الاجتماعي والمواقع الإخبارية ومؤكد أن نفس الهواتف اتصلت بالمسؤولين لكن لم يأت احد ..لم يأتوا ولم يعيروا النشرات الانذارية أي اهتمام مثلهم مثل السائقين الذين تحدوا إشارات المنع التي تنبه الى ان الطرق مقطوعة ومع ذلك كان العبور .. تتبع المغاربة في ذهول قافلة شاحنات تعبر قنطرة بلا حواجز ودفق الأمواج الموحلة قد سواها مع مستوى الواد..عبروا فكان الانجراف المميت.. وتبقى الصورة الأكثر ألما هي «شاحنة الأزبال التي تسلقها الاطفائيون وحملوها الأكياس السوداء التي تضم جثث الضحايا .. هذه الصورة لن ينسها المغاربة ..كما لم ينسوا فاجعة بوركون.. ولينسوا لا بد أن يكون التوضيح أن يأتي المسؤول عن الجماعة ليقول أنا من أمرت بنقل الجثامين بواسطة «كاميو الزبل» وقلت للاطفائيين احملوهم في شاحنة الأزبال ..لا توجد سيارة إسعاف في الجماعة لا يوجد جرار ..لا توجد عربة ولا يملك هو سيارة أو أي وسيلة نقل أخرى سوى «كاميو الزبل..» نريده أن يقف أمام الكاميرا ويقول ذلك.. ظهرت صور أخرى تظهر مروحيات الدرك تحلق في سماء المناطق المنكوبة، مروحيات وسيارات الدفع الرباعي توزع المساعدات ..رأينا صورا كثيرة لكنها لن تمح من ذاكرة الجميع مهزلة نقل الجثامين على متن « كاميوالزبل» .. هو أسف شديد على موت الضمير ..أسف على الاستخفاف بالمسؤولية واعتبار تحمل مسؤولية جماعة هو طريق قصير للاغتناء وللولائم و»التبوريد» على الناس..وليس مسؤولية للنهوض بالجماعة وبالأوضاع الاجتماعية للخلق..استخفاف بلغ مداه حين تساوى البشر لديهم حيا او ميتا « ولخصوه في مجرد»ازبل « ينقل بواسطة شاحنة أزبال..