شكل موضوع " الهجرة وحكامة الإدماج " محور أشغال الندوة الدولية التي نظمت نهاية الأسبوع بمراكش، بمشاركة ثلة من القضاة والخبراء والباحثين والجامعيين من المغرب وإيطاليا وتونس. وأكد الكاتب العام للودادية الحسنية للقضاة عبد العزيز الوقيدي، في كلمة ألقاها خلال الجلسة الافتتاحية لهذه الندوة، أن هذا اللقاء يشكل مناسبة لتعزيز آليات التعاون وتبادل الخبرات والتجارب على مستوى البحر الأبيض المتوسط حول القضايا المتعلقة بالهجرة وحكامة الادماج. وأضاف أن موضوع الندوة يحيل إلى التاريخ العتيق للمغرب باعتباره أرض الاستقبال حيث إن مجموعة من المؤسسات المواطنة معبأة من أجل حماية حقوق الإنسان وتكريسها كثقافة وممارسة يومية تماشيا مع مقتضيات الدستور والالتزامات الدولية للمغرب. وأشار إلى أن المغرب شرع بشكل إرادي في ورش مهم لإصلاح سياسته الخاصة بالهجرة، تحت قيادة الملك محمد السادس الذي يولي اهتماما خاصا للمهاجرين، من خلال سياسة ترتكز على رؤية استراتيجية لاشكالية الهجرة وتحترم حقوق المهاجرين وكرامتهم . ولاشك أن هذا اللقاء يقول الوقيدي- سيتوج بتوصيات واقتراحات من شأنها تفعيل الحكامة المواطنة باعتبارها آلية دستورية في خدمة ادماج المهاجرين بطريقة تجعل من المغرب قوة اقتراحية في مجال الهجرة وتعزز دوره الريادي في هذا الميدان على المستوى المغاربي والاقليمي والدولي. ومن جهته، أكد أندو سالفاتور الوزير الايطالي السابق في الدفاع وأستاذ في القانون المقارن، أن المغرب بلد يتطلع الى المستقبل ويعمل على تحقيق تحولات واصلاحات عميقة في مناخ متسم بالسلم الاجتماعي، تحت قيادة الملك محمد السادس ، مستشهدا في ذلك، بالمبادرة الملكية الهادفة الى تسوية وضعية الأجانب المقيمين بشكل غير قانوني بالمغرب والتي تعكس قيم التضامن والمساواة بين الأفراد التي تدعو إليها المملكة. وأشار أندو إلى أن اشكالية الهجرة يجب أن تكون مقترحة في إطار الشمولي وحسب مقاربة إيجابية تحترم كرامة المهاجرين، داعيا الى نهج سياسات هجرة متناسقة وأكثر نجاعة وتهدف إلى جعل المنطقة المتوسطية فضاء للسلم والتعايش. أما والي جهة مراكش تانسيفت الحوز، عبد السلام بيكرات، فأبرز من جانبه، أهمية موضوع هذه الندوة، الذي يعتبر من القضايا الآنية على الصعيد الوطني والدولي، مذكرا أن المغرب، الذي كان بلدا مصدرا وبلد العبور، أصبح اليوم بلد استقبال. وأوضح أن المملكة تبنت، سياسة للهجرة جديدة وخلاقة، تأخذ بعين الاعتبار كرامة الانسان وتسعى إلى تدبير هذه الإشكالية على أسس التضامن والإنسانية . ومن جانبه، أشار رئيس المرصد القضائي للحقوق والحريات محمد الخضراوي الى أن أحد أهداف هذه الندوة، التي تعرف مشاركة وفد مهم من القضاة الايطاليين، يكمن في وضع أسس لشراكة متوسطية تروم خلق خلايا للتفكير حول مواضيع الهجرة في ضفتي البحر الابيض المتوسط. وأضاف أن الندوة تهدف، أيضا، إلى إيجاد حلول لهذه الاشكالية من قبل المهنيين والأكاديميين والقضاة والفاعلين بالمجتمع المدني، مؤكدا على ضرورة النظر إلى المهاجر ليس من منظور كونه عبئا اجتماعيا، وإنما قيمة مضافة يجب تثمينها من طرف بلد الاستقبال. وتجدر الإشارة الى أن هذه الندوة تنظم على مدى يومين بمبادرة من الودادية الحسنية للقضاة بتعاون على الخصوص مع المرصد القضائي المغربي للحقوق والحريات، والمركز الأفرومتوسطي للدراسات الإستراتيجية والتنمية المستدامة. وحسب الجهة المنظمة، فإن هذا الملتقى الدولي يساهم في التفكير في مواجهة التحديات الكبرى ذات الأبعاد السياسية والقانونية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية ، من بينها اشكالية الهجرة التي تفرض نفسها على الجميع وتستدعي حلولا واقعية وفعالة وحكامة جيدة ورؤية خلاقة بعيدة عن التردد والانتظارية. وأوضحت أهمية المبادرة الملكية الرامية الى تسوية أوضاع الأجانب المقيمين بشكل غير قانوني بالمغرب أو المهاجرين السريين، بهدف، على الخصوص، تلبية احتياجاتهم وتسهيل ادماجهم في المحيط السوسيو اقتصادي، وهو ما يشكل طفرة نوعية في مجال الأوراش الاصلاحية الكبرى التي تبنتها المملكة لاستكمال بناء دولة الحق والمؤسسات . وتتمحور أشغال هذه الندوة حول مواضيع تهم " البعد الانساني والدولي لاشكالية الهجرة" و"التحديات الدستورية والحقوقية لتسوية أوضاع المهاجرين" و" المقاربة الأمنية والاجتماعية والاقتصادية لملف الهجرة ..أية حكامة " .