تكشف جرائم اغتصاب الاطفال واستباحة عوراتهم بكل همجية تفضي الى قتلهم في جل الحالات، عن البؤس العقائدي والانحطاط الأخلاقي الذي بات عليه مجتمعنا، قمة الجبن والحقارة ذاك الفعل الاجرامي المختزل في الاستقواء على طفل بطريقة سادية لتفريخ مكبوتات نفسية دفينة، قمة الخبث والخساسة اغتصاب برائته طفل بالانتشاء على انين بكائه و نظراته الاستعطافية ، فعل غير سوي يفرض اجتهاد المختصين و علماء الاجتماع لتشخيص هذا السلوك البشري، علنا نشفي غليل السؤال الملتهب بدواخلنا بمفهوم جديد لمعنى الانسان أو منطق جديد يمنطق مفهوم العقل، طالما الحيوان نفسه لم يستبح عبر العصور مؤخرات صغارها حتى ولم تكن من نفس الفصيلة، يعطى الامر انطباعا علا أننا اصبحنا نعيش في مجتمع عجزت فيه الطروحات الفلسفية والعلمية كي تبرر كيف انقلب التوازن السلوكي لدى جنس البشري، بعد ان تفوق الاندفاع الغريزي لدى الجنس الحيواني على ضوابط العقل، هكذا نعيش زمنا اصبحت فيه الحيوانات اكثر تخلقا و تهدبا اتجاه صغارها. صدمة بل صعقة فكرية بواقع غريب بتنا نعيشها نخبة و عامة، ألجمت كل التعاليق واستصغرتها امام وفرة الظواهر الاجرامية التي نستيقظ على هولها وننام على كوابيسها، وصرنا نخشى فعلا ان تلتحف هذه الظواهر التطبيع ان لم تهب الدولة، مجتمعا ومؤسسات، لجمح سرعة تكرارها على الاقل، اذ قبل أربعة سنوات اطل علينا المرصد الوطني لحماية الطفولة بمعطيات مفادها أن المركز استقبل خلال الفترة ما بين سنتي 2000 و2009؛ ما عدده 3708 حالة اعتداء على الأطفال من بينها أكثر من 1000 شكاية تتعلق بالاعتداء الجنسي على هذه الفئة العمرية، كان المرصد قد افاد بهذه الاحصائيات في لقاء حول "تعزيز قدرات الفاعلين في مجال حماية الطفولة من أجل مناهضة العنف الجنسي ضد الأطفال" ، كاشفا أن الذكور هم أكثر عرضة للاعتداء الجنسي -بنسبة 56%- من الإناث -بنسبة 40%-، وأن حالات الاعتداء الجنسي تتوزع حسب طبيعة المعتدي؛ ويحتل الأقارب والجيران صدارة لائحة المعتدين بنسبة 42% ويليهم المعتدون الغرباء بنسبة 40%؛ في حين يمثل الآباء 8% وأطر التعليم 2% . اكيد ان هذا الارقام لا تجسد الواقع، باحتمال تضاعفها اذا ما اخذ عين الاعتبار بالحالات المسكوت عنها، كونا تتعلق بزنا المحارم واخرى متكتم عنها كون الظاهرة مرتبطة ايضا بالمنظومة القيم والمرجعية الفكرية لمجتمعنا، ابرزها عقيدة الخوف من الفضيحة والاهتمام المفرط بتقييم الاخر للضحية اهلها ساعة تفشي الخبر، ان صح القول فوبيا "الشماتة" أو السقوط في نظر الاخرين. التزايد الأخرق لحالات اغتصاب الاطفال في المغرب امام صمت المسؤولين والتسيب والتساهل في الأحكام ضد المجرمين والذي قد يتجرأ أحيان الى درجة اطلاق سراحهم اذا تعلق الامر بأجنبي أو شخص نافذ، ارقام مهما اختزل منها خلسة لن يفضح تفشي الظاهرة بقدر ما يفضح فظاعة الفساد المؤسساتي وزيف النضال السياسي والحقوقي لنخبة "الحياحة"، بعد أن عرى سوءاتهم وهم يطلقون العنان لأبواقبهم بشكل لحظي و مناسباتي يخدم المصالح الذاتية والبرامج المنفعية لا أقل ولا أكثر، بعيدا عن أي صحوة ضمير تضبط الالتزام بخطة عمل تكبح الظاهرة ولو على المدى المتوسط، اما تلك الجمعيات الناطقة باسم الطفولة والتي لا تستهوي الحديث الا تحث الاضواء بهدف الشهرة ف "التحياح عندهم ولا بالغرامة" بكل ما يحمله اللفض من حمولة شعبية فيال معنى والوصف لواقعها النضالي الحقوقي، دون الحديث عن جمعيات سيست مسارها الحقوقي الانساني كرد فعل لتصفية حسابها مع النظام لا غير، واللعبة اطفال في المحك، وأصبح مجال العراك عفوا الحراك الحقوقي الضروس بعيدا عن أي حياد اواستقلال ايديولوجي لخدمة المابدئ الكونية للحقوق الانسانية. واقع مبكي ومقزز في آن واحد كشف عجز اليات الوقاية والعلاج من التصدي لتسونامي الفسق الاجرامي ضد الطفولة، عجز يفرض مراجعة الدور التحسيسي والتربوي لهذه المنظومة الوقائية، مراجعة تستدعي تقيم وحصيلة المرصد الوطني لحقوق الطفل؛ ووحدات استقبال الأطفال ضحايا الاعتداء الجنسي؛ والمجلس الوطني لحقوق الانسان وغيرهم من المؤسسات ذات الصلة بمجال الطفولة والاسرة، حتى يعدو تواجدها مجرد توزيع غير عادل للثروة ترهق خزينة المال العام وتبددها، اما المنظومة الجزرية والردعية للظاهرة و التصدي الاستباقي لمسبباتها من انتشار الفاحشة والانحلال الاخلاقي و استفحال الترويج والتعاطي للمخدرات و غيرها.. فقد اينعت فيها رؤوس و تفشى فيها من الفساد ما هو كافي لمحو هبة المنظومة الأمنية والعدلية أمام المنحرفين والمجرمين وبات المغرب غابة تخفي شجارها الفاسدة المفسدين وتحمي بضلالها كل مظاهر التشرميل المجتمعي والاداري، المقنع تحث شعار مامسوقينش وان الله غفور رحيم واللي ماعندو سيدو عندو لالاه ..وهلم جرا. . إن هذه الأرقام المعلنة لتكشف بجلاء مدى الخطر الكبير الذي بات يتهدد أبناءنا في خضم التسيب الأخلاقي والانفجار الجنسي؛ فرغم شيوع الزنا وتيسير سبله نلحظ أن الإنسان البعيد عن الله يبحث دائما عن طرق جديدة لتفريغ كبته وشهوته المتسيبة؛ حتى ولو كان ذلك على حساب فئة عمرية مستضعفة وبريئة. هذا مع العلم أنه من الصعب إحصاء كافة الأطفال الذين تعرضوا للاغتصاب بالنظر لعوامل متعددة؛ أبرزها الإصرار على السرية والتكتم؛ لما يصاحب هذا الاعتداء من خزي وعار ومس للإنسان في أخص خصوصياته؛ أو للقرابة والصلة التي تجمع بين الجاني والضحية بعدما تعرّت الحقيقة لتكشف زيف "الحيّاحة الجُدد" ماذا جنينا من وراء هذا التهوّر الذي صار بنيويّاً في بياناتنا وكل ّ مظاهر احتجاجنا؟ تلميع وجه الأجهزة الّتي كانت وراء خروقات خطيرة وتقديمها في صفة المظلوم المُتَحامَل عليه. تقديم الجسم النضالي كجماعة من المراهقين السيّاسيين الذين لا تصوّر سيّاسي لديهم ولا حيلة اللّهم المعارضة من أجل المعارضة. ونحن نلاحظ مع الأسف الشديد أن الجمعيات التي تعنى بمحاربة الاغتصاب والدفاع عن حقوق الطفل لم تع الدرس بعد؛ وتدرك أن كثيرا من الظواهر السلبية التي نتعرض لها بالنقاش ونحاول أن نجد لها حلولا اليوم؛ سببها الرئيس هو إحلال العلمانية بإباحيتها وشذوذها محل الشريعة الإسلامية ومنظومة قيمها وأخلاقها المحكمة. فقد رفعت إحدى المشاركات في جمعية "ما تقيش ولادي" في وقفة احتجاجية لمناهضة الاستغلال الجنسي للأطفال لوحة مكتوب عليها "لنحترم طفولتنا في المغرب كما في فرنسا"؛ علما أن فرنسا هي مهد العلمانية وهي أصل الداء الذي نشكو منه اليوم؛ وهي بدورها غارقة إلى أذنيها في مستنقع الرذيلة واغتصاب النساء والأطفال؛ فوفقا للدراسة التي أعدها المعهد الوطني للإحصاءات والدراسات الطبية ففرنسا في حاجة إلى ما يتراوح بين 5 و7 مليارات أورو في السنة الواحدة لمواجهة الآثار المرضية -فقط- للابتزاز الجنسي الذي تتعرض له البنات؛ وكثير من الفرنسيين متورطون في حوادث اغتصاب أطفال في مدن مغربية كمراكش وأكادير. وفي ظل الظروف التي نعيشها؛ وضعف مبادرة الدولة في التصدي للظاهرة؛ واعتماد الجمعيات العاملة في هذا المجال على التجربة الغربية العلمانية؛ وجب على الآباء تحمل مسؤولياتهم تجاه أبنائهم؛ والتواصل معهم وتعويدهم الصراحة والوضوح والشفافية؛ وتبصيرهم بما يوافق سنهم بخطورة الاغتصاب؛ وتوعيتهم بضرورة الإبلاغ عن أي حالة تحرش يتعرضون لها سواء كان ذلك في البيت أو المدرسة أو الشارع؛ ومنع أي شخص من الاقتراب من أجهزتهم التناسلية؛ وتجنيبهم لبس الثياب المثيرة للشهوات؛ فالجميع يلحظ التساهل الكبير للآباء في هذا الأمر؛ وعدم التسامح في ردع كل من سولت له نفسه الاقتراب من الأطفال بسوء. تمييع ظاهرة " الإغتيال السيّاسي " في المغرب المعاصر بعد أن تمّ تمييع أشياء أخرى كالإعتقال السيّاسي والإختطاف والتعذيب باختلاق قصص وروايات كاذبة أو بالدفاع عن مجرمين اعتُقلوا لإجرامهم . ملاحظة لها علاقة بما سبق: نظمت فيدرالية اليسار الديمقراطي ندوة حول واقع الحركة الديمقراطية وسؤال إعادة البناء.. ندوة لم نجد لها أيّ أثر داخل "حزب الفاسبوك النضالي".. كانت ندوةً حقيقيّة حضرها أشخاصٌ حقيقيّون ناقشوا وضعاً آنياً مأزوماً لم ينشغل به حتّى مناضلو فيدرالية اليسار وخبر/ إشاعة بليدة انتشر كالهشيم .. هل هناك بُؤسٌ أكثر من هذا؟!