ونجح الاتحاد في جمع كل الاشتراكيين! .. اِشهدْ يا وطن، اِشهدْ يا عالم    مجلس النواب في الباراغواي يُجدد دعمه لسيادة المغرب على صحرائه    مجلس النواب يصادق بالأغلبية على مشروع القانون التنظيمي المتعلق بالإضراب    مجلس النواب يصادق بالأغلبية على مشروع القانون التنظيمي المتعلق بالإضراب.. وهذه أبرز التعديلات    ارتفاع معدل البطالة في المغرب.. لغز محير!    السعدي : التعاونيات ركيزة أساسية لقطاع الاقتصاد الاجتماعي والتضامني    وزير الخارجية السوري الجديد يدعو إيران لاحترام سيادة بلاده ويحذر من الفوضى    توقعات أحوال الطقس يوم الأربعاء    القضاء يوزع 71 سنة نافذة في قضية "مجموعة الخير"    المحكمة الابتدائية بطنجة تصدر أحكامها في قضية "مجموعة الخير".. من 3 أشهر إلى 5 سنوات حبساً والتعويض "مجهول"    الخيانة الزوجية تسفر عن إعتقال زوج وخليلته متلبسين داخل منزل بوسط الجديدة    إمزورن..لقاء تشاركي مع جمعيات المجتمع المدني نحو إعداد برنامج عمل جماعة    "ما قدهم الفيل زيدهوم الفيلة".. هارون الرشيد والسلطان الحسن الأول    ‬برادة يدافع عن نتائج "مدارس الريادة"    الدورة ال 44 لمجلس وزراء الشؤون الاجتماعية العرب بالمنامة ...المغرب يشارك في فعاليات حدث رفيع المستوى حول الأسر المنتجة وريادة الأعمال    المخرج شعيب مسعودي يؤطر ورشة إعداد الممثل بالناظور    أكرم الروماني مدرب مؤقت ل"الماص"    الجيش الملكي يعتمد ملعب مكناس لاستضافة مباريات دوري الأبطال    تبون يهدد الجزائريين بالقمع.. سياسة التصعيد في مواجهة الغضب الشعبي    حصيلة الأمن الوطني لسنة 2024.. تفكيك 947 عصابة إجرامية واعتقال 1561 شخصاً في جرائم مختلفة    بركة: أغلب مدن المملكة ستستفيد من المونديال... والطريق السيار القاري الرباط-البيضاء سيفتتح في 2029    وزير العدل يقدم الخطوط العريضة لما تحقق في موضوع مراجعة قانون الأسرة        الاعلان عن الدورة الثانية لمهرجان AZEMM'ART للفنون التشكيلية والموسيقى    أحمد التوفيق، وزير الأوقاف والشؤون الإسلامية .. رأي المجلس العلمي جاء مطابقا لأغلب المسائل 17 المحالة على النظر الشرعي        هولندا: إدانة خمسة أشخاص في قضية ضرب مشجعين إسرائيليين في امستردام    الصناعة التقليدية تجسد بمختلف تعبيراتها تعددية المملكة (أزولاي)    وزارة الدفاع تدمج الفصائل السورية    جمهور الرجاء ممنوع من التنقل لبركان    مراجعة مدونة الأسرة.. المجلس العلمي الأعلى يتحفظ على 3 مقترحات لهذا السبب    الدورة العاشرة لمهرجان "بويا" النسائي الدولي للموسيقى في الحسيمة    العلوم الاجتماعية والفن المعاصر في ندوة بمعهد الفنون الجميلة بتطوان    طبيب يبرز عوامل تفشي "بوحمرون" وينبه لمخاطر الإصابة به    اليوم في برنامج "مدارات" بالإذاعة الوطنية : البحاثة محمد الفاسي : مؤرخ الأدب والفنون ومحقق التراث    تفاصيل الاجتماع الأول لفدرالية الصحافة الرياضية بالمغرب    يوسف النصيري يرفض عرض النصر السعودي        الشبكة الدفاع عن الحق في الصحة تدعو إلى التصدي للإعلانات المضللة    "أفريقيا" تطلق منصة لحملة المشاريع    ما أسباب ارتفاع معدل ضربات القلب في فترات الراحة؟    الإصابة بالسرطان في أنسجة الكلى .. الأسباب والأعراض    نظرية جديدة تفسر آلية تخزين الذكريات في أدمغة البشر    "فيفبرو" يعارض تعديلات "فيفا" المؤقتة في لوائح الانتقالات        الإعلان عن تشكيلة الحكومة الفرنسية الجديدة    العصبة تكشف عن مواعيد مباريات الجولة ال17 من البطولة الاحترافية        "بيت الشعر" يقدم "أنطولوجيا الزجل"    المغرب يشارك في أشغال الدورة الأولى لمجلس وزراء الأمن السيبراني العرب بالرياض    اختطاف المخيم وشعارات المقاومة    تقديم «أنطولوجيا الزجل المغربي المعاصر» بالرباط    خبير أمريكي يحذر من خطورة سماع دقات القلب أثناء وضع الأذن على الوسادة    للطغيان وجه واحد بين الدولة و المدينة و الإدارة …فهل من معتبر …؟!!! (الجزء الأول)    حماية الحياة في الإسلام تحريم الوأد والإجهاض والقتل بجميع أشكاله    عبادي: المغرب ليس بمنأى عن الكوارث التي تعصف بالأمة    توفيق بوعشرين يكتب.. "رواية جديدة لأحمد التوفيق: المغرب بلد علماني"    توفيق بوعشرين يكتب: "رواية" جديدة لأحمد التوفيق.. المغرب بلد علماني    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الدرس الاسكتلندي في الوحدة الوطنية (1/2) بقلم // د.بوشعيب أوعبي
نشر في العلم يوم 26 - 09 - 2014

بعد ثلاثة قرون من تأسيس المملكة المتحدة أو بريطانيا العظمى باتحاد مكوناتها الأربعة، انجلترا وإيرلندا الشمالية وويلز ثم اسكتلندا، هذه الأخيرة التي دخلت بموجب كل من قانون الوحدة ومعاهدة الالتحاق بالتاج البريطاني، في اتحاد فيما بينها وإنجلترا منذ عام 1603، بالخضوع لبرلمان واحد في لندن ابتداء من سنة 1707، هذه الوحدة التي طالما انتفض ضدها الانفصاليون الأسكتلنديون في اكثر من مناسبة، انطلاقا من حركات الانفصال في عشرينيات القرن الماضي مرورا بانتفاضات الستينيات المتأججة بمناسبة اكتشاف النفط بأراضيها، موازاة مع تطور النزعة القومية لدى الإيرلنديين، حيث ظهرت نزعة قومية قوية فيما بعد لدى شعب اسكتلندا في السبعينيات والثمانينيات، جراء الإصلاحات السياسية والاقتصادية الصعبة، التي غامرت بها رئيسة الحكومة الراحلة مارغريت تاتشر، والتي ترتب عنها غلق العديد من الشركات في قطاعات الخدمات العمومية والمناجم وبناء السفن وما ترتب عنه من بطالة في اسكتلندا.
أجرى الاسكتلنديون استفتائين شعبيين اثنين، أولهما سنة 1979 شارك فيه 79 بالمائة من الإسكتلنديين تم بموجبه إنشاء جمعية وطنية محلية، والثاني سنة 1997 نتيجة الإصلاحات التي قام بها الوزير الأول البريطاني الأسبق توني بلير ، سمح لاسكتلندا في إطار حكم ذاتي بالتوفر على برلمان مستقل، وعلى حكومة محلية يقودها وزير أول ذو اختصاصات مهمة في مجالات متعددة تهم الحياة اليومية للمواطنين، بما فيها المجالات الحيوية على المستوى المجال الاجتماعي والاقتصادي وخاصة في المجال الجبائي وامتياز الحصول على قروض من السوق الدولية، وكل هذه الأجواء الديموقراطية سمحت سنة 2007 بتمكين الحزب الوطني الإسكتلندي بالفوز في الانتخابات التشريعية المحلية، أهلته لتشكيل أول حكومة مستقلة في تاريخ اسكتلندا، وهو نفس تقريبا نفس السيناريو المتكرر في انتخابات سنة 2011 حينما فاز ب 69 مقعدا من أصل 129 في برلمان إسكتلندا المحلي.
وبعد مفاوضات 2011 و2012 نظمت بريطانيا استفتاء في 18 شتنبر الماضي طرح فيه سؤال واحد على الأسكتلنديين وهو:" هل ينبغي أن تكون اسكتلندا دولة مسقلة؟"، عبّر من خلاله الاسكتلنديون عن رغبتهم في الوحدة بنسبة 55 بالمائة مقابل 44 بالمائة لصالح الانفصال، في استفتاء شاركوا فيها بكثافة بحوالي 84 بالمائة من الاسكتلنديين بما فيهم الشباب البالغ ستة عشر سنة من العمر، وهو ما قدّم معه أليكس سالموند زعيم الحزب الوطني استقالته بعد فشله في توجهه الانفصالي، مما خلّف ارتياحا لدى رئيس الوزراء البريطاني ديفيد كاميرون لهذه النتيجة، مؤكدا على التزامه بتعهداته السياسية الرسمية تجاه الأسكتلنديين والبلدان الثلاثة الأخرى، بالسير قدما في نهج سياسة توسيع نطاق الحكم الذاتي الممنوح لبلدان المملكة المتحدة الأربعة، وتمتيع شعوب هذه البلدان بالمزيد من السلطات في تسيير شؤونهم المحلية، مما يفيد أن بريطانيا ستخضع لإصلاح دستوري جديد ، يعيد النظر في توزيع السلط بين الدول الأربعة من جهة، وبين السلطة المركزية بلندن وباقي الدول المتحدة من جهة ثانية، مواكبة للسياق الدولي الجديد، وامتصاصا لغضب واسع لدى الطبقات الاجتماعية الهشة في البلدان الثلاثة من غير انجلترا، وذلك احتراما للهيئة الناخبة المطالبة بالاستقلال، والتي ناهزت نسبة 44 بالمائة من ساكنة اسكتلندا، إلى حد التزام الوزير الأول بمنح اسكتلندا سلطات واسعة تتعلق بالاستفادة من بعض الضرائب ومن مزيد الإنفاق والرخاء الاجتماعي.
إن انتصار منطق الوحدة فيما بين بريطانيا واسكتلندة هو منطق "رابح رابح"للطرفين معا، حيث لو نجح دعاة الانفصال والاستقلال لتأثرت بريطانيا بشكل كبير من جراء ذلك، حيث كانت مهددة بفقدان ما يفوق خمسة ملايين نسمة نحو 10% من سكان بريطانيا ، وفقدان ثلث مساحة المملكة المتحدة وهو ما يعادل تقريباً مساحة تونس أو اليونان، وهي مساحات شاسعة بثرواتها الغازية والنفطية المتواجدة في البحر، حيث تعتبر مدينة أبردين الاسكتلندية عاصمة النفط الأوروبية، وبسواحلها الغنية بالثروة السمكية، وثروات طبيعية هائلة من الفحم إضافة إلى الثروات الحيوانية، كما تشتهر إضافة إلى ما سلف بالموارد المالية المعتمدة على الخدمات والبنوك، ناهيك عن القواعد العسكرية وخاصة الغواصات النووية المنشورة غرب اسكتلندا، دون إغفال التقهقر المحتمل لبريطانيا دوليا إلى مستوى الدرجة الثانية دوليا وأوربيا.
ومن المنطقي أن اسكتلندا بتصويتها الإيجابي على الوحدة خرجت منتصرة من خلال استفتاء 18 شتنبر الماضي، حيث لو حدث ان استقلت كان من الصعب عليها الالتحاق مستقبلا بمنظمة الاتحاد الأوربي، وسيتعذر عليها التعامل بالعملة الأوربية، وستفقد الدعم المالي الكبير التي تحصل حاليا عليه من الإدارة البريطانية المركزية، على مستوى التعليم والصحة والبنيات التحتية والجبايات والبحث العلمي، إضافة إلى تقليص العديد من الخدمات الاجتماعية المستفاد منها من طرف الطبقة الهشة والوسطى، حيث حصلت عاصمة أسكتلندا من لندن مؤخرا على 12 مليار جنيه (15 مليار يورو) من أجل دعم نفقاتها الصحية للسنة المالية المقبلة 2014-2015، كما أن النفقات السنوية لبريطانيا في مجال الصحة العامة باسكتلندا تفوق 1200 جنيه على المستوى الوطني لكل مواطن اسكتلندي.
إن الدرس الأسكتلندي في الاستفتاء الشعبي الأخير هو رسالة لكافة الدويلات الصغيرة الساعية إلى الانفصال عن دولها الأم، حيث أن الأسكتلنديين تفهّموا خطورة وضعية الانفصال وصعوبة او تعذر بناء الدولة من الصفر ومن لاشيء، حيث أن ازدهار البريطانيين وتقدمهم في مواجهة الأعداء والخصوم وفي مواجهة التخلف والتنمية كان بفضل الوحدة الوطنية التاريخية التي دامت لأزيد من ثلاثة قرون، أسوة بوضع دويلات الولايات المتحدة التي التأمت بدستور 1887، والتي باتحادها كانت ولا تزال الدولة المتصدرة لاقتصاديات العالم والقوة العسكرية الأولى، هكذا تلقى الأسكتلنديون رسالة الاتحاد مع بريطانيا مفضلين في غالبيتهم الوحدة وليس الانفصال، بعد الاقتناع بأن عهد تمزيق الدول وتشتيت وحدتها الترابية والمجتمعية عهد قد ولى بلا رجعة.
إن الأسكتلنديين تفاعلوا إيجابا مع الوحدة، وذلك لاعتبارات عديدة أهمها تحسين وضعهم الاقتصادي والارتقاء بوضعهم إلى مستوى معيشي أفضل، وكان هذا العامل الاقتصادي والمعيشي العنصر الحافز على التصويت بكثافة من جهة ، والتصويت بالإيجاب لصالح الوحدة ، حيث راهن الناخبون على الرفاه في ظل الوحدة ، وليس على البناء الصعب لمؤسسات دولة جديدة ، في ظل سياق سياسي مرتبك ، ووضع اقتصادي عالمي متردي بما فيه على مستوى بعض الدول الأوربية المجاورة لبريطانيا، آخذين العبرة من تعثر بعض الدويلات التي انتزعت استقلالها مؤخرا بأوربا، كوضعية دولة كوسوفو التي اعترضت إسبانيا على طلب انضمامها للاتحاد الأوربي وغيرها من دول شرق أوربا.
[email protected]


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.