أصبح في حكم شبه المؤكد أن الجزائر التي تنزل بكل ثقلها للاستفراد بملف النزاع المالي وتشرف حاليا على النسخة الثانية من مسار المفاوضات بين فرقاء النزاع بشمال مالي , تسعى جاهدة لاستباق فشل محتمل للمفاوضات عبر تحميل أطراف خارجية على رأسها الرباط و باريس مسؤولية تعثر الحل السلمي للمعضلة المالية . نهاية الأسبوع كتبنا في صيغة تساؤل إن كانت الجزائر ستتجرأ على إتهام المغرب برعاية الارهاب القاعدي بالساحل بعد أن فشلت في وقت سابق في توظيف ورقتي حقوق الانسان و المخدرات ضد المملكة في محاولة إنتحارية لسحب بساط الملف المالي من يدها . الجواب الجزائري لم يتأخر , أمس استضافت صحيفة الشروق المقربة من دوائر القرار الجزائري رئيس الحركة العربية لتحرير الأزواد دينا ولد الداي المشارك في مفاوضات الجزائر و الذي إتهم أطرافا خارجية على غرار فرنسا والمغرب بمحاولة إفشال مخطط الجزائر الخاص بجمع فرقاء مالي من خلال الاستدعاءات المتكررة التي تم توجيهها إلى منسق الحركات بلال أغ شريف بغية نزع ملف الأزمة من الجزائر وتسليمه للمغرب . سيناريو المؤامرة المزعومة و المحبوكة من طرف حلف الرباط /باريس لافشال الوساطة الجزائرية تكرر بشكل متعمد و مثير على صفحات عدد من الصحف الجزائرية في الأيام الأخيرة . الواقع أن الديبلوماسية الجزائرية المحتضنة للقاء الأطراف المتناحرة بمالي تعاني الأمرين في تقريب وجهات نظر حكومة باماكو و ممثلي أطراف المعارضة الأزوادية بشمال مالي . المعلومات المتسربة من قاعات المفاوضات تعكس ورطة الجزائر في التوصل و تبني حل سياسي نهائي للأزمة المالية تعتبره الجزائر منفذا رئيسيا لبسط هيمنتها و نفوذها على منطقة الساحل . الجزائر تراهن على عزل الدور الريادي لباريس التي قادت قبل أشهر عبر الأجواء الجزائرية أكبر عملية عسكرية دولية لاضعاف الجماعات المتطرفة التي إستولت لأزيد من نصف سنة على أجزاء واسعة من تراب الشمال المالي معتقدة أنها بذلك ستسلب الرباط ما تبقى لها من أوراق سياسية توظفها بدعم من الايليزي لامتصاص الجموح الجزائري المتزايد بمنطقة الساحل . الجزائر التي تتهم ضمنيا الرباط بالوقوف وراء حركة التوحيد و الجهاد الموالية للقاعدة لتكسير شوكة الجزائر و نسف أجندتها بالساحل و بمنطقة الصحراء توظف بدورها قيادات محسوبة على الارهاب الساحلي لفرض نفوذها بالمنطقة . معطيات موثقة تؤكد بأن محسوبين على صف زعيم جماعة أنصار الدين الإرهابية إياد أغ غالي موجودون برعاية و دعم من الجزائر بقوة ضمن وفود الفصائل المتفاوضة بالعاصمة الجزائرية . النظام الجزائري يستغل جماعة أنصار الدين الإرهابية التي يرجح أنها باشرت باسم الجزائر المفاوضات الشاقة التي أدت قبل أسبوعين إلى إطلاق سراح دبلوماسيين جزائريين محتجزين لدى جماعة التوحيد و الجهاد منذ زهاء السنتين لإحراج و عزل النفوذ القوي للحركة الوطنية لتحرير الأزواد التي زار زعيمها الرباط مرتين هذه السنة و تعتبره الجزائر وسيلة المملكة للتدخل في ملف النزاع المالي . الجزائر الرسمية بتوظيفها ورقة أنصار الدين ضد مخططات مزعومة للرباط و باريس تلعب بالنار حين تقحم تنظيما إرهابيا في لوائح المنظمات الإرهابية المعتمدة دوليا في مسار التسوية السياسية للمعضلة المالية . تقوية جناح أنصار الدين و معه بعض الفصائل الأزوادية ذات الأصول الطوارقية العربية يمثل تخطيطا جزائريا لتأمين حدودها الجنوبية مستقبلا و قطع الطريق على أي مطالب سياسية لحركات الطوارق التي ما فتئت تعتبر أجزاءا من الصحراء الجزائرية موطنا تاريخيا لشعب الأزواد. الديبلوماسية الجزائرية حسب مصادر مالية متواترة تعد مفاجأة غير مسبوقة للشطر الثاني من المفاوضات التي من المفترض أن تستمر الى بداية شهر أكتوبر.