كيف نفسر التحيز الصارخ لتقرير «هيومان واتش» فيما يتعلق بفض اعتصام رابعة المسلح الذى نظمته جماعة الإخوان المسلمين الإرهابية عقب عزل مرسى؟ فى تقديرنا أن المسألة أبعد كثيراً من انحياز مؤسسة حقوقية غربية تزعم أنها تدافع عن حقوق الإنسان فى كل مكان لمصلحة تيار إسلامى إرهابى على حساب مصالح الشعب المصرى الحيوية فى الأمن والاستقرار. وقد عقد المركز العربى للبحوث فى مقره بالقاهرة ندوة مهمة لتحليل أبعاد التقرير المتحيز لجمعية «هيومان واتش»، شارك فيها الأساتذة «سعد الدين إبراهيم» و«نبيل عبد الفتاح» و«يسرى العزباوى» والشيخ «نبيل نعيم». وكنت قد قررت الاشتراك فى الندوة لولا أن طارئاً صحياً عارضاً منعنى من الحضور. وأريد اليوم أن اقدم موجزاً لمداخلتى التى لم تتم والتى قمت فيها بالتحليل الثقافى لجذور ظاهرة التحيز فى الثقافة الغربية، بل العداء للشعوب العربية والإسلامية وشعوب العالم الثالث بوجه عام. ونحن فى حديثنا عن الثقافة الغربية لا نميل إلى التعميمات الجارفة، لأنه فى كل ثقافة غربية كانت أو شرقية مسيحية كانت أو إسلامية نزعات سلبية تجاه الآخر المختلف، فى الوقت الذى نجد فيه تيارات أخرى تنتمى للثقافة نفسها ولكنها أكثر موضوعية وقبولاً للآخر المختلف. وهكذا نجد اليوم فى صميم الثقافة الغربية سواء فى أوروبا أو الولاياتالمتحدةالأمريكية تيارات تقدمية تنتصر لقضايا العالم الثالث وتدعم حقوق الشعب الفلسطينى ليس بالكلام فقط ولكن بالفعل. غير أننا نتحدث فى الواقع عن التيار الغالب فى الثقافة الغربية، الذى نشأ تاريخياً فى عصر الاستعمار الغربى لمناطق متعددة فى أفريقيا وآسيا. وأضاف الدكتور السيد يسين في مقاله بجريدة الأهرام "أراد الاستعمار أن يجد ذريعة أخلاقية تبرر غزوه البلاد المستعمرة وتدافع عن الفظائع التى ارتكبتها القوات الاستعمارية ضد الشعوب، فصاغ نظرية «عبء الرجل الأبيض» وتعنى بكل بساطة أن الرجل الأبيض -أو المستعمر بعبارة أخرى- عليه التزام أخلاقى بتمدين الشعوب البدائية التى أخضعها للاستعمار ونقلها من حالة الهمجية إلى حالة الحضارة! مع أن التاريخ يثبت أن عديداً من البلاد المستعمرة لها تاريخ حضارى عريق حافل بالإنجازات التى أفادت منها البشرية جميعاً، سواء فى ذلك الحضارة المصرية القديمة أو الحضارة الصينية أو الحضارة الهندية أو الحضارة الأفريقية. هذا هو التاريخ الاستعمارى الذى لم تستطع شعوب العالم الثالث تحرير نفسها من إساره إلا فى الخمسينيات فى حركة تاريخية أطلق عيها «القضاء على الاستعمار».